الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدعاة وقيم الأديان

فريدة النقاش

2014 / 3 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



تناقش كل الدوائر المرتبطة بالأزهر والأوقاف والافتاء هذه الأيام دور الدعاة في المرحلة الراهنة بعد تفاقم الإرهاب باسم الدين الذي اصبح يشكل هما سياسيا واجتماعيا رئيسيا في البلاد. وتستهدف المناقشات طريقة تكوين الدعاة ليلعبوا أدوارا إيجابية في مواجهة التطرف الذي يبدأ في الأفكار وينتهي إلي حمل السلاح ضد المجتمع.

ومايزال أمام الأساتذة والعلماء الذين يعلمون الدعاة الجدد طريق طويل للتخلص من القراءات الحرفية والنصية المحدودة للدين وصولا إلي عصرنة الفكر الديني حتي يتلاءم ويتوافق مع احتياجات العصر والتطورات العاصفة التي في مناهج المعرفة والأديان المقارنة والبحث العلمي عامة وما يعانيه الدعاة المنتشرون من آلاف المساجد والزوايا من بؤس معرفي هو حصاد تراكم طويل جري صنعه علي مدار مئات السنين بعد أن قامت القوي الرجعية دفاعا عن مصالحها وحرصها علي قيادة الجماهير كقطيع يسمع ويطيع بتهميش الفكر النقدي المنفتح في الثقافة العربية الإسلامية، والتعتيم علي رموزه وصولا إلي مصادرة أعمالهم وحرق كتبهم وحتي التعذيب والقتل. وفي المقابل جري تسليط الأضواء علي الفكر الجبري الذي روج له الأمويون تبريرا لاستبدادهم ولعمليات الاستغلال الواسعة التي قاموا بها للشعوب التي فتح الإسلام بلادها وإدخالهم مفهوم وراثة الملك في حكم الامبراطورية.

وهكذا غاب الفكر النقدي والرؤية العلمية المستنيرة للعالم وأخذ التطرف وضيق الافق والقراءة النصية تتوالد جميعها ذاتيا علي امتداد العصور، وتغذيها نظم التسلط والاستبداد والانقسام الاجتماعي الوحش. وأخذ هذا التوالد يفعل فعله في صفوف الجماهير العريضة التي سحقها البؤس المادي بالفقر والأمية، والبؤس الروحي الذي أشاعه تجار الدين بألاعيبهم.

وفي هذا السياق لعبت مؤسسات التنشئة الاجتماعية أدوارا سلبية خاصة حين انهار تعليم الفقراء انهيارا شاملا. بينما انتشرت الرؤي المتخلفة من وسائل الإعلام المختلفة سواء خاصة أو مملوكة للدولة، وبخاصة تلك التي سيطرت عليها جماعات اليمين الديني التي اعتقلت أذهان البشر في رؤيتها لانقسام العالم بين فسطاطين دار الإسلام ودار الحرب مدعية أنها هي الممثل الشرعي للإسلام حيث تنظر إلي كل من عداها باعتبارهم كفارا لابد من دعوتهم إلي الدخول في الإسلام عن طريق الدعوة أحيانا وعبر العمل المسلح في أغلب الأحيان والتقطت الدوائر الامبريالية هذه التوجهات التي وجدت أنها ملائمة تماما لمشروعها للهيمنة علي العالم في ظل الأزمة العميقة للرأسمالية التي فقدت منذ أن تحولت إلي الاحتكار دورها التقدمي وأخذت تبحث في ذاكرة الثقافات الإنسانية كافة عن كل ما هو رجعي وقمعي ليخدم مشروعها في كبح تقدم الشعوب.

ولعبت المؤسستان الدينيتان الأساسيتان في مصر أي الأزهر والكنيسة الدور الأساسى الداعم لكبح النقد والإبقاء علي مناهج التلقين التي استعار منها اليمين الديني مفاهيم السمع والطاعة، ولم تتعاملا مع التطورات العالمية في ميدان الفكر الإنساني تعاملا جديا وشاملا خاصة علم الأديان المقارن.

وتأتي الأسرة كمكون رابع وأساسي في منظومة مؤسسات التنشئة الاجتماعية وهي تتشكل من حصاد تفاعل أعمال هذه المؤسسات سالفة الذكر وتقوم بدورها غالبا علي التسلط الأبوي.

ورغم أن حصة الدين في المدارس تشكل عبئا نفسيا كبيرا جدا علي الأطفال المسيحيين الذين يجدون أنفسهم كالمنبوذين بعيدا عن الجسد الرئيسي لفصولهم ساعة هذه الحصة، وهو ما عبر عنه الفيلم البديع «لامؤاخذة» لعمرو سلامة كاشفا عن هذه المحنة في تعبير فني بليغ.

وكانت هذه الصفحة قد طرحت فكرة توحيد حصة الدين في المدارس لتتضمن القيم المشتركة والعليا للديانات كافة، وتتجنب كل ما هو خلافى وشائك شأن قضية صلب المسيح، ولكن أحدا لم يستجب، وتبقي هذه الفكرة مطروحة إلي أن يقضي الله أمرا.

كانت الهيئة القبطية الانجيلية سباقة قبل ما يزيد علي عشر سنوات حين دعت رجال دين مسيحيين ومسلمين في ورشات عمل مشتركة تبادلوا فيها الأفكار والمقترحات والهموم، ومازال هذا العمل قائما وقد راكم تراثا كبيرا بوسعنا أن نستفيد منه في تكوين الدعاة الجدد حتي يواكبوا مناخ الثورة الذي احدث تغييرا هائلا في ذهنية المصريين ورؤيتهم للعالم، إذ أصبح النقاش والجدل ماذة يومية في حياتهم خاصة بعد الموجة الثانية من الثورة في 30 يونيو 2014 التي رفضوا فيها الدولة الدينية رفضا قاطعا وصريحا وأطاحوا بحكم اليمين الديني. ولابد أن يتطور عمل الدعاة ليتواءم مع هذا الواقع الجديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وقفه مع النفس
على سالم ( 2014 / 3 / 19 - 16:19 )
يجب علينا جميعا عدم الخوف والرعب من نقد المقدس الاسلامى الارهابى الدموى ,نعم هذه هى الحقيقه ,الاسلام هو السبب الرئيسى فى تخلف مصر وردتها الحضاريه وكوارثها ,لايجب ان ندفن رؤسنا فى الرمال مثل النعام ونستعبط ونستهبل ونسمع شيوخ الكذب والعهر والفساد وكانهم اولياء الله على الارض ,هذا تفكير متخلف وغبى وسيكون من نتائجه خراب مصر تماما ,يجب ان نعلم جميعا ان دين الاسلام هو دين دموى وحشى صحراوى عفن ويجب عمل حملات توعيه كبيره بين قطيع البلهاء وتوضيح خطوره هذا المعتقد الاجرامى الفاسد ,اذا اردنا ان ننقذ مصر من هذا فانه يجب علينا التخلص تماما من الاسلام حتى تنجو مصر من الهلاك وكوارث صلعم

اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب