الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثامن من مارس

محمد يعقوبي

2014 / 3 / 8
المجتمع المدني


كل عام و أنت

هكذا نحتفل كل سنة في الثامن من مارس بعشتار و أفروديت و إنانا , هكذا بكل بساطة ننفخ في قرن الثور اﻹ-;-علامي العتيد , ثم نحيل كاميراتنا نحو المرأة العاملة و المرأة العاطلة , الناجحة و الفاشلة , المسيطِرة و المسيطر عليها , القوية و المتردية , نحو المرأة بكل تجلياتها و تمظهراتها , فنحاول ككل سنة في الثامن من مارس سبر غور هذا الكائن العجيب , الهلامي بشكل ما , الهش بكينونته و الصلد بإرادته
إنها المرأة , المرأة أيها السادة الكرام , هذا المخلوق الذي استأثر بهذا الزخم من اﻹ-;-هتمام العالمي حتى تم تخصيص يوم عالمي لها , يوم يتناقل فيه الجميع اهتماماتها و أحلامها ,مشاكلَها و إرهاصاتها و كوابيسها , نناقش و نتسائل , نوضح و نفسر , نراجع التاريخ و نستشرف المستقبل , ثم نبقي للإشكالية بقية فلا نضيعها حتى العام القادم في الثامن من مارس لنعيد الكرة , ومرة أخرى في العام الذي بعده طبعا في الثامن من مارس ,وهكذا إلى ما شاء الله

لنضع أولا نصب أعيننا عن أي امرأة نتحدث أو سنتحدث في موضوعنا هذا , أعن امرأة نيتشه أم أنثى سيمون دو بوفوار الخالية من خرافة اﻷ-;-سرة و اﻷ-;-مومة و الغريزة اﻷ-;-بوية , أم تلك التي كان يضعها اليهود مع الماشية و يصلي اليهودي كل يوم قائلا : أشكرك يا رب ﻷ-;-نك لم تخلقني كافرا أو امرأة . أنا لا أضرب اليوم أمثلة من التاريخ بقدر ما أصف حالتها الآنية وأصف ما تعانيه من تبعات الهيمنة الذكورية التي نظًر لها عالم اﻹ-;-جتماع الفرنسي بيار بورديو و ما سماه بالرؤية القضيبية النرجسية , فاليوم و أكثر من أي وقت مضى , و غدا و أكثر من أي وقت مضى و في المستقبل البعيد و أكثر من أي وقت مضى ستحتاج المرأة ككل مرة لمن يحلل دمائها فيستشف من علمه ماهية علتها ومرضها , و يكتب بحبر آزوردي وصفة خرافية تقيها حر عام غير قابل للتجديد , ثم ماذا , ثم ننسى , و ننساها في آتون المعارك الطاحنة التي تحف بها الحياة , إلى متى سنبقى كل عام على حالنا هاته , في أي سنة سنتوقف عن اﻹ-;-حتفال بيوم كهذا , مع العلم أنه لم و لن يكون هذا اليوم إلا إذا حققنا لحدثنا ما تستحق من اعتراف و تقدير بل عندما نلغي من ذهننا فكرة الطبقية بين الرجل و اﻷ-;-نثى

إن احتفال البشرية اليوم بالمرأة لهو أكبر دليل على مدى الهوة القائمة بين الظواهر الصوتية العالمية التي تنادي بحرية المرأة و صون كرامتها و ضمان حقوقها و تعميم المفاهيم الأنثوية في هذا العالم الذكوري , و بين العمل الجاد على طمس الفوارق المتقدة على مستوى البنيات العقلية في صفوف الرجال كذالك بين القطاع النسائي نفسه , و الختم بتأكيد الفرق الوحيد و اﻷ-;-وحد بين قطبي العالم في فوارق فيزيولوجية لا غير , لكن شتان بين القول و الفعل و شتان بين المعنى و الفصل

إن مشكلة المرأة لا تكمن في العوائق التي تحول بينها و بين عالم اليوتوبيا التي ينادي به البعض و لا في المشاكل التي تكالبت عليها من كل حدب و صوب , و إنما في نمطية التفكير على مستوى البنية العقلية التي تنظر بها المرأة إلى نفسها من جهة و التي ينظر بها العالم و المجتمع إليها من جهة أخرى , لعلنا نحظى ذات يوم بساعة تصبح فيها المرأة حبيبتنا بصدق بلا مظلة عطف و بلا دافع شبقي , و عسى أن يكون ذالك قريبا , أما الآن فسأكتفي بالسير في درب تبانة هذا العالم و أقول لكن مثل الجميع , بنفس ترنيمة النشيد , أن لا تكوني العام القادم أنت كما أنت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية