الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله

مناف الحمد

2014 / 3 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في حادثة سميت في التراث الإسلامي حادثة "العرنيين" وروتها أحد كتب الحديث الصحيح أمر النبي بقتل مجموعة يدعون العرنيين لأنهم أسلموا وارتدوا وقتلوا الرسل الذين أرسلهم إليهم ليعلموهم الدين وليس في القصة ما هو غريب إلا الطريقة التي تقول القصة إن النبي قد أمر باتباعها في قتلهم وهي منع الماء عنهم حتى يموتوا عطشاً ويقول راوي الحديث إنه قد بلغ بهم العطش مبلغاً جعل واحدهم يكدم الأرض بأنفه .
في تعليق لمحمد أبو زهرة شيخ الأزهر في الخمسينيات والذي اعتبر مجتهداً مطلقاً على الحادثة يقول إنه لا يصدق هذه القصة ولو روتها الصحاح الستة ومنهجيته في الرفض تقوم على أن الحديث الصحيح حديث ظني لأنه حديث آحاد أما رحمة النبي فهي قاعدة عامة معلومة بالضرورة وهي تتناقض مع إقرار عقوبة على هذه الدرجة من القسوة . ولما كان التعارض بين ظني وهو الحديث الصحيح وقطعي وهو رحمة النبي وجب تقديم القطعي على الظني .
في نقاش لموضوع الحدود في التشريع الإسلامي وأخذ النصوص على حرفيتها بدون اعتبار للسياق التاريخي ولدلالات الألفاظ ما هو كفيل بدحض أفكار وسلوكيات الذين يعتبرون أنفسهم وكلاء المقدس والقائمين على حراسة حدود الله .
فعلى سبيل المثال يأمر القرآن بقطع يد السارق ولفظ السارق الوارد في الآية لفظ عام أما حالات السرقة فهي حالات مشروطة بسياقات معينة مخصوصة وقد مثل علماء الأصول على أنواع السرقة بمثال الطرار وهو النشال في عرفنا المعاصر والنباش وهو الذي ينبش قبور الموتى وصار ثمة فسحة للخلاف المشروع بين الأصوليين -علماء الأصول - حول اندراج هذين النوعين تحت عموم لفظ السارق الوارد في الآية لأنهما حالتان خاصتان من السرقة أم أنهما لا يندرجان وبالتالي لا يطبق عليهما حد السرقة وهو قطع اليد الواجب تطبيقه على السارق .
ولأن المسألة خلافية فقد أصبح التساهل معهما وتطبيق عقوبة أخف مشروعاً وضمن حدود ما يسمح به الشرع .
المنهج نفسه يتبع في حالة المرتد الذي يسود في أوساط المؤسسة الدينية اعتقاد أن قتله واجب بعد استتابته لمدة ثلاثة أيام وهو ما يتنافى مع حرية العقيدة المكفولة في الإسلام ومع التجربة التاريخية التي حارب فيها المسلمون المرتدين الذين لم يعودوا عن الإسلام فقط وإنما ناصبوا الدولة المسلمة العداء وأشهروا السيف في وجهها وهو ما يجعلهم بالمصطلحات المعاصرة حالة مطابقة لحالة الخائن لوطنه وليس المرتد عن دينه بمعنى من يغير عقيدته .
الرأسمال الرمزي الذي يوفره الدين والذي يقوم على تفسيره عادة مجموعة من المختصين يصبح سبباً للصراع عندما يقوم أشخاص من خارج جغرافية الحقل الديني ومن خارج سلطته المعرفية بمحاولة استثماره وتحويره بدون تبصر عميق وفهم لمتضمناته وآفاقه الرحبة الفسيحة .
جاء الدين ليحقق مصالح الناس وليس هذا رأينا وإنما ما استخلصه العلماء من استقراء النصوص ومنه صاغوا القاعدة الأصولية المشهورة " حيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله " ولا يجوز أن يتحول إلى أداة لتصفية حسابات ولنفث أحقاد وللتعبير عن هزيمة نفسية كما هو حاله عندما يستثمر نصوصه جهلة ومأفونون وحاقدون








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال