الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة ثانية لمسودة قانون حقوق أسر الشهداء

ريما كتانة نزال

2005 / 7 / 3
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


تحت ضغط المطالبة بسن قانون للشهداء , قرأت المسودة الثانية لمشروع قانون حقوق أسر الشهداء,والمفاجأة التي أرادها المجلس التشريعي للرأي العام, بأن تكون المسودة الناتجة عن عن قراءته الثانية لمشروع القانون مختلفة اختلافا جوهريا عن تلك التي قرأت بالقراءة الأولى, وكأننا أمام قانون جديد بعدد مواده ومعطياته ومصطلحاته ومضامينه أيضا.
القانون الذي بين أيدينا يبدو مشوشا على الرغم من التطويرات المحدثة عليه,وهذا ما سيتكشف لدى البدء بتطبيقه أو حتى قبل ذلك,كما جرى الحال مع عديد القوانين التي سريعا ما أعيد فتحها لاعادة التعديل دون الأخذ بالاعتبار صفة الثبات النسبي كأحد الميزات التي ينبغي أن تتحلى بها القوانين بشكل عام, وفي هذا المضمار فإن بعض الملاحظات الهامة التي سأبديها والتي أرى من جانبي ان القانون ينبغي أن يلبيها,دون أن يفوتني تسجيل إيجابية اهتمام المجلس التشريعي بإصدارالقانون سواء كانت التلبية بسبب ضغط المجتمع أو كان معنيا به, إلى جانب ما تضمنه القانون من ايجابيات كتثبيته لمبدأ التساوي الحقوقي بين الشهداء , والنص بوضوح على مبلغ مستحقاتهم النقدية, دون إغفال السلبيات التي لا زالت تعيق التوافق عليه:

أولا: مصدر إرباك القانون كما أحسب,تكمن في التناقض بين بنوده وفي تعدد مرجعياته,حيث اعتمد أحيانا منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسة أسر الشهداء كأحد مؤسساتها التابعة للقيام بالعمل وتنفيذ القانون ,لكنه في أحيان أخرى نجده قد أسند المهمة التنفيذية لمؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية.
تعدد المرجعيات يؤدي بالضرورة إلى تصادمها, وقد اختبر هذا في الماضي ولا حاجة لمزيد من التجارب لاثبات عدم جدواها بل وضررها,وعلى الاقل فإن الازدواجية الحاصلة ما بين أداء وزارة الخارجية الفلسطينية لمهامها وقيامها بحكم مسؤوليتها العملية عن السفارات, مع مسؤولية الدائرة السياسية لمنظمة التحرير كمرجعية سياسية بحكم مرجعيتها العضوية,قد أوقعت الضرر وولّدت حساسيات وإشكالات معروفة , مما يقودني إلى المطالبة بأن يكون القانون واضحا بهذا الاتجاه ,بأن تعود المرجعية لمؤسسة أسر الشهداء كإطار جامع لشهدائنا ,لسبب سياسي محوري يتلخص بأهمية انسجام الأداة التنظيمية سياسيا مع المرجعية وبرنامجها السياسي,وليحدد القانون الوزارات التي سيستعان بها لتلبية المهام والاحتياجات العملية الاخرى في ساحة الوطن على سبيل المثال, أو يحال أمر تحديده ووضع تفاصيله إلى اللوائح التفسيرية المنفصلة عن جسم القانون,على أن يشير القانون إلى ذلك في حال اعتماد الآلية.

.
ثانيا:كنت أعتقد أن تغييرالمجلس لعنوان القانون, من "قانون صندوق أسر الشهداء" إلى "قانون حقوق أسر الشهداء",بأن المشرع قد استجاب إلى المطالب المحقة التي نودي يها بأن يتم التوقف عن التعامل مع حقوق أسر الشهداء كحقوق مالية فقط-على أهميتها-,ليتبين بأن تغيير العنوان لم يكن سوى استجابة شكلية للمطالب ,لآن ما ورد في متن القانون يعبرعن فهم مفاده بأن قضايا الشهداء هي قضايا مادية دون اكسائها البعد القيمي والمعنوي للشهيد والشهادة,وهي أبعاد أعمق وأكثر شمولية من رواتب ومستحقات شهرية,إنها قصة الشعب الفلسطيني وكفاحه في سبيل الاستقلال والحرية منذ مطلع القرن الماضي,وعلى القانون ان يعكس هذه الحقيقة الغالية أو ينفصم عن الواقع, ويعني تجسيدها وترجمتها أن ينص القانون على ضرورة توثيق أسماء جميع الشهداء بدءا ممن قضوا على يد الانتداب البريطاني مرورا بشهداء النكبة والنكسة والنفق وشهداء الانتفاضة الأولى والثانية إضافة إلى شهداء الخارج, ليعكس القانون حقيقة الواقع, وهذا ليس انشاءا خطابيا أو لغويا فارغا ,بل هو تجسيد لواقع يجب أن لا يغفل القانون عن تصويره,واقع يتطلب تجسيد البعد القيمي والبعد المادي في القانون وتلازمهما,لاعانة اسر الشهداء على الصمود والوقوف بوجه الزمن ونوائبه ,ولابقاء الذاكرة حية بمن ضحوا لتبقى القضية والشعب أحياء .
.
ثالثا:مواد بحاجة للتوضيح:
ورد في مسودة القانون بعض المواد التي تقرأ بوجوه عدة, الامر الذي يتطلب توضيحها,لأنها تنشىء تساؤلات موضوعية في ضوء عدم وجود لوائح تفسيرية ومنها:
1:ورد في المادة الحادية عشرة من القانون وجوب إعفاء أسرة الشهيد من رسوم التأمين الصحي,وهذه مكرمة هامة ولكنها لاتعني شيئا لكون المبلغ الذي يتقاضاه المنتفع لا يعتبر راتب يخضع للاقتطاعات,وفي الوقت نفسه لم يذكر القانون ماذا بشأن العلاج المجاني التي تنتظر أسرة الشهيد شيئا بشأنه!أليس من الواجب أن يلحظها القانون ويتكفلها؟
2:ورد في تعريفات القانون مصطلح "قريب من الدرجة الأولى" دون توضيح للمقصود من المصطلح,وكان قد عرّف أسرة الشهيد في المادة الأولى بأنها الأسر المنتفعة من المؤسسة,ولم يحدد من يقصد بهم, وخاصة انه قد قال في المادة التاسعة منه على وجوب تسليم المستحقات للمستفيد الذي تحدده الأنظمة الصادرة بموجب القانون, دون أن يخرج بمادة تتحدث عن هذه الأنظمة .. مما يدفعني الى اقتراح الاستعانة بقانون التقاعد الذي حدد بالتفصيل للمستفيدين من القانون في حالة وفاة المتقاعد.
3:ألزمت المادة الثالثة عشرة من القانون أن توفر السلطة الوطنية المأوى لأسرة الشهيد, ولم يوضح النص ما المقصود بالمأوى ! فهل اتجهت إرادة المشرع إلى دفع اجرة البيت الذي كان يستأجره الشهيد.. أم أنه يقصد بأن يتم توفير المأوى لوالديه المسنين..أم انه قصد بأن تلتزم السلطة بتوفير المأوى المجاني لأولاده الأيتام من بعده!
رابعا:ما سكت عنه القانون:
حسنا فعل القانون عندما حدد مقدار المبلغ الشهري المدفوع لأسرة الشهيد,ولكنه لم يقل لنا إذا كان هذا المبلغ سيبقى جامدا على حاله بغض النظر عن ارتفاع مستويات المعيشة وأزمة الغلاء والفروق في أسعار العملات والتضخم! وهل يعتقد أعضاء المجلس التشريعي بأن الترفيع الدوري حكر على الأحياء ويستثنى منه الشهداء !
القانون بحاجة إلى لحظ متطلبات ومستجدات الواقع الاقتصادي والمعيشي ,فقد عانت اسر الشهداء منه ما يكفي عندما تجمدت مستحقاتهم عند مبلغ لم يتغير لعشرات السنين, مما يملي على القانون ان ينص على صلاحية مجلس الوزراء برفع التوصية إلى المجلس التشريعي بين حين وآخر بإجراء التعديلات على رواتب اسر اشهداء.
خامسا:لوحظ تهرب المجلس التشريعي للمرة الثانية من تعريف محكم وواضح للشهيد, رغم التعديل الذي جاء في المسودة الثانية المتقدم عن ما حملته المسودة الأولى,مما يدفعني مجددا إلى المطالبة بتبني التعريف الذي يتبناه المجتمع الفلسطيني والذي يطلق صفة الشهيد على كل من استشهد على يد الأحتلال وعملائه, وعلى من استشهد في معارك الدفاع عن الثورة الفلسطينية,أي المطالبة بنص واضح وصريح لا يسمح بتسرب حالات ملتبسة اطلق عليها جزافا صفة الشهداء.
وأخيرا, فالملاحظ بأن المجلس التشريعي يلجأ إلى إصدار عديد القوانين عن طريق وضعها بطنجرة البخار, ومسودة قانون حقوق أسر الشهداء تم سلقها سريعا في ضوء الحاجة والضغط, ولكن يجب على المشرع أن لا يهدف إلى إزاحة حملا ثقيلا عن ظهره فحسب,بل يجب أن يتوخى الحرص على اصدار القانون الذي ينطلق من إحقاق الحق واحتياجات الواقع ومتطلباته, وعليه ,فإن المطلوب الآن أن يعاد النظر بمسودة القانون لاستيعاب النواقص وتلبية الاحتياجات,ليكون القانون منصفا ومعينا لاستمرار حياة أسر الشهداء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل


.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب




.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط


.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟




.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح