الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف نفهم العقل؟

أحمد القبانجي

2014 / 3 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قالوا وقلنا:.......

قال الامام الصادق عندما سئل عن العقل: العقل مااكتسب به الجنان وعبد به الرحمن. فقيل له: وماهذا الذي عند معاوية؟ قال: تلك النكراء تلك الشيطنة وليست بالعقل.(اصول الكافي,ج1,باب العقل والجهل).

اقول: ماورد في هذا الحديث يعكس الرؤية الدينية للعقل,اي العقل المشروط بالايمان,اما العقل بدون ايمان فهو النكراء والشيطنة وليس من العقل, هنا نسجل عدة ملاحظات:
1-من حقنا ان نتساءل:كيف نحصل على الايمان,واي ايمان هو الصحيح؟ هل الايمان الشيعي الطائفي الملئ بالخرافات والغلو, ام الايمان الوهابي التكفيري الذي يدعو الى قتل الناس كطريق للحصول على الجنة والتمتع بحور العين؟ الامام الصادق لم يذكر لنا في هذا الحديث نوع الايمان الذي به نعبد الله ونفوز بالجنان,وكأن المسألة واضحة ومن المسلمات عنده, وهذا يعني اننا وقبل السعي الى اكتساب الجنان لابد لنا من معرفة الطريق الذي نسلكه للوصول الى هذا الهدف,اي لابد من اعطاء العقل (الحرية) في معرفة الطريق الى الله لا من خلال العقائد الجاهزة التي دخلت الى الذهن عن طريق التربية والمحيط الاجتماعي لانه ربما تكون هذه العقائد خاطئة فكيف نحصل بها على الجنان ونعبد الرحمن؟

2- وهذا يعني كسر قيود التقليد والجمود عن العقل وفسح المجال له لاكتشاف الحقائق بحرية,اي كسر حاجز القداسة الموهومة عن هذه العقائد الموروثة,واذا تحرر العقل تحررت النفس ايضا من التعصب والانغلاق والطائفية وامثال ذلك, وهذا يعني (الاستقلال), لان العقل يتأثر بالمحيط الاجتماعي والمصالح والميول العاطفية والطائفية فيرى مصالح طائفته او عشيرته او وطنه حقا وصوابا بل ان هذه الميول والعلاقات والروابط الاجتماعية لا تسمح له بالتفكير خارج هذا الاطار, وحسب اركون تدخل بعض الحقائق منطقة اللامفكر فيه,وهذا يعني ان حرية الفكر ملازمة للاستقلال النفسي من الميول الداخلية والجواذب الخارجية.

3-يتبين مما تقدم ان العقل المطلوب في الدين بمثابة مخزن للحقائق والمعلومات الدينية-کامبيوتر- كما هو الحال في غالبية المتدينين حيث يعتقدون بصحة وحقانية جميع مافي اذهانهم من قضايا دينية ورثوها من الاسرة والمجتمع ولا مجال للنقاش فيها,وهذا العقل الديني يطلب من صاحبة السير وفق هذه العقائد كما جاء في الحديث اعلاه دون النظر الى صحتها وسقمها بل دون التشكيك في صحتها لانه يؤدي الى الكفر والخروج من الملة,اما العقل الذي نقصده فليس هو العقل المخزني بل العقل المتحرك في طلب الحقيقة وان لم يصل اليها,واذا تقرر ان يتحرك العقل بهذا الاتجاه,فمضافا الى شرط الحرية والاستقلال في حركته,يجب ان تتوفر لديه مصادر المعرفة ولا يقتصر على منبع واحد منها لانه لا يستطيع التمييز واختيار الاحسن اذا كان امامه طريق واحد ومنبع واحد للمعرفة,وهنا ينفتح باب (التعددية) في مصادر المعرفة, فيستمع ويقرأ للاديان والمذاهب الاخرى ويختار من كل بستان زهرة ويكتشف بسهولة مواطن الخلل والقصور في دينه ومذهبه ويعمل على ترميمها واصلاحها.

4-واذا انفتح العقل على مذاهب الاخرين انفتحت النفس عليهم ايضا,فلا يبقى في نفسه كراهية نحوهم ولا يجد في نفسه فضلا وامتيازا عليهم,ولا يجد في طائفته امتيازا على الطوائف الاخرى,وهنا ينفتح امامه باب (الانسانية) ورؤية الاخرين من كل دين ومذهب انهم اخوته في الانسانية.

5-وبعد التوصل الى الانسانية هنا يأتي دور العقل العملي وعبادة الرحمن واكتساب الجنان,اي لابد من المرور بخمس مراحل للعقل قبل ان نصل الى المرحلة الاخيرة الواردة في هذا الحديث,وهي:(العقل الباحث عن الحقيقة) و(الحرية) و(الاستقلالية) و(التعددية) و(الانسانية) وحينئذ يتغير كليا فهمنا عن عبادة الرحمن واكتساب الجنان عن الفهم السائد,لان هذا العقل الذي وصل الى مرتبة الانسانية سيأمر صاحبه بعبادة الرحمن عن طريق العمل بالخير والاحسان للناس لا من طريق الغزو والجهاد ونهب الاموال والنساء والاطفال كما يأمر بذلك اله القرآن.. وهذا العقل سيأمر صاحبه بالمحبة لجميع الناس على اختلاف اديانهم ومذاهبهم ولا يزرع فيه الكراهية والمقت لمن خالفه في الدين(ولو كانوا اباءهم او اخوانهم او..)كما يأمر بذلك اله الامام الصادق.. وهذا العقل المتحرر من قيود الموروث الديني هو الذي يحرر صاحبه من حالات التعصب والدوغمائية والطائفية والظلامية ويجعله منفتحا على الخلق والانسانية ويعيش الحب والخير والصلاح... وهذه هي الغاية من وجود العقل لا ماورد في الحديث المذكور....... وشكرا لكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العقل
nasha ( 2014 / 3 / 23 - 05:17 )
طريقة تفكير انسانية منفتحة لا ترتبط باي قوالب جاهزة . ابحث في كل المصادر واختار المناسب تحت شرط واحد وهو ان تحب لنفسك ماتحب لغيرك ولا تكره احداً. اي لاتنحاز لنفسك او لمجموعتك القريبة و كن بعيداً عن الانا و الغريزة المتأصلة بنفسك .
بديع استاذنا تحياتي الخالصة لانسانيتك


2 - تعليق1
عبد الله خلف ( 2014 / 3 / 23 - 07:42 )
• أركان الإيمان سته , و هي :
- الإيمان بالله .
- الإيمان بالملائكه .
- الإيمان بكتب الله المنزله .
- الإيمان برسالة الأنبياء .
- الإيمان باليوم الآخر .
- الإيمان بالقدر , خيره و شره .
هذا هو الإيمان ببساطه , لذلك , عندما تقول اليوم الآخر , فالعلم يؤكده بالـ(بيوسنتريزم) , و عندما تقول القُدر , العلم يؤكده بالـ(تاريخ المصمم) , راجع :
- البيوسنتريزم :
http://www.robertlanzabiocentrism.com/does-death-exist/
- التاريخ المصمم :
https://www.youtube.com/watch?v=tbqaLqhpxCM
• الإسلام لا يدعو إلى توقف العقل , بل حث على الفكر و العقل , و الآيات خير شاهد .

يتبع


3 - تعليق2
عبد الله خلف ( 2014 / 3 / 23 - 07:42 )
• أي حقيقه يطلبها العقل؟... لا توجد حقيقه كامله , راجع :
في عام 1927 وضع (هايزنبرج) مبدأ (عدم اليقين) أو مبدأ (الريبة) , وهو مبدأ فيزيائي من المباديء التي تحكم الكون , ينُص هذا المبدأ على (أننا ممنوعون من معرفة الحقيقة الكلية , وليس لنا أن نختار إلا نصف الحقيقة أما الحقيقة الكاملة فنحن ممنوعون عنها) .
يعتبر مبدأ (عدم اليقين) لـ(هايزنبرج) قانون صارم من قوانين الطبيعة ولا يرتبط بأي شكل ببعض القصور الموجود في أجهزتنا , وهو مبدأ يُعلمنا أنه ليس في وسع الانسان إلا المعرفة الجزئية أما المعرفة الكُلية فهذه حكمة لم يُسمح لنا بالاطلاع عليها .
ويعتبر هذا المبدأ من أعظم المبادئ أثراً في تاريخ العلم الحديث حيث أنه يضع حداً لقدرة الإنسان على قياس الأشياء.
• الإخوه في الإنسانيه موجوده في الإسلام , فالقرآن أكد على المسلم أن حل في أكل طعام أهل الكتاب , و مناكحتهم , بينما هذا مرفوض على أهل الإلحاد , لأن الإلحاد = اللا أخلاق .
• القرآن لم يأمر بالجهاد الهجومي , بل أمر بالجهاد ؛ دفاعاً عن النفس , فهل الدفاع عن جرم؟ .


4 - لو استخدم البشر عقولهم لحيينا بسلام
مروان سعيد ( 2014 / 3 / 23 - 10:11 )
تحية كبيرة لشيخنا الموقر احمد القبانجي
من اكبر مشاكلنا نحن العرب عدم استخدام عقولنا الا بكيف الاضرار بالبشر والشجر والحجر
انظر ما يحصل بالبلاد العربية وخاصة سوريا والعراق ومصر واليمن هل هناك لديهم عقل بشري وحتى الحيوانات لايفكرون هكذا
العقل هو الوعي ومن الوعي تنطلق الافكار الحضارية والتقدم العلمي والمعرفي الذي خصص به الله البشر هذا اذا استخدم عقله بالطريق الصح وللاسف اخترع الانسان غسيل الادمغة واخترع بها الاديان والطوائف والاحزاب لكي يقتلوا بعضهم البعض ويوجد هناك مستفيدين من هذا مثل معامل الاسلحة والدول الصناعية والراسمالية العالمية
وكما تفضلت يجب على الانسان فحص جميع الاديان والمعتقدات والانفتاح عليها واختيار ما هو الصحيح والصالح لهذا العصر واستنتاج ما يريده منا الاه المحبة
هذا لمن يريد العيش بسلام ومحبة وينبذ العنف بجميع اشكاله
ودامت افكاركم المتنورة
ومودتي للجميع


5 - لم اختلف العقلاء اذا؟
عبد الله اغونان ( 2014 / 3 / 23 - 13:25 )
العقل ليس مجردا

بل هو عند هذا ليس هو نفسه عند ذاك

أفلاطون وأرسطو كلاهما يدعي استعمال العقل وأرسطو تلميذ أفلاطون وهما من بيئة

واحدة ومع ذلك هما على طرفي نقيض

في القران الكريم عبارة

لهم قلوب لايفقهون بها

فجعل القلب مناط الفكر

تاريخ العلم يثبت أن كل النظريات حتى في العلم الطبيعي المادي مبعثها القلب

العقل له مجاله واستعماله في الغيبيات لم يقدم الى الان أي تطور بخلاف مجاله الخاص

المادي المحسوس


6 - شخصنة المقدس
عاد بن ثمود ( 2014 / 3 / 23 - 13:32 )
المتطرف لا يفصل بين موضوع الجدال و البحث و بين نفسه، و عندما تقوم بتحليل نقدي للمعتقدات التي يؤمن بها و يقدسها، يعتبر هذا إهانة لشخصه الكريم الذي يمتلك الحقيقة المقدسة، كل الحقيقة.
و يا ليته يغوص لوحده في معتقداته المقدسة (فهذا شأنه) دون المساس بمعتقدات الآخرين، بل يريد فرضها على غيره كذلك و لو باستعمال العنف الوضيع و التقتيل
الشنيع ليدخل الناس أفواجاً في دين الرحمة و التسامح.

لو قال أحدهم اليوم إن الأرض هي مركز الكون رافضاً كل الأدلة العقلية و الحسية التي تثبت عكس ذلك، فليس لأحد الحق في أن يعنفه أو يسبه فما بالك بأن يقتله لمجرد معتقد يؤمن به لا يغير من قوانين الكون شيئاً.


7 - جاذبية الأرض و جاذبية المقدّس
عاد بن ثمود ( 2014 / 3 / 23 - 13:59 )
الإنفصال عن المقدس من أجل نقده و تحليله بموضوعية يتطلب مجهوداً عقلياً و نفسياً كبيرين.
هذا المجهود شبيه بالطاقة اللازمة لتخليص مركبة فضائية من جاذبية الأرض حتى يمكنها الإبتعاد و رؤية الأرض كاملة مثل كرة تسبح في الفضاء. أما الشخص الذي يكتفي بقفزة (إن هو حاول ذلك) فلن يمكنه أبداً التخلص من جاذبية المقدس التي تجعله دوماً لصيقاً بنصوصها.


8 - العقل المفتوح هو الذي يرى
ريم شاكر الأحمدي ( 2014 / 3 / 23 - 19:56 )
العقل من الأنظمة المفتوحة وإن إنغلاقه يفسد برمجته : وأما الإيمان ببساطة هو أن يضع الشيء في محله بحيادية تامة..ضمن الإدراك البشري مادمن نجهل( قطة شرونكر) حية أم ميته
سلام

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah