الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف نفهم العرفان؟

أحمد القبانجي

2014 / 3 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قالوا وقلنا:.........

قال الله:( من طلبني وجدني, ومن وجدني عشقني, ومن عشقني عشقته, ومن عشقته قتلته, ومن قتلته فعلي ديته, وأنا ديته )-حديث قدسي.

أقول: هذا الحديث الشريف يجسد العرفان بأدق معانيه, فالعرفان ليس هو علم يحصل عليه الانسان بالنظر واعمال الفكر كالفلسفة والعقائد والعلوم الاخرى, بل هو حركة من اعماق الانسان للبحث عن الله, لذا ينبغي القاء بعض الضوء على فقرات هذا الحديث النوراني :

1-(من طلبني وجدني), فكل من أراد الله يجب ان يطلبه ,ولابد أن يسبقه شوق أكيد الى طلب الحق,وهو ماورد في دعاء الامام الحسين اذ يقول: ولقد علمت ان افضل زاد الراحل اليك عزم إرادة يختارك بها.. فاذا توفر هذا الشوق والعزم تحرك الانسان نحو الطلب, ولكن الانا القشرية لا تدع الانسان يطلب الله لانه اذا سار في هذا الطريق فان ذلك يهدد وجودها كما ان نمو الفرخ في البيضة يهدد وجود القشرة,والله في بداية الامر-وحسب رؤية العرفاء- كالنطفة في قلب الانسان وأعماق وجوده ويمثل ذاته الحقيقية كما تقدم في المقالة السابقة,فاذا اهتم الانسان بتغذية هذه الذات الحقيقية او الوجدان فان الانا او النفس القشرية سوف تتعرض لخطر الذبول والفناء,ولذلك تتحرك هذه النفس لمنع تحرك الانسان بهذا الاتجاه بمختلف الوسائل, واهمها أن تقدم للانسان اهدافا بديلة كأن تصوًر له الكمال في طلب المال او المكانة الاجتماعية والجاه وكسب البطولة وحتى في التدين للحصول على الجنة والنجاة من النار و..الخ, ولكن الانسان الطالب لله فقط اذا لم يلتفت الى هذه الحيل النفسانية واستمر في طلبه للحق تعالى فسوف يجده حتما في نهاية المطاف كما ورد في هذه الفقرة, وهذا يحتاج الى توحيد الارادات والرغبات في نفس الانسان ليقوى شوقه ويشتد عزمه في طلب الله,ولكن الانا تسعى الى تشتيت ارادته وتفريقها الى ارادات كثيرة ومتنوعة نحو غايات دنيوية وامور المعاش والكسب والوظيفة ومشاكل الاسرة والسياسة وغير ذلك مما يضعف في الانسان الارادة الخالصة في طريق الكمال المعنوي.
2-(ومن وجدني عشقني),فعندما يتوجه الانسان بقلبه نحو الله ويرى نعمه الكثيرة عليه ويتذكر كم من المشاكل والازمات التي انقذه الله منها طيلة حياته ويستمر على ذلك مدة من الزمان فسوف يتولد حب الله في قلبه,لأن الانسان عبيد الاحسان كما يقال, ولكن لا ينبغي الانخداع بهذا الحب فهو حب العبيد ويختلف عن العشق الوارد في هذا الحديث,لانه حب مصلحي وليس خالصا من الانانية, فالمتدين يحب الله لانه يرزقه المال والصحة والسكن وامثال ذلك مثل حب الطفل لامه لانها ترضعه وترعاه وليس لانها اصل وجوده, اي انه في بداية الامر يتخذ من الله وسيلة لتحقيق منافعه الدنيوية او الاخروية,اما العشق فهو الحب الخالص من شوائب المصلحة والنفعية,ومثل هذا العشق قد يتولد بعد الحب فيما لو استمر الطالب في طريقه مهما تعرض للضغوط من داخله وخارجه كالوحدة والعزلة والنبذ من المجتمع والمشاكل العائلية والمالية , فاذا اصر على سلوك هذا الطريق رغم هذه الصعاب ولم يكن طلبه لله من اجل الثواب والجنة فهذا يعني العشق, فاذا تولدت بذرة العشق لله في قلبه فسوف يعشقه الله ويسارع في مساعدته للتغلب على تلك الصعاب, وبذلك يتبين ان الله يحب جميع مخلوقاته اما العشق فيختص بالعاشقين له كما ورد في التفاسير ان(الرحمن)هي الرحمة العامة لجميع الخلائق,و(الرحيم)هي الرحمة الخاصة بالمؤمنين..

3-(ومن عشقني عشقته),فالشخص الذي يعشق الله فهذا يعني انه لم يبق في قلبه ميلا ورغبة للامور المادية والعناوين الوهمية, فهو يستحق ان يكون موردا لعشق الله له,ولكن الله لا يعشق سوى ذاته كما يقول العرفاء,لانه لا يوجد غيره في عالم الوجود, فعشق الله لهذا الشخص العاشق ليس كالعشق بين الرجل والمرأة الناتج من حاجة احدهما للآخر بل من حب الله لذاته الموجودة في قلب هذا العاشق,وهي ذاته الحقيقية كما تقدم,فهذا الانسان قد قام بتصفية قلبه من درن الاهواء والتعلق بالعناوين الوهمية والرغبات الرخيصة حتى صار كالمرآة انعكست فيها صورة الله او نور الله,وبهذا المعنى لا يوجد اثنينية بين العاشق والمعشوق .

4-(ومن عشقته قتلته), اي يقوم الله بقتل الانا في هذا العاشق والتي تعترض طريق الوصل بينه وبين الله وتحجبه عن رؤية معشوقة,وعندها لا يشعر الشخص بأن له وجودا آخر سوى الله,لانه لم يبق فيه سوى الذات الحقيقية فيشعر بالاتحاد مع اصله ويقول: انا الحق.. ولكن لماذا يقوم الله بقتل الانا في هذا الشخص؟ لأن من صفات العاشق الغيرة,وكلما كان العشق اكثر كانت الغيرة اشد,والزوج الذي لا يغار على زوجته فهو لا يحبها والعكس صحيح,وهذه الغيرة ليست بالمعنى البشري بل بمعنى زوال الوهم عند بزوغ الحقيقة وفرار الظلام من النور,وبما الانا القشرية في حقيقتها وهم يقبع في ذهن الانسان فسوف تزول وتفنى بمجرد ان تشرق اشعة شمس الالوهية على قلب العاشق وذهنه.

5-(ومن قتلته فعلي ديته وأنا ديته),فعندما تعود القطرة الى اصلها وهو البحر,فسوف تفقد كيانها وماهيتها كقطرة,اي تفقد ذلك الشكل الكروي ويفنى وجودها كقطرة ولكن في مقابل ذلك اتحدت مع البحر فصارت بحرا,وسوف لا يقال انها قطرة بل يشار اليها ويقال انه البحر.. هنا الله يقول انني انا ديته,اي انني احل محل الانا فيه, فيكون الله عينه التي يبصر بها واذنه التي يسمع بها ويده التي يبطش بها كما ورد في حديث النوافل,وبذلك يعيش هذا الشخص مع الناس وليس معهم ويرى مالا يرون كما قال الامام علي: ما رأيت شيئا الا ورأيت الله معه وقبله وبعده.. ويقول سيد الشهداء الحلاج:

والله ماطلعت شمس ولا غربت ... الا وحبك مقرون بأنفاسي
ولا جلست الى قوم احدثهم ... الا وانت حديثي بين جلاسي
ولا ذكرتك محزونا ولا فرحا ... الا وانت بقلبي بين وسواسي
ولا هممت بشرب الماء من عطش ... الا رأيت خيالا منك في الكاسي
............... وشكرا لكم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - و من العشق ما قتل
عاد بن ثمود ( 2014 / 3 / 29 - 10:27 )
الأستاذ أحمد القبانجي ينطلق في تحليله لمعاني الحديث القدسي من كون هذا الحديث هو حقّاً كلام صادر عن الله الخالق. بينما لا يمكننا التأكد حتى من كونه صادراً عن محمد نفسه و ليس من غيره.
هنالك من يطلبون الله (أي يبحثون عنه من خلال أدلة قطعية) فلا يتوصلون إلى ذلك. الكثير من المؤمنين به ظاهرياً لم يتوصلوا لمعرفته حق المعرفة، و إلاّ لما قام فقيه هنا باغتصاب طفلة، و فقيه هناك بممارسة الشذوذ على طفل و كلاهما يعلم بأنه مراقب من طرف الخالق. فلا أخلاقه منعته من فعل ذلك و لا خوفه من عقاب خالقه سواء في الدنيا أو في الآخرة.
أما عن مقولة (و من عشقته قتلته) فهي تناقض ما جاء في القرآن من أن
(من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً)، فكيف يستهجن الله القتل في آية قرآنية و يستحبّه في حديث قدسي.
نلاحظ أن الحديث إستعمل لفظ القتل و ليس الموت، و هذا يحيلنا على الجهاد و القتال في سبيل الله الذي شرعنه محمد لأتباعه.

و من العشق ما قتل.


2 - هل هذا الله هو هو الله أكبر الذي يجول صانعا الشر؟؟
أشورية أفرام ( 2014 / 3 / 29 - 12:45 )
سلأم المسيح أستاذ أحمد القبانجي...سؤالي لحضرتك كالأتي لماذا مدرسة العشق هذه والتي تفسرها وتحللها من خلأل الحديث أعلأه لم تتخرج منها الأ ملتحيين أرهابيين وقتلة وكذبة ومدلسين ومنافقين ومختلسين وحرامية ,وسفاكي دماء ناس أبرياء ,وغزاة الغنائم والسبايا ,ولأ يعرفون الأ لغة واحدة وهي الشر ثم الشر؟؟؟ وتخرج منها قائدا غريبا السيرة ,ومبهم وغريب الحالة النفسية,و الذي فرض عل الأكثرية بالغصب وجعل نبيا ورسولأ بالقوة والسيف ونحر الرقاب أسلم تسلم ...لماذا مدرسة العشق هذه لم تنجب أبناء روحيين (لأن الله روح هو) بل أنجبت المليار منهم كلهم جسديين وقشور خالية من أللب والجوهر الألهي ,وهمهم الوحيد التهام وأفتراس ما بيد الأخر أن كان بالسرقة والنهب والقتل والأغتصاب والتسلط على الأخضر واليابس؟؟؟ وهل هذا الله القائل الحديث هو نفسه ( الله أكبر ) الذي ولقرون طويلأ لأ نسمع من اتباعه وأبناء أمته الأسلأميين ,والملأيين الملأيين منهم صارخين عند فعل كل شر وبشاعة وقتل يرددون أسمه عاليا وبأسمه وتحت رايته غرق شرقنا الأوسط في بحور من الدم والدموع والأحزان والماسأة, وأبيد البشر والحجر والشجر ...وشكرا ودمتم


3 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 3 / 29 - 13:07 )
• سبق و أن سألت الكاتب سؤال في عقيدته , و لكنه -حتى الآن- لم يجب على تساؤلي .
السؤال : ما هو الفرق بين خالق الكون و الإله الباطني الوجداني عند الكاتب؟ .
• نتفق مع الكاتب , فالله يحب العبد , و هذا يجعلنا نقول للمسيحيين (أنتهت حصرية حب الله عندكم) .
• نسأل أتباع يسوع الناصري : هل يهوه هو يسوع الناصري؟... نريد إجابه بـ(نعم) أو (لا) .

أخيراً , نتمنى من الكاتب الإجابه على السؤال المطروح بالفقرة الأولى .


4 - رد
احمد القبانجي ( 2014 / 3 / 29 - 16:49 )
الاخ عبد الله خلف الم تقرأ مقال الامس كيف نفهم الله؟


5 - تحيه
عبد الله خلف ( 2014 / 3 / 29 - 20:55 )
أستاذ | أحمد .
أعتقد أنك تستطيع أن تجيب على تساؤلي بشكل مختصر , فهل السؤال صعب عليك؟... ننتظر إجابتك .


6 - حب ايه وعرفان ايه
نور الحرية ( 2014 / 3 / 29 - 21:32 )
ومذا استاذنا الكبير عن الذي ولد وتربى في المجاعات والمحن والحروب ولم ينل من هذه الدنيا سوى الالم والقهر فكيف له ان يشكر من كان سببا ولو افتراضا في شقائه وحرمانه


7 - لأ تخف فسراط السيد هو سراط محمد
أشورية أفرام ( 2014 / 3 / 30 - 08:22 )
لأ تخف يا خلف فالأستاذ أحمد القبانجي هو من ربعكم ,وليس ببعيد عنكم مطلقا,ولكن قرأتك وفهمك لمقالأت السيد ,وخاصة المقالة هذه تعرفك عن السراط الذي يسير عليه(سراط محمد لأ غير)...فانظر لتفسيره للأية أعلأه وبأي روح تراه يتغنى ويغازل ويعشق الأ وهي روح محمد الأنسان الذي كان مجهول الهوية ( الوالد أو من كان أبوه يا ترى؟؟؟ ) لأن أمه أمنه بنت خويلد أنجبته بعد أربع سنوات من وفاة زوج أمه عبد الله.. ونبوته التي تم أنتاجها من قبل الشركة المساهمة المتحدة (الخديجية والنوفلية والورقية),لأ تخف أنه يعشق روح محمد الذي كان ملىء بالخطايا والأثام ,وكم بحور الدماء البريئة التي سالت وسفكت على يديه هو في ذلك الزمان , وعلى يد أتباعه من بعده أنذاك وليومنا هذا العالم يعاني الأمرين ...فأقول للسيد أن الأية أعلأه تنفع بأن تكون شفرة للكثيرين من أتباع محمد ,بأن كلما أرادوا التخلص من احد يفتوا بها ,وهي السيف والقنبلة التي بها تقتل أرواح بريئة ,تزهق أرواح نفوس فقط لأنها قد تكشف الخفايا وتقول الحق.

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال