الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة المجتمع

حفيظ بوبا

2014 / 3 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


المجتمع صورة عامة عن مواطنة الإنسان الفرد الذي يتعاطى واقع الحياة في شتى ملامحها وتمظهراتها لكننا سنشق على أنفسنا إذا ما أحصينا عيوب مجتمعنا وسلبياته فمازال الرجل يحصر المرأة ضمن ملكياته الشرعية وإن كان هذا القول صحيحا فكل ملكية تتوزع بميراث إذا ما هلك المُورث، مازال القيل والقال في الأسواق والأحياء بغير فائدة تذكر، والثقافة مركب بعيد تتقاذفه الأمواج، ومازالت شبه الجزيرة الأيبيرية أندلس المغاربة ومازال الشاب ـالمهذبـ طبعاً يستوقف الفتاة في الأماكن العمومية ويجبرها على إعطائه رقم هاتفها المحمول بدون تردد منها ومازالت الحياة حياة إنجاب وتجارة وحساب وأرقام ومازال الفكر من شأن الغرب وليس من شأن أي مغربي لأن المغاربة أذكى شعب في العالم فهم إذن في غنى عن التفكير والإبداع، ومازالت السياسة فضاء خصومة بين أغلبية ومعارضة، والاقتصاد ركيك يستورد كثيرا ويصدر قليلا والمواطن غافل عن السياسة وأشباحها والسياسة غافلة عن المواطن الكادح المجاهد حتى صار كل منهما منفصل عن الآخر رغم التقارب الحاصل بينهما، مازال الولد يرتدي جلباب أبيه والبنت ناكسة برأسها وما زالت الحياة جميلة بالمغرب ومدينة أغادير أعف المدن وأشرفها في الأخلاق والتعاملات وتستمر الحياة مع أفلام تركية وهندية تدبلج في القنوات التلفزية كل يوم وليلة لأنها تعد أفضل حافز على الخمول والكسل، وما زال المغرب قبلة الخليجين المتدينين ما شاء الله، وما زالت الحياة تعبث بالشباب والشباب يعبثون بالحياة تضحك منهم ويضحكون منها حتى إذا فرغ الواحد من الآخر صاروا في شؤونهم كائنات منافقة اجتماعيا كل ذلك لأن الحياة ترفض الطيبوبة في التعامل وتحترم الإنسان المادي في أدبياته، ومازال كل شي بخير والحمد لله لا ينقصنا غير وجه ربنا الكريم فعاش الملك.

هذه الأفكار تطابق القيم المتعارف عليها في المجتمع وتتصل بآلية التفكير المتصل بدوره بجهاز إدراك كل دار من دور أقاليم المغرب.تقاس المجتمعات بوعيها الإنساني وعقلها الأخلاقي وفي مجتمع متأخر ويطلب التنمية على صعيده الاجتماعي قبل كل الميادين ذلك لأن تنمية الإنسان أولى بالاهتمام، عندما ندقق النظر في ملامح الحياة الاجتماعية لا زلنا نرى الجدة والأم تعلقان التمائم على أعناق الأبناء دفعا للعين والضرر ، والجد المتقاعد كلما مررنا بمقهى سي بوشعيب نراه يجلس القرفصاء ليلعب جولة أخرى من لعبة الضامة مسرفا ما تبقى من حياته على الهامش لأنه فعلا صار على الهامش، ثم نرى العائلة تستعد لتزويج ابنها البكر الذي قد أطلق سراحه أول أمس من أخطر السجون لأن الزواج بطبع "غادي إيدير ليه عقلو"، لا تكف العائلات المغربية عن ترديد هذه العبارة الخطيرة في عمقها لأن هذه النظرة مصحوبة باعتقاد واهم يؤمن بأن الحياة الزوجية التزام بواسطة حبر على ورق، وترى أيضا الابنة لا رأي لها في ما ستقرره لأن غاية حياتها هو الزواج ولا شي غير الزواج في حين أنها إذا فجرت طاقتها الخارقة في الدراسة أو شيئا من هذا القبيل ستصنع العجائب تماما كما تلد العظماء إذا كانت متزوجة، وطبعا صديق العائلة الثرثار أبو لحية سيأتي بعد صلاة العصر ويحدثنا عن أمور غيبية ويحثنا على الصلاة والصوم والزكاة وغيرها من العبادات وعندما سيعود إلى بيته سيذيق زوجته التنكيل والعذاب الشديد لأتفه الأسباب فصدق من قال ألا ليت اللحي كانت حشيشاً**** فنعلفها خيول المسلمينا، وبالتأكيد أننا إذا سألنا زوجته عن الخطوة التي ستخطوها لكي تثأر منه وتصون كرامتها الجريحة ستقول: أكيد أنه لم يضربني إلا وهو يحبني حبا جماً... بل يحب تجارته يا رعناء ، على كل حال فإننا نعلم أن الصبر إذا جاوز الحد المشروع يستحيل إلى وصمة عار وضعف على الصبور، ثم إننا إذا جئنا الأب وما أدراك ما الأب فإن لمشيئته تخضع الإرادات وتخنع الرغبات، قد ألقى آخر دروس الرجولة على أشباله لكنه في بعض الأحيان وإذا زاره المستأجر بعد تأخره في تسديد أجر الكراء يدفع بأحد أبنائه لكي يخبر الزائر أن حضرة الأب صاحب الشارب الكثيف ومثال الفحولة غير موجود في الدار!!
بالنسبة لمجتمع مليء بالخزعبلات والاعتقادات الساذجة حتى النخاع مثل بلادنا الكريمة التي ما زال شبابها يرون القراءة عملاً غير اعتيادي والكتابة حمقاً والحياة طبعا ينبغي أن تكون مجنونة لأننا شباب ولفظ الشباب مرادف للجنون فمن كان أقرب إلى الجنون فهذا شيء مفرح يدعوا إلى الفخر بأبناء هذا الوطن وطبعا لهذا الجنون فلسفة عبثية تؤمن بأن الفتاة أداة بل صارت بعض الفتيات تؤيدن هذه الفكرة بصدر رحب وتعملن على تثبيت كل عنصرية رمزية ضدهن، فأين رومنتكية العصور السالفة وأين بول وفرجيني ؟؟
ننتظر أن تتغير العقول لأن ألمانيا تطمح في الحصول على الكمال وأمريكا تقطع أشواطاً في الديمقراطية وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا تشجعان الفن ورواد الفن المعاصر ولو كان على حساب الربح التجاري ونحن لا نكف عن التوالد والإنجاب، والمجتمعات تتطور، ونحن نهتم بالآخرة والغرب يحقق انتصارات هامة جدا في ميادينه الثقافية ويتحرر بأفكاره وينفتح على معتقدات لبناء نفسه ونحن نتزمت والتزمت لا يفضي بنا إلا إلى الخسارة والخمول
فأين الحل؟؟
هل الحل في أن نكون كالفيلسوف ديوجين ونعتزل الناس، أم نتشاءم كشوبنهاور أم نؤمن مثل لايبنتز بأن كل شيء يسير نحو الأفضل ونحن نعيش في أفضل العوالم الممكنة ؟
كلا فالحل يبدأ بالأفراد قبل الجماعات، نجاعة الحل تكمن في استئصال كل تلك العوائد التي تحول بيننا وبين الهدف البشري سنصبح أبطالا إذا ما تحررنا وجعلنا غيرنا يتحرر، شريطة أن يكون التحرر غاية التماسك وليس الانفلات التحرر هو أن أودع خزعبلات عائلتي لأني أحب عائلتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شركة ناشئة في أبوظبي تستخدم الذكاء الاصطناعي لمساعدة المصابي


.. -مشروب الضفادع- ??في #بيرو كعلاج للربو، كان مجاورا للـ #باجة




.. وسط تكثيفِ الهجمات الروسية.. بوتين يؤكد أن بلاده تعمل على إن


.. صحف: كيم جونغ أون يستعد للحرب وقد يجرّ أميركا لحرب قبل الانت




.. قراءة عسكرية.. قوات الاحتلال تدمر دبابة لم تتمكن من سحبها من