الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسل : حامل صليب السلام وحب البشرية

سيلوس العراقي

2014 / 3 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ثلاث مشاعر هيمنت على حياتي كلها :
الشوق الى الحب ـ البحث عن المعرفة ـ أسف وشفقة لاحدّ لها لتألم الجنس البشري. " برتراند رسل".
صدرت منذ عام 1894 لغاية عام 1913م عدة كتب ومجلدات لبرتراند رسل في علم الهندسة والرياضيات، والفلسفة الرياضياتية عام 1919م.
كان للحرب العالمية تأثيراً كبيراً في تغيير المجرى الفكري لرسل. حيث مع بدء الحرب تلك ، خضع اتجاه فكر رسل لعملية تغيير كبير ، في رؤيته ونظرته للعالم ولكل ما حوله، وفي وجهة نظره.
ويقول هو نفسه حول هذا بأن الفترة من 1910 لغاية 1914م كانت فترة انتقالية في حياتي وفكري. فحدث فصل حادّ في حياتي قبل 1910 وحياتي بعد 1914 .
خضع رسل لحالة توتر عاطفي (مشاعرية) عالية. حيث رأى كيف أن رجال الدولة والسياسيين وحتى المثقفين، من أجل الحصول على الشعبية الأكبر والانتصار الشخصي لهم ، أغووا وجذبوا الجماهير الى المأساة الانسانية للحرب، حيث يقول رسل متألماً : أن المشهد ملأني بالرعب ، وما كان أشدّ رعباً هو، أنّ توقّع المذبحة كان مبهجاً للغالبية.
عليّ (رسل) مراجعة وجهة نظري حول طبيعة الانسان. كنت جاهلا تماماً بطريقة التحليل النفسي، لكنني توصلت بنفسي لرؤية المشاعر الانسانية بشكل وطريقة لا تختلف عن تلك التي للتحليل النفسي.
في هذه الفترة أصبح رسل (عالم الرياضيات) عالماً اجتماعياً (و مربياً) وسياسياً. فانه وجد :
أولاً ـ أن العواطف تحكم عقل الغالبية .
ثانياً ـ أن التعاسة في مرحلة الطفولة تقود الى (وتصبح) دوافع وبواعث مدمرة وهدامة تقود الى الحروب. لكن في الأخير بتغيير (تحوير) حياة الدوافع من هدامة الى وسيلة خلاقة يمكن تجنب الحروب، واعادة بناء المجتمع ستكون ممكنة.
أصاب رسل روعٌ كبيرٌ من كارثة الحرب التي تخرج فكرة القتل عن امكانية السيطرة.
كان معادياً شديداً للحرب.
فتم سجنه في عام 1916 لقيامه بتوزيع منشورات وكتيبات (سلامية) رافضة للحرب والعنف.
تم تغريمه.
وتم طرده من منصبه في كلية الترينيتي.
وخلال هذا انكفأ واختلى بنفسه وكتب بعض الكتب مثل :
Principles of Social Reconstruction
War, the offspring of fear
Justice in war time
Political Ideals
قاد رسل حركات عدم العنف والحرب.
اعترض بشدة شعواء ضد سياسة حكومته.
انتقد السياسة في ثلاث :
اولاً ـ الانحياز الى روسيا القيصرية كان خطأ ً.
ثانيا ـ ينبغي على انكلترا أن تدخل في تفاهم مع قيصر ألمانيا.
ثالثاً ـ الحرب سوف تقلّل وتُضعف المستوى العام للحضارة.
كما كان يؤيد رسل بقاء انكلترا على الحياد.
إن رسل كان وطنياً. لكنه كان دائماً مستعداً لوضع الوطنية (والقومية) جانباً حينما يكون مصير الانسانية في خطر الابادة والفناء.
يمكن رؤية يأس رسل طوال الحرب ، كمن يحمل صليب السلام والوعي والضمير الانساني تماماً ، المعترض على سياسة الحكومات.
تم اضطهاده وتم انتقاده وحبسه في عام 1918م ، لكنه رفض أن يحيد عن طريق الحقيقة والحق.
وبالاضافة الى أن الحرب العالمية الاولى جعلت من رسل انسانياً (متحضراً) فانها جعات منه اشتراكياً
فخلال هذه الفترة قدم رسل أفكاره السياسية الأكثر خصباً. وأصبح مقتنعاً بأن الرأسمالية تقود الى الحروب. وجدير بالأهمية القول أن دفاع رسل عن الاشتراكية في هذا الوقت كان يقصد منها : النقابة ــ Guild ــ الاشتراكية والعمالية Syndicalism
حيث كان رسل يدعو الى صناعة يتم تشغيلها وادارتها من قبل العمال أنفسهم وليس من قبل الحكومة.
ابتهج رسل لنجاح البلشفية وقام بزيارة روسيا عام 1920 م كعضو غير رسمي في وفد العمل.
لكنه أُصيب بخيبة أمل كبيرة من شؤون وأمور روسيا يومها : الشيوعية لم تترك أي مجال للحرية الشخصية (الفردية)، وبدلاً من الغاء الطبقات قامت الثورة البلشفية بتخليد (تأبيد) السلطة لطبقة قوية جداً للحزب الشيوعي التي احتفظت لنفسها بكل الترف والرفاهية والاسراف التي كانت عليها روسيا القيصرية.
انهارت آمال رسل وتساقطت ، بسبب ما رأى بنفسه كيف هي الحال في روسيا البلشفية ، فقام بانتقاد قاسٍ للنظام الشيوعي الذي كان يستحق التوبيخ لقيامه بأعمال شنيعة ضد الانسانية.
إن رسل أصبح (وكان) مقتنعاُ بأن الشيوعية ليست الطريق نحو الحرية.
فالفرد ، تم استخدامه كـ (سنّ في ) دشلي ماكنة، وتم استغلاله من قبل (طبقة) إدارية جديدة.
وتطرق رسل عن الدولة الشيوعية في كتب عديدة له.
وجد ولمس رسل بأن مشكلة واضطراب الشيوعيين في روسيا، بالاضافة الى استخدامهم للعنف، كان في أن الشيوعيين أصبحوا وعاظاً (كالواعظين) الذين يعظون في أخلاق (مورالتي) العمل والواجب ، وبهذا اختزلوا الانسان فأصبح عبداً.
وأخذ على الشيوعيين الروس أمراً آخر ، فانتقدهم عليه ، لأنهم يطلبون من البروليتاريا الأعمال الشاقة من أجل السعادة المستقبلية، واعتبر رسل هكذا مخططات بأنها كارثية ، لأنها تضحّي بالحاضر من أجل الانتاجية في المستقبل. كما وجد رسل بأن السلطة (Power) كانت المحرّك للدينميكية الاجتماعية والسياسية .
وفي فترة اقامته في الصين مع صديقته دورا التي ستصبح زوجته (الثانية) يقول : من جانبي وبعد أن تعرّفت على الصين، فاقترح ضرورة ربط الميزات المميزة لكلا الحضارتين (الصينية والغربية) أي الروح العلمية الغربية ومفهوم ومعنى الحياة بالمفهوم الصيني.
ويضيف رسل في مكان آخر من مذكراته : " قضيت سنة كاملة في الصين . أحببت الصينيين. لكن كان واضحاً أن مقاومة النزعة العسكرية العدائية سوف تدمّر الكثير الذي يعتبر الأفضل في حضارتهم. ويبدو أن لا خيار آخر لديهم بين اثنين : أن يكونوا مُحتلّين ، أو يتبنوا سيئات وعيوب أعدائهم.
والصين منحتني شيئاً حريّ بالشرق (شرق آسيا) أن يمنحه للاوربيين الذين عليهم أن يدرسونه بتمعن : انها علمتني أن أفكر لفترة طويلة من الوقت من دون يأس أو قنوط من الحاضر البائس والرديء.
المرجع : أميتا سينغ ، الفلسفة السياسية لبرتراند رسل ، الهند 1987 م.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل