الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة الشيعية

مالوم ابو رغيف

2014 / 3 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عادة ما تكون نظرة المجتمعات التي يلعب فيها الدين دورا تربويا او تثقيفيا، نظرة تتسم بالدونية و بالارتياب وبعدم ثقة. وكلما قلت درجة تدخل الدين بالحياة العامة او بالحياة الثقافية والوجدانية للمجتمع، كلما خفت حدة النظرة الدونية تجاه المرأة.
فالدين هو تصنيم للفكرة الذكورية عن المراة التي تفهم الشرف بانه امتناع المراة عن ممارسة الجنس خارج فراش الزوجية وتحريم الحب والعشق لانه نوع من المعصية، وتفهم الكفاءة بانها مردود للقوة العضلية، وتعتقد ان مساواة المراة بالرجل تمييع للرجولة بالمعنى العام وللفحولة بالمعنى الخاص.
لذلك، ولاختلاف اهمية ودور الدين ونوعه في المجتمعات سيكون من غير الدقيق الحديث عن وضع المراة بشكل عام، اذ ان الغبن والاضطهاد التي تعاني منه المراة في دولة او مدينة يختلف باختلاف التزام الرجال بالدين وبدرجة رغبتهم للتحرر منه او التحجر فيه، وكذلك بمقدار سيطرة الدين على الثقافة وعلى المجتمع، او انتماء المرأة الى طائفة دينية معينة.
مثلا، الدين في السعودية هو الغالب على ثقافة المجتمع، ليس كالتزام انما كفكر عام، اذ ان معدلات الشذوذ الجنسي او حالات الاغتصاب العالية، تتناقض مع القول بالالتزام الديني. لذلك، ورغم كل المحاولات النسائية الجريئة للتحرر من التزمت الوهابي تجاه المرأة، الا ان نسبة كبيرة من النساء لا تعتقد بجواز المساواة بين الرجل والمراة.
وفي الكويت، ورغم تحرر المراة مقارنة بدول الخليج الاخرى، كان لاقرار حق التصويت للمراة دورا سلبيا في الانتخابات العامة، وذلك ان نسبة مرتفعة من النساء اعطن اصواتهن للاسلامين الذين يقولون بان المراة ناقصة عقل ودين، فزاد عدد مقاعدهم على حساب العلمانيين واللبراليين.
الحالة تختلف في ايران، فالدين هناك يفرض كالتزام عقائدي، وليس له نصيب ان يكون فكر او ثقافة عامة، اذ ان الفكر الايراني العام يتناقض بشكل ملحوظ مع الدين، لذلك تجد ان النسبة الاكبر من النساء الايرانيات يناضلن من اجل المساواة ومن اجل التحرر من الحجاب ومن القوانين التي تفرضه وتجبر النساء على الالتزام به.
في ايران المراة تتحدى الكهنوت الملائي وتحسر عن رأسها وتتظاهر بكثافة ضد اجراءات السلطة وتحتفل بدون تحفظ بالمناسبات غير الدينية، بل ان الايرانيين نساء ورجال اضفوا ملامحا مدنية علمانية على بعض الاحتفالات الدينية كالاحتفال بعيد الغدير او مولد الامام علي بن ابي طالب وذلك بالتصفيق والرقص واطلاق الالعاب النارية وعزف القطع الموسيقية.
كما ان الرجل الايراني يمتاز بثقافة علمانية عالية وبنظرة للمراة لا يحكمها الدين، اذ ان الدين الاسلامي في ايران يتناقض مع الثقافة القومية الفارسية التي ترى في الاسلام تعاليما للبداوة العربية ووأدا لتراثهم وتشويه ان لم يكن امحاء للغتهم.
اود ان آؤكد مرة اخرى بان المعرفة بالتراث الروائي الديني للمجتمع لا يعني ولا يدل على التزام او على وعي ديني، ففي العراق ينحصر التاثير الديني على المرويات والقصص والمقاتل التي يتناقلها الناس في مواسم الاحزان، ومع ان لها تأثيرا ليس بالقليل على صياغة الثقافة الشعبية العامة، ويكاد ان يكون تأثيرها شاملا على كافة النشاطات الاجتماعية والسياسة والادبية، لكن هذه المعرفة الثقافية العامة لا تفرض انواعا من السلوك على المواطنين الشيعة. بل انها تتناقض مع المفاهيم الدينية التي تتصور بان العلاقة الوحيدة بين الرجال والنساء هي العلاقات الجنسية.
المرجعيات الدينية واحزاب الاسلام السياسي، تحاول استغلال هذا التأثير وتعمل على أدلجته واعطائه حسا ونبضا طائفيا. هذه المرجعيات لا تتحدث عن الحقوق بمعناها الانساني، انما تتحدث عن الحقوق القدسية. فهي ومهما كانت درجة اختلافها مع خصومها( السنة) تتفق معهم في المحصلة العامة على مصادرة حقوق المرأة مسلمة الهوية، وتختلف في حقوق المراة المقدسة، مثل فاطمة الزهراء.
وهنا التناقض الكبير، اذ ان النموذج النسائي في الفكر الاسلامي يطرح مفهوم التقديس غير المتكرر، بينما للرجل يمكن ان يتكرر النموذج مرات عديدة، فكم في الفكر الشيعي من آيات وحجج قدس الله سرها؟
احزاب الاسلام السياسي وكذلك المرجعيات تحاول تغيير مفهوم الانتماء الشيعي وهو مفهوم يحمل معنى سياسيا تاريخيا، الى مفهوم (اتباع اهل البيت) الذي يحمل مفهوم طقوسي لا يخرج عن الالتزام والتقيد بالشريعة واطاعة آوامر وتعاليم المرجعيات ورجال الدين، ويقلل من قيمة الثقافة العامة المبنية على مفاهيم العدالة ومناهضة الظلم والخروج على الحاكم الجائر والمساواة بين الناس. انها تحاول ان تجند الناس للدفاع عن نواميس وشرائع دينية وليس عن حقوقهم المدنية.
المرأة العراقية الشيعية، ليس لها من الدين الا مثلما للرجل الشيعي، معارف ومفاهيم عامة، تعتقد بالسيرة الحسنة لاهل البيت وبشجاعة الموقف وتحدي السلطة التي ابدته فاطمة الزهراء زوجة الامام علي ضد سلطة الخليفة ابو بكر الصديق، وكذلك بموقف زينب بنت الامام علي في مسئوليتها الاشرافية على ما تبقى من اهلها وذويها بعد مقتلة الطف وتحديها ليزيد بن معاوية في المسجد الاموي.
لا احد من الشيعة العراقيين، لا نساء ولا رجال يحفظ حديثا منقولا عن النبي محمد مرويا على لسان فاطمة، ولا احد يقول بتعاليم دينية منقولة عنها مثلما يقول الاخرون نقلا عن ام المؤمنين عائشة. انها بالنسبة لهم مفهوما للمواجهة وليس مفهوما للخضوع لتعاليم الاله. انها في وعيهم رمزا للتحدي لا يحمل اي دالة طقوسية.
لذلك، ولقتل روح المواجهة عند المراة الشيعية يعمد رجال الدين، الى اسلوب التقديس والتبجيل والحصر واعطاء نساء التراث، مثل فاطمة وزينب، موقعا قدسيا وربانيا فريدا لا يمكن تكراره.
هذه المرجعيات الدينية لا تتحدث عن شجاعة الموقف وروح التحدي والتحرر الا بالترابط مع الحجاب والخدر، الذي يعني البقاء في البيت وعدم الخروج، وهي صفة غاية في السلبية ومجافية للحقيقة، اذ ان فاطمة الزهراء كانت رأس الحربة في معارضة ابي بكر، وكانت تقود الاجتماعات التي تعقد في بيتها، ولهذا السبب اراد عمر بن الخطاب حرقه عليها وعلى من فيه. كما ان سكينة بنت الحسين كانت شاعرة ولها ديوانها التي تستقبل فيه الشعراء، ومنهم شاعر الغزل المعروف عمر بن ربيعة. لذلك يقل الاشارة اليها في المرويات ويتجنب ذكرها تدريجيا قراء المقاتل لكي يصلوا بها الى النسيان المطلق.
ان الدين والالتزام بتعاليم وأوامر رجاله واملائات مرجعياته يورث الجبن والخنوع، بينما الثقافة الشعبية الخلاقة التي تتغنى ببطولات التراث الشعبي تورث الشجاعة والاقدام والاستبسال والتحدي وتقاوم الظلم.
نود ان نشير، وبالرغم من غياب الاحصائيات، بان اكثر حالات الطلاق شيوعا هي بين المتدينين من الرجال، ذلك لانهم يفهمون العلاقة الزوجية كعلاقة بين السيد والجارية، تلك العلاقة التي ترفضها المراة بفطرتها الانثوية ولا يدركها الرجل المتدين لانه يسمح لدماغة ان يُغسل ويتم حشوه بتقاليد العشائر واملائات الدين، بينما المراة، وان كانت على قدر من الايمان، تقف موقفا رافضا لكل الافكار التي تقل من شأنها، لان وضعها لا يسمح لها بالقبول باي تنازل اخر، انها تمتلك حسا طبقيا وحسا انسانيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 3 / 8 - 00:52 )
أنت تريد المساواه بين المرأه و الرجل , و الطبيعه ترفض هذا!... راجع :
http://www.laelhad.com/index.php?p=2-1-131
مثال :
يقول Gustave Le Bon :- ( المرأة أقرب بيولوجيا للهمج أكثر منه للإنسان الحديث المتحضر , لكننا نستطيع أن نستوعب المرأة كاستثناء رائع لحيوان مُشوه أتى بنتيجة على سلم التطور ) .
Gould, The Mismeasure of Man, p.105
حتى المرأه تؤكد بأنها لا إنسانه , راجع :
http://www.elbashayeronline.com/news-345606.html
الحقيقه , هي : أن علماء التطور يصفون المرأه بالحيوان المعاق المُشوه في سلم التطور .


2 - تعليق 1
نور ساطع ( 2014 / 3 / 8 - 03:41 )

عبد الله خلف يقول : ( المرأه -طبيعياً- حيوان مُعاق و مشوه في سلم التطور , و هي أقرب للغوريلا من قربها للرجل
===========================================

نور يقول : ) بشرفكم هل هذا إنسان طبيعي؟؟

إلى عبد الله خلف وماذا عن أمك , أختك , زوجتك , أبنتك!؟

عيب يا غلام أخجل على نفسك على الكلام الذي تقوله عن المرأة!؟

: )


3 - تعليق 2
نور ساطع ( 2014 / 3 / 8 - 03:43 )

عبد الله خلف يقول : ( أقرب للغوريلا من قربها لي أنا الرجل .
===========================================

نور يقول : ) وكيف نعرف أنك رجل؟؟؟

: )


4 - دارون ونظراته العنصرية ضد المراة
مالوم ابو رغيف ( 2014 / 3 / 8 - 13:48 )
بو بدر الراوي.. عبد الله خلف: ان ما تفضلت بالاستشهاد به يمثل اراء العنصرين اصحاب البشرة البيضاء، وخاصة اولئك الذين يؤمنون بالتفريق العنصري على اساس اللون وعلى اساس العرق وعلى اساس الجنس، وهم جماعة جارس دارون.. ان هذه النظريات قد استند عليها النازيون باعتقادهم ان حجم الرأس يقرر حجم الدماغ وحجم الدماغ يقرر حجم الذكاء وخلصوا الى ان دماغ الانثى اقل حجما من دماغ الرجل لذلك فهي اقل ذكاء منها.. ولقد كتب كارل فوخت، وهو استاذ التاريخ الطبيعي في جامعة جنيف، بان الطفل والانثى والمخرف الابيض جميعم لهم نفس طبيعة ومقدار ذكاء الزنجي الاسود البالغ الرشد...
وبالطبع ان اراء هذه المجموعة كانت اساس للنازية واستخدمت كشعار لقتل اليهود، حتى ان الالمان كانوا يقيسون حجم الرأس لاثبات الاصل الآري.
نحن لا نقول بان كل اراء دارون صحيحة، ولا نعتبرها كتاب مقدس. نحن نقول ان اي فكر يحقر الانسان هو فكر همجي.. وكل فكر ينظر الى المرأة نظرة احتقار، هو فكر محتقر. لذلك عندما ننتقد الاسلام او الوهابية او الشيعة او السنة، فاننا نتقده كفكر يحط من قيمة المراة وينظر لها كمتعة جنسية..


5 - الأستاذ مالوم أبو رغيف المحترم
ليندا كبرييل ( 2014 / 3 / 9 - 07:49 )
أهنئ النساء على أية ملة كنّ أو مذهب ، على وجود هذه النخبة الرفيعة من الرجال في صفوفنا
أمس تناقلت وأصدقائي رابط مقالك المحترم

إنك تكفي وتوفي في شرح أفكارك، حتى نكاد لا نعرف بم نعلق؟ إلا أن نقف احتراماً وإعجاباً

شخصياً ( وقد ذكرت لك ذلك من قبل) أني بعكس الناس، أبدأ بقراءت تعليقاتك قبل الموضوع
تعليقاتك ترصد جوانب أخرى لم تكن على بال القارئ

لذا أرى من المفيد جداً وجود أمثال الأستاذ عبد الله خلف الذي يستحثّك على الرد فنكون نحن في استفادة تامة من طروحات جديدة

أحترم جداً الكاتب الذي يعرف كيف يسوس الخارجين عن الخط، والناقدين لمقالاته، بلا حساسيات وبالمناقشة العلمية الهادفة

تفضل التحية والتقدير


6 - قرآن كريم:أ اصل الانسان قرد
مالوم ابو رغيف ( 2014 / 3 / 9 - 13:55 )
الزميلة العزيزة لينا كبرييل المحترمة
تحية وتهنئة لك بعيد المراة
ان الاقرب لافكار النازية والنظريات الشاذة والاساءة للانسان بسبب لونه او جنسة او عرقه، هي الافكار الاسلامية التي يعتنقها عبد الله خلف
في الاسلام مثلا يعتقدون بان اصل القرد هو انسان
ويبذلون الجهود الكبيرة ليثبتون صحة الاية القرآنية
(-لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين )
اي انهم يفهمون التطور بانه تقهقر الى الادنى
ويتمعنوا في الاساءة للانسان فيكتبون دون اي استيحاء بان اليهود قردة وخنازير
حتى ان طفلة عمرها 7 سنوات هي بنت الممثل السابق محمد العربي ومن على شاشة فضائية اقرأ قالت بانها تكره اليهود لان اصلهم خنازير
وتصوري عقل عبد الله خلف الذي يريد ان يقول باننا، كعلمانيين ليس لنا الحق بالتحدث عن المساواة لان العلماء الذين لا يؤمنون بالاله، يقولون بان عقل المراة لا يساوي عقل الرجل، بانه لا يتردد في وضع مثل هذه الاقوال الشاذة احتراما لامه او لاخته او لام المؤمنين عائشة التي يتعلم دينه منها كما اوصى النبي محمد في حديث صحيح اذ قال:ـ خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء
تحياتي

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah