الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وزير تعتذر من طاه

طوني سماحة

2014 / 3 / 29
المجتمع المدني


أثار فضولي خبر قرأته على صفحات جريدة النهار اللبنانية بتاريخ 3/28/14، مفاده أن وزيرة التجارة الفرنسية نيكول بريك اضطرت للاعتذار بعد إعلانها أن الطعام الذي قدم في حفل عشاء رسمي أقيم تكريما للرئيس الصيني الزائر كان "مقززا". وأفادت الناطقة باسم الوزيرة إن بريك اتصلت بكبير الطهاة في قصر الاليزيه وقدمت له اعتذارا اليوم الجمعة."
وزيرة تعتذر من طاه؟ ليس في الامر من غرابة في المجتمع الغربي. فمن الطبيعي أن يعتذر المسؤول من ناخبيه لأنه خيب آمالهم بتصرفات أو أقوال متسرعة و طائشة أو أساء استعمال السلطة المؤتمن عليها بشكل أو بآخر. وغالبا ما يلي هذا الاعتذار تخلي هذا المسؤول عن السلطة طوعا و إلا لعلت الاصوات مطالبة إياه بالرحيل.
من البديهي القول أن المسؤول الشجاع يتحمل نتائج تصرفاته و لا يختلق لنفسه الاعذار. الكثيرون منا يذكرون علاقة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون بالسيدة لوينسكي و هو في سدة الرئاسة في أواخر القرن الماضي. فما أن أثار الاعلام امر هذه العلاقة غير المشروعة حتى قامت الدنيا ضد الرئيس و لم تقعد، فلم يكن أمام كلنتون سوى أن اعلن اعتذارا تكرر في مناسبات مختلفة ست أو سبع مرات. و قد نشرت جريدة التايم اعتذاره على الشكل التالي "أنا بالطبع أقمت علاقة غير مشروعة مع السيدة لوينسكي. و في الواقع أنا كنت على خطأ، لقد أسأت الى شعبي و خاصة الى زوجتي و انا آسف جدا".
إن كانت وزيرة تعتذر لطاه، و إن كان رئيس يعتذر لشعبه، فلماذا لا نسمع أحد مسؤولينا يعتذر لشعبه. أتراهم مسؤولونا لا يخطئون أم تراهم فوق النقد؟ هل كانت كل أعمالهم صائبة؟ هل كانت كل قراراتهم حكيمة؟ أم هو الكرسي الذي يجلسون عليه يرفعهم فوق مصاف الناس و يجعلهم أنصاف آلهة؟ ألا تستحق شعوب الشرق الاوسط، شأنها شأن معظم شعوب العالم قادة شجعان يضعون النقاط على الحروف و يعرفون سبيل النزول عن الكرسي مثلما عرفوا سبيل الصعود عليه؟ أم كتب على الانسان العربي أن يحيا في مجاهل الجهل، يؤلّه البشر، يبخر لهم، يغني لهم، يكتب القصائد لهم، ينحني لهم و هم يركبون على ظهره مسترخين مسرورين. لسوف يبقى المواطن العربي، مهما كثرت ثروته، مواطنا من الدرجة الثانية و الثالثة و الرابعة طالما بقي يصفق لرئيس او ملك، أو يحني ظهره له. و الاغرب من ذلك أننا نرى رئيسا يقود شعبه للهزيمة و التخلف و يبقى الشعب يصفق له.
لقد آن الاوان أن يستفيق الشعب العربي. فأموال الشعب للشعب و ليس للرئيس أو للملك و كرامة المواطن يجب ألا تسمح له بأن يقدم ظهره مطية لأحد. لقد آن الاوان لشعوبنا أن تضع المسؤولين في موقع المساءلة و أن تطلب منهم تقديم الاعتذار و الرحيل عن الكرسي ان لزم الامر.
يحضرني في هذا المجال ما ورد في الانجيل عن خلاف وقع بين تلاميذ المسيح على خلفية من منهم سوف يكون الاعظم في ملكوت السماوات، فما كان من يسوع إلا أن أخذهم جانبا و قال لهم " إذا أراد أحد أن يكون أولا فليكن آخرا و خادما للكل" (متى 18) و في موضع آخر، نراه يدعو تلاميذه و يقول لهم " من أراد أن يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما، و من أراد أن يكون فيكم أولا فليكن لكم عبدا" (متى 20).
أظن أننا بحاجة لقادة من هذا النوع في بلادنا ينظرون الى انفسهم كخدام للناس و ليس كسادة عليهم. فالقائد الناجح هو الذي يعرف كيف يَخدم و ليس كيف يُخدَم و المواطن الناجح هو المواطن الذي يعرف أن يسائل قائده إن لم يجد فيه كفاءة و ليس أن يصفق له في كل الاحوال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جبال من القمامة بالقرب من خيام النازحين جنوب غزة


.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق




.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟


.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع




.. الموظفون الحكوميون يتظاهرون في بيرو ضد رئيس البلاد