الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غثيان أنثوي..

روان الصوراني

2014 / 3 / 7
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


حين اتخذ قلمي قرار البوح ،تلعثمت كلماته المكبوتة ، وتململت خجلة .لا لعلة فيها ،أو لعطب طال قدرتها التعبيرية ، بل كونها تعاني _ومن فترة_ غثيانا نفسيا ، مصاحبا بعجز صامت ،وله أعراض مزمنة أبرزها :ازدواجية المعايير ،التشييء،العيب والحرام،ستر العورة،الاستعباد،التبعية ..
وحرصا مني على تحرير كلماتي – التي أصابها الجمود- ، سأنضو عنها ثوب الصمت ،بعقل ناقد ،وفكر واع مركز خطابه الإنسان ، وقوامه الدعوة إلى حرية الإنسان ،ومحدداته بث الوعي الثائر الرافض للأمر الواقع والتبعية للذكر ؛ فكوني أحيا في مجتمع يمجد الذكورة لا يعني تسليمي لهذا الخطأ وتعاملي معه وكأنه الأصل .
وعليه فإن الخوض في الحديث عن المرأة لا بد وأن ينطلق من كونها أصل لا فرع منبثق عن أصل ، وهذا المفهوم لن تمتلكه المرأة سوى إن امتلكت الوعي الكافي الذي يؤهلها لانتزاع هذا الحق الذي يضعها هي والذكر في مرتبة واحدة ؛ فلا وجود في الحقيقة لفطرة أنثوية ، وأخرى ذكورية ،وإنما المجتمع ومفاهيمه وثقافته هم من صنعوا من الذكر أصل ، ومن الأنثى تابع. ذاك التقسيم الذي أحل للرجل ممارسة ما يريد دون رقيب ، وتحريم أي حق لها باعتباره عيبا يمس سمعة العائلة ويهدم أعمدتها الأخلاقية .
فازدواجيتنا الشرقية تحلل للشاب الذكر الخوض في قصة حب واثنتان وعشر ، كون ذلك يثبت نجاحه كصائد ماهر للفريسة "الأنثى " ، في حين إن فكرت الأنثى –الإنسان- بالحب فتكون قد ارتكبت كبيرة الكبائر ،وأساءت لجذور العائلة العريقة ،وتجد أول من يقاوم مشاعرها ويحجبها عن العالم أنثى مثلها ، وهنا تخترق عقلي علامة تعجب كبيرة ! كيف بي أن انتزع لكِ حقك وأنت من تمارسين الظلم على ذاتك ، فالحقوق ليست هبة إنما اجتثاث من واقع شعور بالظلم والألم ، فإن أنتِ أيتها الأنثى لم تعِ حقك في الحياة سواء بالقول أو الممارسة وتدافعين عن حق الأنثى من كانت تكون ، إن لم يتحقق لك القدرة على اختيار شكل حياتك ومسارها – الذي تقررينه لا الذي يرسم لكِ مسبقا- ، إن أنت لم ترفضي تجسيدك كونك سلعة للإثارة والمتاجرة ،فلن تتحرك مسيرتك التحررية شبرا الى الأمام وستظلين مجرد ظِّل لذاك الذكر سواء أكان أبا ،أخا ، زوجا .بل وسيسلح المجتمع الذكوري كله قواه لطمس ملامحك وتقييد إرادتك .
وبناءا عليه تقف الأنثى اليوم على حافة هاويتين سواء من وجهة النظر الرجعية ، أو ضمن معطيات العالم الرأسمالي، فالهاويتين اتفقتا على تشييء المرأة ، ولكن أولهما شيأها بالتستير ، والآخر شيأها بالتعرية ، فهي إما سلعة مغطاة لأهداف دينية ،أو سلعة مكشوفة لأغراض تجارية .وهذا يكشف خطورة التحديات التي تقف في وجه أنثانا كي تدحض مفهوم تشييئها ، وتنتزع بالوعي والإرادة الحرة مسار حياتها ،قاتلة -بالتسلح بالوعي الناضج- فكرة كونها أنثى قاصر تابع ،فرع ، وناقص ،ومثبتة كونها إنسان واع حر قادر على الاختيار وإثبات الذات ، مع إدراكي التام - وعدم تجاهلي-، إلى أن تحقيق ما تصبو إليه الأنثى من ثبيت لمفهوم الأنسنة للمرأة، وطمس مفهوم التشييء ليس بالأمر السهل، لأنه ارتبط بوعي الناس وممارستهم في مجتماعات مشوهة المظهر والجوهر ؛ فالتحرر من الظلم والتغيير سواء فيما يخص المرأة أو ما يتعلق بأصحاب القضايا العادلة لن تُحصد زهوره سوى بوثبة ثقافية ، يُهدم خلالها الموروث المقدس ، ويتحرر من تقاليده الزائفة ، بالتفكير الإبداعي الناقد ، والعقل الحر ، وهذا كله مشروط بتحقيق العدالة الاجتماعية التي لا يمكن لتحرر المرأة الانفصال عنها ،او تحقيقها دون الوصول إلى مجتمع خال من الظلم والاستغلال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القومى للمرأة يطالب شركات خدمات النقل بالتطبيقات بوضع معايير


.. العربية ويكند | استطلاع أميركي: الرجال أكثر سعادة بوظائفهم م




.. عضو نقابة الصحفيين أميرة محمد


.. توقيف سنية الدهماني يوحد صوت المحامينات في البلاد




.. فتحية السعيدي ناشطة نسوية وأخصائية في علم الاجتماع