الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف نفهم العقلانية؟

أحمد القبانجي

2014 / 3 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قالوا وقلنا:.........

قال علماء الكلام :نعتقد ان عقولنا هي التي فرضت علينا النظر في الخلق ومعرفة خالق الكون كما فرضت علينا النظر في دعوى من يدعي النبوة وفي معجزته, ولا يصح عندها تقليد الغير في ذلك.(الشيخ المظفر-عقائد الامامية-ص31).

اقول: تحدثنا عن العقل في حلقة سابقة,اما العقلانية فهي استخدام العقل في الكشف عن الحق والباطل,والصواب والخطأ,والخير والشر,والنافع والضار في جميع الامور,فهناك عقلانية في العلوم الطبيعية وفي السياسة والاقتصاد والفلسفة وماالى ذلك,ولكن كلامنا هنا يخص العقلانية في المعتقدات الدينية,وعلماء الكلام يؤكدون على استخدام العقل في العقائد الدينية وعدم جواز التقليد فيها كما تقدم في الكلام اعلاه, وهذا يعني ان العقل قادر على التوصل للحقيقة في العقائد,ويعني ان من لم يتوصل الى الحقيقة فهو لم يستخدم عقله بل اتبع هواه.. وهذا الكلام جيد من جهة انه يحترم العقل ويدعو لاستخدامه, ومجانب للصواب من جهة اخرى لان علماء الكلام من كل مذهب يدًعون ان مذهبهم فقط هو الحق والمذاهب الاخرى باطلة, مما يثير امامنا هذا التساؤل: اما ان علماء سائر الاديان والمذاهب الاخرى وهم الغالبية العظمى لم يكن لهم عقول او لم يستخدموا عقولهم, وهذا واضح البطلان..او انهم اتبعوا اهواءهم وتأثروا بما هو موجود في مجتمعهم وتراثهم دون علماء المذهب الحق(التشيع حسب الفرض),وهذا ايضا واضح البطلان لاننا نتسائل:ماالفرق بين هؤلاء وهؤلاء وكلهم علماء ومجتهدون وباحثون عن الحقيقة وربما علماء المذهب الحق تأثروا ايضا بمحيطهم وتراثهم في عقائدهم ولاسيما اننا نرى ان معتقداتهم متطابقة مع محيطهم الاجتماعي؟

هنا ينبغي بيان عدة نقاط:
1)يقسم الفلاسفة العقل الى قسمين:عقل نظري وعقل عملي,والاول يهدف الى كشف الحقيقة من خلال الاستدلال في مجال العلوم الطبيعية والفلسفة والرياضيات وامثال ذلك,فهو عقل وصفي,اما الثاني اي العقل العملي فهو عقل معياري ويبحث فيما ينبغي او لا ينبغي فعله,فيدخل في مسائله علم الاخلاق والسياسة والاقتصاد والكسب والتجارة وامثال ذلك.. ويترتب على ذلك ان العقلانية ايضا تنقسم الى قسمين:عقلانية نظرية وعقلانية عملية, والعقلانية النظرية هي:تناسب الدليل مع المدعى,اي اذا كان الدليل العقلي يثبت لنا هذا المدعى لا أكثر ولا أقل فهي عقلانية في التفكير والا فلا, اما العقلانية العملية فهي:تناسب الهدف مع الوسيلة,فاذا كانت الوسيلة التي ينبغي استخدامها توصل الى ذلك الهدف وبأقل التكاليف فهي طريقة عقلانية والا فلا.

2)وكمثال على العقلانية النظرية أن:أ=ب, وب=ج, اذآ أ=ج, مثلا: اذا ثبت ان الجاذبية تتناسب طرديا مع الكتلة,وبما ان كتلة الارض اكبر من كتلة القمر,فهذا يعني ان الجاذبية على الارض اكبر من الجاذبية على القمر. وعلى هذا الاساس فلو أراد شخص اثبات وجود الامام المنتظر بحلم ورؤيا او بقول الشيخ الفلاني,فهو لا عقلاني لان مثل هذا الدليل لا يتناسب وذلك المدعى, اما في العقلانية العملية,مثلا في التجارة,فهدف التاجر تحقيق الربح,فلو رآى ان استيراد البضاعة بالطائرة(الوسيلة) يحقق له الربح(الهدف) فهو تصرف عقلاني,واذا كانت كلفة الطائرة اكثر فينبغي عليه التفكير بوسيلة اخرى.. وفي القضايا الدينية اذا كان الدين يهدف الى بناء الانسان الصالح والمجتمع الصالح فلابد ان نرى ان الوسيلة كالعبادة او الارهاب او التكاليف الاخرى اذا حققت لنا هذا الهدف فهي وسيلة عقلانية والا فلا.

3- المشكلة لدى علماء الكلام انهم حسبوا ان القضايا الدينية كالتوحيد والنبوة والمعاد هي قضايا خارجية كالقضايا العلمية(أوبجكتف) ويمكن اثباتها بالعقل النظري كما في العلوم الاخرى كالطب والفلك والكيمياء والجغرافية و.. في حين ان القضايا الدينية ذاتية اكثر منها موضوعية(اي من مقولة السوبجكتف),ولهذا نرى الاختلاف والتباين الكثير جدا في القضايا الدينية ولا يوجد مثل هذا الخلاف في القضايا العلمية.ومن هنا ذهب الفلاسفة منذ كانت الالماني الى استحالة اثبات القضايا الدينية بالعقل النظري لانها قضايا تتصل بعالم الغيب كوجود الله والحياة بعد الموت,ومهمة العقل النظري تخص اثبات ما يدخل في دائرة الزمان والمكان لا عالم الغيب,فلابد من التحقيق في القضايا الدينية من خلال العقل العملي او الاخلاق كما فعل كانت,وهذا يعني انه يكفي في القضايا الدينية ان تكون معقولة ومفيدة للناس,وهذا المنهج يشبه ماورد عن علماء الكلام القدماء في الاستدلال على وجود الله بدليل شكر المنعم..ويترتب على ذلك القول بالتعددية وان كل دين ومذهب يحقق الهدف والغاية منه وهي الانسان الصالح والمجتمع الصالح فهو دين حق وصحيح مهما اختلفت العقائد والشعائر والطقوس,والدين او المذهب الذي لا يحقق هذه الغاية فهو دين باطل حتى لو كان مدعوما بأدلة نظرية قوية, فالعبرة بالنتائج لا بالادلة.

4-المشكلة الاخرى امام العقلانية في الدين ان المشايخ يرفضون ان هدف الدين اصلاح الانسان والمجتمع او انه هدف ثانوي,والهدف الاساس للدين هو الحياة الآخرة والفوز بالجنة والنجاة من النار,وعليه يتم تسويغ جميع الوسائل اللاعقلانية لنيل هذا الهدف,لانه هدف غيبي ولا يمكن اختيار الوسيلة اليه بالعقل كما في الهدف الاول بل من خلال التعبد بالنصوص, ومن هنا نرى الكم الهائل من الامكانات البشرية تصرف للحج والعمرة وحفظ القرآن وتفسيره دون اي نفع يذكر على مستوى اصلاح الانسان والمجتمع,ومعلوم ان اكثر من يتوجه للحج والعمرة ويهتم بحفظ القرآن هم السعوديون ومع ذلك فالسعودية هي اكثر البلدان المصدرة للارهاب والارهابيين.. وهكذا الحال في طقوس الشيعة في التطبير وضرب السلاسل والزيارات المليونية بحجة ان كل خطوة لزيارة الحسين او كل دمعة عليه توجب لصاحبها الجنة والشفاعة وغفران الذنوب وكلها قضايا غيبية لا يسمح للعقل النظر فيها.

5-هذا في مجال العقلانية العملية في الدين, ولكن هل يعني هذا اننا نستغني تماما عن العقلانية النظرية في الدين؟ أعتقد اننا وان كنا لا نستطيع اثبات القضايا الدينية بالعقل النظري,ولكننا نحتاج اليه بشدة لكشف المغالطات والخرافات الموجودة في الدين,مثلا لا يمكن اثبات الحياة الآخرة والجنة والنار بالعقل النظري ولكن يمكن اثبات بطلان وجود النار لانها تتعارض مع عدالة الله ورحمته,او بطلان قضايا خرافية كثيرة في الدين من قبيل الولاية التكوينية والعصمة المطلقة للائمة او قضية رد الشمس للامام علي او المعراج للنبي او رضاع الكبير وجناح الذبابة وتكلم الحيوانات وامثال ذلك مما يخالف العقل والمنطق والعلم,وبذلك نعمل على تهذيب المعارف والمفاهيم الدينية من الكثير مما علق بها من شوائب واباطيل لا أقول كلها ولكن على الاقل تهذيب الدين من المفاهيم الخرافية المضرة بالانسان والمجتمع والتي تستنزف عمره وتمتص طاقاته دون اي فائدة معقولة بل مجرد اثارة الكراهية والطائفية والارهاب والتعصب بين افراد المجتمع ............ وتحياتي لكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق1
عبد الله خلف ( 2014 / 3 / 25 - 08:01 )

سبق أن كتبنا و علّقنا على الكاتب ؛ حول النقاط التي يثيرها الآن في مقالته هذه , و مع هذا لا زال متمسك برأيه! .
الرد :
• هل العقل البشري مُدرك لكل شيء؟... الإجابه : لا .
في عام 1927 وضع (هايزنبرج) مبدأ (عدم اليقين) أو مبدأ (الريبة) , وهو مبدأ فيزيائي من المباديء التي تحكم الكون , ينُص هذا المبدأ على (أننا ممنوعون من معرفة الحقيقة الكلية , وليس لنا أن نختار إلا نصف الحقيقة أما الحقيقة الكاملة فنحن ممنوعون عنها) .
يعتبر مبدأ (عدم اليقين) لـ(هايزنبرج) قانون صارم من قوانين الطبيعة ولا يرتبط بأي شكل ببعض القصور الموجود في أجهزتنا , وهو مبدأ يُعلمنا أنه ليس في وسع الانسان إلا المعرفة الجزئية أما المعرفة الكُلية فهذه حكمة لم يُسمح لنا بالاطلاع عليها .
ويعتبر هذا المبدأ من أعظم المبادئ أثراً في تاريخ العلم الحديث حيث أنه يضع حداً لقدرة الإنسان على قياس الأشياء.

يتبع


2 - تعليق2
عبد الله خلف ( 2014 / 3 / 25 - 08:01 )
• هل الله الخالق تواصل مع البشر عبر الأنبياء -عليهم السلام-؟... الإجابه : نعم , و الدليل :
- دليل الحكمة : اذا بني انسان منزلا لغير هدف او غاية عدد ناه ابلها غبيا، فهل يعقل ان يخلق الاله الانسان العاقل لغير سبب او غاية.
- دليل الفطرة : اثبت علم النفس ان في النفس الانسانية شوق لمعرفة مصدرها والغاية من وجودها، كما ترفض فطريا الفناء بالموت، كذلك زود الله الانسان بالعقل القادر على طرح هذه التساؤلات. أليس من المستنكر ان يدع الاله مخلوقه الانسان دون عون او هداية؟.
- الدليل الأخلاقي : طرحه الفيلسوف الالماني الكبير (ايمانويل كانت) فقال : (ان ظمأ الطفل للماء هو اقوي دليل علي وجود الماء، وبالمثل فان شوقنا لوجود العدل هو دليلنا علي وجود العادل). ويعني الفيلسوف الكبير بذلك ان النفس الانسانية لا تقبل ان ينجو الظالم بظلمه ، لذلك تقبل ببداهة شديدة فكرة وجود البعث والحساب. الا يحتم ذلك وجود الديانات آلتي تخبرنا كيف نسلك لنضمن النجاة؟!.
- دليل الكتب السماوية : فإذا ثبت لك بالدراسة العميقة الأمينة صدق ما ورد في احد الكتب السماوية، فذلك دليل مباشر علي تواصل الاله مع الانسان.


يتبع


3 - تعليق3
عبد الله خلف ( 2014 / 3 / 25 - 08:01 )
• الإسلام هو الأخلاق , يقول النبي -صلى الله عليه و سلم- : (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) .
• لا وجود عصمه مطلقه للائمة , و لا وجود رد الشمس للامام علي .
أرضاع الكبير , و جناح الذبابه , تم الأخذ و الرد حولهما كثيراً .
المعراج يتفق مع العلم , فإن كان روحي ؛ سيتفق مع نظرية (الإسقاط النجمي) و إن كان جسدي ؛ فسيتفق مع نظرية (الإنتقال الآني) .
وجود الآخره , لا ينفيها العلم , راجع : نظرية (البيوسنتريزم) .
العدل يتفق مع عذاب الكافر بالنار , مثال :
من أجل إنتاج بروتين واحد بسيط وظيفي نحن بحاجة إلى برميل يوجد بداخله خليط من الأحماض الأمينية , بشرط أن يكون حجم هذا البرميل (مليارات مليارات مليارات أضعاف حجم الكون) , ويأخذ فترة من الوقت (مليارات مليارات مليارات أضعاف عمر الكون) , كل هذا من أجل انتاج بروتين وظيفي بسيط مثل بروتين الجلوبين الموجود داخل الهيموجلوبين , الذي يحمل الإكسجين على كتفه وينقله من الرئة الى خلايا الجسم المختلفة , ثم يأتي هذا الجسم ويطالب بعدم محاسبته لأنه لا يعتبر فكرة الله عقلانية! .


تحياتي


4 - أسطورة حي بن يقظان فاشلة
عبد الله اغونان ( 2014 / 3 / 25 - 10:03 )

لوصح أن العقل قادر على اكتشاف العقائد لم اذا فشل كل العقلانيين في نشر عقلانيتهم بل واختلفوا فيها

العقائد أساسها الوحي والرسل والكتب والدعوة والجهاد والاقناع والاقتناع

ذلك مايثبته التاريخ

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال