الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف نفهم الوحي؟

أحمد القبانجي

2014 / 3 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قالوا وقلنا:.........

قال الامام علي في نهج البلاغة: (يقول الله سبحانه: فبي حلفت لأبعثن على اولئك فتنة تترك الحليم فيها حيران, وقد فعل)-نهج البلاغة,الحكم القصار,369.

أقول: هنا ينقل الامام علي كلاما عن الله مباشرة غير موجود في القرآن,وقد ورد مثله بكثرة في روايات اهل البيت وكلمات العرفاء ومنه الاحاديث القدسية, والسؤال هو:من اين أتى الامام علي بكلام الله هذا؟ اذا كان قد سمعه من النبي فلماذا لم يقل ذلك, ولماذا لم يجعله النبي من القرآن؟ وان كان لم يسمعه من النبي,فهذا يعني انه يستطيع المؤمن ان يسمع كلام الله في قلبه عن طريق الالهام ويقول:قال الله..وليس ذلك حكرا على النبي كما هو المتفق عليه في روايات أهل البيت وكلماء العرفاء والصوفية من السنة والشيعة,وحينئذ يمكن القول بأن الوحي مستمر ولا يختص بالانبياء كما ذهب اليه ابن عربي,الا أن الوحي التشريعي قد انقطع بموت النبي لا الوحي بشكل مطلق.
اذا عرفنا ذلك نأتي الى القرآن لنرى ان الوحي فيه ليس كما يدعي علماء الاسلام من انه كلام الله لفظا ومعنى وان النبي لم يتصرف فيه,لان الحقائق تثبت غير ذلك وانه يستحيل ان يكون هذا القرآن هو كلام الله,وقد تحدثنا في مناسبات سابقة عن هذه الحقيقة وذكرنا بعض تناقضات القرآن ومخالفة الكثير من معارفه للعلم والعقل والاخلاق والضعف البلاغي والادبي مما يدعونا الى تنزيه الله عن نسبة هذا الكلام اليه,ولكن مع ذلك قلنا ان النبي صادق في قوله ان هذا كلام الله كما قال الامام علي هذا الكلام المذكور اعلاه ولم أجد من علماء الاسلام وشراح نهج البلاغة من اعترض على الامام في هذا الكلام, واذا دققنا في القرآن فسوف نرى ان النبي قد استقى هذا الكلام بثلاث طرق ونسبه الى الله,أي ان الوحي القرآني على ثلاثة انحاء:

1)الالهام: كما رأينا في كلام الامام علي وانه ينسب هذا الكلام لله وهو صادق بدليل انه لم يعترض عليه احد, وكما نجد مثله في كلمات اهل البيت والعرفاء والصوفية,ومن ذلك كلام الله لام موسى مع انها ليست نبية(واوحينا الى ام موسى ان ارضعيه فاذا خفت عليه فألقيه في اليم) وهذا يعني ان الاولياء كانوا يسمعون كلاما في عقولهم وبواطنهم,فاذا كان كلاما جيدا وصالحا اعتقدوا انه من الملائكة وهي بدورها تأخذ الكلام من الله, واذا كان كلاما خبيثا وغير صالح اعتقدوا ان هذا الكلام من الجن,ولذلك كانوا يعتقدون بأن الشعراء مرتبطون بالجن وان الشعر هو مما يوحي به الشياطين للشعراء, ومن هنا نفهم موقف النبي السلبي جدا من الشعر والشعراء ردا على من قال ان هذا القرآن من الجن وان محمدا شاعر..
اذا عرفنا ذلك يتبين لنا ان الكثير من آيات القرآن هي الهامات وخطرات خيرة كانت تخطر على قلب النبي وعقله فيتصور انها من الملك ومن الله كما كان هو المعروف في ثقافة ذلك الزمان,والشاهد على ذلك ان كل انسان يجد مثل هذه المفاهيم في وجدانه وعقله دون الاستعانة بالقرآن,مثل: ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر.. ومن ذلك ايضا الوصايا العشرة لموسى حيث انه كتب ماخطر على قلبه في الالواح وجاء بها الى قومه وقال انها كلام الله,وعندما نقرأ هذه الوصايا(لا تقتل,لا تكذب,لا تزن,لا تشتهي زوجة جارك و..) نجد مثلها في وجداننا,اي ان موسى لم يأت بشئ جديد لا نعرفه حتى يقال بانه لا يعقل ان تصدر هذه الوصايا من انسان عادي ولابد ان يكون نبيا ويستلم هذه المعارف من الله .

2)الاستنساخ: بما أن النبي محمد كان مؤمنا ومصدقا بالتوراة والانجيل,وقد اقر بذلك مرات عديدة في القرآن(مصدقا لما بين يدي من التوراة والانجيل), فكل ماورد في التوراة والانجيل من قصص الانبياء واقوامهم ومقولاتهم كان النبي يصوغها بطريقة بلاغية ويعرضها بثوب جديد ويقول انها من الله وهو صادق ايضا,لانه كما قلنا انه كان يعتقد ان التوراة والانجيل من الله,كما ان علماء الاسلام يرون ان صحيح البخاري صادر عن النبي,او كتاب الكافي صادر عن اهل البيت فيقولون:قال النبي كذا,وقال الامام الصادق كذا,وهم صادقون لانهم مؤمنون بالبخاري والكافي وربما لم يقل النبي او الامام ذلك الكلام.والصدق هنا لا يلازم صدقه الموضوعي ومطابقة كلامه مع الواقع الموضوعي بل يكفي مطابقة الكلام لما يعتقده,فعندما يقول العلماء والفلاسفة وجميع الناس ومنهم النبي في الماضي بأن الشمس تدور حول الارض لما يجدونه بصورة محسوسة من ثبات الارض ودوران الشمس حولها فهذا يعني انهم صادقون وغير كاذبين في هذا الكلام رغم ان العلم الحديث اثبت خلاف ذلك,وهذا هو معنى الصدق الذاتي لا الصدق الموضوعي.

3)الاستيحاء:حيث نرى في الكثير من آيات القرآن ان الله يتحدث مع من لا يعقل ولا يمكن صدور مثل هذا الكلام عن الله,وهذا يعني ان النبي استوحى من هذه الحادثة اوالظاهرة الطبيعية هذا الكلام وجعله بشكل كلام جرى بين الله وذلك الشئ,من قبيل:(واذ قلنا لجهنم هل امتلأت فتقول هل من مزيد),ومعلوم ان الله لا يتحدث مع النار وهو عالم بانها امتلأت ام لا,وكيف تجيبه جهنم وبأي لغة وبدون لسان و..؟ ومن هذا القبيل )فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين) فكيف تتكلم الارض مع الله وكيف يتكلم معها؟ هذا هو مانعبر عنه بالاستيحاء,اي يستوحي النبي من ظاهرة طبيعية كلاما بين الله ومخلوقاته,ومثله كلام الله مع فرعون حين غرقه(فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية),فهل يعقل ان الله تحدث مع فرعون وفي هذا الوقت بالذات بمثل هذا الكلام,وما فائدة ان الله يخبره انه سينقذ بدنه بعد موته؟ وهكذا الكلام الذي يدور يوم القيامة بين الله واهل النار او بين اصحاب الجنة واصحاب النار,لاننا نعلم قطعا بان النار التي ورد وصفها في القرآن لا تدع لسانا ولا عقلا عند اهل النار فكيف يمكنهم الكلام والجواب؟.. والامثلة كثيرة.
ويتبين مما تقدم ان النبي محمدا كان صادقا فيما يخبر عن اعتقاده بأن هذا الكلام من الله وفي ذات الوقت نعلم جزما بأن الله الحقيقي لم يتحدث بهذا الكلام,وبذلك نستطيع تجاوز الكثير من الايات القرآنية وعدم الالتزام بها واتباع العقل والعلم مع الاحتفاظ بصدق القرآن والكتب المقدسة الاخرى,فليس الامر دائرا بين الالتزام بها كلها كما يقول المتدينون او رفضها كلها كما يتصور المثقفون ........... والرأي اليكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اذا كان هو وحي ذاتي فهل هو ملزم لزماننا؟؟
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2014 / 3 / 24 - 06:59 )
ما نرى من مضى من انبياء مرسلين
من الى العالم اهدى نعمة دامت سنين
لا ولم يخلق الينا آلة تسقي المعين
فهل الرسل ام الصناع خير
لست ادري
ما نراهم قد اتوا الا بنثر من كلام
جعلوه معجزا كي لا يضاهي مايسام
كم اتى طه حسين منه اعلى بالنظام
فهل الدكتور طه هو طه
لست ادري
اترى الهاتف والحاكي ومذياع و رادار
والتي الاجواء تطوي والفيافي والبحار
للبرايا هي خير ام كلام في اتشار
ثم ما ذا نفعه ان لم يطبق
لست ادري
ان في القرآن والشرع كثيرا من سنن
لا ترى يحكي من تطبيقها هذا الزمن
الرباء والقطع والرق واذن باذن
ام ترى ردت ولكن ليس ندري
لست ادري
لا ارى فرقا لطه امتاز عن مسيلمة
غير ان الحظ وافى ذا وهذا حرمه
فهو قبل الفتح لو مات تنبى عكرمة
فلما صدق هذا دون هذا
لست ادري
السيد الجليل: انا في القران الحادي والعشرين وتلقيت الدين ورائة عن ابي السلفي الوهابي وكنت مشككا فيه بـ سبب تعدد المذاهب والفقهاء فهل يعقل ان دين الله يترك للبخاري ومسلم والكليني والصدوق وهل يعقل ان كتابا منزلا من عند الله يكون حمال اوجه ويكون سببا في زهق الارواح البريئة باسم الحهاد ويكون وسيلة لتسلط الظلمة لضبابية المعنى وكيف اكون ملزما به؟؟


2 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 3 / 24 - 08:37 )
تم التعليق في خانة الفيس بوك , تحت مُعرّف : (أبو بدر الراوي) , و السبب : سعة مساحة الكتابه .
و في هذه التعليقات تم الرد على شُبه الكاتب | أحمد القبانجي , لذلك , تم التنويه .


تحياتي المخلصه


3 - الوحي
nasha ( 2014 / 3 / 24 - 08:38 )
استاذي الفاضل مقالك اليوم هو محاولة لتعريف الوحي و تقريب الفكرة للقارئ ، حسب فهمي المتواضع انه من الصعب تعريف الوحي و مصدره
بامكان حضرتك ان تدعي الوحي او اي انسان اخر يفكر و يستنتج.
حتى الذي يفكر و يستنتج افكار شريره ممكن ان يقول انه ايحاء
جميعنا لدينا الية في عقولنا تستقبل المعطيات وتُفاعلها مع المخزون المعرفي لدى عقولنا و تطرح استنتاج ممكن ان نسميه وحي.
ارجو ان اكون اوصلت فكرتي و دمت


4 - نزول الوحي، من غار حراء إلى ثوب عائشة
عاد بن ثمود ( 2014 / 3 / 24 - 11:31 )

قال النبي لأم سلمة عندما أتت تكلمه في موضوع العدل بين زوجاته:
(لا تؤذيني في ‏ ‏عائشة ‏ ‏فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا ‏ ‏عائشة)

الملاك جبريل إختفى من أمام أنظار محمد عندما رفعت خديجة عن وجهها الحجاب، فأكدت له على إثر ذلك بأنه حقاً ملاك و ليس شيطان...كان ذلك في بداية البعثة.
أما في عهد عائشة، فإن جبريل لم يعد يأبه للحشمة و الوقار...فيدخل إلى المضاجع بدون استئذان... ملاك متحرر يعني.


5 - لتبلون
عبد الله اغونان ( 2014 / 3 / 24 - 17:03 )
ورد البلاء في القران عدة مرات مثل

ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم

ونبلوكم بالشر والخير فتمة والينا ترجعون
ولنبلونكم بشيئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين
لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وان تصبروا وتتقوا فان ذلك من عزم الأمور

وكذلك مادة فتن / فتنة مثل

أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا امنا وهم لايفتنون

هذا النوع من الكلام يسمى التوفيق وليس وحيا
وحكمة/ يوتي الحكمة من يشاء ومن يوت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا
الوحي يكون بقصد ارسال ملك الى نبي مختار يبلغه رسالة الله
فلا العقل ولاالعلم ولاالعرفان يجديان في معرفة الديانات
أسطورة حي بن يقظان مجرد حلم فلاسفة مثاليين ليس لهم أثر اجتماعي
-


6 - هل تم أتلاف تفسير القرآن الحقيقي؟
ريم شاكر الأحمدي ( 2014 / 3 / 24 - 20:54 )
إننا نكاد نتفق مع الكاتب المحترم حول وجود تعرض وتقاطع بين آيه...فهل يعود الى ماذكره السيد الفاضل أحمد القبانجي؟ أم تم في زمن ما أتلاف شرح القرآن الكريم والذي يفصل من هي الآيات المنسوخة؟ أو الآيات المشروحة وفق ما أوحى به الله.. ولماذا قال سيدنا وأمامنا علي : إن القرآن حمال أوجه الى إبن عباس؟ أي إنه لا يصلح للحوار مع الخوارج..؟
وأخيرا مساء الأنوار

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال