الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خصوصية التفكير الفلسفي

علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)

2014 / 3 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعد تعريف الفلسفة مشكلة بحد ذاته ، وذلك لعدم وجود اتفاق بين الفلاسفة على ماهية التفلسف , وفروع الفلسفة , والمواضيع التي تتناولها ، فقد باتت الفلسفة اقرب لأن تكون نزعات شخصية , او افكارا خاصة في رؤوس فلاسفتها ومفكريها على مر العصور , فهي لم تكن في يوم ما مبحثا متفقا عليه من قبل اكبر عدد ممكن من الناس , لا سيما الفلسفة التي سبقت النهضة العلمية المعاصرة التي بدأت في اوروبا واماكن اخرى من العالم .
من هنا نرى ان اصعب مشكلة يواجهها كاتب الفلسفة هي مشكلة التعريف ، فإن الفلاسفة بدءا من سقراط ووصولا الى فلاسفة النصف الثاني من القرن العشرين قد نظروا الى الفلسفة كلا من جهة نظره هو , وقلما اتفق فيلسوفان على تعريف واحد للفلسفة .
فالفيلسوف ينظر الى اصل هذا الوجود بوصفه شخص دائم التفكير في الاشياء البعيدة , لذلك تكون رؤيته اما على اساس ان الوجود مادي في اصله , اي لا يوجد له مبدأ غير المادة , او ينظر له على انه وجود عقلي , واخر ينظر له على انه مؤلف من الطرفين معا اي ان الوجود عقلي ومادي في الوقت ذاته , او ينظر الى الوجود على اساس انه اشياء متكثرة , وعلى اساس طبيعة النظر الى مسألة اصل الوجود يبني الفيلسوف افكاره واضعا مخططاً على وفق ما عنده من رصيد معرفي محاولا تفسير الطبيعة والاشياء تبعاً لذلك النظر .
ان مسألة تعريف الفلسفة تتخذ طابعا متمشيا مع ما يؤمن به كل الفيلسوف من افكار , فتعريف الفلسفة عند الفيلسوف المادي غير تعريفها عند زميله المثالي ولو ان هناك من الفلاسفة من يخالف هذا قليلا.
والامر ذاته نجده فيما يتعلق بنظرية المعرفة ومدى صحتها وشروطها وماهيتها , فهناك من الفلاسفة من يرى بأن منشأ الافكار واصلها يكمن في العقل , ومنهم من يرى انها وليدة التجارب الحسية لا اكثر , ومنهم من قال بأن الافكار تأتي نتيجة لاشتراك العقل والحس معا في عملية ادراكية مشتركة , ومنهم من ادعى بأن اصل الافكار هو الاشراق او الالهام او التصوف , وادعى اخرون بأنها ـ اي الافكارـ وليدة التجارب الاجتماعية , او هي افعال سلوكية منعكسة للواقع الخارجي , وهناك اقوال اخرى ... اما عن صحة هذه الافكار ومدى توافقها مع الواقع فقد ادعى بعضهم بأن ما تأتي به التجربة وحده هو الصحيح , ومنهم من شك في وجود افكارنا اصلا عادا اياها اموراً اعتبارية لا تصل الى درجة اليقين , اما فيما يتعلق بمسألة ماهية هذه المعارف التي نحن على علم بها فقد ذهب قسم من الفلاسفة الى انها اشياء عقلية فقط , ونظر اخرون لها بوصفها اشياءا واقعية فعلية موجودة في الخارج , وقد ينطلق الفيلسوف بحسب ما يراه في نظرية المعرفة واضعا تعريفا للفلسفة .
اما فيما يتعلق بمسألة القيم او مبحث القيم الذي ينقسم بدوره الى: الاخلاق , والخير, والمنطق فقد وضع الفلاسفة فيما يتعلق بالأخلاق اراءا ومذاهب على وفق ما تقتضيه فلسفة كل فيلسوف فقد اجاب البعض عن سؤال اصل الاخلاق : بأن الاصل هو ذات الفرد نفسه , فيما قال آخرون بأنه سلطة خارجية , وعند غيرهم نجد بأن اصل الاخلاق هو العقل , فيما ادعى آخرون بأن التجربة هي اصل الاخلاق , اما فيما يخص مسألة غرض الدوافع الاخلاقية فقد اختلف الفلاسفة حول الغرض او الغاية من الدوافع الاخلاقية فمنهم من رأى بأن جمع القولين هو الاصلح .
ومما تقدم نرى بأنه ما من ميدان فكري خاض به العقل الانساني منذ بداية التفكير الانساني الى الان اشد اختلافا وتنوعا وثراء من الفلسفة ...
وهكذا تبقى الفلسفة ميدان الفكر الذي لا تحده حدود ولا تقف بوجهه مقيدات , وبهذا فأنه من الصعوبة بمكان ان يكون هناك تعريفا عاما للفلسفة يرضي الجميع اويصلح مدخلا لدراسة الفلسفة , فالفلسفة والحالة هذه اشبه ما تكون ببنايه كبيرة تحتوي على ابواب كثيرة كلها تؤدي الى اروقة متداخلة فيما بينها فمن اي باب دخلت فأنك لا شك تدور في البناية ذاتها ولا تستطيع ات تزعم اي الابواب هو الرئيس .
وانطلاقا من كل مسألة من مسائل الفلسفة يمكن ان نعطي تعريفا للفلسفة , وهكذا فان افضل ما يوضح ماهية الفلسفة : استعراض مسائل الفسلفة ذاتها , اذ لا يوجد تعريف محدد للفلسفة انما توجد مسائل لكننا نستطيع من خلالها ان نميز اتجاه عن غيره من انماط التفكير الفلسفي .
وتتميز الفلسفة عامة بأنها : حتمية وضرورية لكل انسان على الرغم من التفاوت في التفكير الفلسفي من انسان لآخر وتميل الى التجريد والوقوف على المبادئ العامة للوجود وتتساءل عما هو عام ونهائي وشامل مثل : اصل الوجود , ومفهوم الحرية , وقدرة العقل البشري . لكن لماذا يتفلسف الانسان ؟
اذا تأملنا في اسباب التفلسف فنستطيع ان نحصرها بما يلي : حب الاستطلاع نتيجة الدهشة والتأمل في الوجود والمسائل المحيرة التي ليس لها تفسيراً واضحاً مثل طبيعة الوجود ونوعه وما يعتري الانسان من موت ومواقف اخرى يعجز عن تفسيرها , فضلا على طبيعة التفكير البشري الذي يميل الى محاولة معرفة المجهول.
ولا بد من التأكيد على ان الانسان قد يسلك اكثر من طريقة في تفسيره للأشياء , اي اكثر من نوع من التفكير , فهناك التفكير الاسطوري او الخرافي الذي يتميز بانخفاض مستوى التفكير وبدائيته , وصبغ الظواهر الطبيعية بصبغة الحياة الطبيعية , والارتباط بالأشياء الطبيعية بعلاقات روحية مقدسة وهو ما يعرف بـ ( الطوطم والتابو ) , وتفسير الظواهر من خلال غاياتها التي تؤدي اليها .
وهناك التفكير الديني الذي يتميز بـالقول بأن مصدر المعرفة هو الايمان ثم العقل ,ويسلم بأمور الغيب بوصفها اعلى من مستوى العقل , ويهدف الى ارضاء النفس واعطاء الطمأنينة من خلال الرضا والتسليم بما تمليه العاليم الدينية .
وثمة نوع آخرمن التفكير , وهو التفكير العلمي الذي يتميز بأنه معرفة متراكمة بنائية وفي الوقت ذاته معرفة نسبية اي انها متطورة ومتغيرة ومعرفة مطلقة اي انها لا تتصل بمشاعر الانسان مثل الفن والفلسفة , ويدعو الى التنظيم , ويبحث عن الاسباب ويتصف بانها شمولية والحياد والدقة والصرامة ,والميل الى الوصفية اي الى الكم لا الكيف , ثم انه معرفة تقع ضمن دائرة قانون السببية والحتمية .
اما التفكير الفلسفي فقد مر انه يهتم بمسائل وجودية عامة , لم يصل العلم الى حلها مثل : اصل الكون وبدايته , ومفهومي الزمان والمكان ومسائل النفس , لذلك يعتمد على العقل ويرفض مقولات الوحي والالهام ولا يقف امامه ممنوعات او محرمات لا تخضع للشك والمساءلة فهو تفكير في الوجود بكل ما فيه , وهو سؤال دائم وعام عن طبيعة الاشياء , وعليه فهو يأتي بعد ان يقف العلم عاجزا عن تفسير الامور ليعمد الى التحليل والنقد ولو كان موضوع النقد العقل نفسه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله يوسع استهدافاته.. وإسرائيل تؤكد حتمية الحرب مع لبنا


.. أوامر إسرائيلية جديدة بعمليات إخلاء إضافية لمناطق في شرق رفح




.. الفاشر.. هل سيكون بداية نهاية حرب الجنرالين؟ | #التاسعة


.. للمرة الأولى منذ عقدين.. عاصفة شمسية تضرب الأرض |#غرفة_الأخ




.. كأس الاتحاد الإفريقي.. نهضة بركان يستضيف الزمالك في ذهاب الن