الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهادات

فريد جلّو

2014 / 3 / 13
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


عندما التقيت قبل بضعة سنين بأم الشهيد نافع الحيدر أول ما تبادر إلى ذهني أن اسألها عن أهم ما مر بها في حياتها من أحداث وكان الجواب سريعا ......
الحديث للراحلة أم الشهيد : كان زوجي الراحل عبد الرزاق الحيدر متعاطفا مع الحزب الشيوعي منذ عرفته كما هو حال اغلب أبناء الطائفة المندائية التي ننتمي لها ، وقد عاد من عمله في يوم من الأيام يحمل من الغضب ما تنحني تحت ثقله حتى الجبال ، وكنَا آنذاك نسكن مدينة الفلوجة ، لم أشأ أن اسأله عن سبب ذلك الغضب ، ولكن عندما قدمت له الطعام طلب أن ارفعه لأنه لا يشتهي أن يأكل ، أحسست أن خطبا ما جلل قد حصل أو هو قادم ، بعد فترة وجيزة بدأ يتقاطر على دارنا عددا من الرجال ليدخلوا إلى غرفة الاستقبال ( الديوانية ) ويغلق الباب ويطلب عبد الرزاق القهوة للحضور ، وأناوله دلال القهوة بصمت واحدا بعد الآخر وبعد ذلك استمع لأحاديث من وراء الباب هامسة تتحدث عن إعدام شخص اسمه فهد بأصوات متهدجة ، سبق لي أن سمعت عن هذا الاسم ولكني لا اعرف تفاصيل عنه ، استمروا إلى ما بعد منتصف الليل واتفقوا أن يأخذوا قسطا من النوم ولكني اعتقد لم ينم احد منهم ، وقبل بزوغ الشمس كانوا قد تهيؤا للخروج ، فقط تناول كل منهم فنجان قهوة ، سألت أبو الشهيد : ما الأمر وأين انتم ذاهبون ؟ أجاب باقتضاب : يقال سيتم اليوم إعدام رئيس الحزب الشيوعي فهد واثنين من رفاقه ونحن ذاهبون إلى بغداد لاستطلاع الأمر وربما نحاول إيقافه عبر الاحتجاجات وإقامة المظاهرات ، توقفت أم الشهيد عن الكلام للحظات وكفكفت دموع نزلت من عينين لم تر النور منذ زمن ، فقد استشهد ابنها نافع في أقبية النظام المقبور بعد أن اعتقل عام 1980 وانقطعت أخباره ثم جاءوها الأمن بشهادة وفاته ، استدركت الموقف أم الشهيد ثم عادت لتواصل رواية تلك الملحمة ، عاد عبد الرزاق مساء ذلك اليوم وغضبه قد زاد وشعرت انه لا يريد أن يكلم احد ، جاءه بعض المعارف و اختلوا في تلك الغرفة وسمعت من وراء الباب انه يحكي لهم أن الحدث الجلل قد وقع ، فقد اعدم النظام العميل فهد ورفاقه ولم نستطع أن نخرج بمظاهرة لعدم استعداد الجماهير لذلك ولكن يبدو إن الشيوعيين يهيئون لشيء ما لا اعرفه .
والآن لي أن أكمل الحكاية ، لقد هيأ الشيوعيون ومعهم كل الديمقراطيين آنذاك لإسقاط نظام الحكم الملكي الرجعي عبر خوض نضالات متعددة مثل الإضرابات والمظاهرات وتشكيل تحالفات وصولا إلى انتفاضة عام 1956 التي كانت تمرينا أخيرا للجماهير وقواها الوطنية لإسقاط ذلك النظام المتخلف العميل واستبداله بجمهورية ديمقراطية وكان للحزب وللقوى الديمقراطية ذلك من خلال الضغط على الضباط الوطنيين وعلى رأسهم الزعيم الشهيد عبد الكريم لتقديم انجازات ثورية مما جعل الانقلاب ثورة بحق وفق المفاهيم الثورية .
رحلت تلك المرأة العظيمة عام 2002 ومعها حسرات عديدة ملئت صدرها ، فاصغر أبنائها سلام ما زال بالمنفى ولم تراه منذ عام 1977 وعدم استلام جثة الشهيد نافع وإقامة مراسيم العزاء حسرة أخرى وإحساسها بقرب مغادرتها هذه الحياة دون أن ترى نهاية هذا النظام الفاشي كان آخر الحسرات إذن فهي تستحق بجدارة لقب أما للمناضلين .
1- الشهيد نافع الحيدر مدرس جغرافية ، عمل في التدريس وكان عضوا في صفوف الحزب الشيوعي وكان كادرا متقدما ، وبعد الهجمة الفاشية على الحزب عام 1978 لم يغادر العراق وظل يعمل ضمن نطاق محلية الكرخ لإعادة بناء المنظمات حتى اعتقاله عام 1980 وتمت تصفيته داخل أقبية النظام وكل المؤشرات تقول إن الذين صمدوا ولم يعترفوا أو يبيعوا مبادئهم تمت تصفيتهم ولم تسلم رفاته إلى عائلته .
2- سلام عبد الرزاق صكر الحيدر شقيق الراحل نافع وهو أيضا ابن عم الشهيد ستار خضير ، عمل ضمن تنظيمات اتحاد الطلبة منذ بداية السبعينات ، ثم انتمى للحزب الشيوعي وأرسل في بعثة إلى الاتحاد السوفيتي لدراسة الطب ، قطع دراسته والتحق بقوات الأنصار ليقدم ما لديه من خبرة طبية للرفاق خصوصا إن قوات الأنصار كانت بأمس الحاجة لمثل هذه الخبرات ، عاد للاتحاد السوفيتي بعد حل قوات الأنصار ، استمر بالعمل ضمن تنظيمات الحزب هناك ثم هاجر إلى ألمانيا وتوفي هناك عام 2004 نتيجة مرض عضال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه


.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر




.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي