الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا عقيدة العصر الجديد ؟

رياض العصري
كاتب

(Riad Ala Sri Baghdadi)

2005 / 7 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نبذة موجزة في تاريخ نشوء الدين :
في الفترة الزمنية المحصورة بين الالف السادس والالف الخامس قبل الميلاد بدأت مرحلة جديدة في حياة البشر عندما بلغ الانسان ولأول مرة مرحلة من التطور تسمح له بالتفكير في ما حوله ـ في بيئته وفي الطبيعة وفي الكون ـ بعد أن عاش أجداده عشرات الالوف من السنين أو أكثر حياة أشبه بحياة الحيوانات . لقد كان الفكر الانساني في تلك المرحلة أشبه بطفل صغير يحبو ويتلمس أي شيء حوله بجهل دون ان يعرف له تفسيرا او معنى , منذ سبعة آلاف سنة وصل التطور في القدرات العقلية للانسان درجة تكفي لكي يفكر ويستنتج حتى قبل أن يكتشف الكتابة ويبدأ عهد التدوين . وقد كانت ظاهرة الموت من الظواهر التي استحوذت على تفكيره بشدة , كما أن ظواهر الطبيعة كانت مثيرة لدهشته وفي نفس الوقت مثيرة لرعبه وفزعه , وكان الانسان قبل تلك المرحلة بفترة طويلة قد تعلم وعن طريق الصدفة بعض مظاهر الحضارة حيث تعلم الزراعة وتدجين الحيوانات وتعلم كيفية الحصول على النار ليستفيد منه في طهو طعامه وفي الدفء والانارة ليلا , كما تعلم كيفية الحصول على المعادن باستخلاصها من خاماتها ليستخدمها في صنع أدواته وأسلحته بعد أن كانت هذه من الاخشاب ومن عظام الحيوانات الا ان ظواهر الطبيعة وظاهرة الموت بقيت لغزا عصيا عليه . ان اكتشاف الزراعة كان خطوة كبيرة في مسيرة الانسان الحضارية , فبوجود الزراعة مع تدجين الحيوانات عرف الانسان الاستقرار وبناء المساكن ومن ثم ظهور القرى والمدن , وقد كان ذلك بداية تكون المجتمع الانساني البدائي وبداية ظهور المعتقدات الدينية البدائية , ثم جاء بعد ذلك اكتشاف الكتابة قبل خمسة آلاف سنة لتكون خطوة بالغة الاهمية في مسيرة الانسان الحضارية , فبظهور الكتابة بدأ عصرا جديدا أخذ فيه الانسان يدون أفكاره وتصوراته عن الحياة والموت والطبيعة بطريقة بدائية تشوبها الخرافات والاساطير . ان جهل الانسان البدائي بالحقائق حول الكون والطبيعة مع وجود رغبة قوية في الحصول على اجابات مطمئنة لتساؤلات عديدة تدور في ذهنه حول الحياة والموت هي التي دفعته الى تبني أفكارا غيبية وخلق الاساطير وافتراض وجود آلهة عديدة تسكن في السماء وتتحكم في ظواهر الطبيعة وفي الحياة والموت , وهذه الافكار ما لبثت أن تحولت مع مرور الزمن الى عقيدة لدى الانسان القديم , وقد كان ذلك بداية نشوء الدين في المجتمعات البشرية . ان الدين كعقيدة نشأ استجابة لحاجات الانسان النفسية , ففي المجتمعات البدائية كان الانسان يشعر بالخوف والرهبة حينما يرى ظواهر الطبيعة المدمرة والمميتة ( كالزلازل والبراكين والاعاصير والصواعق والحرائق والفيضانات والجفاف والاوبئة ) , كما كان يشعر بالخوف والقلق من المجهول حينما يرى ظاهرة الموت لان الموت كان شيئا عصيا على الفهم بالنسبة له , وفي مثل هذه المجتمعات وفي مثل هذه الظروف برز أشخاص يمتلكون مقدرة عقلية وكلامية على نسج أساطير من مخيلتهم ونقلها الى الاخرين , الاساطير أشبه بسيناريوهات يقوم باعدادها اصحاب المخيلات لوضع تفسير لظواهر الطبيعة المدمرة وتفسير لظاهرة الموت لغرض أقناع الاخرين بآرائهم وافكارهم الغيبية فيتقبلها الاخرون ويؤمنوا بها , هؤلاء الاشخاص أصبحوا يدعون ( الكهنة ) الذين كان ظهورهم لاحقا لظهور القرى والمجتمعات البدائية وظهور الحكام المحليين لتلك القرى والمجتمعات . نخلص مما سبق ان الدين نشأ في البداية لدى المجتمعات البشرية البدائية استجابة للحاجات النفسية حيث الخوف والرهبة من كوارث الطبيعة وما ينجم عنها من موت ودمار , وقد وضع الكهنة حجر الاساس للعقيدة الدينية واعتبروا أنفسهم وكلاء للآلهة لدى البشر واصبح من الواجب على كل انسان ان يقدم فروض الطاعة والولاء الى الكهنة مع تقديم القرابين والنذور لكي ترضى عنه الآلهة المقيمة في السماء ولا تغضب عليه , وقد كان الحكام المحليون ومن بعدهم الملوك الذين هم اصحاب السلطة والنفوذ المادي كانوا يتمتعون بتأييد الكهنة , وكان الكهنة في نفس الوقت باعتبارهم اصحاب النفوذ المعنوي في التحكم بالناس يتمتعون بالحماية من قبل الحكام والملوك , وكان الانسان يعيش في عبودية للكهنة وعبودية للحاكم , هكذا كانت بداية العقيدة الدينية حيث استغلال الانسان لاخيه الانسان بسبب الجهل وعدم معرفة الحقيقة . وقد تحولت الافكار والاساطير والخرافات التي كان يتداولها الكهنة بمرور الزمن الى عقيدة دينية يعتنقها الناس وتنتقل بين الاجيال بالوراثة , ان عقائد الشعوب القديمة فيها الكثير من التشابه والقليل من الاختلاف , ونستطيع ان نشبه العقائد القديمة بمجموعة من الاشخاص يجلسون على مائدة واحدة عليها أصناف محددة من الطعام , فكل شخص يختلف حتما عن الاخر في الكم والنوع والتسلسل لما تناوله من كل صنف من أصناف الطعام الموضوع على المائدة بالرغم من انهم تناولوا نفس ما هو موجود على المائدة من أصناف الطعام لا غير. ان العقائد القديمة كانت تؤشر لمرحلة من مراحل تطور الفكر الانساني حيث كانت هذه العقائد تتبلور في عبادة عدة آلهة وكان الكهنة هم الوسطاء بين الآلهة والبشر , ثم مرت هذه العقائد بمراحل تطور أخذت سياق عبادة اله واحد بدلا من عدة آلهة ومنح هذا الاله صفات جميع تلك الآلهة وتحولت العقيدة الدينية من التعددية الى التوحيدية أي الاله الاوحد ذو السلطة المطلقة المتحكم بظواهر الطبيعة وبيده الموت والحياة وطبعا حدثت في المعتقدات تلك تغييرات وتعديلات وشطب واضافات الى أن وصلت الينا بالشكل المتداول حاليا وهي الاديان السائدة في العالم في الوقت الحاضر .
لماذا عقيدة العصر الجديد ؟ :
ان سعي الانسان لمعرفة الحقيقة لم يتوقف بالرغم من ان البشرية قد مرت بمراحل مظلمة وبعهود من محاربة العلم واضطهاد العقول وقمع المفكرين ولكن بقيت الطبيعة تضخ الى الحياة بعقول نيرة متفتحة , عقول همها اكتشاف الحقيقة وعدم الرضوخ لافكار الكهنة ولاساطير الاولين . ان أهم وأعظم الحقائق حول الطبيعة والحياة والكون لم يتم اكتشافها الا في القرن المنصرم , وقد تبين لنا بعد هذه الاكتشافات العظيمة ان الافكار والمعلومات التي تقدمها لنا العقائد الدينية لم تكن نسبة كبيرة منها مطابقة للحقيقة , كما أن معالجاتها للمشاكل الاجتماعية لم تعد تناسب طبيعة العصر الذي نحن فيه , هذا بالاضافة الى ان هذه العقائد بصورة عامة كانت وما زالت أبرز أسباب اندلاع الحروب والنزاعات بين البشر عبر التاريخ , رغم ادعاء كل منها بالسلام والمحبة الا انها كانت في حالة صراع ومنافسة مع بعضها البعض , وهذا التنافس أدى الى الكثير من الحروب التي شهدتها البشرية عبر تاريخها ولا زالت لحد اليوم آثارها باقية . ان جميع العقائد الحالية قد تأسست في عصور سابقة كانت فيها الحقائق مجهولة , وطالما أن الحقائق مجهولة فانه من الطبيعي لن يتوحد البشر على عقيدة واحدة أو رأي واحد والنتيجة هي عقائد عديدة متنافسة فيما بينها والمنافسة تصل الى درجة الحقد والكراهية والحروب , ولن يتحقق السلام الحقيقي في العالم وهذا الولاء والتعصب للعقائد القديمة باقيا . واستنادا الى هذه النتيجة التي وصلنا اليها وجدنا ان الشيء الوحيد الذي يتوجب على البشر ان يؤمنوا به ايمانا عميقا وراسخا هو الحقيقة , وان الطريق الوحيد الذي يتوجب على البشر ان يسلكوه في سعيهم نحو الحقيقة هو طريق العلم , فالعلم هو الاداة الوحيدة في الكشف عن الحقائق ولا اداة غيره , ان الحقائق التي يكشف عنها العلم تشيع في الانسان الراحة النفسية والاطمئنان والثقة بالنفس , بينما الافكار الغيبية ما هي الا مخدر للنفس البشرية وان على الانسان ان يكون مدمنا عليها حتى يكف عن طلب الحقيقة ويحيا قانعا بجهله . ومن هنا اعتبرنا العلمية الركيزة الاولى لنهجنا . كذلك وجدنا بان النهج الذي يتوجب على البشرية ان تسلكه في بناءها لمجتمعاتها هو باقصاء الدين عن الحياة السياسية والاقتصادية وحصره في أضيق نطاق في المجال الاجتماعي على ان لا يكون مصدرا للقوانين الخاصة بالاحوال الشخصية والاسرة وانما يحدد مجاله في الوعظ والارشاد التربوي البعيد عن العنف والارهاب فالدين يجب ان لايكون مصدرا للتشريع ولا يكون مادة تدرس في المدارس ولا يكون غطاءا للاحزاب السياسية , ومن هنا اعتبرنا العلمانية الركيزة الثانية لنهجنا . ووجدنا ان من يسعى الى الحقيقة يجب ان لا يسلك طريق العنف والسلاح وانما بالتعاون والمحبة والسلام ونبذ الكراهية والحقد طالما ان الهدف واحد وهو معرفة الحقيقة لخدمة البشرية , ولن يكون هناك سلاما حقيقيا الا اذا كان سلاما على مستوى العالم يعم ربوع كوكبنا بأكمله , فنحن في عصر أصبحت فيه الاسلحة عابرة للقارات وذات دمار شامل ولا يمكن لدولة ان تشعر بالامان اذا ما دقت طبول الحرب في أي مكان في العالم , نحن البشر نعيش على هذا الكوكب ومصيرنا واحد ويجب ان نعمل جميعا على منع انتشار الاسلحة ذات الدمار الشامل لانه لن ينجو أحدا اذا ما حدثت الكارثة , نحن نؤمن بانه يجب على شعوب العالم كلها ان تسلك طريق العلم والسلام والتقدم ففي بلوغ الحقيقة يرتاح الضمير الانساني وفي ظل السلام تنتعش وتزهو النفس البشرية وتحت أنوار الحضارة والتقدم تدرك البشرية المعنى الحقيقي للوجود . ومن هنا اعتبرنا العالمية الركيزة الثالثة لنهجنا . ان العقيدة التي نقدمها هنا تتميز بما يلي :
1 ـ انها صادقة ومقنعة للعقل الانساني في العصر الحالي .
2 ـ انها صالحة لجميع شعوب العالم ومنسجمة مع طبيعة العصر الحالي .
3 ـ لها القابلية على التفاعل مع جميع المتغيرات التي قد تحصل مستقبلا في النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الحدود التي لا تخالف الثوابت المبدأية للعقيدة .
الاهداف السياسية لعقيدة العصر الجديد : السلم ـ الديمقراطية ـ التقدم
نهج عقيدة العصر الجديد : العلمية ـ العلمانية ـ العالمية
شعار عقيدة العصر الجديد : الحقيقة هي الطريق الوحيد لبلوغ السعادة الحقيقية ,
القاعدة المبدأية لشعار العقيدة ( ليس هناك ما يستحق أن نؤمن به ايمانا عميقا وراسخا سوى الحقيقة , وانه من الجهالة والضلالة ان نحول الاعتقاد الى ايمان عندما يكون المعتقد مجرد افتراض وليس حقيقة ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا


.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج




.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف