الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرابع من نيسان كل الأيام تحسده

مصطفى بالي

2014 / 4 / 4
القضية الكردية


منذ الانفجار الكوني الأول،تكَوُّن الكواكب والأقمار والنجوم،التوسع المطرد في الكون،ثمة أسرار مازال الوقت باكرا جدا لاستكشافها والسبر في أغوارها،بالقدر الذي استطاع الإنسان من تحقيق قفزات هائلة في مجال العلم خارج جسده ونفسه،فإن هذا العلم مازال طفلا رضيعا بالنسبة لأسرار الإنسان والنفس الهائمة في ثنايا الطبيعة والكون.
خُلِقت الكائنات وانتشرت كذر الغبار،ثمة تشابه فيزيائي بنيوي بين فصائلها،ثمة مصير مشترك في طبيعة حياتها،تحولاتها،ولادتها موتها،تسميتها،حتى تكاد تسأل نفسك لماذا هذه الغزارة طالما أنها كلها متشابهة،كل ربيع من كل سنة هناك ملايين الزهور من شقائق النعمان تنبلج من تيجانها لتعلن الربيع،لكن واحدة من بينها تتخذ هيئة عشتار لتوصل نبض الحب بين قلبين يافعين.الملايين من الفراشات تطير في الحقول،ثمة واحدة تتدغدغ أحلام طفل وتحثه على النهوض واللعب معها،ملايين البلابل تغرد على الأغصان،ثمة واحدة منها تلهم عازفا ليبدع أعذب ألحانه.
البشر ينفردون من بين كل الكائنات بالقدرة على الكلام و التعبير،التواصل مع مختلف الكائنات،إيصال ما يفكرون و يشعرون به خارج ذاتهم،وكأن الحكمة من ذلك أن يخاطبوا المستقبل،أن يتغلبوا على داء الموت بدواء الكلام والفعل،إنها الحقيقة التي اكتشفها جلجامش متأخرا.
سنويا يولد ملايين الأطفال،لكن البشرية تنتظر عقودا و قرونا ليخرج من بين هؤلاء المولودون طفل بأناقة التاريخ وعنفوان حركته ليمسك بيدها ويسير بها نحو الحقول الخضراء،ويلفت أنظارها لمشرق الشمس حيث الحياة المتجددة.
إن حياة العظماء في تاريخ البشرية لا تعتبر حياة شخصية عاشها فرد ما بقدر ما هي اختصار مكثف لمسيرة ذاك الشعب،ماضيه،حاضره،مستقبله،قراءةً وتحليلاً واستشرافاً،ومالطاقة الكامنة فيه التي يستخدمها عقلا و فكرا إلا طاقة ذاك الشعب و قد اجتمعت فيه وتراكمت و هي بهذا المعنى تعني بشكل أو بآخر أن هذا العظيم ليس ابن لحظة معينة أو نتاج مرحلة معينة إنما هو تراكم التاريخ،تراكم الكدح و النضال،تراكم الإرادة و القوة و الفعل،إنه ببساطة خلاصة الإنسان في أبهى صوره,ولذلك بالذات تتحول بعض الأيام إلى أعياد في ذاكرة البشرية لأنها وبمحض المصادفة نالت شرف أن تكون شاهدة على ميلاد ما،ولذلك أيضا تُزْرَع الحدائق،تُهدى باقات الزهور،تُقام المهرجانات والكرنفالات في تلك الأيام،ليس احتفالا باليوم لأنه يوم بل لأن لذاك اليوم شرف شهادته على ميلاد جديد للتاريخ.
منذ فجر التاريخ وتحاول قوة السلطة كبح جماح التاريخ،السيطرة عليه،سرقته،وتقعيد التاريخ خادما للسلطة،إلا أن منطق التاريخ يتناقض تماما مع السلطة،إنه التدفق الحر من جزيئه الأصغر حتى جرمه الأكبر،في كل حركة يقول للسلطة لا،في كل انعطاف يسخر بالسلطة و يتقدم خببا غير مكترث بشخوص السلطة في مسرحها الهزلي،أبناء التاريخ أولاء يقفون بقاماتهم الشامخة على التخوم الفاصلة بين الظلام و النور،بين المجد و الذل،بين الحرية و العبودية،بين الفناء و الخلود،يفتحون ذراعيهم باتجاه الخير كنسور الفضاء،شامات على خد الدهر،لا يكترثون لطنين الذباب و جعجعة الحجارة إذ تأكل نفسها بنفسها.
لا قبور تحتويهم،لا سجون تحد من تدفقهم،لا جزر في أعالي البحار تعزلهم،لاقيود تكبلهم،أنهم التدفق بكل ما يعنيه التدفق من معنى ومن خيال،الهواء الذي يسري في شرايين الكون،الأنهار التي تسير في كل الوديان،البحار التي تضرب كل الشواطئ،الشعاع الذي يخترق كل كتيم،ببساطة هم الزمن الذي لا يمكن أن يوقفهم حاجز للدولة و السلطة وبالتالي فهم أحرار دائما و يهبون الحرية لمن يحبهم و كذلك لمن يكرههم ذاك أنهم نبع ينضح حريةًلا سواها
في الرابع من نيسان من ربيع قلوبنا و من لهيب أشواقنا باقة مضمخة بأريج الشهداء من أعالي مشتى النور وسهول سروج وقطرات الفرات إلى نبع حريتنا وعنوان وجودنا،ذاك الذي حول إيمرالي إلى قلعة للمقاومة ووصمة عار على جبين البشرية
باقتنا إلى إيمرالي مهوى أفئدتنا،نحبك ولن تكون الجدران والجزر حائلا بينك و بيننا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جبال من القمامة بالقرب من خيام النازحين جنوب غزة


.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق




.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟


.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع




.. الموظفون الحكوميون يتظاهرون في بيرو ضد رئيس البلاد