الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التشريع الذكوري للحكم ب-إخصاء- المرأة سياسيا

حمودة إسماعيلي

2014 / 3 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


المرأة هي الإناء الوحيد الباقي لنا لنفرغ فيه مثالياتنا
.. غوته

كل مجتمع تحكمه رواسب ثقافية متوارثة، وبالتطرق للمجتمع الشرق عربي، فإن الرواسب هنا ستكون مجموعة من الأحاديث والخطابات والنصوص الدينية : هي التي ترسم نظامه السياسي والاقتصادي وتؤطره. نظرا لأن وعيه الجمعي لم يغادر الروحانية المسيطرة على الجهة الشرقية من العالم، والتي تعدت الإطار النفسي (الداخلي) إلى الإطار التنظيمي الخارجي، فلا زالت العديد من الأحكام إن لم نقل غالبيتها تعتمد على تشريعات ماورائية.

عند الانتقال لوظيفة المرأة، وخاصة مشاركتها السياسية بالمجتمع، فرغم التساهل السياسي الذي عرفته المرأة على إثر مقاومة العولمة ظاهريا : كتسوية اجتماعية ذات منفعة اقتصادية مع أقطاب ثقافية خارجية، فإنه باطنيا تكبت المجتمعات المعنية هنا رغبتها بمنع هذا التساهل. فإذا أدت تغيّرات تاريخية اجتماعية لقلب بعض القوانين كنتيجة حتمية للتقألم، فإن القواعد الدينية المتوارثة "كهوية ثقافية" ظلت هي الاهداف السياسية المنشودة. فالقانون يكتب لكن الحُكم يستدعي تنفيذ الشريعة كملاءمة بين الأصالة (الهوية) والمعاصرة (التثقيف) كميكانيزم يحفظ كرامة المجتمع الحاكم بقواعده "المسيَّسة عولميا" حسب روحانيته الجغرافية (التي تفعل فعلها كأشباح تحرك الجسد السياسي رغما عنه : عن تدجينه عولميا).

ليس للمرأة من فرصة للممارسة سياسيا، عملا بالحديث القائل "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً" كقاعدة مروية من كبار جامعي الحديث كجهاز مؤثر سياسيا وثقافيا باعتباره وارث للنبوة : حتى أن النسائي بوّب عن الحديث كإلغاء لأي تأويل مقبل أو شرح متساهل بقوله "النهي عن استعمال النساء في الحكم". والنهي هو الرفض/المنع/الإبعاد/الإقصاء والسبب طبعا هو من اختصاص الجهاز الديني الوارث للنبوة الذي استمر في دعم هذه الرؤية بتفاسير مسيحية القرون الوسطى كفصل بين الرجل-العقل : وراث حكمة الإمبراطور الروماني. وبين المرأة-الجسد ك"ماتري" Matière : مادة، أم.

فالجهاز الوارث اللنبوة ممثَّلا في الحقب المتأخرة باللجنة الدائمة (بن باز، بن غديان، عفيفي) يكشف سلطة الروحانية الماضوية على الجهاز التشريعي السياسي للدولة كإجابة عن مسألة المشاركة السياسية للمرأة : "دلت السنة ومقاصد الشريعة والإجماع والواقع على أن المرأة لا تتولى منصب الإمارة ولا منصب القضاء. وذلك أن الشأن في النساء نقص عقولهن، وضعف فكرهن، وقوة عاطفتهن، فتطغى على تفكيرهن؛ ولأن الشأن في الإمارة أن يتفقد متوليها أحوال الرعية، ويتولى شؤونها العامة اللازمة لإصلاحها، فيضطر إلى الأسفار في الولايات، والاختلاط بأفراد الأمة وجماعاتها، وإلى قيادة الجيش أحياناً في الجهاد، وإلى مواجهة الأعداء في إبرام عقود ومعاهدات، وإلى عقد بيعات مع أفراد الأمة وجماعاتها رجالاً ونساءً، في السلم والحرب، ونحو ذلك مما لا يتناسب مع أحوال المرأة، وما يتعلق بها من أحكام شرعت لحماية عرضها".

فالسياسة لا تتناسب مع أحوال المرأة لأنها لا تمتلك قضيبا منتصِبا، كرمز اختراق في الحرب والشؤون السياسية. ونظرا لأنها "مثقوبة" ومخصية فإن الأحق هو حمايتها من الاختراق من طرف قضبان الغرباء، ولا يصد القضيب سوى القصيب كمبارزة خاصة بالذكور، كرموز مستبطنة بالمسايفة في الحرب.

فمهما بدى التساهل السياسي مع المرأة ظاهريا : نتيجة ضغط خارجي من اتفاقيات دولية اقتصادية، فإن المقاومة الباطنية تؤخر وتعطّل تكملة المشروع السياسي الضامن لحقوق وفرص متساوية بين الجنسين. فالمعنى هو باستخراج معطيات ثقافية تدمر أسطورة (عبادة) القضيب، بكشف الحقب التاريخية التي حمى فيها الرحم والفرج هذا القضيب، ونزْع الغطاء عن سر انتصاب هذا القضيب : في استهداف الفرج "الحامي" و"المحتضن"، كولادة للحياة بالتشاركية السياسية والاقتصادية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة