الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيروسترويكا مقترحة

راغب الركابي

2014 / 3 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تثار في العراق دائماً قضية - الدين والدولة - وتزداد في المواسم والمناسبات ونحن على أعتاب إنتخابات جديدة لابد من أثارتها من جديد لأنها تمثل هماً وطنياً مقلقاً بل هو من أهم المسائل الوطنية ، ولهذا لا يجوز بحال القفز عليها ذلك لأنها تشكل في نسيجناً المجتمعي ، هذا التدافع الذي ولد هذا الإضطراب وهذه الفوضى التي تعم الوطن من عمليات أرهابية وما شابه ، وليس بعيد عنا فلقد حسم الشعب المصري خياره بشجاعة حين أنتخب الحياة بدل الموت ورفض مشروع الدولة الدينية التي روج لها الأخوان وجماعة الإسلام السياسي قبل أن يشتد عودها وهذه تحسب لهم كنقطة بدء حين تكون الكلمة ، وفي بلادنا تبدو المسألة أكثر تعقيداً لأنها مرتبطة بهذا الصراع الطائفي الذي يجتاح العقل والوجدان العراقي ، وهو لن ينتهي إلاّ إذا تجاوز العراقيون محنة الدين ومحنة الشريعة والنظام الديني ، طبعاً لا أقصد بالتجاوز معنى الإلغاء ولا معنى المحو بل المعنى الذي نفهمه عن الدولة المدنية الحرة المتعددة الأطياف ، ولهذا كان لزاماً علينا إثارة موضوع الدين والدولة لأننا مقتنعون بان كل مشكلاتنا الإجتماعية والسياسية هي من هذا الربط الإكراهي بين الدين والدولة ، وهو ربط متناقض مع نفسه لفقدانه مقومات الديمومة في ظل قناعات الناس الرافضة والتي ترغب بالحياة كما هي في تلاوينها المتنوعة ، إذن فهي ليست قضية بسيطة ولكنها هامة بالقدر الذي نرآه في علاقة الماضي بالحاضر والمستقبل ، وفرق بين أن ننظر للدين كقيمة أخلاقية وروحية وبين أن نجعل منه قوانين وأحكام ، ففي الأولى لا ضير ولا مانع بل نرآه لازم من اللوازم ولكنه في الثانية يجرنا إلى هذا الجدل العقيم وعن الصواب والخطأ ليس بحسب الوضع والواقع بل بحدود نتاجات التاريخ ورجاله ، وهذه إشكالية معرفية وسلوكية دائماً تجر ويلات وحروب ودمار إذ يتمحور الجدال فيها عن الأحقية ومن التابع ومن المتبوع بل وطغى القوم لنفي الآخر بإعتباره إما ضال أو مبتدع أو كافر يحل دمه وعرضه وماله ، لذلك لا يجب أبداً التقليل من الدعوة التي نتبناها على الصعيد الوطني بمناسبة الإنتخابات القادمة ، وتجربة السنوات الماضية شاهد ودليل على أن الخراب والفساد ليس في أصل القضية إنما بما تنتجه من تداعيات ولواحق ، وهذا يعني فساد في الكيفية والطريقية التي يتم بها الربط ، وفي كل مرة حين ندقق بدعاة المزج والربط القسري نجد دائماً وفي العادة أنصاف متعلمين وشبه أميين في الدراسات الدينية ، وهؤلاء يسببون إرباكاً في الأساليب التي ينتهجونها في هذا المجال ، ولقد أتيح لي عن قرب محاورة هؤلاء ووجدت إن فيهم نزوع عاطفي لا يقوم على فكر ولا يهتدي بدليل إنما يحاكم القضايا من وحي ما يسمع وكأنه في مقهى أو ديوان عرب ، مع إني دائماً أحسن الظن بنوايا هؤلاء النفر وما يصفون في المسائل الإجتماعية والسياسية ، والتي تحركهم في هذا الإتجاه ولذلك يجب أن نراعي هذه القضية وتأثيراتها النفسية والفكرية ونتائجها العملية ، ولماذا برزت هذه القضية في العراق وعموم البلاد العربية ؟ .
لا أشك في أن لهذه القضية نفس خارجي غذاها ودعمها وأمدها بأسباب الوجود ولذلك غدت مع الأيام بعد 2003 معضلة حقيقية ، ولكي نخرج منها لأبد من تغيير وتعديل في دستور البلاد وفي القوانين المترشحة عنه ومنه ، كما للعامل الداخلي أثر في ديمومتها وإستمرارها ولا شك ان لبعض المشتغلين بالسياسة في العراق دور في تركيزها وجعلها من الضواغط التي تؤرق حياتهم كل يوم ، .
هذا من حيث الظاهر ولكن للمسألة جذور تاريخية تتسرب كل يوم إلى العقل بفعل الضخ المستمر من رجال الدين ، مما يوسعوا من القضية لتشكل أزمة مستمرة في حياة العراقيين ، والحق أن للطبيعة العراقية ووضعها وهذا التنوع في القوميات والأديان يجعلها عرضة لطوفان الإنقباض والشد والجذب وهذه عوامل تاريخية وإجتماعية مضافة ، كما إن للطبيعة القبلية والعشائرية دور في تنمية وتقوية وتعميق هذه المسألة ، ومعلوم إن العشائرية تفتقد للثقافة المدنية وللحرية المجتمعية وهي ما يجعلها ملاذ آمن لمثل هذه الطروحات من وحي التبعية ، ومسالة الترشيد وتنمية الوعي والإنفتاح معدومة إلاّ بحدود البعض ممن أتيح له ذلك ، وكم رأيت من شباب وشابات العراق وكلهم شوق وتوق للتفاعل مع لغة العصر وثقافة الحياة ووجدت ان قلوبهم زاخرة في تطوير العقل العراقي وفتح إنسداداته ، وشرط ذلك هو بالتلاقح مع الفكر الغربي وحضارته وتقدمه ، وحين نريد للعراق أن ينهض ويتقدم وينمو فلابد من فك الإرتباط بين الماضي والحاضر والنظر للماضي بما هو كذلك من غير تصعيد أو تقديس ووضعه في خانة - تلك أمة قد خلت - ، إذ من غير اللائق إعتماد فكر الماضي بتسيير حركة الحاضر أو جعل الماضي هو الحاضر ، بل علينا إعتماد قوة الحاضر ووعيه وتقدمه بما هو تعبير عن لحظة تاريخية لا نتمسك بها إلاّ من خلال واقعيتها وجهوزيتها ، ولسنا هنا بصدد التفريق بين نزعتين أو إعتبارين بل بوصف حال نريد له أن يكون صحيحاً وصحياً في كل المجالات والشؤون السياسية والإجتماعية والفكرية والإقتصادية ، ولسنا هنا بصدد تقديم نظرية حول تجاوز الماضي بكل إشكالياته إنما نحن بصدد بناء مجتمع حر عادل يعيش الناس فيه بسلام وأمن وكرامة ، ولهذا فالمشكلة ليست نظرية بل واقعية بين أدعياء الوهم ودعاة الحقيقة ، ولنقل إن - البيروسترويكا - نافعة في مجال عملنا أعني بين الهدم والبناء ، يظهر ذلك في الموقف الذي يطالب به - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - ودعوته للقيام بعملية إصلاح شاملة تبدأ بالثقافة ومناهج التعليم وتنتهي بتغيير بناءات المجتمع العتيق ، الذي تأسس على تغييب العقل وتفخيم الحاكم جر ذلك إلى تنشيط وتفعيل التدين المسخ الذي يقوم على الخرافة والزيف والخداع والجهل والتضليل والنفاق ، والذي معه إنعدمت أو تلاشت الأخلاق الحميدة وسادت بدلاً عنها أخلاق النفعية والوصولية والتقاليد السطحية ومعها فقدت الحياة طعمها وحيويتها
، . ان التصحيح والإصلاح الذي نطلبه يقلص من المراحل ويفسح المجال للعمل وفي رد التضليل والخداع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عدد العائلات المسيحية في مدينة الرقة السورية كان يقدر بنحو 8


.. -فيديو لقبر النبي محمد-..حقيقي أم مفبرك؟




.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع


.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح




.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت