الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ارفعي حجابك، هذه ثورة !

شريف خوري لطيف

2014 / 3 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لو كان سعد باشا زغلول يعيش أيامنا هذه، لكان وقف وسط ميدان التحرير يومي 25 يناير، 30 يونيو وقال لأم ألمصريين «هذه ثورة،، ارفعي حجابك يا صفية » و لكان قال للمعترضين « المرأة خرجت إلى الثورة بالبرقع ومن حقها أن ترفع الحجاب اليوم » . فهناك حوار للكاتب الكبير إحسان عبد القدوس بجريدة الزمان 8 يناير 1948 مع السيدة هدى شعراوي أول إمرأة خلعت البرقع و غطاء الرأس أثناء ثورة 1919 فحكت لكاتبنا الكبير كيف كانت عائدة وإبنتها وزوجها على نفس الباخرة التي عاد عليها سعد باشا حين إستقبلته الحشود عام 1920 فتقول: « حينما وصلنا للميناء استأذنت زوج إبنتي في أن أنزل أنا و إبنتي للجموع المحتشدة لاستقبال سعد، سافرتي الوجه، فأذن لنا، ورفعنا البرقع وقرأنا الفاتحة ثم خطونا علي سلم الباخرة مكشوفتي الوجه.. وتلفتنا لنري تأثير الوجه الذي يبدو سافراً لأول حركة بين الجموع، فلم تجد له تأثيراً أبداً، لأن كل الناس كانوا متوجهين نحوسعد متشوقين الي طلعته!. »

وقد كان يوم 16مارس 1919 وهو عيد المرأة المصرية، حيث صار علامة فارقة و مميزة في تاريخها المرأة وهو يوم ثورتها ضد الاستعمار ونضالها من أجل الاستقلال، وذكرى إستشهاد حميدة خليل أول شهيدة مصرية برصاص الإنجليز من أجل تحرير الوطن.حين تظاهرت فى هذا اليوم أكثر من 300 سيدة وعلى رأسهن صفية زغلول وهدى شعراوي وهن مرتديين البرقع ولدى وصولهن لميدان الإسماعيلية " التحرير حالياً " تجمعن أمام ثكنات قصر النيل، وهتفن ضد الإحتلال، وقمن بخلع البرقع وغطاء الرأس وهناك رواية تقول أنهن قاموا بحرقه بميدان الإسماعيلية الذي سُمى فيما بعد بميدان التحرير. وهناك العديد من الصور لهدى شعراوي وأم المصريين يظهرن في المناسبات العامة مكشوفات الشعر بدون غطاء الرأس .كما ظهرت هدى شعراوي بالصور في مؤتمر برلين أغسطس 1928.

هكذا نجحت صفية زغلول وهدى شعراوي في نزع الحجاب قبل خمسة وتسعون عاماً. حيث كانت هذه الثورة بمثابة النقلة النوعية والفكرية لمكانة المرأة المصرية وإسترداد الكثير من حقوقها الطبيعية، حين كانت ترتدي الملاية اللفّ والبرقع واليشبك والبيشة والمنديل أبو أوية، وكلها أزياء شعبية للمرأة المصرية قبل ثورة 1919 لاعلاقة لها بالدين، وبنزع تلك الأزياء الشعبية التي حجبت كينونتها، إستردت المرأة المصرية الكثير من حقوقها و تحررت فكرياً من كل نقيصة وثقافة ذكورية.
ومن يومها لم تعد المرأة المصرية تحجب وجهها ولا شعرها ، إلا في ثمانينات القرن الماضي حين زحف الحجاب الخليجي ثم النقاب السعودي لرؤوس المصريات و دخلت علينا أزياء دخيلة من شبه جزيرة العرب بتمويل تجار الدين لفرض حجابهم وأزيائهم وفكرهم وجهلهم المقدس، فإرتدته الكثيرات لتغطى معه عقلها بحجاب العورة والنقيصة تخوفاً و إجباراً من الأهل ومن مجتمع، تشبع بثقافة الذكورية الوافدة علينا من تلك الدول، ولكن يا له من واقع مرير أثبت معه أن نسبة التحرش بها و إغتصابها وممارسات العنف ضدها قد زادت أكثر مما كانت عليه قبل إرتدائه!.

و بعد أكثر من تسعين عاماً من ثورة1919خرجت المرأة المصرية في ثورتي25 يناير ، 30 يونيو لتؤكد مرة أخرى مشاركتها بالعمل الوطني وتخلع الكثيرات منهن حجاب فكر البداوة الذي صدره لنا ذكور دول الخليج فهو لايمت لمجتمعنا بعلاقة ولم يفرضه الدين، فلا هو فرضاً ولا سُنّة إنما مجرد عادة كما قرأنا هذا التصريح عن مؤسسة الأزهر الشريف عبر عشرات الجرائد والمواقع الإلكترونية، وأكد هذا فضيلة الشيخ الدكتور مصطفي محمد راشد أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بفتوى بكتابه« الرد على الفتاوي الوهابية والفكر المتطرف الإرهابي» تناول فيه من الناحية الفقهية ما أُشيع بتسميته الحجاب أو « غطاء الرأس الإسلامي»، مثبتاً بنصوص قرآنية و أحاديث صحيحة أنه ليس فريضة دينية معتبراً الحجاب شعاراً سياسياً لا أكثر، فقط يؤدي للتفرقة بين المواطنين والتمييز بينهم على أساس ديني.كما كتب هذا الطرح في مقال منشور في يناير 2010 بموقع الحوار المتمدن بعنوان« الحجاب ليس فريضة إسلامية ».

هكذا نجد ظاهرة الحجاب إرتبطت إرتباط وثيق بالثورات السياسية والنهج السياسي التي إنتهجه الرؤساء و الحكام، فنجد مثلاً الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة أول رئيس تولى بعد الإستقلال وهو المسلم الذي يعرف دينه، حيث ظهر في عبر شاشة التليفزيون في إحتفال شعبي وهو ينزع قسراً بيديه حجاب المرأة التونسية قائلاً لها: « انظري إلى الدنيا من غير حجاب». وفي عام 1981 أصدر قانوناً إسمه « المنشور 108 ، 102 » يأمر فيه المرأة بمنع إرتداء غطاء الرأس « الحجاب» معتبره زياً ليس دينياً بل يمثل مظهر من مظاهر الطائفية وينافي روح العصر ومعوق لقيم التطوير والتنمية والحداثة. وظلت تونس المدنية تلاحق هذا الزي وتمنعه بعد وفاة الرئيس بورقيبة، حتى أنه ومع بدء العام الدراسي في سبتمبر 2005 شن مسئولين بالتعليم بتونس حملة واسعة النطاق لتطبيق المنشور 108، وتم منع الطالبات المحجبات من دخول المدارس والكليات وملاحقتهن قانونياً وتقاد النساء المخالفات لقسم الشرطة للتحقيق معها في هذه التهمة حيث تجبر على توقيع تعهد بعدم إرتداء الحجاب مستقبلاً. و إنتهى الحظر بسقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في يناير عام 2011 وصعود التيارات الدينية للحكم .
مما يؤكد أن الحجاب زياً سياسياً إرتبط بالتغييرات والحركات السياسية على الساحة. و دعى شعوب العالم على تشجيع نزع هذا الزي في اليوم العالمي لنزع الحجاب وهو يوم 10 يوليو من كل عام تضامناً مع النساء المقهورات التي فرض عليهم لبس الحجاب أو النقاب أو الشادور أينما كانوا، لتحرير فكر المرأة المقهورة والمجبرة على إرتداء الحجاب من تجار الدين أصحاب ثقافة الفكر المريض.

وللمرأة أقول إرفعي حجابكِ و إرفعي رأسك وإعتزي بكينونتك كإمرأة وبثقتكِ بنفسكِ و إفتخري بشعرك فهو تاجكِ وليس بعورة كما يحاول الحاقدين التقليل منكِ ومن طبيعتكِ كأنثى ومن مكانتكِ الإجتماعية وتجملي بحجاب حياؤك وسلوككِ وعفتك و أخلاقيات طهارتكِ، فلا يمكن لقطعة قماش أن تحدد إيمانكِ ولن يمنحكِ العفة والفضيلة حجاب النقيصة والعورة ! فأكبر عدو للمرأة هو المرأة نفسها حين تخضع وترتضي أن يُمارس عليها ثقافة الجسد و عادات لا تمت للدين ولا ترتقي لمستواها الفكري كأنثى خلقها الله كاملة ومساوية للرجل، فليستِ بنصف رجلٍ ولا من ضلع أعوج ولا ماعون تابع للرجل لقضاء حاجته كما يروج أصحاب فكر البداوة الوهابي و الدخيل على مجتمعنا المصري. فطبيعة مجتمعنا علماني بالفطرة مهما حاول تُجار اللحم الرخيص تمويل فكرهم لتمريره لمجتمعنا. فتاريخكِ مشرِّف مشهود له في العالم أجمع إنكِ غيرتي تاريخ بلادكِ بثورتين غيرت تاريخ بلادي فتغيري فكرياً مع ما قمتِ به من ثورات، ثوري وكوني عزيزة في نظر نفسك لتكوني كذلك في نظر الرجل. فلا ينظر لكِ نظرة ذكورية، لأقول لكِ كما قال شاعر المرأة الكبير نزار قباني: « ثوري!.. أحبّكِ أن تثُوري,, ثُوري على شرق السبايا والتكايا والبخُورِ,, ثُوري على التاريخ وانتصري على الوهم الكبيرِ,, لا ترهبي أحداً فإن الشمس مقبرةُ النسورِ,, ثُوري على شرقٍ يراكِ وليمةً فوقَ السريرِ» .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 3 / 17 - 08:25 )
دكتوره مسلمه محجبه , سألها الصحافيون مستغربين (أن لباسها لا يعكس مدى علمها) ظناً منهم أن الحجاب رمز تخلف و رجعيه! .
فأجابتهم بكل بساطه و ذكاء قائله :
إن الإنسان في العصور الأولى كان شبه عاري , و مع تطور فكره عبر الزمن بدأ يرتدي الثياب , و ما أنا عليه اليوم و ما أرتديه هو قمة الفكر و الرقي الذي وصل إليه الإنسان عبر العصور , و ليس تخلفاً .
أما العري , فهو علامة التخلف و الرجوع بفكر الإنسان إلى العصور الأولى , و لو كان العري دليل التقدم ؛ لكانت البهائم أكثر تقدماً! .


2 - المسمار يدخل بالحيط بسبب ضربه على رأسه!!ه
صخر ( 2014 / 3 / 17 - 21:59 )
الكاتبة نانا, آن آحترم آرائك وأقرأ مقالاتك الثمينة.

أؤكد لك آن كل محجبة , هي محجبة لأنها تحت ظل رجل يشبه تماما بآرائه آراء السيد...عبد الله خلف...ومثله كثيرون جدا عددهـــــــم بالظبط عدد النساء المحجبات


سيدتي لا آظن آبداأن هناك إمرأة تحب الحجاب فهي تضعه خوفا.... آحيانا تدافع عنه حفظا لكرامتها التي تأبى ان تعترف آنها تضع الحجاب بأمر من الرجل

سمعت مقابلة لطفلة صغيرة محجبة آعطت رأيها بالحجاب فهي غير راضية به وكما قالت أنه عائق لها في حياتها

إحترامي

اخر الافلام

.. لقاء الرئيس التونسي مع المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإ


.. 1-Ali-Imran




.. 2-Ali-Imran


.. 3-Ali-Imran




.. 4-Ali-Imran