الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلبچة بين الأمس واليوم

راهبة الخميسي

2014 / 3 / 13
المجتمع المدني



حلبچة بين الأمس واليوم

تمر علينا بعد أيام ثلاثة الذكرى الأكثر إيلاماً على نفوس العراقيين, ألا وهي ذكرى المأساة الكارثية فاجعة الطغيان يوم الهجوم الكيمياوي البربري على مدينة حلبچة.
طعم الرمان, جنة الشهداء, مهد الأدب والشعراء, مدينة كوران الخالد, وموطن الأبطال.
ست وعشرون عاماً مضت, لم تمض معها هذه الذكرى, بل خطها التاريخ بحروف الحداد, وأرخها العالم حدثاً فريداً لم يسبقه مثيل, أن يعتدي حاكم الدولة على أبناء شعبه ويقتلهم بأبشع طرق الجرم والابادة الجماعية, ليحل السواد ورائحة السيانيد والبارود محل الشذى والجمال وطيب الرضا والوداعة الانسانية التي تميز أهلها.
أقدم قضاء في العراق أرخته الوثائق حين عين السيد عثمان باشا الجاف قائمقاماً له, فمنذ عام 1650م, كانت حلبچة سابقة بالتعليم والزراعة والخدمات البلدية والقضاء والأمن,، وقد سبقت حلبچة بناء مدينة السليمانية بحوالي مائتين وعشرون عاماً.
وقد تعايشت في حلبجة مكونات عراقية مختلفة، تعايشاً سلمياً مع بعضها, شكلت قوة إقتصادية وإجتماعية, ولم يتخلل تاريخها تمييزاً بين أبناء المدينة, فكان كل مكون فيها يمارس طقوس دينه, ولم تصادر الحقوق الدينية فيها لأي مكون, أو أن يحبر فيها أحد لتغيير دينه أو مذهبه, ألا بعد حكومة مزاحم الباجه جي في نهاية الاربعينات, حيث صدر قرار سحب الجنسية العراقية من المواطنين اليهود, مما إضطرهم لترك بلدهم.
ويحفل تاريخ حلبچة بشذرات تاريخية مشعة طوال السنين, فلقد كانت لفترة طويلة موضع حرص الزعماء منذ تأسيس الدولة العراقية ولغاية إنقلاب شباط الأسود, فلقد زارها في عهد الملكية, الملك فيصل الثاني عام 1956 في إحتفالات رسمية وشعبية كبيرة, وشيدت فيها بوابة ملكية على الطريق الرئيس لها زينت بصورة كبيرة للملك, وكتبت على بوابتها الكلمات الترحيبية بقدومه, وبعد سقوط الملكية في العراق, زارها الزعيم عبد الكريم قاسم عام 1961 ليحضر إحتفالات عيد العمال فيها, فشارك عمال حلبچة بعيدهم, وكان أول من إستقبله هناك عمال شركة مونير للطرق والجسور في حلبجة.
بعد أن بدأت حلبچة في أن تصبح حاضرة أقتصادية وثقافية وسياسية, جاءها النظام المقبور بفاجعته المدمرة في السادس عشر من شهر مارس آذار 1988 ليغرقها بالكيمياوي المبيد ويحول أكثر من 5000 من مواطنيها الابرياء الى جثث هامدة, ويمحو بريقها فيجعله سواداً, ويملأ نقاءها برائحة الموت والبارود, ليؤرخ للعراق صفحة قاتمة شهدت أكبر جريمة نكراء يندى لها جبين الانسانية.
وتمر السنين لتتوج اليوم حلبچة (محافظة) من محافظات كوردستان الحبيبة, بل تاج المحافظات الذي طرزه شهداؤها بحروف الشهادة ثمناً للحرية.
وستنتظرك ياحلبجة نهضة تفوق التصور, لتصبحي عروس كوردستان, ولينهض أبناؤك للعمران والبناء والتسابق مع التطور والحضارة, وستتصبحين مزاراً تاريخياً وسياحياً لكل أطراف الدنيا.
فهنيئأ لك ياحلبچة الصامدة مدينة الأحرار, وهنيئاً لأهلك الصابرين بهذا التتويج العظيم.

راهبة الخميسي_السويد
13/3/2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضجة في المغرب بعد اختطاف وتعذيب 150 مغربيا في تايلاند | #منص


.. آثار تعذيب الاحتلال على جسد أسير محرر في غزة




.. تراجع الاحتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية.. واعتقال أكثر


.. كم بلغ عدد الموقوفين في شبكة الإتجار بالبشر وهل من امتداداتٍ




.. لحظة اعتقال طالبة رفعت علم فلسطين بيوم تخرجها في أمريكا