الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا أفتدي الرسول بهما

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 3 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من أشد العبارات استهلاكية في حياة الفرد المسلم عبارة "بأبي أنت و أمي يا رسول الله"!!..إنها عبارةٌ أجدها شديدة الابتذال بشكلٍ عام..قد تكون صادقةً لدى البعض و أقصد بالبعض هنا بضعة آلافٍ من المسلمين في زمنٍ مضى و ولى و لكنها لدى الأغلبية منهم في الوقت الحالي ما هي إلا عبارةٌ مُفرغةٌ من معناها..و ترديدها المفرط لا يتعدى أن يكون إلا نوعٌ من أنواع الكذب على الله كما على الذات.

كيف يمكنني أن أحب شخصاً لا أعرفه و لم أعاشره "روحياً"؟؟..كيف أحب شخصاً تفصلني عنه قروناً عديدة و لم تتشبع عينايَّ بملامحه لتنطبع بألفتها في قلبي؟؟..كيف يمكنني أن أدعي أني فقط من مجرد عدة صفاتٍ روحية أذوب عشقاً في رجلٍ فقط لأنه قيل لي أنه نبي و قيل لي أيضاً أنه يحمل تلك الصفات؟؟..قد أحترمه لصفاته و قد أحبه لأنه شخصيةٌ متفردة و قد أحبه لأنه كان صاحب فكرة أو رؤية في زمنٍ غرق في التكرار و لكن أن أفتديه بوالديَّ..و أجد في هذا الأمر نوعاً من أنواع المبالغة التي يتفنن المسلمون في نسجها كنسج العرايا للثياب فيستروا بها سوءاتهم التي لن تكفيها تلك العبارة لتحجبها عن الأعين.

نحن نرتبط بوالدينا بعلاقةٍ جينية في المقام الأول و لكن تلك العلاقة لم تكتف بأن تكون جينية بشكلٍ بحت و مجرد و لكنها أيضاً تتدرج عاطفياً و روحياً حسب عوامل كثيرة تؤثر على هذا الارتباط بين الفرد و والديه..البعض لا يكترث لأمر والديه..و البعض يمقتهما و يتمنى الخلاص منهما في أسرع وقتٍ ممكن..و البعض الآخر يحبهم و لكن ضمن حدودٍ عقلانية لا يتعداها..و البعض الآخر قد يمنح أحد والديه جزءاً من جسده في حال احتاج إليه رغم يقينه أنه هو أولى بذلك الجزء لأن احتمالية موت المتلقي تكون أكبر من احتمالية حدوث الأمر مع المانح و لكنه يحبهم إلى حد عدم الاكتراث بتلك المعادلات الرياضية.

تلك العلاقة بالوالدين بدأت منذ أن كنا نسكن ذلك الرحم الذي كنا نختبئ بداخله و لا يمكن أن يضاهيها أي نوعٍ آخر من العلاقات من حيث الأصالة و الامتداد الجيني قبل العاطفي..و لكن الرسول ما الذي يربطنا به كمسلمين أو حتى كأفراد!!..هل شاهدناه؟؟..هل تحدثنا معه؟؟..هل بكينا في لحظات يأسنا في حضوره فواسانا بكلمة بقبلة أو حتى بحضنٍ دافئ يذيب برودة الوجع؟؟..هل امتلأنا باهتمامه بنا في لحظات ضعفنا أمام واقعنا؟؟..هل كان هو الجدار الذي نستند عليه وقت انهيار الجسد تحت وطأة المرض؟؟..هل كان متواجداً في خطواتنا الأولى سقطاتنا الأولى و تشكيلنا لحروفنا الأولى؟؟.

تلك العبارة كما سواها من العبارات التي يتفنن المسلمون في خلقها تحاول أن تمنح المسلمين حالةً روحية لا يمتلكها إلا من ندر -و ندر هذا لم أقابله للأسف- مما يسبب لهم حالةً من الوهم هم فيه غارقون سلفاً..تلك العبارة تمنحهم حالةً من القرب الوهمي من الإسلام و من الرسول و حتى من الله..و هكذا يلتصقون بالرسول و بالرب ببضع كلمات!!..و ما أسهلها من كلمات.

عندما أقرأ أن صحابة الرسول الكريم كانوا كثيراً لهذه العبارة مرددين أجد لهم على الأقل مبرراً ما..فقد يكونوا قالوها صادقين بالرغم من أن التطبيق العملي لتلك العبارة حدث مرةً واحدة أو مرتين طوال فترة حياة الرسول الكريم أي أن يُفضَّل صحابيٌ ما الرسول على والديه "المشركين"..و حتى لو كانت لم تُطبق فعلياً و على أرض الواقع فمن الممكن أن نقول أن من حول محمد على الأقل هم عاصروه و عرفوه..سكنهم بأفكاره كما بحضوره النفسي..و قد يكون حبهم له وصل إلى تلك الدرجة من القلب للأولويات لديهم و لكن نحن!!..أرجو أن تكفوا عن المزاح قليلاً.

ما يتجاوز المليار هو عدد من يعتنقون دين محمد و في بلدان تلك الشعوب "المسلمة" نجد أنه عند قياس معدلات الفساد التحرش الاغتصاب الجهل التعصب الديني و انعدام الحريات يكون نصيب الأسد مستوطناً فيها..و لكن أتعلمون ما المضحك المبكي؟؟..أننا حتى لا نجيد تطبيق تعاليم محمد كما قيل لنا أنها كانت..نقتل نزني نكذب نسرق نرتشي ننكسر ننحني نركع نصمت للظلم بينما نضع في آذاننا آلاف الأطنان من الوقر عندما يصرخ المظلوم و نسعى بين الحذاء و الحذاء بكل شوقٍ و لهفة و تخبط كما سعت هاجر بين الصفا و المروة..و لكن بعد هذا كله نتمكن من أن نردد و بكل بساطة و ورعٍ لا نملكه و لكننا نجيد ادعاءه "فداك أنت بأبي و أمي يا محمد"!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah