الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاخلاق في السياسة

أحمد القبانجي

2014 / 3 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قالوا وقلنا:..........

قال الامام علي في نهج البلاغة: والله مامعاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر ولولا كراهية الغدر لكنت ادهى الناس.
وقال ايضا: قد يرى الحوَل القلَب وجه الحيلة ودونها مانع من امر الله ونهيه,فيدعها رأي العين وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين.(نهج البلاغة ,الخطبة 41).
.......................
أقول: ومع كل هذه النزاهة والعدالة في حكم الامام علي الا ان الخلافة لم تدم له سوى 4 سنوات ونيف وكثر المعترضون عليه حتى من شيعته في الكوفة والعراق ,بينما استمرت حكومة معاوية لاكثر من عشرين سنة وكان جميع المسلمين حتى الحسن والحسين وابن عباس وابن الزبير والمهاجرين والانصار راضون بحكومته ولم يثوروا ضده..هنا يثار هذا السؤال: هل ان الناس لا تحب العدالة والنزاهة في الحكم, ام يوجد شئ اخر جعلهم يرفضون حكومة الامام ويقبلون بحكومة معاوية؟ الشق الاول مرفوض قطعا لان الناس تحب العدالة, نأتي الى الشق الثاني فنتساءل:ماهو ذلك الشئ في حكومة معاوية يجعلها مقبولة عند الناس حتى عند الصالحين والاشراف؟
وبعيدا عن الاجوبة الجاهزة وخاصة عند مشايخ الشيعة التي يعرف بطلانها من له ادنى اطلاع على تاريخ الاسلام.لابد من البحث في اصل المسألة ومعرفة حدود العدالة في الشأن السياسي وهل ان الاخلاق المطلوبة في السياسة هي نفسها في المجال الاجتماعي او تختلف عنها فهناك اخلاق الحاكم واخلاق المحكومين كما هو مذهب ميكافيلي ونيتشه,وهناك عدالة اشتراكية واخرى ديمقراطية راسمالية وعدالة انتقالية وتوافقية وعدالة في الاسرة والقضاء والاقتصاد وماالى ذلك,وعليه يمكن القول بوجود عدالة علوية واخرى اموية وهكذا؟
هذه المسألة كانت ولا زالت مطروحة في فلسفة الاخلاق ,فهل ان الاخلاق وبخاصة العدالة لها واقع خارجي ينبغي السعي لتطبيقها كما ذهب اليه افلاطون والمعتزلة وغيرهم من اتباع المدرسة المثالية في الاخلاق, او انها من المشهورات العرفية كما ذهب اليه ابن سينا والمدرسة النفعية واخرون من مفكري عصر الحداثة؟ اي ان العدل انما صار حسنا لا في ذاته بل لان فيه خير وصلاح المجتمع وبعكسه الظلم. فالعدل هنا يدور مدار المصلحة العامة, فقد يغض الناس النظر عن بعض التمييز غير العادل طمعا في تحقيق الامن الذي هو اهم في نظرهم من العدالة المحضة.والظاهر ان الامام علي من اتباع المدرسة المثالية ومعاوية من اتباع المدرسة الواقعية,وعليه لا يرى الامام علي بأسا من خوض حروب اهلية طاحنة لتحقيق العدالة في الحكم ولو ادى ذلك الى استياء الغالبية من الناس والاضرار بمصالحهم,بينما كان معاوية يرى مصالح الناس في الامن والاستقرار وحفظ النفوس اولى من تحقيق العدل بالمعنى الاول فلا بأس باعطاء رشاوي الى رؤساء القبائل لكسب ولائها لتحقيق المصلحة العامة.
ان كل باحث في الشأن السياسي يجد بان الكفة تميل لصالح معاوية ليس لانه يغدر ويفجر بل لان السياسة لها معاييرها الخاصة بالعدالة قد لا تتفق مع العدالة لدى عامة الناس,والشاهد على ذلك ان النبي نفسه والخلفاء من بعده ساروا على نهج معاوية,فالتاريخ الاسلامي يحدثنا عن الكثير من عمليات الاغتيال والغدر وقتل الاسرى وتعذيبهم والتمييز في العطاء في سيرة النبي,اي انه كان ينظر الى مصلحة الاسلام والمسلمين ولو على حساب قتل الابرياء واسترقاق اطفالهم ونساءهم,وهكذا في سيرة ابي بكر عندما عفا عن خالد بن الوليد الذي قتل مالك بن نويرة ونزى على زوجته في تلك الليلة, وهكذا حال عمرالفاروق فبعد اعتراضه على ابي بكر في قصة خالد عاد وعينه قائدا لجيش المسلمين في حربهم ضد الفرس ولم يعاقبه كل ذلك لمقتضى المصلحة العامة,اما عثمان فيكفي ان المسلمين انفسهم ثاروا عليه وقتلوه.بينما رفض الامام علي اعطاء اخيه عقيل درهما واحدا من بيت المال زيادة على سهمه مما اضطره للجوء لمعاوية ,والامثلة كثيرة ..ونتجاوز الزمن لنصل الى العصر الراهن فنجد ان الامام الخميني لم يسلك على منهج الامام علي بل على منهج النبي ومعاوية وقال بضرورة ان يكون المعيار مصلحة النظام لا العدالة المثالية,وهذا هو السبب الرئيس في ديمومة وبقاء الجمهورية الاسلامية والا كان قد اصابها مااصاب الامام علي في حكومته.وهذا لا يعني طعنا بالنبي او الخلفاء او الخميني وامثالهم بل للتأكيد على ان منصب الحكومة يقتضي من السلوكيات الخاصة التي قد تعتبر في مجال اخر من المحرمات والقبائح الاخلاقية,وهي مقولة وجود معايير مختلفة للعدالة لدى الحاكم والمحكومين فلا يصح ان نؤاخذ الحاكم بقيم المحكومين او بالعكس.
ولكن الا يبرر هذا الكلام مايفعله الطغاة وسلاطين الجور من ظلم وعدوان بحق شعوبهم لان كل حاكم مثل صدام والقذافي وهتلر يمكنه القول بانه يعمل من اجل المصلحة العامة؟ والا يكرس هذا الكلام مقولة ان السياسة لا تجتمع مع الاخلاق وكل شئ في السياسة مباح لان الاخلاق بمثابة قيود تكبل الحاكم كما كبلت الامام علي فلا تدعه يتصرف بحرية فيما يعتبره نافعا لشعبه ومجتمعه؟ هناك الكثير ممن يحمل هذه الرؤية عن السياسة ويعتبرونها بلا اخلاق ولذلك يدعون الى فصل الدين عن السياسة ولزوم ابتعاد رجال الدين عن التدخل في السياسة لهذا السبب, ولكني اعتقد بوجود اخلاق في السياسة غاية الامر قد تكون مختلفة كما هو الحال في الاخلاق في الحرب وقد ورد في الحديث(الحرب خدعة) وهكذا في اخلاق الاسرة والصداقة وامثال ذلك.وعندما ادعو لفصل الدين عن السياسة فهذا لا يعني فصلها عن الاخلاق ايضا.. المهم في السياسة ولكي تكون سلوكيات الحاكم مقبولة ومشروعة اخلاقيا كما هو الحال في الحكومات الديمقراطية ان ترتكز على ثلاث دعائم:
ا-ان تكون سلطته على الناس مشروعة وباختيار الناس ورضاهم.
2- ان يهدف من سلوكياته خدمة الصالح العام لا مصالحه الشخصية والفئوية والمذهبية.اي تكون المخالفة الاخلاقية لها مايبررها في المصلحة العامة لا مصلحة الدين والمذهب ولا اية ايديولوجية اخرى.
3-اجتناب الاستبداد بالسلطة وفسح المجال للتداول السلمي للسلطة,فحتى اعدل الناس لو وصل الى السلطة فسوف يصاب بهاجس التمسك والتفرد بها حتى لو كان من منطلق خدمة الناس والصالح العام.
........وشكرا لكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النبي خص المؤلفة قلوبهم بالعطايا
ماجن المثقف ( 2014 / 3 / 9 - 14:54 )
فلا بأس باعطاء رشاوي الى رؤساء القبائل لكسب ولائها لتحقيق المصلحة العامة, فالتاريخ الاسلامي يحدثنا عن الكثير من عمليات الاغتيال والغدر وقتل الاسرى وتعذيبهم والتمييز في العطاء في سيرة النبي,اي انه كان ينظر الى مصلحة الاسلام والمسلمين ولو على حساب قتل الابرياء واسترقاق اطفالهم ونساءهم.


2 - فهل نجح معاوية؟ وكل الطغاة؟
عبد الله اغونان ( 2014 / 3 / 9 - 22:01 )

الاخلاق في السياسة هي نفسها الاخلاق في المجتمع

لاأدري ماهو الأمن الذي حققه معاوية؟ وماهي المصلحة التي حققها؟

فكل تاريخه وتاريخ الأمويين كان حروب دامية

وكل المصالح التي حققها كانت مصالح مؤيديه لامصالح عامة المسلمين

حتى في أخذ البيعة لابنه يزيد استشار وجهاء الناس فاختلفوا لمعرفتهم أنه ليس أهلا لها

وقام خطيب وقال
أمير المؤمنين هذا وولي عهده هذا ومن أبى فهذا - وأشار الى السيف

فوصفه معاوية بأنه سيد الخطباء

تقدير الأمن والمصلحة والأخلاق يختلف باختلاف النوايا والمرجعية

والا فكل الطغاة على حق من فراعنة ونيرون وستالين وهتلر والقذافي وصدام والسيسي
السياسة عند هؤلاء هي فن الكذب والتسلط



3 - تعليق1
عبد الله خلف ( 2014 / 3 / 10 - 00:13 )
• الأخلاق .
لا وجود مادي في الجينات فباطلة هي كومة الفضائل في هذا العالم! .
لا يوجد للضمير تفاعل كيميائي يُفرزه , وهذا حتما مستحيل لأن الضمير يسير عكس المادة! .
إذا لم يكن الله موجود فالأخلاق غير موجودة أو قُل هي لغو فارغ! .
بالنسبه للملحد , نقول : إذن لست إنسان وإنما تأتي في قمة المملكة الحيوانية على أحسن تقدير , حدود الطبيعة المادية هي حدودك , لا يُعقل أن تتمرد على تلك الحدود المادية أو قوانين الطبيعة أو تلفظها أو حتى تفهم معنى التمرد عليها , هل الذرة تتمرد على خط سيرها المُقدر لها سلفا؟ .
إذن أنت في أحسن حالاتك تقودك المادية الحتمية والبيولوجية الداروينية والبقاء للأقوى والإنتخاب الطبيعي للأصلح .
إذا لم تستطع في هذا النقاش أن تخرج بدليل على تفرد الإنسان أو مركزيته أو قيمة الاخلاق التي يحملها فلن تستطيع ان تبرهن على أي شيء جيد في هذا العالم ولا أن تنتقد أي شيء سيء في هذا العالم! .


يتبع


4 - تعليق2
عبد الله خلف ( 2014 / 3 / 10 - 00:13 )
الإنسان يا صاحبي جاء بمقدمة سماوية , الإنسان دخل هذا العالم برأس مال أخلاقي مبدئي رهيب , الإنسان يستحيل تبسيطه أو تفكيكه طبقا لفلسفة مادية حتمية يتخيلها مُلحد , الإنسان شيء وقوانين الطبيعة شيء آخر تماما! .
منذ اللحظة التي هبط فيها الإنسان من السماء , منذ المقدمة السماوية لا يستطيع الإنسان ان يختار أن يكون حيوان بريء أو يكون إنسان مُخير (فالحيوان بريء من الناحية الأخلاقية بينما الإنسان إمـا خيِّر أو شرير لا يوجد انسان بريء من الناحية الأخلاقية) , لم يعد بإمكانك أن تختار بين تكون حيوان أو إنسان ؛ إنما اختيارك الوحيد أن تكون انسانا أو لا إنسان .


يتبع


5 - تعليق3
عبد الله خلف ( 2014 / 3 / 10 - 00:13 )
• أنت تأتي بروايات تتحدث عن الاغتيالات في زمن النبي -صلى الله عليه و سلم-!... المسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً تتوافر فيه شروط قبول الرواية بقسميه الصحيح والحسن، ويجب أن تنطبق على الحديث الصحيح شروط خمس وهي:
1- اتصال السند.
2- عدالة الرواة.
3- ضبط الرواة.
4- انتفاء الشذوذ.
5- انتفاء العلة.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح: {أَمَّا الْـحَدِيثُ الصّحِيحُ: فَهُوَ الْـحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا ، وَلا مُعَلَّلًا} .
هنا رابط لمناظره تتحدث عن علم الـ(رجال) أو علم الـ(جرح و التعديل) , نتمنى الإطلاع عليه للفائده , و من خلالها تبيّنوا الفرق بين علوم الإسلام الحقيقيه , و علوم المسيحيه المزيفه , الرابط :
http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=8246


أخيراً , ننصح الكاتب بالإطلاع , ثم الفهم , ثم التحقيق , و ألا يكون (حاطب ليل) , فالإسلام أمة (قل هاتوا برهانكم) .


6 - تعليق
طالب علي ( 2014 / 3 / 10 - 01:55 )
اعتقد أن السبب في عدم ثورة الشعب على معاوية آنذاك نفس
سيب رضاء الحكومات العربيّة وعدم ثورتها على آل سعود وصدام وغيرهم من دكتاتوريين العرب
وهو الخوف والرهبة من تلك الوحوش التي يمكن أن ترتكب افظع الفظائع مقابل بقاءها بالسلطة

فمعاوية كان شخصاً بائساً متوحشّاً سيء الأخلاق حتّى باعتراف بعض مشايخ السنّة

تحياتنا استاذاحمد


7 - السيد احمد القبانجى ولو اننى اشك
شاهر الشرقاوى ( 2014 / 3 / 10 - 15:15 )
هناك فرق بين ان نقول
دين الحق
وبين ان نقول
الدين الحق
هناك فرق بين الحق والحقيقة
الاسلام دين الحق
اى كل تشريعاته وشعائره وحقائقه مبنية على الحقوق والواجبات والعهود والمعاهدات بين الانسان وربه والانسان ونفسه والانسان واخيه الانسان بل والانسان وباقى مخلوقات المكان
هل انت حقا احمد القبانجى بذاته ام ان هناك من ينتحل اسم حضرتك؟؟؟
لو كنت انت فانه يسعدنى ان اتناقش معك فى بعض الامور الهامة

اخر الافلام

.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال


.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا




.. عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي


.. الآلاف يشيعون جـــــ ثمــــ ان عروس الجنة بمطوبس ضـــــ حية




.. الأقباط يفطرون على الخل اليوم ..صلوات الجمعة العظيمة من الكا