الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشرة أعوام على الربيع الكردي السوري

احمد عسيلي

2014 / 3 / 13
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


مع حلول يوم 12 آذار عام 2014 سيكون قد مر عشرة أعوام كاملة على أول ربيع ، و أول انتفاضة حقيقية شهدتها سورية ، إن لم نقل شهدها الشرق كله ، ضد الأنظمة الإستبدادية ، فقبل 12 آذار لم نكن نعرف كسوريين ، بل كشرقيين ، بل كمسلمين ، أننا نستطيع مثل بقية البشر الوقوف في وجه الأنظمة ، لم نكن نعرف أننا شعوبا من حقها العيش بكرامة و حرية ، هذه المعرفة نقلها لنا الأكراد في يوم 12 آذار 2004 .
ما زلت إلى الآن أذكر مذهولا أصدقائي الأكراد في جامعة دمشق ، و هم يتكلمون بمنتهى الحرية ، دون خوف أو ارتجاف ، عن حقوقهم ، و عن ثورتهم ، و عن استبداد عائلة الأسد بسورية ، كنت أنظر إليهم مسحورا و هم يرون الجيش السوري محاصرا جامعة دمشق و السكن الجامعي الطلابي ، و مع كل هذا الإستعراض للقوة و بث الخوف الذي نشره الجيش في العاصمة دمشق ، فإن طلاب الجامعات الأكراد ، رغم أن معظمهم إما شاعر ، أو مفكر ،أو موسيقي ، فإنه لم يخاف و لم يرتعب من هذا الإرهاب الذي حاول الجيش بثه في نفوس الطلبة ، و لم يتراجعوا رغم حالات الطرد التعسفي و الإعتقال التي تعرض لها الطلبة الأكراد ، و ما أدراكم ما الإعتقال في ظل نظام تسيطر عليه أكثر العائلات الحاكمة همجية و تخلفا .
مازلت أذكر أول لحظات القوة و الإحساس الوجودي الذي عشته، حين حاول أحد الطلاب في الكلية استفزاز الطلبة الأكراد موجها شكره للأمن السوري في تعامله مع (المخربين) ،يومها ردتت على هذا الطالب بحماسة مفاجئة واصفا أجهزة الأمن بالهمجية و القمع ،قلتها بحماسة و سرعة ، أعترف أن الخوف تملكني بعدها بخمسة دقائق ، و أني أمضيت اليوم كله أعتقد أن أي جندي أراه أمامي قادم لا محالة لإعتقالي ، و حين شرحت هواجسي لزميل كردي ضحك و قال : أنا أعيش هذه الحالة منذ سنوات عديدة ، و أنه لا مفر من التعود على هذا الأحساس ،فهو باق ما دام حكم الاسد باق، يومها اكتشفت أن للإنسان قدرات رهيبة ، و اكتشفت أن المعتقلين و المعارضين مثلي تماما ،يخافون على أنفسهم و على عائلاتهم و على مستقبلهم ، لكن إيمانهم بمبادئهم أقوى من هذا الخوف ، و فهمت لاحقا قول الشاعر السوري فرج بيرقدار حين تحدث من معتقله فقال (الحرية التي في داخلنا أقوى من السجن الذي نحن في داخله ).
أصبحت من يومها أرفض الخروج كالخراف في مسيرات التأييد للقائد الفذ ابن القائد الخالد، أصبحت أؤمن أني بشر ولست جزء من قطيع في مزرعة العائلة الحاكمة ، ربما يكون ما أكتبه هنا عن مشاعري أصبح مجرد تكرار لكلمات قرأنا مثلها كثيرا بعد ثورات الربيع العربي ، لكن أن تعيش هذا الإحساس في عام 2004 كان له نكهة خاصة ، لا أزال أشعر بحلاوتها إلى الآن ، و لا أزال أشعر بالإمتنان للمتظاهرين الكرد الذين خرجوا في 12 آذار و الذين منحوني هذا الإحساس ،
أدرك أن الربيع السوري في عام 2004 كان منقوصا لأنه اقتصر على الكرد فقط ، و بعض المؤيدين لقضيتهم من بقية الطيف السوري ، لكنه الخوف و الرعب ، و تعود المهانة ، منع بقية السوريين من المشاركة ،و الأهم في كل هذه العوامل هو فقدان الأمل بأي قدرة على للتغيير ، و هذا ما تكرر لاحقا بعد سنة حين فتكت أجهزة الأمن بأبناء الطائفة الاسماعيلية ،بعد مشكلة بسيطة نشبت في القدموس بالساجل السوري ، وقتها أيضا لم يكترث أحد لمعاناة الإسماعيليين لأن انعدام الأمل كان السمة المسيطرة على السوريين ، فكلنا كنا نشهد حوادث اعتداء و ضرب على الشباب السوري ، دون أن يقوم أي منا بالإحتجاج ، لكن هذا تغير منذ منتصف شباط 2011 حين انتفض السوريين في الحريقة بوسط دمشق و لاحقا مع انتفاضة أطفال درعا .
فما قدمه الربيع العربي كان الأمل ،حين رأى العالم أول دكتاتور عربي يسقط بفعل مظاهرات الشعوب ، لهذا انتشرت المظاهرات في كل أنحاء العالم العربي ، فالذي ينقصنا كشعوب كان فقط الأمل ،و هذا ما قدمته لنا تونس و ما قدمته ( وقتها ) مصر، و هذا ما أرعب جميع الأنظمة الدكتاتورية في العالم و أرادت تأديب الشعوب كلها من خلال سورية ،
و حين حل الأمل ضيفا على الروح السورية و حلمنا بوطن يتحرر من قبضة الاسد ، ساهم الأكراد بكل محبة في الربيع السوري بكل تفهم للحالة النفسية التي كنا و التي اصبحنا عليها .
سلام لروح شهداء الكرد في ذكرى ثورتهم ـ ثورتنا ، سلام لشعب عنيد في المطالبة بحقوقه ، محب و متسامح و جبار ،
سلام لشعب أتمنى ان ينال حقوقه كلها و أن يبقى في وطننا القادم سوريا ، لأننا و قبل كل شيئ محتاجين لهم في وطننا ـ وطنهم المستقبلي ، محتاجين لإصرارهم و قوة عزيمتهم ، محتاجين لثقافتهم و فنهم و موسيقاهم ، محتاجين لتاريخ سوري طويل لن يكون له معنى إلا بوجودهم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ا?ستاذ بجامعة سان فرانسيسكو: معظم المتظاهرين في الجامعات الا


.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR




.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي


.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه




.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر