الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حمورابي .. القائد التاريخي البابلي
سامي المنصوري
2014 / 3 / 13العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حمورابي .. القائد التاريخي البابلي والذي اسس بابل وبناها وعظمها وهو من اوائل الملوك في الخليقه الذي قام بوضع القوانين في ذلك الزمان .. والتي وضعها في 1780 قبل الميلاد وقبل ان لا يكون هناك دين سماوي مثل اليهوديه او المسيحيه او الاسلاميه اللذين يتشدقون بانهم وضعوا الاسس والقوانين والاحكام ..
بحسب التلمود، ولد موسى بعد حمورابي بـ 400 سنة وتحتوي شريعة موسى بعض الأجزاء المطابقة لأجزاء معروفة من شريعة حمورابي، وبسبب هذا التطابق زعم بعض العلماء أن العبرانيون استسقوا قوانينهم منها. بينما نصَّ كتاب وثائق من وقت العهد القديم: "أنه لا أساس لافتراض أن العبرانيين استعاروا بعضاً من قوانين البابليين. ومع اختلاف مجموعتي القوانين في الصياغة، فإنهما مختلفين في الجوهر".
تحتوي شريعة موسى الكثير من احكام القتل بحق مخالفيه في الافكار والمعتقدات وتمتد هذه الاحكام لتشمل اقوام بمجموعها فمثلا" ذكر في سفر تثنية الاشتراع في (الأصحاح العشرين) تحت عنوان (شرائع حصار وفتح المدن البعيدة) في الفقرة العاشرة وما بعدها: (حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها الى الصلح 11 فان اجابتك الى الصلح و فتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير و يستعبد لك 12 و ان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها 13 و اذا دفعها الرب الهك الى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف 14 و اما النساء و الاطفال و البهائم و كل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك و تاكل غنيمة اعدائك التي اعطاك الرب الهك 15 هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا التي ليست من مدن هؤلاء الامم هنا( وهذا ايضا ما ذكره القران وهوكتاب المسلمين من كون القتل والحصار هومن نهجهم والارهاب طريقتهم
في حين حاولت تشريعات حمورابي تنظيم الحياة المدنية داخل المدن ومعاقبة المتسببين باعمال تودي بالامن والسلم الاهلي للمدينة... ومع ذلك لم تخلو تشريعات حمورابي من احكام بالموت على مرتكبي الجنح والجرائم التي لاتسحق الموت بمفهومنا اليوم ولكنها كانت ضرورية كما يبدو في حينها.
المشابهات بين قانون حمورابي وشريعة التوراة
تتطابق بعض قوانين التوراة مع قوانين حمورابي وسنورد في ما يلي بعض الأمثلة على ذلك:
قانون حمورابي 8
إذا سرق سيد ثوراً أو شاة أو حماراً أو خنزيراً أو قارباً، إذا كان (المسروق) يعود للإله أو للقصر، فعليه أن يعطي 30 مثلاً. أما إذا كان يعود إلى مسكين، فعليه أن يدفع 10 أمثال كاملة، إذا لم يكن لدى السارق ما يعوّض به فإنه يعدم.
قانون التوراة:
إذا سرق رجل ثوراً أو شاة فذبحه أو باعه فليعوض بدل الثور خمسة من القطيع. وبدل الشاة أربعة من الخراف. (خروج 21: 37).
قانون حمورابي 129
إذا قبض على امرأة مضطجعة، مع سيدتان فيجب عليهم أن يوثقوهما ويلقوهما في الماء. ويمكن لزوج المرأة أن يبقي زوجته على قيد الحياة إذا رغب، كما يمكن للملك أن يخلّي حياة أمته.
قانون التوراة:
وإن أخذ رجل يضاجع امرأة متزوجة فليموتا كلاهما. (تثنية 22:22)
قانون حمورابي 195
إذا ضرب ولد والده فعليهم أن يقطعوا يده
قانون التوراة
من ضرب أباه وأمه فليقتل قتلاً (خروج 21: 15).
قانون حمورابي 196
إذا، فقأ سيد عين ابن أحد الأشراف، فعليهم أن يفقأوا عينه.
قانون التوراة
الكسر بالكسر والعين بالعين والسن بالسن (لاويين 24:20).( قاعده اسلاميه )
قانون حمورابي 197 ـ 200
إذا كسر سيد عظم سيد آخر، فعليهم أن يكسروا عظمه.
إذا قلع سيد سن سيد من طبقته، فعليهم أن يقلعوا سنه.
قانون التوراة
هو ذات القانون السابق.
قانون حمورابي 245
إذا استأجر أحدهم ثوراً وأماته بسبب الإهمال أو الضرب، يعوّض صاحب الثور ثوراً مثله.
قانون التوراة
ومن قتل بهيمة، فليعوّض مثلها، نفساً بدل نفس (لاويين 24:18).
قانون حمورابي 250
إذا عجل، وهو مار في الطريق، نطح رجلاً ما وأماته، هذه القضية لا تستوجب التعويض.
قانون التوراة
وإن نطح ثور رجل أو امرأة فمات، فليرجم الثور ولا يؤكل من لحمه، وصاحب الثور براء (خروج 21:28).
قانون حمورابي 251
إذا كان عيد أحدهم، يدفع ثلث منه، من الفضة (المنة: تساوي بابل 505 غرام).
قانون التوراة
وإن نطح الثور عبداً أو أمة، فليؤد إلى سيده ثلاثين مثقالاً من الفضة والثور يرجم (خروج 21:32).
وتجمع الكثير من المصادر التاريخية على ان إبراهيم الخليل خرج من مدينة أور الكلدانية، أي من سهل شنعار من بلاد بابل الجنوبية على أيام حكم حمورابي، وعليه فإن إبراهيم حاملاً معه شرائع بلاده الأصلية التي بقيت تراثاً لدى أبنائه وأحفاده على التوالي يعملون بها ويتقاضون بموجبها. علماً أن التوراة تشير مع العلماء الباحثين في أسفارها أن الملك امرافيل المذكور في سفر التكوين (1:14- 12).
ويذكر ان زواج إبراهيم من هاجر الجارية أمر منصوص عليه في قوانين حمورابي. للسيد ان يتزوج على زوجته العاقر (سارة)، لينجب منها في حين يغيب هذا الامر في قوانين العهد القديم. فقد ورد في قانون حمورابي المادة 145 ما نصه: «إذا تزوج سيد زوجه، ولم تهد له أولاداً، وقرر أن يأخذ جارية فلهذا الرجل أن يأخذ ويأتي بها إلى بيته أنها امرأة ثانية».
وفي التوراة ورد ما نصه: «فقالت ساراي لأبرام: هوذا قد حبسني الرب عن الولادة فأدخل على خادمتي، لعل بيتي يبنى منها» (تكوين 2:16).
لذلك عمليا إن إبراهيم، في زواجه من هاجر، طبّق قانوني حمورابي، ثم إن النزاع الذي حصل بين سارة وهاجر مذكورة أسبابه في قانون حمورابي كما ورد في المادة 145: «... لا تكون مساوية للزوجة» والتوراة تنص: «فلما رأت هاجر أنها قد حملت هانت سيدتها في عينها. فقالت ساراي لأبرام: ظلمي عليك، إني وضعت خادمتي في حضنك. فلما رأت أنها قد حملت، هنت في عينيها. ليحكم الرب بيني وبينك». (تكوين 16: 4- 5).
لذا فان تظلم سارة قانوني، بحسب شريعة حمورابي ويمتد الامر ليشمل نهاية قصة إبراهيم مع هاجر اذ لم يبع إبراهيم هاجر، حسب عادة الأسياد مع العبيد، بل طردها من المنزل؟ بموجب قانون حمورابي الذي ينص بحسب المادة 146 ما يلي: إذا سيد تزوج زوجة وأعطت لزوجها جارية فولدت أولاداً، وإذا أرادت هذه الجارية أن تتساوى بعد ذلك مع سيدتها لأنها ولدت أولاداً، لا يجوز لسيدتها أن تبيعها بالفضة أو تضعها في السلاسل أو تعدها من الإماء».
والتوراة تشير إلى هذه الناحية بقولها: «فقالت (سارة لإبراهيم): اطرد هذه الخادمة وابنها» (تكوين 21: 10). لذا بعد ولادة إسماعيل، وحسب قانون حمورابي، لم يعد باستطاعة إبراهيم لا أن يبيع هاجر ولا أن يعاقبها. لذلك كان الحل الوحيد أمام سارة أن تطردها من المنزل.
وتذكر المصادر بأن الشكل النهائي لنص التوراة يعود تأليفها إلى فترة ما بعد العودة من السبي بابل (القرن الخامس قبل الميلاد)، لذلك فالكاتب عاش مدة نصف قرن وأكثر في العالم البابلي وتعرّف على عاداته وتقاليده، وعلى تراثه الفكري والروحي وتأثر بها في عمله التأليفي لهذه النصوص القانونية
لا شك في أن حمورابى كان الملك الذي أسس عظمة بابل، الدولة العاصمة المتروبول الأولى في التاريخ. العديد من آثار عهد حمورابى (1795-1750 ق.م.) تم الاحتفاظ بها، و يمكننا اليوم دراسة سيرة هذا الملك العظيم .. مشرعاً حكيماً كما يتجلى ذلك في تشريعه المشهور، النموذج الأول المعروف لحاكم قدم لشعبه جسماً متكاملاً من القوانين المرتبة في مجموعات منتظمة بحيث يقرأها كافة الناس و يعرفون ما هو مطلوب منهم. يمثل تشريع حمورابى المصدر الأكثر أهمية لدراسة الحياة الاقتصادية و الاجتماعية للمملكة البابلية. نقش التشريع على حجر تذكاري أسود، و كرس بكامل الوضوح ليكون مقروءاً للجماهير. في الجزء الأعلى للحجر التذكاري صُور الملك متربعاً على كرسي العرش بينما غطيت الأجزاء المتبقية كلها بنص بالكتابة المسمارية العتيقة يتكون من 247 مادة قانونية. مسحت خمسة أعمدة، احتمالا، من قبل أحد الغزاة العيلاميين الذى حمل هذا الحجر التذكاري المشهور غنيمة إلى سوزي حيث تم العثور عليه في عام 1901. إلا أن النقص في النص و الناجم عن عملية المسح قد أصبحت إعادة تركيبه ممكنة بفضل نسخ التشريع التي تم الكشف عنها و التي كانت مخصصة للكتبة و القضاة لاستخدامها مراجع للدراسة أو دليلاً للإجراءات القضائية.
مع ذلك فإنه مع هذه السلسلة من القوانين المبكرة، كما هو الحال مع معظم الأشياء في بابل، نجد أنفسنا نتعامل مع نهايات الأشياء أكثر من التعامل مع بداياتها. لم يكن تشريع حمورابى هو الأقدم. يشكل تشريع حمورابى تطويراً لاحقاً للقوانين السومرية القديمة و تشريعاً لها، و هي التي أثرت تأثيراً قوياً على سن القوانين البابلية. كانت إجراءات حمورابى القانونية أكثر ترتيباً مقارنة بمجموعة الإجراءات القانونية السومرية حيث تتجلى فيها نزعة المشرع إلى توحيد مجموعة القوانين ذات الصلة من حيث محتواها. إلا أنه لا يجوز مع ذلك عده تشريعاً بالمعنى المحدد للمصطلح بقدر ما هو مجموعة قرارات قانونية متفرقة (قانون عرفي). اختفت سلاسل القوانين السابقة، لكن وجدنا العديد من آثارها، و يدلل تشريع حمورابى على وجودها. بالتالي فإنه يعيد ترتيب نظام قانوني تم تأسيسه منذ أزمان سابقة له.
يتألف تشريع حمورابى من ثلاثة أجزاء :
1. مقدمة؛
2. القانون في حد ذاته؛
3. خاتمة.
في التصدير وضح المشرع أن الهدف من سلسلة القوانين هذه هو إقرار العدالة في البلاد. يلي ذلك تعداد ألقاب الملك و عبارات التبجيل و التعظيم بحقه و تعداد أفضاله و خدماته التي أسداها للبلاد. في الجزء الأوسط، القانون في حد ذاته، عددت مواد القانون الجنائي، و إجراءات المحاكم، و العقوبات على خرق قانون الملكية الخاصة و العامة، و قانون حقوق الجنود. و تتحدث مواد متفرقة عن حقوق الملكية غير المنقولة، و عن التجارة، و الضرائب، و قانون الأسرة، و الإصابات الجسدية، و عن العمل المأجور و العبودية. و في الخاتمة تعدد مآثر الملك الذى يطلب الرحمة من الآلهة لأولئك الملوك الذين سيطبقون تشريعه، ويكيل اللعنات على أولئك الذين لن يلتزموا به أو يقرروا عدم الاكتراث له.
ينسق تشريع حمورابى من ثم في سطور واضحة و محددة تنظيم المجتمع. القاضي الذى يخطئ في قضية قانونية يتوجب فصله من منصبه إلى الأبد، ويغرم غرامة كبيرة. الشاهد الذى يشهد بالزور يتوجب قتله. بالطبع، كان الموت عقاباً لكل الجرائم الكبرى. إذا بنى شخصاً منزلاً بطريقة سيئة، و سقط المنزل و قتل مالكه، فإن الباني سيعاقب بالموت. إذا قُتل ابن صاحب المنزل فإن الموت سيكون جزاء ابن الباني. هنا نجد من أين تعلم اليهود قانونهم الذي ينص على "العين بالعين". تلك العقوبات الانتقامية الشرسة لا تعير انتباها للأعذار و التفسيرات، لكن فقط للحقيقة - مع استثناء مدهش أوحد. سمح للشخص المتهم أن يرمى بنفسه في "النهر"، الفرات. واضح أن فن السباحة ما كان معروفاً؛ بحيث أنه لو جرفه التيار إلى ضفة النهر حياً فسيتم إعلان براءته، و إذا غرق ففي ذلك إثبات على أنه مذنب. هكذا ندرك أن الإيمان بعدالة الآلهة الحاكمة كان قد اكتمل تمثله، ولو بأسلوب طفولي، في أذهان الناس.
المادة المتوفرة لدراسة القانون البابلي بإنفراد واسعة دون أن تكون شاملة. فما يسمى بـ "العقود"، بما في ذلك أعمال، و سندات، و إيصالات، و حسابات شديدة التنوع، و الأكثر أهمية من بينها، القرارات القانونية الفعلية التي يصدرها القضاة في المحاكم، كل تلك توجد بالآلاف. النقوش التاريخية، و المراسيم الملكية، و الرسائل الخطية للملوك، و المكاتبات، و الرسائل الشخصية، و النصوص الأدبية العامة تقدم معلومات إضافية قيمة. هذا فضلاً عن الأعمال النحوية و المعجمية، المكرسة فقط لتيسير دراسة الأدب القديم و تحتوى مقتطفات و جمل قصيرة ذات علاقة بالقانون و العرف. كذلك تم الاحتفاظ بما يسمى "قوانين الأسرة السومرية". إن اكتشاف تشريع حمورابى الذي نال الآن شهرة (من الآن فصاعداً سنشير إليه فقط بالتشريع) قد جعل، على كل، الدراسة أكثر انتظاما بدلاً عن كونها مجرد تصنيف للمادة و تفسيرها. بعض شظايا من التشريع موجودة و قد تم نشرها؛ لكن لازال هناك الكثير من النقاط التي لا نمتلك بينة لها.
يرجع تاريخ المادة إلى فترة تمتد من أكثر الأزمان المبكرة حتى بداية العصر المسيحي. قد تكون البينة بشأن نقطة معينة مكتملة جداً في فترة محددة لكنها غائبة كلياً في فترة أخرى. يمثل التشريع عظمة الظهر لمخطط هيكلي نحاول هنا إعادة تركيبه. شظاياه التي تمت استعادتها من مكتبة أشور بانيبال في نمرود، و النسخ البابلية اللاحقة تظهر أنه قد تمت دراستها، و قسمت إلى فصول حملت عنوان "نينو إيلو سيروم" منذ انطلاقة كلماتها الافتتاحية، و أعيد نسخها على مدى ألف و خمسمائة سنة أو ما يزيد. الجزء الأعظم منها ظل مطبقاً، حتى خلال الغزو الفارسي، و الإغريقي، و البارثي، و الذي لم يؤثر إلا قليلاً على الحياة الخاصة البابلية، و بقيت لتؤثر على القانون السوري - الروماني، و الإسلامي اللاحق في بلاد الرافدين. القانون و العرف الذى سبق التشريع سنسميه "المبكر"، بينما نسمى الخاص بالإمبراطورية البابلية الحديثة (و كذلك الفارسية، و الإغريقية) بـ "المتأخر". اشتق القانون في أشور من القانون البابلي لكنه حافظ على سمات مبكرة كانت قد اختفت منذ أزمان في أماكن أخرى.
عندما استقرت القبائل المتحدثة بلغات سامية في مدن بابل، أجرت أعرافها القبلية على قانون المدينة. التاريخ المبكر للبلاد هو تاريخ صراع من أجل السيادة بين المدن. فرضت العاصمة الجزية و الدعم العسكري على المدن التابعة لها لكنها تركت معبودات تلك المدن وأعرافها دون مساس. لقد تم الاعتراف بحقوق المدينة من قبل الملوك و الغزاة على حد سواء.
في وقت متأخر يرجع إلى تاريخ اعتلاء كل من اشوربانيبال و سمس-سوم-يوكين العرش نجد البابليين يحتكمون إلى قانون مدينتهم الذي يسمح للأجانب بعدد عشرين فرداً للدخول دفعة واحدة بحرية إلى المدينة، النساء الأجنبيات اللائي كن في وقت ما زوجات لأزواج بابليين لا يمكن استرقاقهن ولا يمكن قتل من يدخل المدينة حتى لو كان كلباً بدون محاكمة.
كان سكان بابل من أعراق مختلفة منذ الأزمان المبكرة و كانت الصلات المتبادلة بين المدن مستمرة. في كل مدينة يوجد العديد من المقيمين الأجانب. هذه الحرية للتواصل كان لا بد وأن تنزع إلى انصهار الأعراف. ولقد تم الاحتفاظ بالفضل، على كل، لعبقرية حمورابى أن يجعل بابل عاصمة له و يلحم في كل واحد إمبراطوريته المترامية بنظام قانوني موحد.
اختفت تقريباً كل الأعراف القبلية من مواد التشريع. إنها دولة - قانون، اختفت فيها المساعدة الذاتية، و استبعد الثأر الدموي، و الزواج القسري بالأسر؛ رغم أن التعاون الأسرى، و المسئولية الإقليمية، و الضغينة كانت سمات بدائية حافظت على الوجود. الملك هو أرستقراطي فاضل، يتيسر الوصول إليه من قبل أفراد رعيته، و قادر على حماية الضعيف ضد المُضطهد المتمتع بوضع متميز، و راغب في تقديم تلك الخدمة. السلطة الملكية، يمكن أن تعفو فقط عندما يتم استرضاء الاستياء الشخصي. يتم الإشراف الحازم على القضاة وتتوفر فرصة الاستئناف. تغطى الأرض كلها بالأملاك الإقطاعية، و جامعي الضرائب، و الشرطة الخ. هناك نظام مرتب و فاعل للبريد. الأمن البابلي منضبط للدرجة التي تسمح للأفراد بعدم التردد في ركوب مركباتهم من بابل إلى ساحل الأبيض المتوسط.
لم يحتو التشريع فقط العرف المعاصر أو يحتفظ بالقانون القديم. حقيقة أن قرون من الالتزام بالقانون و المشاكسات العادية تراكمت في أرشيف كل مدينة في شكل ترسانة ضخمة من الأعمال السابقة القديمة و سجلات القرارات القضائية، وأدى ذلك التلاقح إلى انصهار أعراف المدن. زاد الانتشار الواسع للكتابة و التحول إلى العقود المكتوبة من تعديل العرف البدائي والسوابق القديمة. في حالة اتفاق الأطراف فإن القانون سمح لهم في العادة للتعاقد فيما بينهم. عملية الاتفاق يتم تسجيلها في المعبد من قبل كاتب عدل عام، ويوثق بقسم "باسم الإله وباسم الملك". يتم ختم الاتفاق علناً و يشهد عليه شهود و متخصصون، إلى جانب الأطراف المعنية. يضمن العرف أو الرأي العام بأن لا يكون اتفاق الأطراف على غير وجه حق. في حالة النزاع يتعامل القضاة بداية مع العقد. قد لا يمكنهم إثباته، لكن إذا لم يظهر اعتراض من الأطراف، فللقضاة الحرية في اعتماده. يمكن أن يتم استئناف قرار القضاة. الكثير من العقود تحتوي على شرط بأنه في حالة نزاع مستقبلي فإن الأطراف المعنية تتقيد "بقرار الملك". يعلن التشريع عن نوعية الحكم الصادر في العديد من القضايا، و يتم إرجاع العديد من الاستئنافات المرفوعة للملك إلى القضاة بتعليمات للبت فيها طبقاً للحالة. رتب التشريع نفسه بعناية و بمنطقية و حتم تنظيم أقسامه وفق مادة موضوعها.
ينظر التشريع للسكان بوصفهم ينقسمون إلى ثلاث طبقات، أميلو، و موسكينو، و أردو. الأميلو هو الأرستقراطي، المنتمى إلى أسرة أرستقراطية، و يكون ميلاده و زواجه و موته مسجلاً، و له أملاك من أسلافه و له كافة الحقوق المدنية. له إمتيازات و عليه واجبات أرستقراطية، و له حق الانتقام للإصابات الجسدية، و المسئولية القانونية التي تجعله عرضة للعقاب الشديد على الجرائم و الجنح، و يتوجب عليه دفع الرسوم و الغرامات الباهظة. ينتمي إلى هذه الطبقة الملك و بلاطه، و كبار الموظفين، و المتخصصون و الحرفيون. لكن المصطلح أصبح مع مرور الزمن لقباً للمجاملة. ففي التشريع، عندما لا يكون المنصب معنياً، فإن المصطلح يستخدم ليعنى "أي شخص". لا يرتبط المصطلح بالملكية الشخصية كما ولا يظهر أن له بعداً عرقياً. من الصعوبة بمكان وصف الموسكينو بدقة. ظهر المصطلح في وقته بمعنى "الشحات" و بهذا المعنى انتقل عبر اللغتين الآرامية و العبرية إلى العديد من اللغات الحديثة؛ لكنه رغم أن التشريع لا يعده بالضرورة فقيراً، فيبدو أنه لا يمتلك أرضاً. كان الموسكينو حراً، لكن عليه قبول التعويض المالي عن الإصابات الجسدية، و يدفع رسوم و غرامات أقل، بل و يقدم هبات أقل للآلهة. يسكن الموسكينو في حي خاص بهم في المدينة. ليس هناك من سبب يدعو لعد الموسكينو مرتبطاً بصفة خاصة بالقصر، كمتقاعد ملكي، ولا بوصفه منتمياً إلى طبقة تؤلف أغلبية السكان. شح الإشارات إليه في الوثائق المعاصرة تجعل محاولة تصنيف أبعد من ذلك للموسكينو ضرباً من التخمين. كان الأردو عبداً، أثاثاً لسيدة، و شكل طبقة كبيرة العدد. يمكنه أن يقتنى ملكية بل حتى أن يمتلك عبيداً. يقوم سيده بكسوته و إطعامه، و يدفع عنه تكاليف الطبيب، لكن السيد ينال كل تعويض يدفع للأردو نظير إصابة لحقت به. عادة ما يجد له سيده جارية لتصبح زوجة له (ويولد الأطفال في هذه الحال بوصفهم عبيداً)، يضعه السيد عادة في منزل (مع مزرعة أو ورشة) ويأخذ إيجاراً سنوياً منه. خلاف ذلك يمكن للأردو أن يتزوج من امرأة حرة (في هذه الحال يكون الأطفال أحراراً)، و التي يمكنها أن تجلب له ميراثاً لا يستطيع سيده أن يمسه، و لدى وفاة العبد تذهب نصف ممتلكاته إلى سيده و النصف الآخر لوريثه. يمكنه أن ينال حريته بالشراء من سيده، أو يمكن عتقه ليكرس لمعبد، أو حتى تبنيه، عندها يكون قد أصبح أميلو لا موسكينو. العبيد تم امتلاكهم عن طريق الشراء من الخارج، و من الأسرى في المعارك، و من الأحرار الذين انحدروا إلى مرتبة العبودية نتيجة الدين أو الجريمة. العبد عادة ما يهرب، فإذا قبض عليه، فإن على من قبضه إرجاعه إلى سيده، ويحدد التشريع مكافأة يتوجب على السيد أن يدفعها لمن قبض على العبد وأرجعه له. و كانت نسبة المكافأة تبلغ عُشر القيمة الفعلية للعبد. و كانت عقوبة الإعدام توقع على من يأوي أو يأسر عبداً هارباً. كذلك كانت العقوبة في حالة محاولة جعله يغادر المدينة. يحمل العبد علامة تعريف، و التي يمكن إزالتها فقط عن طريق عملية جراحية، و التي أصبحت لاحقاً تتكون من اسم سيده بالوشم أو الوسم على ذراع العبد. في الملكيات الكبيرة في أشور و الولايات الخاضعة لها كان هناك العديد من الأقنان، عادة من جنسيات خاضعة، و أسرى مقيمين، أو عبيد سابقين، مرتبطين بالأرض التي يفلحونها و يباعون مع الملكيات لكنهم قادرون على امتلاك أرض و ممتلكات خاصة بهم. هناك آثار قليلة دالة على وجود الأقنان في بابل، إلا إذا كان من الجائز عد الموسكينو أقناناً
كان إله المدينة في الأصل هو مالك الأرض، و التي تحاط في دائرة داخلية من الأرض المروية الصالحة للزراعة و على حافتها مراعى، و كان المواطنون هم المستأجرون منه. و قد توقف الإله، و نائبه الوصي، الملك، عن إعاقة مدة الإيجار و اكتفيا بتحصيل المستحقات في شكل ريع عيني، أو نقدي، أو خدماتي (سخرة). واحد من أقدم الآثار يسجل شراء ملك ملكية كبيرة لابنه، بعد أن دفع قيمة تتناسب وسعر السوق مضافاً إليها قيمة أتعاب معتبرة للمالكين في شكل ملابس، و أواني، و أثاثات باهظة الثمن. يعترف التشريع بالملكية الكلية الخاصة على الأرض، لكن يبدو أن المنذورين*، والتجار (والمقيمين الأجانب؟) كان لهم الحق في امتلاك أرض. لكن كل أرض تباع وفقاً لرسومها المحددة. و يمكن للملك أن يعفي، على كلٍ، أرضاً من تلك الرسوم بمرسوم يصدره، و هو أسلوب كان شائعاً لمكافأة أولئك الذين يستحقون ذلك نظير خدمات أسدوها للدولة. انه من واقع تلك المراسيم ندين بكل ما نعرفه عن الالتزامات الخاصة بالأرض. احتاجت الدولة للجيش و السخرة و كذلك للمستحقات العينية. تم تخصيص مساحة خاصة لإعالة النبال سوياً مع الرماح و المرتبط بهما (الذى يحمل الدرع للاثنين) ومدهم بالمؤن للحملة. هذه المساحة أطلقت عليها منذ القرن الثامن ق.م. تسمية "القوس"، لكن الاستخدام كان أقدم من ذلك. لاحقاً، كان لـ "الفارس" دخلاً آخر مستحقاً من مساحات محددة. كان على الرجل أن يخدم في الجندية عدة مرات (ست مرات؟)، لكن الأرض كانت تحتاج لإيجاد رجال سنوياً. تم تنفيذ الخدمة عادة عن طريق العبيد و الأقنان، لكن الأميلو (و احتمالاً الموسكينو) ذهبوا للحرب. جمعت "الأقواس" في عشرات ومئات. الرماح كانت أقل انتظاماً. رسائل حمورابى عادة ما كانت تتعلق بالإعفاءات. الموظفون الدينيون و الرعاة القائمين على رعاية القطعان كانوا معفيين من الجندية. مسئوليات خاصة وقعت على عاتق ملاك المرممين لترميم القنوات، و الجسور، و أرصفة المواني الخ. طالبت الدولة بنسب محددة من المحاصيل، و العلف الخ. و يمكن لرسل الملك الاستيلاء على ملكية أي مواطن، وإعطاء إيصالاً بذلك. بالإضافة، كانت كل مدينة تجبى مستحقات في شكل الرسوم المفروضة على السلع المجلوبة إليها، و في شكل الضرائب، و مستحقات العبارات، و الطرق، و رسوم المياه. توقف الملك منذ أزمان أن يكون، إذا كان هو كذلك في أي فترة، المالك للأرض. لديه ملكياته الملكية الخاصة و مستحقاته من كافة رعاياه. كان لكبار الموظفين هبات و مقرات رسمية. ينظم التشريع وضع بعض الطبقات التي يقتطع لها الملك ضيعات تتألف من منزل، و مزرعة، و حقل، و قطعان، و مرتب، نظير خدمة شخصية تنفيذاً لمهام ملكية. لا يحق لهم ***يض الخدمات في حالة الوفاة. عندما يكلفون بمهام خارجية يمكنه أن يعين ابنه، إذا كان مقتدراً، أن يستلم الضيعة ويقوم بالمهمة. إذا لم يكن له ابن قادر توضع الضيعة تحت النائب، لكن الثلث منها يكون لزوجته لإعالة نفسها و الأطفال. الضيعة كانت غير قابلة للنقل، ولا يمكن بيعها، أو استبدالها، أو تأجيرها، أو إزالتها. أرض أخرى يحتفظ بها في الضيعة للإيجار. الضيعات العائلية ترتبط كلياً بالعائلة. إذا باعها المالك، فللعائلة الحق في التعويض ويبدو أنه لم يكن هناك سقف زمني لهذه الممارسة.
احتل المعبد الموقع الأكثر أهمية. تمثل دخله مما تدفعه الضيعات، و من الأعشار و غيرها من المستحقات، إلى جانب الأضحيات (نصيب مألوف) و غيرها من الهبات التي يقدمها المؤمنون، كميات كبيرة من الهبات العينية؛ بالإضافة إلى النقود و الهدايا الدائمة. يوجد في المعابد الكبيرة أعداد كبيرة من الموظفين و الخدم. في الأصل، احتمالاً، تجمعت كل مدينة حول معبد، و لكل رأس عائلة الحق في الخدمة هناك و ينال نصيبه من الدخل. و مع نمو المدينة، استقر حق الخدمة لأيام محددة من السنة في ضريح (أو في "مدخله") في عائلات بعينها و أصبح نوعاً من الملكية يمكن ادعاءه، و تأجيره، أو اقتسامه داخل العائلة، لكن ليس نزعه. رغم كل تلك المتطلبات، على كلٍ، أصبحت المعابد مصادر و مخازن؛ كما كانت أيضاً أرشيفات للمدينة. قام المعبد بمهامه و مسئولياته. إذا أسر مواطن من قبل العدو و لم يتمكن من دفع الفدية لتحرير نفسه فإن معبد المدينة يقوم بالدفع نيابة عنه. جاء إلى المعبد الفلاح الفقير لاستلاف بذور القمح أو مؤن الحصاد الخ. و هي سلفيات يسددها بدون أرباح. سلطة الملك على المعبد ليست بملكية وإنما إدارية. يمكنه أن يستلف من المعبد لكنه يسدد مثله مثل المستدينين الآخرين. كانت الأعشار فيما يبدو بمثابة الإيجار المستحق للإله على أرضه. ليس واضحاً عما إذا كانت كل الأراضي تدفع الأعشار.
يتناول التشريع طبقة أشخاص كرسوا حياتهم لعبادة إله، كراهبات خادمات في الهيكل. الراهبات يقسمن على العفة، و يعشن سوياً في دير كبير للراهبات، و يمنعن من فتح حانات أو دخولها، و سوياً مع المنذورين الآخرين يتمتعن إمتيازات كثيرة.
يعترف التشريع بوسائل عديدة للتخلص من الملكية: البيع، و الإيجار، و المقايضة، و الإهداء، و التكريس، و الإيداع، و القرض، و الوعد، و كلها مسائل ترتبط بعقد. كان البيع هو تسليم المشترى (في حالة الضيعة الفعلية يتجسد في موظفين، و مفتاح، أو إجراء نقل الملكية إلى المشترى) نظير المبلغ المدفوع للبائع، و يعطى إيصال لكل من البائع و المشترى. يعد الإعتماد، في حالة دفعه، ديناً، و يقدم كقرض من البائع واجب السداد من قبل المشترى الذى يقدم سنداً بذلك. لا يعتمد التشريع أي ادعاء غير مدعوم بوثائق أو قسم شهود. على المشترى أن يقنع نفسه بلقب البائع. إذا اشترى (أو استلم كوديعة) من من هو أدنى منه أو من عبد بدون سلطة محامى، فإنه سيعاقب بوصفه لصاً. إذا كانت السلع مسروقة و طالب بها مالكها الفعلي، فعلى من اشتراها أن يثبت صحة إجراءات الشراء أو شهود على ذلك. خلاف ذلك فإنه يكون عرضة للمحاكمة بوصفه لصاً و يقتل. إذا أثبت صحة الشراء، عليه أن يتنازل عن السلع لكنه ينال تعويضه من البائع أو، إذا كان البائع قد مات، فيجوز له أن يطالب بخمسة أضعافها من ممتلكاته. الرجل الذي يشترى عبداً من الخارج، قد يكتشف أنه قد سرق أو أسر من بابل، و عليه أن يعيده إلى سيده السابق دون تحقيق ربح من ذلك. إذا اشترى ممتلكات تخص ضيعة، أو هيئة عامة، فعليه إعادتها و يغرم بقدر ما دفعه في شرائها. يمكنه رفض الاعتراف بشراء عبد أصيب بمرض "بنو" خلال شهر (لاحقاً مائة يوم)، و تمنح له جارية خلال ثلاثة أيام من الموافقة. أي خلل في اللقب أو مسئولية غير معلنة تلقى صلاحية البيع في أي وقت.
كثيراً ما يقوم ملاك الأراضي بفلاحة أراضيهم بأنفسهم لكنهم قد يوظفون فلاحاً أو يؤجرونها. يجب على الفلاح أن يقوم بعملية الفلاحة على الوجه الأمثل، يزرع محصولاً عادياً و يترك الحقل محروثاً بصورة جيدة. في حالة فشل المحصول يثبت التشريع عائداً قانونياً. يمكن تأجير الأرض بإيجار محدد في حين شرع التشريع بأن تعد الخسارة الصدفية على حساب المستأجر. إذا كان الإيجار عن طريق تقاسم الربح، فإن مالك الأرض و المستأجر يتقاسمان الخسارة بالمعدل المشروط في تقاسم الربح. إذا دفع المستأجر الإيجار و ترك الأرض محروثة بصورة جيدة، فإن مالك الأرض لن يستطيع التدخل كما ولا يستطيع أن يمنع التأجير إلى طرف ثالث. تؤجر الأرض البور القابلة للاسترداد، لا يدفع المستأجر إيجاراً في الثلاث سنوات الأولى و يدفع الإيجار المشترط في السنة الرابعة. إذا تجاهل المستأجر استرداد الأرض فإن التشريع نص بأنه لا بد من تسليمها محروثة بصورة جيدة و حدد إيجاراً قانونياً. البساتين و المزارع تؤجر بالشروط نفسها، لكن بالنسبة لبساتين النحيل فقد سمح بأربع سنوات بلا إيجار. على المالك أن يوفر الأرض، و العمال، و الثور للحرث و لتحريك النواعير، و بذور القمح، و الأكل للعمال و العلف للماشية. عادة ما يكون للمستأجر، أو الوكيل، أرضاً أخرى خاصة به. إذا سرق من البذور، أو من حصص طعام العمال أو من علف الماشية، نص التشريع بقطع أصابعه. إذا خصخص أو باع الأدوات، أو جوع الماشية أو أجرها إلى آخر، فإنه يغرم غرامة كبيرة و في حالة العجز عن دفعها يحكم عليه بالتقطيع إرباً بالماشية في الحقل. التأجير كما مبين في العقد.
كان الري ضرورياً. إذا أهمل المزارع إصلاح قناته، أو ترك ساقيته دائرة و تسببت في فيضان، عليه أن يصلح الأضرار التي لحقت بمحصول جاره، أو يباع هو و أفراد أسرته لسداد التكلفة. سرقة آلة ري، أو سطل ماء أو أية أدوات زراعية أخرى ينتج عنه دفع غرامة كبيرة.
تؤجر المنازل عموماً لمدة عام، لكن أيضاً لفترات أطول، و يدفع الإيجار مقدماً، كل نصف عام. دائماً ما يحدد العقد أن يكون المنزل مصان جيداً، و على المستأجر أن يحافظ عليه مصاناً. المصنوعات الخشبية، بما فيها الأبواب، و حلقات الأبواب، قابلة للاستبدال و يجوز للمستأجر أن يستبدلها بتلك الخاصة به. و يؤكد التشريع على أن مالك العقار إذا رجع للإقامة في منزله قبل انقضاء الفترة المنصوص عليها في العقد، يتوجب عليه إعادة نسبة معقولة من الإيجار للمستأجر. تؤجر الأرض لبناء منازل أو مبان أخرى، المستأجر لا يدفع إيجاراً عليها لمدة ثمان إلى عشر سنوات، يؤول بعدها المنزل أو المبنى إلى ملكية صاحب الأرض.
رغم كثرة العبيد فإن الطلب على العمل المأجور ظل قائماً، بخاصة في موسم الحصاد. كان ذلك يتم عن طريق التعاقد، ويحق للمستأجر، الذي عادة ما يدفع الأجر مقدماً، أن يطلب ضماناً على تنفيذ العمل. كانت المواشي تؤجر للقيام بحرث الأرض، و لتشغيل السواقي، و للدرس الخ. ثبت التشريع أجراً قانونياً لمن يبذر الأرض، و لمن يقود الثيران، و للعمال الزراعيين الخ.
كان هناك الكثير من القطعان و الأسراب. أعطيت الأسراب إلى راعى يقدم إيصالاً باستلامها لأخذها إلى المرعى. حدد التشريع له أجراً. يكون مسئولاً عن الاعتناء بها، و عليه أن يعيد ثوراً بثور، و شاة بشاة، و عليه أن يعلفها على أفضل وجه. أي استخدام غير شريف للسرب لا بد أن يدفع عنه عشرة أضعافه، لكن الفقدان نتيجة مرض أو حيوانات كاسرة يتحمله المالك. يكون الراعي مسئولاً عن أي إهمال من جانبه. إذا ترك السرب يأكل في حقل قمح فعليه دفع الخسارة أربعة أضعافها إلى مالك الحقل.
فيما يتعلق بالمسائل التجارية، كان الدفع عيناً لازال شائعاً، رغم أن العقود تنص عادة على الدفع نقداً، محددة العيار المتوقع، و هو الخاص ببابل، و لارسا، و أشور، و كارشميش وما إلى ذلك. يثبت التشريع، على كلٍ، أن يسمح للمدين أن يدفع عيناً طبقاً للعيار القانوني. إذا كان المدين لا يمتلك لا النقد ولا المحصول، فإنه لا يتوجب على الدائن رفض البضائع.
يبقى الدين على عاتق المدين. الحجز على قمح المدين يمنع طبقاً للتشريع؛ لا يجب على الدائن أن يرجعه فحسب، بل أن تصرفه اللا قانوني يجعله يخسر دعواه كلياً. الاستيلاء غير المبرر تكون نتيجته الغرامة، و كذلك الأمر بالنسبة للحجز على ثور شغال. المدين الذى يستولى عليه يمكن أن يصبح رهينة يعمل سداداً للدين هو، أو زوجته، أو ابنه، أو عبده. الدائن يجوز له أن يحجز الزوجة أو الطفل كرهائن سداداً للدين لما لا يزيد عن ثلاث سنوات. إذا مات الرهينة موتاً طبيعياً خلال حيازة الدائن له فإن الأخير لا يكون عرضة للمسائلة؛ لكن إذا كان هو المتسبب في الموت بفعل القسوة، فعليه أن يعطى ابناً بابن، أو يدفع إذا كان عبداً. يمكن للدائن أن يبيع عبداً رهينة، إلا إذا كانت جارية أنجبت لسيدها أطفالاً. لا بد من أن يتم تعويضها من قبل مالكها.
يمكن للمدين أن يوعد بممتلكاته، و في العقود عادة ما يوعد بمنزل ريفي أو بمحصول. يثبت التشريع، على أية حال، دائماً أن يأخذ المدين المحصول بنفسه ليدفع منه للدائن. إذا فشل المحصول، يرجأ السداد ولا يجوز المطالبة بالأرباح في ذلك العام. إذا لم يفلح المدين الحقل بنفسه فعليه أن يدفع للفلاحة، لكن إذا كانت الفلاحة قد اكتملت فيتوجب عليه أن يحصد المحصول بنفسه و يسدد منه الدين. إذ لم يحصل الفلاح على محصول فإن ذلك لا يلغى العقد. عادة ما يتم اللجوء للوعود عندما تكون القيمة الفعلية للموضوع مساوية لقدر الدين.
كانت التجارة شاملة و رائجة. طريقة شائعة في العمل التجاري كانت تتمثل في أن يعهد التاجر ببضاعته أو أمواله إلى وكيل سفري، يبحث عن سوق لبضاعته. سافرت القوافل بعيداً إلى ما وراء حدود الإمبراطورية. يصر التشريع على أن يقوم الوكيل بجرد البضاعة و يعطى إيصالاً بكل ما يستلمه. لا يجوز ادعاء ما هو غير مضمن في الإيصال. و على الوكيل، حتى و إن لم يحقق ربحاً، أن يعيد ضعف ما استلمه، إذا حقق ربحاً ضئيلاً عليه أن يغطى النقص، لكنه غير مسئول عن الفاقد نتيجة نهب أو ابتزاز في أسفاره. لدى رجوعه، على التاجر أن يقدم إيصالا بما سلمه له الوكيل. أي إدخال أو ادعاء من قبل الوكيل يعاقب بغرامة تبلغ ثلاثة أضعافه، و من قبل التاجر بستة أضعاف. في الحالات العادية تقتسم الأرباح طبقاً للعقد، عادة مناصفة.
نفذت كميات معتبرة من الشحن عن طريق القوافل. يقدم الحامل إيصالاً بالشحنة، و يتحمل كامل المسئولية و يحرر إيصالاً عند التسليم. إذا تخلف في التسليم فسيدفع خمسة أضعاف الشحنة. عادة ما يدفع له الأجر مقدماً. الوديعة، بخاصة مستودعات الحبوب، تبلغ القيمة المدفوعة لها السدس. يتحمل صاحب المستودع كل المخاطر، و يدفع الضعف عن الفاقد، لكن لا يمكن رفع أية دعوى إلا إذا قد أعطى إيصالا ممهوراً بشاهد. الإبحار في مياه الفرات و في القنوات مشهود منذ مراحل مبكرة. السفن، التي تقدر حمولتها بما يمكنها حمله من حبوب، يتم استئجارها باستمرار لنقل مختلف البضائع. ثبت التشريع سعراً لبناء السفن و شدد على أن يقدم البناء ضمانة سنة في الإبحار. و يحدد التشريع مستأجر السفينة و البحارة. كان القبطان مسئولاً عن الشحن و السفينة؛ و عليه أن يعوض كافة الخسائر. في حالة الإبحار الخاطئ يدفع غرامة تبلغ نصف قيمة السفينة الغارقة. في حالة الاصطدام تتكفل السفينة المبحرة بتغطية الخسائر التي تلحق بالسفينة الراسية. ثبت التشريع أيضاً حركة السوائل، و ثبت سعراً للجعة و يمنع التغاضي عن مديرة الحانة (عادة ما تكون امرأة) في حال سلوك منحرف أو تجمع تآمري، تحت ألم الموت. عليها أن تسوق المنتهكين إلى القصر، و هو ما يشير إلى وجود نظام فاعل للشرطة يتيسر الوصول إليه.
الدفع عن طريق مصرفي أو عن طريق حوالة من وديعة كان أمراً شائعاً. عدت السندات قابلة للتداول. الأرباح على السلفيات التي يقدمها المعبد أو ملاك الأرض الأثرياء للمحتاجين نادراً ما تفرض. تفرض أرباح هائلة على السلفيات المستحقة السداد من هذا النوع. يقدم التجار (وفي حالات حتى المعابد) قروضاً تجارية بنسبة فائدة تبلغ %30-20.
اتخذ الزواج شكل الشراء، لكنه في الأساس عقد بين رجل و زوجة معاً. زواج الفتيان و الفتيات عادة ما يكون أمراً يرتبه الأقرباء، يقدم والد العريس سعر العروس، و الذي يقدمه الخطيب مع هدايا أخرى في احتفال إلى والد العروس. عادة يقدم والد العروس سعر الزواج لها في ليلة الزفاف، ومن ثم يكون قد رجع مجدداً إلى ملكية العريس، سوياً مع مهرها، و الذي كان نصيبها بوصفها ابنة. يختلف سعر الزواج اختلافا كبيراً، حسب وضعية الطرفين، لكنه يكون أعلى من الذي يدفع لشراء عبد. ثبت التشريع أن الوالد، بعد أن يكون قد قبل هدايا الرجل، إذا رفض إعطاء ابنته، عليه أن يعيد الهدايا مضاعفة. حتى إن كان القرار بفعل تشهير من طرف صديق الخطيب المتقدم، فإن التشريع يثبت عدم صلاحية زواج الفتاة من ذلك الصديق غير الوفي. إذا غير الخطيب رأيه فسيخسر هداياه. قد يشمل المهر ضيعة، لكنه عادة يتألف من مستلزمات شخصية وأثاث منزلي. يظل المهر ملكاً للزوجة على مدى الحياة، و يؤول إلى أطفالها، إن وجدوا؛ خلاف ذلك يعود إلى أسرتها، حينها يجوز للزوج أن يقتطع سعر الزواج إن لم يكن قد سلم لها، أو يرجعه إذا كان قد سلم لها. احتفال الزواج بما في ذلك مسك الأيدي و النطق ببعض العبارات الدالة على القبول من جانب العريس، مثل "أنا ابن النبلاء، و الفضة و الذهب سأملأ أحضانك، فلتكوني زوجة ليّ، سأكون زوجاً لك. مثل فاكهة البستان سأمنحك نسلى". لا بد أن تجرى الطقوس من قبل شخص حر.
عادة يذكر عقد الزواج، الذي يثبت التشريع أنه بدونه لا تصبح المرأة زوجة، العواقب التي تترتب على الطرفين في حالة إنكار أحدهما للآخر. ليس بالضرورة أن تتوافق تلك مع التشريع. العديد من الشروط قد يتم تضمينها في العقد: مثل أن تعمل الزوجة خادمة لأم زوجها، أو للزوجة الأولى. يؤلف الزوجان وحدة فيما يتعلق بالمسئوليات الخارجية، بخاصة الدين. فالرجل مسئول عن الديون التي تعاقدت عليها زوجته، حتى قبل زواجها، إلى جانب المسئولية عن ديونه الشخصية؛ لكنه يستطيع أن يقدمها رهينة لسداد تلك الديون. بالتالي يسمح التشريع بإضافة شرط في عقد الزواج، بأن لا يستحوذ على الزوجة نتيجة ديون سابقة على زوجها، لكن التشريع ثبت أنه في تلك الحالة لن يكون الزوج مسئولاً عن ديونها السابقة، و أنهما، في كل الأحوال، مسئولين سوياً عن كل الديون المتعاقد عليها بعد زواجهما. يمكن للرجل أن يقيم لها مسكناً هبة، و هو ما يعطيها مصلحة في جزء من ممتلكاته، و قد يمنحها حق أن تورثه لطفلها المفضل، لكنه لا يمكنها في أي ظرف أن تتركه لأسرتها. و مع أنها تظل و هي متزوجة عضواً في منزل والدها، نادراً ما تسمى زوجة فلان، بل عادة بنت فلان أو أم فلان.
كان الطلاق اختياريا بالنسبة للرجل، لكن عليه إعادة المهر و، إذا كانت الزوجة قد أنجبت أطفالاً، فإن لها حق رعايتهم. عليه في هذه الحال أن يخصص لها دخلاً من الحقل، أو البستان، إلى جانب البضائع، لتعيل نفسها و أطفالها إلى حين أن يكبروا. من ثم تقتسم معهم بالتساوي العلاوة (ويظهر كذلك في ضيعته عند وفاته) و لها الحرية في الزواج مجدداً.إذ لم يكن لها أطفال، فإنه يعيد إليها المهر و يدفع لها قيمة تعادل سعر الزواج، أو مينا فضة. الأخير عبارة عن عقوبة مسماة في عقد الزواج لتنكره لها.
إذا كانت زوجة سيئة، سمح له التشريع استبعادها، في حين يبقى الأطفال ومهرها؛ أو أنه يحق له إنزالها إلى وضع جارية في منزله الخاص، حيث تنال الطعام والملبس. يحق لها أن تقيم عليه دعوى متهمة إياه بالقسوة والإهمال، وإذا أثبتت صحة دعواها، تكسب انفصالا شرعياً، وتأخذ معها مهرها. لا ينال الرجل عقاباً آخر. إذا لم تثبت دعواها، لكن أثبتت أنها امرأة سيئة، تغرق في النهر. إذا تركت بدون ما يعيلها في أثناء غياب زوجها الاختياري فيمكنها أن تعايش رجلاً آخر، لكن عليها الرجوع إلى زوجها حين عودته، في حين يبقى الأطفال من المعايشة الثانية مع والدهم الفعلي. إذا كان لديها ما يعيلها، فإن خرق العلاقة الزوجية يعد بمثابة زنا. الهجران الاختياري، أو النفي، من قبل الزوج يبطل الزواج، وإذا عاد الزوج مجدداً فليس لديه الحق في ادعاء ملكيتها؛ احتمالا حتى ملكيته الشخصية.
كأرملة، تأخذ الزوجة مكان زوجها في الأسرة، تعيش في منزله و تربى الأطفال. يمكنها أن تتزوج مجدداً فقط باستشارة قانونية، حينها يتوجب على القاضي أن يجرد ممتلكات الزوج المتوفى ويسلمها لها و لزوجها الجديد بوصفها أمانة للأطفال. لا يمكنهما استبعاد أية أداة. إذ لم تتزوج ثانية، فإنها تعيش في منزل زوجها و تأخذ نصيب طفل في حالة تقسيم الممتلكات، عندما يكبر الأطفال. تظل تحتفظ بمهرها وأي عقار وهبه إياها زوجها. الملكية ترجع إلى أطفالها. إذا تزوجت مجدداً، يشترك معها بالتساوي كل أطفالها في مهرها، لكن هبة الزوج الأول تعود إلى أطفاله أو إلى من تختارهم هي من بينهم، إذا كان مخولاً لها.
كان الزواج المونوجامى (الأُحادى) هو السائد، و امرأة بلا طفل يمكنها أن تمنح زوجها جارية (لا تكون زوجة) لتنجب له أطفالاً، يعدون أطفالاً لها هي لا للجارية. تظل هي سيدة على جاريتها و قد تعيد إنزالها إلى مرتبة العبودية في حالة وقاحتها، لكن لا يمكنها بيعها إذا كانت قد أنجبت لزوجها أطفالاً. إذا فعلت الزوجة ذلك، فإن التشريع لا يسمح للزوج باتخاذ محظية. إذا لم تفعل، فيمكن له أن يقتنى محظية. المحظية هي زوجة، لكنها ليست في المرتبة نفسها؛ ليس للزوجة الأولى سلطة عليها. المحظية امرأة حرة، يدفع لها مهر زواج، و يكون أطفالها شرعيون. يمكن تطليقها فقط بذات شروط تطليق الزوجة. إذا أصبحت الزوجة معاقة إعاقة دائمة، فيتوجب على الزوج أن يبقيها في المنزل الذي أسساه سويا، إلا إذا فضل أن تأخذ مهرها و ترجع إلى منزل والدها؛ لكن له الحرية في أن يتزوج ثانية. في كل تلك الحالات يكون الأطفال شرعيون و لهم حق الإرث قانوناً.
ليس هناك عائق يمنع الرجل من أن ينجب أطفالاً من جارية. يكون أولئك الأطفال، على كل حال، أحراراً ولا يمكن بيع والدتهم، مع أنها يمكن رهنها، و تصبح حرة بوفاة سيدها. أولئك الأطفال يمكن تثبيت شرعيتهم باعتراف والدهم أمام شهود، و يتم عادة تبنيهم. بذلك يصبح لهم الحق المتساوي في ممتلكات والدهم، لكن إذ لم يتم تبنيهم، فإن أطفال الزوجة يقتسمون الممتلكات و تكون لهم فرصة الاختيار الأولى.
الراهبات العذارى لا يفترض أن يكون لديهن أطفال، مع ذلك يمكنهن ذلك و كثيراً ما يتزوجن. يشير التشريع إلى أن زوجة من هذا النوع يمكنها أن تمنح زوجها جارية كما أسلفنا. يمكن للمرأة الحرة أن تتزوج عبداً و يقدم لها مهر. يكون الأطفال أحراراً، و بموت العبد تأخذ الزوجة مهرها و نصف ما اقتنته هي وزوجها، و يأخذ سيد العبد النصف الآخر بوصفه وريثاً لعبده.
يكون للوالد السلطة على أطفاله إلى حين أن يتزوجوا. له الحق في مردود عملهم نظير إعالتهم. يمكن أن يؤجرهم و يقبض مرتباتهم، و يرهنهم سداداً لدين، بل حتى بيعهم مباشرة, للأمهات الحقوق نفسها في حالة غياب الأب، حتى الإخوة الكبار عندما يكون الوالدان متوفيان. الأب لا ادعاء له على الأطفال المتزوجين في المساعدة، لكنهم يحتفظون بحق وراثته بعد موته.
الابنة ليست تحت سيطرة والدها فيما يتعلق بالزواج فحسب، لكنه يحق له تكريسها لخدمة إله ما كراهبة أو جارية معبد، أو يقدمها محظية. لا خيار لها في تلك المسائل، و التي تقرر كثيراً منذ طفولتها. قد ترغب الفتاة أن تصبح منذورة، احتمالا بدلاً عن زواج غير مناسب، ويبدو أن أباها لا يمكنه رفض رغبتها. في كل تلك الحالات فإن الأب يعطيها مهرها. إذا لم يفعل، فإنه يتوجب على إخوتها بعد وفاة والدهم أن يفعلوا ذلك، بإعطائها نصيب طفل كامل إذا كانت زوجة أو محظية أو راهبة عذراء، ولها ثلث نصيب طفل إذا كانت جارية معبد أو كاهنة لمردوك. الأخيرة لها امتياز الإعفاء من مستحقات الدولة و التصرف المطلق في ممتلكاتها. كل البنات الأخريات لهن حق الاستفادة في حياتهن من مهورهن، و التي ستعود إلى الأسرة، إذا لم ينجبن أطفالاً، أو تذهب إلى أطفالهن إن كان لهن أطفال. يحق للأب أن ينفذ وصية تمنح البنت سلطة ترك ممتلكاتها إلى أخ مفضل أو أخت مفضلة. ملكية الابنة عادة ما يرعاها إخوانها، لكن إذا لم يرضها ذلك فلها حق تعيين وكيل. إذا تزوجت يصبح زوجها مديراً على ممتلكاتها.
يبدو أن الابن هو الآخر ينال نصيبه حين يتزوج، لكنه لا يترك دائماً منزل والده، بل قد يأتي بزوجته إليه. كان هذا عادياً في حالة زواج الأطفال.
كان التبني أمراً شائعاً، بخاصة عندما يكون الأب (الأم) بلا أطفال أو عاش ليشاهد كل أبناءه يتزوجون و يرحلون بعيداً عنه. يتم تبنى الابن عندها ليرعى أبويه كبار السن. يتم ذلك عن طريق عقد، يحدد عادة ما على الأبوين أن يتركاه له و أي خدمات متوقعة. الأطفال الفعليون، إن وجدوا، يكونون عادة أطراف قبول لترتيب يستبعد تطلعاتهم. إذا فشل الطفل المتبنى في القيام بمهامه يمكن إلغاء العقد عن طريق محكمة قانونية. العبيد كثيراً ما يتم تبنيهم وفي حالة فشلهم يتم إنزالهم مجدداً إلى مرتبة العبودية.
عادة ما يتبنى الحرفي ابناً ليعلمه المهنة. يستفيد بعمل الابن. إذا فشل في تعليم ذلك الابن المهنة، فإن للابن الحق في مقاضاته و إلغاء العقد. كان هذا نوع من الصنعة، و ليس واضحاً إن كان للصانع أي علاقة أبوية.
الرجل الذي يتبنى ابناً، و يتزوج فيما بعد و تكون له أسرته الخاصة، يمكنه أن يفسخ العقد لكن عليه أن يعطى الطفل المتبنى ثلث نصيب طفل من البضائع، لكن ليس من الممتلكات الثابتة. ذلك يمكن أن يجئ إليه من الأسرة التي لم يعد منتمياً إليها. الراهبات العذارى كثيراً ما يتبنين بناتاً، عادة راهبات، وذلك لرعايتهن في شيخوختهن.
التبني يجب أن يتم بالتشاور مع الأبوين الحقيقيين، الذين عادة ما يكونان قد قدما للطفل خدمة، و بالتالي ما عاد يمتلك ادعاء تجاههما. إلا أن الراهبات، و جاريات المعبد، و بعض موظفي القصر و العبيد لا حقوق لهم على أبنائهم و من ثم فلا مشكلة تواجههم. اللقطاء و الأطفال غير الشرعيون لا آباء لهم ليعترضوا على مسألة تبنيهم. إذا اكتشف الطفل المتبنى والديه الحقيقيين و أراد الرجوع إليهما، فإن لسانه قد يقطع أو تقلع عينه. الطفل المتبنى وريث كامل، و قد يحدد له العقد موقع الابن الأكبر. عادة ما يكون هو الوارث المتبقي.
يقتسم الأبناء الشرعيون بالتساوي ممتلكات الأب بعد وفاته، مع الإبقاء في الاحتياطي سعر الزواج للابن غير المتزوج، و المهر للبنت أو الملكية الممنوحة للأطفال المفضلين من جانب الأب. ليس هناك وضعية مميزة للابن الأكبر بحق الميلاد، لكنه عادة ما يكون المنفذ و بعد أن يقدر ما ناله كل واحد يقوم بمساواة الأنصبة. بل قد يقدم منحاً من نصيبه الفائض الخاص إلى الآخرين. عندما تكون هناك والدتان، فإن الأسرتين تقتسمان ممتلكات الأب بالتساوي حتى أزمان متأخرة لاحقة حيث أضحت الأسرة الأولى تأخذ الثلثين. البنات، في حالة غياب أبناء، تكون لهن حقوق الأبناء. يقتسم الأطفال أيضاً ممتلكات والدتهم، لكن لا نصيب في ذلك لزوجة الأب.
في الأزمان المبكرة كان يحق للأب أن يحرم ابناً من الميراث بدون قيود، لكن التشريع أصرَّ على وجوب استشارة قانونية و يشترط في ذلك عقوق الابن. في الأزمان المبكرة كان مثل هذا الابن المحروم من ميراث والده يتعرض لقص شعر مقدمة رأسه، و وضع وسم العبودية على ذراعه، و يمكن بيعه عبداً؛ فيحين أنه إذا أنكر أمه فيقص شعر مقدمة رأسه، و يفرض عليه الدوران حول المدينة مثالاً و عليه أن يهجر المنزل، لكنه لا ينزل إلى مرتبة العبودية.
تعاقب الخيانة الزوجية بالموت للطرفين عن طريق الإغراق في النهر، لكن إذا كان الزوج راغباً في العفو عن زوجته، يمكن للملك أن يتدخل للعفو عن العشيق. ممارسة النكاح المحرم مع الأم يؤدى إلى حرق الطرفين حتى الموت؛ و مع زوجة الأب يعاقب عليه بحرمان الابن من الميراث: و مع الابنة ينفي الرجل؛ و مع زوجة الابن بإغراق الأب؛ و مع خطيبة الابن بتغريم الأب. المرأة التي تسعى لموت زوجها من أجل عشيقها تعدم. الخطيبة التي يغويها والد خطيبها، تأخذ مهرها و تعود إلى أسرتها، و لها الحرية في أن تتزوج باختيارها.
المبدأ الأساسي في القانون الجنائي هو العين بالعين، و السن بالسن، و الطرف بالطرف في حالة الاعتداء على أميلو. تمثل نوع من الانتقام في معاقبة الجاني في قطع اليد التي تمتد على الأب أو تمتد لسرقة أمانة؛ و في قطع ثدي ممرضة مرضعة تستبدل طفل أوكل إليها بآخر؛ و في قطع لسان من ينكر أباه أو أمه (في العقود العيلامية احتفظ بالعقوبة ذاتها للحنث بالقسم)؛ و في فقدان العين التي تحدق في أسرار محظورة. فقدان يد الجراح التي تسببت في فقدان حياة أو طرف أو يد العبد عند إزالة وسم العبودية، أمور مطابقة. العبد الذى يضرب حراً أو ينكر سيده، يفقد أذناً، و هي عضو السمع و رمز الطاعة. تعريض آخر لخطر الموت بفعل تهمة زور يعاقب بالموت. التسبب في فقدان الحرية أو الممتلكات بفعل شهادة زور يعاقب الشاهد بنيل ذات العقوبة التي كان سينالها المجني عليه.
كانت عقوبة الموت تنفذ على السرقة و الجرائم الأخرى التي تعد ضمن البند نفسه، و على السرقة التي تتصل بدخول قصر أو خزينة معبد، و على الشراء غير القانوني من شخص دوني أو عبد، و على بيع بضائع مسروقة أو استلامها، و على السرقة عموماً في مكان عام، و على الادعاء زوراً ملكية بضاعة، و على الاختطاف، و على المساعدة في إخفاء العبيد الهاربين، و على أسر عبيد هاربين أو تخصيصهم، و على اللصوصية، وعلى الاحتيال في بيع الخمور، و على السلوك الفوضوي في حانة، وعلى سرقة الضرائب، وعلى اضطهاد مستأجري الأرض، و على التسبب في موت صاحب المنزل بفعل البنيان الخاطئ. طريقة الموت غير محددة في تلك الحالات. تنطبق عقوبة الموت أيضاً على السلوك الذي يعرض شخص آخر لخطر الموت. شكل محدد من عقوبة الموت نجده في الحالات الآتية: الإعدام (في ذات المكان الذى ارتكبت فيه الجريمة)، و في حالة السرقة، و في أزمان متأخرة في حالة انتهاك الطريق الملكي، و في حالة إزالة وسم العبودية، و في حالة محاولة قتل الزوج؛ و تكون عقوبة الحرق لمن ينكح أمه، و للراهبة التي تفتتح حانة أو تدخلها، و للسرقة في حينها؛ و تكون عقوبة الموت بالغرق على الخيانة الزوجية، و على اغتصاب جارية مخطوبة، و الزواج من أكثر من امرأة في وقت واحد، و السلوك غير السوي للزوجة، و إغواء زوجة الابن.
امتداد غامض للعقوبة هو موت ابن الدائن لتسبب الأب في موت ابن المدين المرهون لديه؛ و موت ابن البناء لتسبب الأب في موت ابن صاحب المنزل بفعل سوء البناء: و موت ابنة الرجل بسبب أن والدها تسبب في موت ابنة رجل آخر.
العقود في العادة لا تهتم بمثل قضايا الجرائم هذه الموضحة بعاليه، لكن عقود الزواج تحدد الموت شنقاً، و غرقاً، و دفعاً من برج أو قمة معبد أو بسيف حديدي في حالة نبذ زوجة لزوجها. لا نملك أية بينة على الطريقة التي نفذت بها تلك العقوبات.
نفذ حكم النفي على جريمة النكاح المحرم مع الابنة، و الحرمان من الميراث في حالة النكاح المحرم مع زوجة الأب أو السلوك العاق المتكرر. الاعتداء العنيف على من يرأس الفرد، في حالة أن يكون الجاني و المجني عليه من الاميلو، كانت عقوبته ستون جلدة بصوت من جلد الثور. وكان الوسم (احتمالا المساوي للإنزال إلى مرتبة العبودية) العقوبة المقررة على الافتراء على امرأة متزوجة أو راهبة. الفصل من المنصب مدى الحياة كان هو عقوبة القاضي المفسد. الاسترقاق كان عقوبة تطبق على الزوجة المبذرة والأطفال العاقين. كان الحكم بالسجن شائعاً، لكنه غير معترف به طبقاً للتشريع.
العقوبة الأكثر شيوعاً كانت هي الغرامة. يطبقها التشريع على الإصابات الجسدية التي تلحق بالموسكينو أو العبد (تدفع لسيده)؛ بالنسبة للأضرار التي تلحق بالممتلكات، و لنقض العقد. إعادة البضائع المستولى عليها، أو المشتراة بطريقة غير قانونية أو التي أصابها ضرر أو لحق بها إهمال، و عادة ما تتبعها غرامة. هذه يمكن أن تكون مضاعفة أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو عشرة أضعاف أو اثني عشرة أو ثلاثين ضعفاً، طبقاً لضخامة الجرم.
اعترف التشريع بأهمية القصد. الرجل الذى يقتل آخراً في مشاجرة يجب أن يقسم على أنه لم يفعل ذلك عمداً، و في هذه الحال يغرم فقط وفقاً لمرتبة المتوفى. لا يقول التشريع ما هي عقوبة القتل، لكن الموت عادة ما يكون الجزاء في حالة التسبب في الموت. إذا نتج عن الاعتداء إصابات وكانت غير متعمدة، فإن المعتدى في الشجار عليه واجب دفع أجر الطبيب. أخصائي الوسم، الذى يتم اللجوء إليه لإزالة وسم العبودية، عليه أن يقسم بجهله ومن ثم يعفي. مالك الثور الذى ينطح شخصاً في الطريق يكون مسئولاً عن الأضرار التي تلحق بالمتضرر إذا، كان الثور معروف لديه بأنه شرس، حتى إذا تسبب في الموت. إذا مات الرهينة موتاً طبيعياً في يد الدائن، سيطلق الدائن حراً. تعدد الزوجات مسموح به في حالة هروب الزوجة.
من جانب آخر كانت العقوبة على الإهمال رادعة، مثل حالة الطبيب غير الماهر، إذا أدت إلى فقدان الحياة أو فقدان طرف فإن يديّ الطبيب ستقطعان، ووضع يديّ عبد بديلاً عنهما؛ الطبيب البيطري الذى يتسبب في موت ثور أو حمار يدفع ربع قيمة الحيوان؛ البناء الذى يتسبب إهماله في الموت، يفقد حياته أو يفدى نفسه بموت ابنه بدلاً عنه، أو يدفع عبداً وبضائع، وعلى كل عليه أن يعيد بناء المنزل أو يرمم كافة الأضرار الناتجة عن سوء البناء. باني السفن عليه إصلاح كل عطب أو خلل في البناء خلال السنة المحددة ضماناً.
في كل التشريع وضعية محترمة خصصت للمكانة الاجتماعية.
الشك ما كان كافياً. المجرم يجب أن يقبض متلبساً، على سبيل المثال الزانى، والمغتصب الخ. الشخص لا يمكن إدانته بالسرقة إلا إذا وجدت المسروقات في حوزته.
في حالة الدعوى يقدم المدعى التماسه الخاص. لا يوجد أثر دال على وجود محامين، لكن الالتماس لا بدَّ أن يكون مكتوباً ولا شك أن كاتب قضائي ساعد في صياغته. ينظر القاضي في الالتماس، ويستدعى الأطراف الأخرى للمثول أمامه و يطلب الشهود. إذا لم يتواجد الشهود يؤجل النظر في القضية إلى حين إحضارهم، و يحدد زمن يمتد إلى ستة شهور. يمكن اشتراط تقديم ضمانة لإحضار الشهود في اليوم المحدد للنظر في القضية. القضايا الأكثر أهمية، بخاصة تلك المتعلقة بالحياة و الموت، تحاكم من قبل مجلس قضاة. مع القضاة يوجد جسم من الشيوخ، الذين يشتركون في القرار، لكن وظيفتهم الفعلية غير واضحة. الاتفاقات، و التوثيقات و القضايا غير الخلافية عادة ما يشهد عليها قاض واحد و اثنا عشرة من الشيوخ.
الأطراف المعنية و الشهود يضعون تحت القسم.العقوبة على الشهادة بالزور عادة ما تتساوى مع العقوبة التي يمكن أن توقع بالمجرم المتهم. فيما يتعلق بالمسائل الخارجة عن معرفة البشر، مثل ذنب أو براءة متهم بالسحر أو زوجة متهمة، استخدم حكم محنة (اختبار) الماء. يقفز المتهم إلى النهر المقدس، و يسبح البرئ في حين يغرق المذنب. المتهم قد يبرئ نفسه بالقسم عندما تكون معرفته هو فقط المتوفرة. المدعى قد يقسم على خسارته من قبل قطاع الطرق، فيما يتعلق بالبضاعة المدعاة، السعر الذى يدفع نظير العبد المشترى من الخارج أو المبلغ المفترض له. لكن تشديداً كبيراً وضع على ضرورة تقديم بينة كتابية. كان فقدان وثيقة أمراً جاداً. يمكن أن يكتفي القضاة بإقرار وجودها و يعتمدونها طبقاً لبينات الشهود عنها، و من ثم يصدرون أمراً بتقديمها متى ما تم العثور عليها. العقود الملغية يصدر أمر بفكها. قد تقوم المحكمة بمعاينة الملكية و يحمل القضاة معهم الرموز المقدسة التي يؤدى عليها القسم.
القرار الذى يصدر عن المحكمة يكون مكتوباً، و مختوماً و بشهادة القضاة، و الشيوخ، و شهود و الكاتب. يمكن للنساء أن يمتلكن كل تلك الصلاحيات. يؤدى أطراف النزاع القسم، المجسد في الوثيقة، بالالتزام بموجهاته. يأخذ كل من الأطراف نسخة من الحكم و يحتفظ كاتب المحكمة بنسخة للحفظ في الأرشيف.
الاستئناف للملك مسموح به و مشهود. يبدو أن القضاة في بابل شكلوا محكمة عليا بالنسبة لمحاكم المدن الإقليمية، لكن يحق للمتهم أن يختار المثول أمام محكمة محلية و يرفض المحاكمة في بابل.
أخيراً نقول بأن التشريع إلى جانب وثائق أخرى من بابل حمورابى تسمح بإعادة تركيب السمات العامة للحياة الاقتصادية. ففي دولة كبيرة و ممركزة مثل المملكة البابلية فإن السلطة العليا، بالاعتماد على المساحات الهائلة من الأراضي المتمركزة في يدها، أصبحت تتدخل في الحياة الاقتصادية محاولة توجيه تطورها بما يخدم احتياجاتها الدائمة للمواد الخام لأعمال البناء الصروحي وإقامة شبكة الري الاصطناعي. و تشير الوثائق في هذا الخصوص إلى أن الملك يتخذ سلسلة من الإجراءات الهامة الهادفة إلى حماية الغابات التي قسمت إلى "قطاعات" خاضعة لإدارة مشرفي غابات متخصصين يتبعون لمشرف أعلى للغابات. فعلى سبيل المثال وجدت وثيقة تحمل تعليمات صادرة من الملك إلى مشرف الغابات الأعلى إبليانوم و مساعده سينماجير تأمرهما بالتعرف على من قطع الأشجار: هل هم من مشرفي الغابات أم "أيدي غريبة". و ينص التشريع على مسئولية مشرفي الغابات عن حمايتها بل ويحدد عقوبة الموت في حالة إهمالهم لمهامهم.
وقد قام الرعي بدور كبير في حياة البلاد الاقتصادية ومن ثم ركز التشريع على تنظيم حقوق ملكية القطعان. مراجعة متأنية للمواد الخاصة بتلك الحقوق ستوضح بجلاء اهتمام المشرع بحماية ملكية الأثرياء من ملاك القطعان بصفة خاصة. فقد أوضحنا أنه طبقاً للتشريع يتحمل مستأجر القطعان أمام المالك كامل المسئولية عن المستأجر من القطعان و عليه تعويض المالك في حالة تعرضها لأية أضرار (الموت، أو الإعاقة، أو الإصابة في العين أو القرن أو الذيل). التشديد على شروط استئجار القطعان إنما تشير إلى تمركز ملكية القطعان في أيدي قلة من الأثرياء يقومون بتأجيرها للفقراء. و هناك مواد أخرى أشرنا إليها تثبت مسئولية الرعاة تجاه ما يعهد إليهم من قطعان لأخذها إلى المراعى.
ساعدت التربة الغرينية للجزيرة الفراتية على تطور الزراعة و التي حافظت على دورها الريادي في العهد البابلي. تشير كلمات وردت في وثيقة بابلية إلى تلك الأهمية للزراعة حيث كتب أحدهم في نص رسالة "أو لا تعلم بأن الحقول هي حياة البلاد". تطور الاقتصاد الزراعي اعتمد على الري الاصطناعي و هو ما وجد انعكاسا له في اهتمام حمورابى بتطوير شبكة الري وافتخاره بأنه "جعل البلاد صالحة للزراعة مثل شونة، مكتظة بالحبوب... جمع في أرض سومر وأكاد السكان المشتتين، سقاهم وأطعمهم، جعلهم يعيشون في وفرة وسعادة". بأمر حمورابى حفرت القناة التي سميت نار حمورابى - ثراء الشعب التي تجلب الكثير من المياه إلى سومر وأكاد، لتحيل ضفافهما إلى مناطق حضرية ممتلئة بأكوام من الحبوب، وتوفر المياه باستمرار لسكان سومر وأكاد".
سلطة الدولة في شخص الملك لم تهتم فحسب بتوسيع شبكة الزراعة، بل عملت للحفاظ عليها منظمة تنظيماً دقيقاً. هكذا تشير الوثائق إلى أن الملك يصدر باستمرار تعليماته إلى كبار الموظفين المحليين في الأقاليم مشيراً إلى ضرورة العمل على تنظيف قنوات الري وتنفيذ كافة الأعمال المرتبطة بالزراعة و الري. لكن إذا كان الاهتمام بمجمل شبكة الري وظيفة من وظائف الدولة الأساسية، فإن الحفاظ على كل قسم منفصل منها كان في المقام الأول من واجب المشتركات القروية. تشير إلى ذلك مواد التشريع 53-56 التي تنص على مسئولية كل عضو في المشترك القروي في الحفاظ على القسم المحدد من الشبكة بحيث أنه إذا فاض القسم وغمر أرض الجار فإن عضو المشترك القروي الذى تسبب بإهماله في ذلك يتوجب عليه تعويض محصول جاره الذى دمرته المياه. بل تؤكد المادة 54 على أنه إن لم يكن في وضع يسمح له بدفع التعويض فستوقع عليه عقوبة بيع ممتلكاته يل حتى بيعه شخصياً تعويضاً للخسارة التي تسبب فيها. وجدت سلسلة كاملة من الوثائق التي تشير إلى مدى السيطرة القوية التي تفرضها السلطة المركزية على شبكة الري. هكذا نجد أنه في حال وصول معلومة إلى القصر بأن هذه أو تلك من المناطق تواجه أزمة مياه للري فإن التعليمات تصدر مباشرة وبصورة فورية إلى الموظف المحلى المسئول لاتخاذ التدابير اللازمة لتوفير المياه إلى الحقول. في المقام الأول كان لا بدَّ بالضرورة توفير المياه للمستأجرين لأراض تابعة للملك، في حال عدم توفر المياه للمستأجرين لتلك الأراضي كان يتوجب على الموظفين المحليين إما توفير المياه لهم أو استبدال قطعة الأرض المؤجرة لهم غير المروية بأخرى مروية. الكثير من الرسائل الملكية يشير إلى مثل تلك المشكلات وتضع كامل المسئولية على عاتق الموظفين لتأمين ري الأراضي المستأجرة التابعة للملك. في حال عدم حصد محصول جيد نتيجة سوء الري في تلك الأراضي على الموظف المحلى المسئول أن يتحمل شخصياً دفع الإيجار للخزينة الملكية بدلاً عن المستأجر.
إلى جانب زراعة الحبوب و الرعي نالت انتشارا واسعاً زراعة البساتين مما جعل بلاد الرافدين تبدو بستاناً مزدهرا، ولا غرو أنه هنا بالتحديد نشأت أسطورة الفردوس السماوي الذى تنمو فيه أشجار الفاكهة المدهشة. وكما دافعت الدولة عن مصالح ملاك الأراضي فإنها فعلت الشئ نفسه بالنسبة لملاك البساتين. وفقاً لأحدى مواد التشريع فإنه في حال قطع شجرة في بستان لا يخص الشخص فإن العقوبة التي تنزل بالجاني تصل إلى غرامة باهظة: نصف مينا من الفضة (حوإلى 252.5 جرام).
أسهم موقع بابل الجغرافي الملائم على النمو الملحوظ للتجارة. للأسف فإن التشريع لم يحتفظ سوى بالقليل من الإشارات عن نوعية السلع والبضائع التي شكلت الموضوع الرئيس للتجارة. لكنه يمكن الاعتقاد بأن بابل، بوصفها بلداً زراعياً، قامت لتصدير المنتجات الزراعية. ورَّد في المادة 104 من التشريع تعداد بعض السلع مثل القمح، والأصواف، و الزبدة. وفي المادة 237 أضيفت إلى تلك المنتجات الزراعية التمر. اتخذت تجارة بابل أشكالاً مختلفة. كانت الصادرات من مدينتي بابل و سيبار، وهما المدينتان الأكبر في المملكة واللتين عدتا أهم المراكز التجارية، إلى البلدان المجاورة قد اشتملت على بضائع متنوعة. كانت مدينة سيبار في تلك الفترة أكبر مركز لصناعة المنسوجات الصوفية، لكنها صدرت فوق ذلك، بخاصة إلى عيلام، التمر و الزبدة والحبوب. الواردات الأساسية من عيلام إلى المملكة البابلية تمثلت في خام المعادن (النحاس والفضة). أقامت المدن البابلية تجارة رائجة مع أشور التي تم استيراد الرصاص منها سلعة رئيسة إلى جانب معادن أخرى. الأختام البابلية الأسطوانية التي تم العثور عليها في الساحل الفينيقي وفي جزيرة كريت قد تسمح بطرح فرضية وجود صلات تجارية بين بابل والمدن الفينيقية. ضرب خاص من التجارة تمثل في بيع الأرقاء حيث تشير بعض الوثائق إلى جلب العبيد من جوتيوما الجبلية المجاورة. ففي أحد النقوش سجل أن تاجراً تاجر في الزبدة نظير جلب الرقيق الأبيض البشرة من جوتيوما.
إلى جانب التجارة الخارجية راجت كثيراً التجارة الداخلية باستخدام السفن التي تمخر عباب دجلة والفرات وتبحر في القنوات محملة بمختلف أنواع السلع : المنتجات الغذائية، والأصواف، والأخشاب، والطوب، والمعادن وغيرها. إلى جانب بابل و سيبار اشتركت المدن السومرية الكبيرة مثل لارسا ونيبور في حركة التجارة الداخلية. التجارة كبيرة الحجم تمركزت في يد الدولة بصورة أساسية، وجزئياً في أيدي بعض الأثرياء المتفرقين والذين عرفوا باسم "داماكارى". زاول هؤلاء الداماكارى التجارة بأنفسهم متحملين كافة ما يترتب عليها من مخاطر ومخاوف، وفي حالات قاموا بذلك بتكليف من الحكومة التي سيطرت على مجمل التجارة الخارجية. وزاول الداماكارى التجارة بإشراف موظفين مختصين أطلق عليهم اسم "وكيل داماكارى". شملت هذه التجارة الحكومية المتسع كل المنتجات والسلع الأساسية في البلاد، بخاصة الأصواف والأسماك. وإلى جانب تجار الجملة وجد تجار القطاعي الذين زاولوا تجارتهم الصغيرة عن طريق استلام السلع والقروض من كبار التجار الأثرياء أو من المعبد. راعى التشريع مصالح الملاك الأثرياء ونص في مواد محددة على ضمانات لتاجر الجملة لتحقيق ربح قانوني كبير. طبقاً للمادة 101 فإن الذى يأخذ قرضاً من تاجر كبير عليه استرجاع ما استلفه مضاعفاً، حتى لو اضطر إلى عصر أرباحه. المبرر الوحيد الذى يحرر المستلف من سداد القرض كانت هي العمليات العسكرية (المادة 103
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الناخبون العرب واليهود.. هل يغيرون نتيجة الانتخابات الآميركي
.. الرياض تستضيف اجتماعا لدعم حل الدولتين وتعلن عن قمة عربية إس
.. إقامة حفل تخريج لجنود الاحتلال عند حائط البراق بمحيط المسجد
.. 119-Al-Aanaam
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تكبح قدرات الاحتلال