الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرافة كثرة زوجات الامام الكاظم (ع)

سلام كاظم فرج

2014 / 3 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عن دار المرتضى للطباعة والنشر صدر للباحث الاسلامي صالح الطائي كتاب مهم عن حقيقة زيجات الرسول والصحابة والتابعين والائمة .. وجرى التركيز على الخرافات والدسائس والمبالغات في حقيقة تلكم الزيجات من حيث عددها ونوعها ومبرراتها. تلك الدسائس التي دخلت التأريخ كحقائق مسلم بها في حين انها وضعت في الاصل لاسباب سياسية بحتة هدفها النيل من الأئمة بواسطة كتاب ومؤرخين مأجورين من قبل بعض الخلفاء وما تلاهم من ولاة اتخذوا من النيل من الائمة بكافة السبل وسيلتهم لتعزيز سلطاتهم القمعية والتغطية على حقيقة الجوهر النضالي للفكر المحمدي العلوي المتصدي للظلم الاجتماعي والطبقي آنذاك متمثلا بأبرز ممثليه بعد الامام الصادق أعني الامام موسى بن جعفر.
يتناول الفصل الاول من الكتاب رأي الاسلام في الجنس وحقوق المرأة الجنسية باعتبار ان الغريزة الجنسية جوهر الخلق الانساني ووحدة الوجود ومبعث السكينة والاطمئنان والصحة النفسية.. وكيف ان النبي كان يوصي المؤمنين بالنساء خيرا وإيلاء حقوقهن ومنها الحقوق الجنسية الاهتمام والحرص الكبيرين وتوخي العدالة في توفير تلكم الحقوق/ لكنه يتناول ايضا طبيعة الحقب التاريخية التي مر بها التاريخ الاسلامي والضرورات الملجئة لإباحة تعدد الزوجات احيانا .. والظروف القاهرة التي جعلت من تعدد الزوجات ظاهرة بارزة على مر العصور الاسلامية, تلك هي ارتباك النسبة العددية بين عدد الرجال وعدد النساء بشكل ظاهر وكبير بسبب تحديات الحروب وكثرة القتلى من الرجال مما ترك جيوشا من الارامل والايتام . لابد ان يضع المسلمون الاوائل لها الحلول. ويقارن الباحث بين نتائج الحربين العالميتين الاولى والثانية وما تركتا من آثار مدمرة على النساء والاخلاق ومعضلة حل تلك الاشكالات ,. وبين ما تركته حروب المسلمين الاولى التي لم تجد غير احتواء تلك الاشكالية بالزواج الشرعي من أرامل رفاق دربهم بما يصون كرامتهن وكرامة اولادهن وبناتهن. وقد ضرب الرسول مثلا بذلك فتزوج على سبيل المثال ام سلمة تقديرا واحتراما لموقفها وموقف زوجها الباسل في معركة أحد..
ونجد هناك شرحا مفصلا لمعنى أن تهب المرأة نفسها للرسول او لغير الرسول.. يختلف عما تروجه بعض الكتابات المغرضة إذ يرى الباحث الاستاذ الطائي أن في ذلك دليلا على حرية المرأة في اختيار الشريك. وجرأة لا تقل عن الجرأة التي تحملها المرأة المعاصرة .. لن يستطيع فهمها التقليديون. ولا المتربصون بالاسلام شرا.. ان تهب المرأة نفسها يعني انها تمتلك زمام امرها وحريتها في طلب الشريك .. وفق الشريعة..
من الصعب الاحاطة بكل مظان الكتاب الممتع والذي وجدنا فيه مالم نجده في الكثير من كتب التراث من تحليل علمي رصين .. وتوخي تناول اكثر الروايات دقة مع اعتماد على التحليل المنطقي للأشياء والاحداث وتناولها وفق سياقها المعروف وما كانت عليه المجتمعات من قيم موروثة تلاقحت مع مباديء الاسلام.. ومحاولة عزل الخرافة عن الحقيقة التاريخية البحتة .. والتدقيق في الاساطير.. والتحذير من الاسرائليات الدخيلة على أحاديث التابعين والاعيب السياسة.. ومؤامرات الخصوم. على سبيل المثال الحديث الذي يتحدث عن ان النبي سليمان قد طاف في ليلة واحدة على مائة زوجة وجارية. او انه امتلك من الزوجات وما ملكت ايمانه ما تجاوز السبعمائة مما لا يعقله عاقل او يتقبله منطق. وكذا الامر جرى ويجري ولاسباب سياسية في تلفيق الروايات المكذوبة على ائمة اهل البيت وقد نال الامام الكاظم الجزء الاعظم من تلكم التلفيقات بحيث ادعى من ادعى انه قد تزوج اكثر من خمسين ما بين سيدة حرة وجارية .. ويخصص الباحث الطائي اكثر من فصل لتفنيد هذه الفرية بالشواهد والارقام والاحصائيات لنتعرف الى ان الامام عليه السلام قد توفي مسموما وهو في السجن عن عمر لم يتعد السادسة والخمسين سنة .. وقد استغرق عمره زمنا شهد خلافا قويا وصراعا دمويا على السلطة بين العباسيين وبني عمومتهم العلويين جرى تصفية المئات من نسل علي اشهرهم محمد النفس الزكية وشقيقه ابراهيم. وقد جرت تصفية الامام الصادق وموته مسموما لكي يتحمل بعده الامام الكاظم مسؤولية قيادة الكتلة التاريخية المعارضة الكبيرة لعموم ( العلويين والطالبيين وأنصارهم من المسلمين)في ذلك الزمان وما تتطلبه من قلق وتوجس وتقية وتصدي وتنظيرات وخطط؟ إضافة الى ما تنقله الاخبار عن مصارع أتباع هذه الكتلة الكبيرة في الامصار. او سجنهم او تشريدهم . ناهيك عن التصدي للإنشقاقات الفكرية والحزبية في ذات الحركة العلوية المناوئة للسلطة العباسية المتعسفة واختلاف الرؤى في سبل التصدي لتلك الحكومات مما يتطلب إشتغالا فكريا مضنيا من قبل زعيم المعارضة آنذاك الا وهو الامام الكاظم نفسه ..
. كذلك ما تعنيه الحقوق الشرعية من حفظ اموال الحركة ونجدة الملهوف والمعوز من الانصار. كل ذلك لا يتم الا بإشراف الامام.. وإذا عرفنا ان الامام قد قضى سبع سنين مابين سجون الخليفة العباسي المهدي وسجون ولده الهادي ثم سجون ولده الثاني الرشيد.. والارتحال المضني في الامصار نعرف ان حكاية زواجه من خمسين إمرأة او حتى أربع نساء محض خرافة ابتدعها الخصوم والملفقون الخصوم وصدقها بعض العوام بغضا او جهلا. وتلقفتها الاقلام المريبة.. ويحضرني في هذا المقام رأي وجيه كتبه أحد الافاضل عن التزييف التأريخي لحقيقة أعمار بعض زوجات النبي او الصحابة والتي ثبتت كحقائق مسلم بها في حين انها من تلفيقات الخصوم .. وإذا علمنا إن كتابة الأحاديث النبوية والسير النبوية قد جرى بعد قرنين من وفاة الرسول وكل مجايليه من الصحابة .. نكون على قدر عال من الشك بحقيقة تلك السير والكثير من الاحاديث الموضوعة سواء على لسان الصحابي ابي هريرة او غيره من الصحابة.
وإذا علمنا ان ابا هريرة قد توفي عام 58 هجرية بينما كانت وفاة الإمام البخاري جامع الاحاديث الأكثر شهرة وقبولا في عام 256 .. نعرف إن مائتي سنة تفصل بين الرجلين..في زمن كان التدوين فيه من أشق المهام ناهيك عن تدخل الولاة والسلاطين في تحريف المعلومة تبعا للأهواء. رغم اننا ننزه البخاري مما نقول.. لكننا لا نستبعد حصول مثل تلك الشبهات حول عمر زوجات الصحابة او الرسول او الائمة. وقد بحث الاستاذ الطائي بشيءمن التفصيل . محاولات التضليل التي اتبعها البعض من الخلفاء الامويين والعباسيين للإساءة الى الرسول والإئمة من خلال تبرير ماهم عليه من حب الشهوات واقتناء الجواري. وفق مقولة ( رمتني بدائها وانسلت )..
ما أريد أن أقوله في هذا المقام وبعد توجيه الشكر والتقدير للباحث الجليل صالح الطائي على هذا الجهد الكبير. ما دامت ان اكثر الروايات قد تكون مدسوسة ومبالغ فيها وكتب اغلبها في فترات تعج بالفتن والاضطرابات والمساومات الرخيصة بين الولاة راكبي موجات الطائفية..أوقد تكون لبعض تلك الممارسات تبريراتها التاريخية كحفظ كرامة الارملة في المجتمع الاسلامي كما فعل الخليفة ابو بكر الصديق في زواجه من اسماء بنت عميس ارملة جعفر الطيار. وحين توفي ابو بكر تزوجها علي بن ابي طالب وتربى كل من اولاد الطيار وابي بكر من اسماء (محمد بن ابي بكر) في كنف الامام... اقول مادامت كل تلك الرؤى وليدة مرحلة صعبة وقاسية فما بالنا نلح عليها ونحاول ان نعيد تثبيتها بطريقة النسخ التام دون تمحيص ونقننها في قوانين مرحلة مختلفة تماما.. (مرحلة التصويت على القوانين بروح معاصرة تعتمد الاغلبية المطلقة )
في زمن لا تتوفر هذه الاغلبية حتى في إقرار موازنة البلاد السنوية التي تعتبر من ركائز بناء البلد وحفظ بناه التحتية ؟؟ أو التصويت على قانون بسيط غير معقد مثل قانون النفط والغاز؟؟
ان النقل الحرفي لمعطيات العصور الاسلامية الاولى وتوظيفها وفق معطيات هذا العصر يضر بالدين اكثر مما ينفعه. هذا ما فهمته من كتاب الاستاذ الطائي . وليعذرني فقد فاتني أن أنوه بالكثير من الفرضيات والتنويهات المهمة التي تضمنها الكتاب.. مما لا تتحمله مقالة ولا مقالتان. فالكتاب فخم وغني ويحمل من روح المعاصرة الكثير..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خرافات وما اكثرها من خرافات!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2014 / 3 / 10 - 03:35 )
اخي الكريم بعد السلام والتحية. لا اظن ان احد يشك بان ما بين ايدينا من تاريخ وحديث وغيره مليئ بالخرافات التي لا يصدقها عقل ولا تخضع الى منطق الا ان هناك خرافات لا تؤثر على سير الحياة ولا تخرج الانسان من كونه انسان مفكر كـ تعدد زوجات الامام الكاظم . فماذا يضير المعتقد في تعدد زوجات الامام وماذا يترتب على اعتقاده من آثار سلبية وهو سنة يبيحها الاسلام؟؟. لكن البلية كل البلية هي الخرافات التي تشل عقل الانسان بل تجعله في مصاف الحيوان عندما يعتقد في اشياء لا وجود ولا دليل عليها كـ اعتقاد الشيعة بان الائمة عندهم علوم الاولين والآخرين او اعتقاد السنة بان الصحابة هم صفوة اهل الارض وان كل اجرامهم هو اجتهاد والتاريخ بشهد ان لا علم للائمة ـ اللهم الا علوم الدين ولا فضيلة في اعمال الصحابة ـ بل ان الصحابة المشار اليهم بالبنان هم مجرمون كـ خالد بن الوليد..والخرافة الاكثر تخريب هو الاعتقاد بان قتل الابرياء هو جهاد في سبيل الله او ابتزاز اموال الناس هو اقامة شعائر يحبها الله ورسوله علما بان ليس هناك فيها فائدة للمقام لاجله بل يمكن اقامتها بدون اي تكلفة ولكن خرافة (الاجر الكبير ) هي الحافز وراء ذالك..


2 - خرافات وما اكثرها من خرافات! ـ تابع
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2014 / 3 / 10 - 03:36 )
اما الخرافة التي شلت عقول المسلمين عامة والشيعة خاصة هي خرافة الامام المهدي المنتظر الذي لا زال حيا يرزق ـ حسب الاعتقاد الشيعي ـ وعمره الآن 1175 سنة وهو يرى بام عينيه الدمار الشامل في العالم الاسلامي نتيجة الخرافات المترسخة في العقول بسبب احاديث لا سند لها او تفاسير مطاطية وكان كل هذا لا يعنيه واذا سالت احدهم لماذا لا يظهر للناس ويحل مشاكلهم ياتي الجواب الافيون (لحكمة لا يعلمها الا الله).اخي الكريم اتمنى عليك وعلى المحترمين من امثالك ان تكونوا صريحين في كشف الخرافات الهدامة كما كان بعض كتاب الشيعة المرموقين كـ احمد الكاتب وحيدر علي قلمداران والسيد ابو الفضل البرقعي وغيره وهناك ايضا كتاب مرموقون في المذهب السني ابانوا عوار الصحابة كـ الشيخ احمد منصور والشيخ عبد الكريم والشيخ مصطفى عبد الله.
متى يتخلص المسلمون من الخرافات السلبية كي يعيشوا في وئام وسلام؟؟.ام ان هناك عقول ذكية تستفيد من نشرها باسم الله واهل البيت لابتزاز الناس ذوي العقول المدجتة؟؟.


3 - الباحث الجليل صالح الطائي
سلام كاظم فرج ( 2014 / 3 / 10 - 06:33 )
ممتن جدا لرضاكم عن تقديمي المتواضع لكتابكم المهم ( خرافة كثرة زوجات الامام الاكاظم) والذي تناول موضوعة كانت تعتبر من المسكوت عنه في كتابات الباحثين الاسلاميين لما وقر في الذهن باعتبار ان المعلومة التأريخية حقيقية مسلم بها لدى الفرقاء المتخاصمين..
جهودكم في تقريب المسافات تجعلكم في مقدمة الكتاب الاسلاميين التنويرين . ..فلكم منا التحية والمحبة والود
اخوكم
سلام كاظم فرج


4 - وصلت فكرتك
سلام كاظم فرج ( 2014 / 3 / 10 - 06:47 )
الاخ الاستاذ فهد العنزي
وصلت فكرتك. وهي جديرة بالاهتمام لا املك في هذا المجال الضيق الا ان اتفق مع جوهر فكرتك لكن ثمة خيط رفيع بين ما يسمى بالخرافة . وما يسمى بالعقيدة// التصدي للخرافة امر سهل.. لكن مجادلة العقيدة مهمة شاقة لها فرسانها . ومنهم من ذكرت إضافة الى احمد القبانجي وصادق جلال العظم.. وشخصي المتواضع لا يمكنك ان تدخله ضمن هؤلاء الفرسان لاسباب كثيرة
يعني ان كلمات مثل ( الله// المهدي المنتظر/ النبي محمد/ عمربن الخطاب/ علي بن ابي طالب/ خالد بن الوليد) تعتبر إيقونات راسخة عند جمهرة واسعة من البشر. وحين تدخل اليها من الباب الذي يقترحه فهد العنزي.. تختلط عليك المواجهة . وينحرف التصدي في مقاصده ما بين مواجهة الخرافة . وما بين مواجهة عقائد الناس..
ويبقى التفكير الحر غير المسيس وغير المدفوع الثمن.. التفكير الذي يتوخى وقف نزيف الدم بين الاخوة المهمة التي تسبق تلك المهمات التي تمنيتها// والتي قد نختلف او نتفق معك في بعض جزئياتها. شكرا لك


5 - الشكر الجزيل للمؤرخ الاستاذ رائد السوداني
سلام كاظم فرج ( 2014 / 3 / 10 - 18:10 )
اتقدم بالشكر الجزيل للأستاذ رائد السوداني على إثابته وتقديره لتقديمنا لكتاب الاستاذ صالح الطائي .