الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهو جوهر الدين؟

أحمد القبانجي

2014 / 3 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قالوا وقلنا:.........

يقول القرآن : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )-الروم 30-*

أقول: يستند علماء الاسلام الى هذه الاية لاثبات ان الاسلام دين الفطرة وان كل انسان على وجه الارض اذا ترك وطبعه فسوف يختار الاسلام او التوحيد على الاقل,وبهذا المعنى ورد في الحديث النبوي:(كل انسان يولد على الفطرة الا ان ابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه),.ويقرر هؤلاء العلماء-وتبعا لنصوص كثيرة-ان دين الانبياء اجمع هو الاسلام رغم اختلافهم في الاحكام والشرائع حسب الظروف والثفافة.وهذا يعني وجود قاسم مشترك بين هذه الاديان يسمى دين الفطرة كما هو الحال في الانسان والشجر والحيوان حيث تشترك افرادها في عنصر مشترك واحد يمثل جوهر الانسان او الشجر وتختلف في التفاصيل والاعراض, ومعلوم ان الجوهر في كل شئ يتسم بسمتين اساسيتين:الاستقلال والدوام,بخلاف العرض كالبياض مثلا لا يتسم بوجود مستقل في نفسه بل يعرض على غيره,وكذلك لا يستطيع الدوام بل يتغير بتغير الظروف والعوامل,فعلى فرض وجود جوهر واحد للدين فالسؤال هو:ماهو جوهر الدين او العنصر المشترك بين الاديان الذي يتسم بهاتين السمتين,الاستقلال والدوام؟ وماهو المقصود من دين الفطرة؟

هنا يمكن بيان ثلاث احتمالات:
1-ان يكون المقصود من جوهر الاديان هو (الذات).اي ان الاديان تشترك في ذات واحدة كما تقدم في الانسان والشجر,وهذه الذات في الدين هي الفطرة التوحيدية كما جاء في الاية اعلاه..ولكن يرد على هذا المعنى اشكالات عدة, منها:
أ)ان الاية تقول(لا تبديل لخلق الله),والحديث النبوي المؤيد بالواقع يؤكد على امكانية التبديل وان الأبوين والمجتمع بامكانهم تبديل فطرة الاسلام والتوحيد الى الشرك والكفر وباقي الاديان الاخرى.
ب)ان علامة الامور الفطرية ان تكون في الغالبية العظمى من الناس على امتداد التاريخ البشري والاستثناء يكون نادرا او قليلا جدا,وفي هذه المسألة نرى العكس تماما حيث ان الدراسات التاريخية وحتى باعتراف القرآن تقرر ان الغالبية العظمى من الاقوام البشرية كانوا ولا زالوا على دين الشرك وان الشرك كان اسبق من التوحيد.
ج)ان مقولة وجود ذات ثابتة لكل شئ هي مقولة ارسطية قديمة وقد ذهب افلاطون الى وجود ذات ثابتة للاشياء في عالم المثل,ولكن هذه المقولة تعرضت للنقد من هيوم فلاحقا وبخاصة من الفلسفة الوجودية والظاهراتية,فمضافا الى عدم امكان اثبات مقولة الذات للاشياء لان مايدركه العقل هو الصفات فقط في كل شئ, فالانسان نفسه وبمقتضى حريته هو وجود بلا ماهية وهو الذي يصنع ماهيته, فلا توجد ذات واحدة مشتركة بين جميع الافراد تسمى الفطرة,وبالتالي لا يوجد شئ اسمه دين الفطرة.
د)ان الاديان التوحيدية الثلاث لا تتفق على فكرة التوحيد,فمن الله القومي الخاص ببني اسرائيل في اليهودية,الى الثالوث في المسيحية,الى الله ذي الصفات البشرية في الاسلام, وهناك الصفات الذاتية لله عند الشيعة والصفات الزائدة له عند السنة,فأين دين الفطرة من هذه المقولات المتعددة في هذه الاديان؟

2-ان يكون المقصود من الجوهرهو(الهدف),فالهدف في الاديان مشترك وهو نيل السعادة في الدنيا والاخرة,وهنا ايضا تثور امامنا عدة اشكالات تتصل بالواقع,حيث لا نجد الكثير من المتدينين قد نال السعادة في حياته مع التزامه التام بالدين ونرى في ذات الوقت اناس غير متدينين سعداء في هذه الحياة وخاصة في الدول المتقدمة, فلو قيل ان الهدف هو السعادة في الآخرة, فمضافا الى ان هذا الكلام هو تعليق الامر على شماعة المجهول,فان كل دين ومذهب يستطيع ان يدعي تحقيق هذا الهدف الاخروي ولا ينفرد الاسلام من بينها.

3-ان يكون المقصود(الوظيفة),فيقال مثلا ان وظيفة الدين المشتركة بين الاديان تتمثل في تحقيق الطمأنينة للانسان في هذه الحياة,او نظم امور المجتمع من خلال القوانين الالهية وامثال ذلك... ولكن من خلال الاستقراء يمكننا القول ان مثل هذه الوظيفة في الاديان على ثلاثة انواع: نفسية وهمية,اجتماعية,روحية...
اما الاولى فلا تكاد تخفى على احد لما يحققه الدين من راحة نفسية للمتدين ويثير فيه الامل بمستقبل افضل حتى لو كان بعد الموت, ولكن هذه الوظيفة لا تقتصر على الاديان التوحيدية,فالشرك وتعدد الآلهة يملك هذه الوظيفة ايضا, اما الوظيفة الاجتماعية فالحداثة قد جردت الدين من هذه الوظيفة ايضا حيث اثبتت عمليا ان القوانين البشرية المدنية افضل واعدل من احكام الشريعة الالهية مضافا الى ان المواطنة صارت افضل لشد الناس في لحمة المجتمع الواحد دون تفريق بينهم على اساس الدين.. اما الوظيفة الاخيرة(الروحية) فتتمثل في اخراج الانسان من اطار نفسه الفردية ومن سجن الانا القشرية الى فضاء ارحب وهو فضاء الانسانية والذات الحقيقية في الانسان, ونعتقد ان هذه هي الوظيفة الحقيقية للدين, وهنا ايضا نرى ان هذه الوظيفة لا تختص بالاسلام او الاديان التوحيدية بل يشترك غيرها ايضا كالبوذية والحداثة (الانسانوية الحديثة) ولعلها حققت هذه الوظيفة للانسان افضل مما حققته الاديان التوحيدية .......... وشكرا لكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفطرة لا تعني البرمجة الدينية
عاد بن ثمود ( 2014 / 3 / 31 - 12:06 )
(كل انسان يولد على الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه)... لماذا لم يذكر يأسلمانه
إذا كان الإسلام هو دين الفطرة، فقد ألغي مفهوم و معنى الفطرة فتصبح بمعنى البرمجة الدينية. أي ان الإنسان مبرمج دينياً لأن يكون مسلماً. و هذا غير صحيح.
الفطرة لغةً تعني الْخِلقة التي يكون عليها كل موجود أَوّلَ خَلْقِه. فمن الفطرة مثلاً أن يلتقم الوليد (حيواناً كان أو إنساناً) حلمة ثدي أمه دون مرشد أو تدريب مسبق. و من الفطرة أن يصرخ لكي ينبه من حوله لأن شيئاً ما ليس على ما يرام (جوع، عطش، ألم...)
المفهوم الديني مسألة مركّبة و معقدة لا يمكن أن تكون فطرية لدى الوليد الذي يتماهى وجوده مع وجود أمه.


2 - الفطرة
nasha ( 2014 / 3 / 31 - 13:52 )
الفطرة هي الغرائز الطبيعية
المفروض الانسان يولد كباقي الحيوانات على الغرائز الطبيعية ما لم يتدخل والداه و المجتمع لتلقينه القيم السائدة في وقت ولادته وما بعدها. لا يمكن ان يولد متدين باي ديانة.


3 - لو أحييك يا أستاذ ليلا نهارا فهو قليل بحقك وبحق هذ
sa3ad ( 2014 / 3 / 31 - 19:34 )
لو أحييك يا أستاذ ليلا نهارا فهو قليل بحقك وبحق هذا ألنظوج ألذي تحمله ،، يا سيدي ألعزيز لقد إحتارينا حقا كيف نخاطب شيوخ ألدين والمتديين على ألعموم وبالاخص ألإسلاميين ألذين يتخذون من دول ألغرب ألإباحي ألغير ملتزم بكل ما جاءت به كل ألأديان والتي من ألمفروض إن هذه ألأديان توفر ألسعاده والامن وألأمان على أقل لمعتنقيها وخاصه ألإسلام ،، فعندما تسأل ألمسلمين ألمتدينين ألمواضبين على داء ألفرائض تسألهم عن هذه ألعداله في دول ألغرب وأين عدالة ألإسلام منها فجوابهم ألعاطفي يكون جاهزا حيث يدعون إن ما تراه من عداله هنا فهذا هو ألأسلام ألحقيقي ألذي ينادي به ويدعوا إليه ،، فكيف هذا هو ألإسلام ألحقيقي هنا وإن عدالة ألقوانين هنا تحمي ألإباحيه وألشذوذ وألخمور وتحمي ألمرأه وألطفل وألحيوان ويقال إن أحد شيوخ ألإسلام زار إحدى دول ألغرب وأعجب بسعاده ألناس فيها فقال لقد وجد ألإسلام ولم أجد مسلمين بينما في دول ألمسلمه يوجد ألمسلمين دون ألإسلام فهل يوجد أبلغ من هذا ألنفاق ؟


4 - جوهر الدين
شاكر شكور ( 2014 / 3 / 31 - 21:36 )
تحياتي وتقديري لأستاذنا الفاضل سيد القبانجي المحترم ، في تقديري ان الفطرة ليست شيئ مخلوق في الأنسان بل تمثلها روح الأنسان التي يهبها الله الى المولود الجديد ، فهذه النسمة الروحية هي التي تحمل معها صفات رائحة الله في الأنسان وهي التي ترشد عقله تلقائيا بوجود خالق للكون حتى إن كان ذلك الأنسان يعيش في جزيرة نائية لم تصلها الأديان ، لهذا نرى قصص وملاحم مؤلفة قبل ظهور الأديان او حتى روئ تاريخية يتشابه مفهوم بعض الأشياء فيها مع ما ورد في كتب الأديان وهذا يرجع بأعتقادي الى ذلك الجزء غير المحسوس الذي زرعه الله فينا اي روح الأنسان ، بخصوص تمييز إله المسيحية عن بقية الأديان بالثالوث ، فالثالوث بأعتقادي موجود في الأديان الثلاثة بعضها واضح كما في المسيحية وبعضها مبعثر في طيات الآيات للكتب الأخرى ، فالثالوث هو الإيمان بوجود كينونة وازلية الله ، وأن الله له كلمة (يرمز لها في المسيحية بالأبن) ، والعنصر الثالث هو الروح القدس اي وجود روح لله ، هذه الصفات الجوهرية لله تقرها الأديان الثلاثة وليست صفة مميزة لإله المسيحيين فقط ، اكرر تحياتي


5 - رساله الدين وهدفه
عبد الله المهدي ( 2014 / 4 / 1 - 01:37 )
تحقيق الحياه الاخلاقيه في الدنيا والسلام النفسي في الاخره
والفارق بين السعاده والحياه الاخلاقيه والسلام النفسي بين

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال