الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجالس يهود العراق الثقافية والأدبية والإجتماعية

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2014 / 3 / 18
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كانت حياة يهود العراق الاجتماعية لا تختلف عن حياة بقية الطوائف الدينية في العراق سواء أكان ذلك بالنسبة إلى التزاماتها الدينية أم الدنيوية , فقد دأب "أثرياء وأدباء يهود العراق في بغداد والمدن الأخرى على فتح مجالس خاصة بهم يستقبلون فيها ضيوفهم من الرجال في الأمسيات للبحث في أمور الحياة والأدب أو القضايا الاجتماعية والاقتصادية أو السياسة التي تهم الجميع , إضافة إلى تبادل الأخبار والمعلومات والإشاعات "(1).يجتمع في هذه المجالس في ليالي الشتاء أو الصيف أكابر رجال الدولة والوجهاء والأغنياء والشعراء والأدباء يقضون لياليهم في سمر ومنادمة وليس أروع من مجلس يترك به أصحابه الخوض في سير الناس فينصرفون إلى لعب الشطرنج.(2)
كانت المجالس الأدبية تعتبر مكاناً لحضور الشعراء العرب من المسلمين أو المسيحيين إلى جانب الشعراء اليهود والصابئة المندائيين وغيرهم ,فكانت تمثل الشخصيات المتنوعة من القوميات والأديان وذات الاتجاهات المتنوعة من حيث المبدأ, كان بعض المجالس لشخصيات دينية معروفة مثل مجلس الحاخام ساسون خضوري وأخرى للأثرياء والتجار اليهود وأخرى للأدباء والفنانين والشعراء , فقد وجدت في بغداد "في الفترة الواقعة بين الحرب العالمية الأولى وأوائل الخمسينيات عدداً كبيراً من هذه المجالس المتنوعة ... ويمكن فيما يلي ذكر اسماء البعض من تلك المجالس التابعة لشخصيات يهودية بارزة في بغداد :
مجلس الحاخام ساسون خضوري رئيس الطائفة اليهودية لسنوات طويلة حتى وفاته سنة 1917 , ومجلس مناحيم دانيال, ومجلس عزرا مناحيم , ومجلس المحامي والأديب أنور شاؤل , ومجلس الشخصية الاقتصادية البارزة والأديب مير بصري , ومجلس الحقوقي داود سمرة , ومجلس نعيم زلخة , ومجلس إبراهيم حييم , ومجلس روبين بطاط , ومجلس صالح قطان".(3)
مجلس الحاخام ساسون خضوري
يعتبر الحاخام ساسون خضوري أحد رجال الطائفة اليهودية في بغداد وحبر من أحبارها وعالم من علمائها وعيّن أحد أعيان بغداد , جمع خضوري بين الفقه واللغة العربية وأتسع علمه في مجالهما, أتصف بالتسامح والأنصاف, كان واعظاً لطيف الأسلوب واسع الفكر داعياً إلى الإصلاح والألفة الوطنية ,له كتب نافعة وتصانيف جامعة أهمها كتاب في الفرائض , وتعتبر أسرة خضوري من أهم الأسر البغدادية العريقة في الأدب والعلم وله مجلس في مركز رئاسة الطائفة اليهودية في محلة تحت التكية من بغداد (4).
ولد ساسون خضوري في بغداد عام 1880م , درس في المعاهد الدينية وتخرج في المدرسة الدينية العليا ليهود بغداد (بيت زلخة) وهي مدرسة لدراسة أحكام الفقه والشريعة الموسوية .
تدرج ساسون خضوري في المناصب الدينية حتى أصبح عضواً في المحكمة الشرعية عام 1919 ثم رئيساً عام 1927 , أختير حاخاماً أكبر للطائفة الموسوية في حزيران عام 1928 , ثم جدد انتخابه رئيساً للطائفة في كانون الاول 1949 بعد أن أعتزل نتيجة خلاف شديد نشأ بينه وبين سائر الحاخاميين, وفي تشرين الثاني 1953 أعيد تعيينه رئيساً للطائفة الموسوية , فظل في رئاسته حتى أدركته الوفاة في بغداد في 24 آيار 1971.(5)

مجلس أسرة دانيال
كان لمناحيم دانيال مجلس في محلة رأس القرية على نهر دجلة يختلف إليه الناس من مختلف الطبقات , وهم أسرة من كرجستان أتخذت من بغداد موطناً و سكناً في محلة التوراة وأمتهنت التجارة والزراعة وكانت على جانب من الجاه والثروة , نبغ منها مناحيم صالح دانيال وكان هذا من فضلاء أسرته في عصره (6), كان في مجلسه يتداول فيه الأحاديث عن التجارة والإقتصاد , فهو ذات صفه محببة للناس ولطيف في كلامه , ثرياً يمتلك مقاطعات زراعية في بغداد والحلة وقد عُيّنَ عضواً في مجلس الأعيان سنة 1925 حتى وفاته بتاريخ 2 تشرين الثاني سنة 1940 .(7)
كان لولده عزرا مناحيم صالح دانيال مجلس أخر في محلة السنك على نهر دجلة يختلف إليه الناس من مختلف الطبقات , كانت لهم تجارة واسعة وأملاك وعقارات منتشرة في بغداد وبقية المحافظات .
كان لاسرة دانيال أعضاء في مجلس الإدارة ومجالس أخرى قاموا في هذا الحقل بخدمات عظيمة نافعة فحصلوا على أوسمة رفيعة ورتب عالية وقاموا أيضاً ببناء منشآت خيرية , ومن أشهر هذه الأسرة صالح دانيال وولده مناحيم صالح دانيال وساسون صالح دانيال .(8)
من مشاركات عزرا دانيال في المشاريع الخيرية والثقافية منها كان عضواً في جمعية الهلال الأحمر وجمعية الطيران العراقية وجمعية مكافحة السل وساهم بمبالغ طائلة للمعاهد الخيرية وفي مقدمتها الميتم الإسلامي الذي أنشأه والده , وأوقف جانباً كبيراً من عقاراته وكل أملاك أخيه حسقيل المتوفي في فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية للمدارس والمستوصفات التي أنشأها في بغداد والحلة والهندية , وأسس قبيل وفاته مستوصفاً صحياً في دار أسرته القديمة في بغداد وملعباً من أحدث الملاعب الرياضية , وقد استولى الجيش العراقي على الملعب بعد حرب حزيران 1967 م توفى في 3 آذار 1952.(9)

مجلس الأديب والمحامي أنور شاؤل

الأديب والصحفي أنور شاؤل من مواليد مدينة الحلة عام 1904 , ينتمي إلى أسرة بغدادية قديمة تحدرت من الشيخ ساسون صالح داود يعقوب المعروف بأبي روبين , رئيس صيارفة ولاية بغداد على عهد الوالي سعيد باشا ,أتخذ جده المذكور مهنة التجارة حتى صار ممن يشار إليه في مجال الاقتصاد.
يعتبر أنور شاؤل ممن أمتهن الأدب والصحافة والمحامات , ذات صفات محببة للقريبين منه ,أديب وشاعر رقيق في أندية الفكر والأدب , أتخذ مجلسه لتداول الشعر والأدب وما يخص شؤون أبناء الطائفة , ذاع صيت مجلس أنور شاؤل في عموم العراق. (10).
كان مجلسه بمثابة موقع للحوار الفكري سواء أكان في مجال الأدب كالقصة والشعر والرواية أو الكتابة الصحفية , أم في مجال الاقتصاد والمال والاستثمار وتداول الأخبار والمعلومات حول واقع البلاد السياسية والاجتماعية والثقافية , فكان مجلسه بمثابة نشرة أخرى متحركة للذين يتنقلون من مجلس إلى آخر ويتحدثون في مختلف الموضوعات ويتنافسون مختلف القضايا , كما كانت موقعاً للنقاش حول القضايا الاجتماعية .
من المعروف أن يهود العراق من أصحاب المجالس تمتعوا بمكانة مالية واقتصادية وثقافية عالية وبعلاقات قوية ومتينة , فكان مجلس الشاعر أنور شاول يدول في اللقاءات والمطاردات الشعرية أو النظم المباشر بين الشعراء التي كانت تعكس اهتمامات الفئة المثقفة من العراقيين.
لم يكن مجلس شاؤل مقتصراً على أبناء الطائفة اليهودية بل كان ملتقى لجميع المثقفين والأدباء من مختلف الأديان والقوميات ومفتوحاً لجميع العراقيين دون استثناء , فكان ملتقى لمن يجد في نفسه الرغبة في المشاركة .
كانت مجالس يهود العراق بمثابة مركز يتجسد فيها الأعتراف بالآخر والتسامح في ما بين الناس والتعاون و تبادل الخبرة والمعرفة والأخبار ,إضافة إلى أنها كانت متنفساً للمشاركين فيها والقناة المهمة للمعلومات والأخبار والشائعات . وأجمل ما فيها أنها ورغم كونها كانت تعود لشخصيات من قوميات وأديان ومذاهب مختلفة ,إلا أنها كانت الملتقى العام لأتباع مختلف الأديان والاتجاهات الفكرية والسياسية والعلمية والفنية والأدبية أو الثقافية بشكل عام .(11)
المصادر
(1) و (10) و(11) د. كاظم حبيب – اليهود والمواطنة العراقية – مؤسسة حمدي للطباعة والنشر –سليمانية عراق 2006 ص 65
(2) و(3)و(4)و(5)و(6)و(7)و(8)و(9)د.طالب مهدي الخفاجي – أدب اليهود العراقيين وثقافنهم في العصر الحديث –دار المرتضى –بغداد -2008- ص168








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف