الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجزائر، المقبرة الفلسفية

مزوار محمد سعيد

2014 / 4 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع







الجزائر، المقبرة الفلسفية

؟ في ثوب الفيلسوف
من هو الفيلسوف؟
تفلسف من أجل الخبز

لا يخفى على المتجول في الشوارع الجزائرية في مطلع القرن الواحد و العشرين بأنّ هناك غربة بائسة للفلاسفة و الفلسفة، أو المفكرين و الفنانين، أو الرومانسيين و الشعراء، و كأنّ هذا الزائر لها يتجوّل في إحدى الكواكب البعيدة القاطنة بملايين السنوات الضوئية من المجموعة الشمسية. أو لتكن المجموعة الفلسفية.
من غير السؤال لا يمكن أن تكون للفلسفة قائمة، لكن من دون تقييد السؤال أو إعدامه لن يكون للجزائري البسيط أو غير البسيط (الكل في قبعة واحدة) قائمة، و كما للأجساد تغذية فإنّ للأرواح عناصرها الغذائية، لكن لا تبدوا أنّ الروح الجزائرية هي تتغذى من مكونات فلسفية.
بضع صفحات من الجريدة، عنوان كتاب، مقدمة مقال فلسفي و لو كانت الخاتمة عبارة عن تلخيص للمقال لكانت أفضل، بعض الشائعات، المسلسلات، و حتى أخبار بعض الفضائيات، مباراة رياضية، فيلم غربي، جلسة في مسجد، مشاهدة برناج حواري، مشاهدة رقصات حسنوات لاس فيغاس... الخ... فقط عنصر من هذه العناصر يمكن أن تصنع فيلسوفا في جزائر الألفية الثالثة.
الفلسفة هي فقط لفئة من التلاميذ في الثانوية الجزائرية، أو هي شهادة جامعية، أو بضع كلمات مدججة بالكثير من عناوين المؤلفات، أو مقال ينشره صديق بواسطة مكالمة هاتفية، بينما المادة الفكرية لا تهم، ما دامت الأسماء و النياشين أو الألقاب و المراكز موجودة في الواجهة، تسقط كل إمكانية، تحت شعارات التعقيد أو بذريعة التواضع، أو لربما كان الحلّ في غطاء الدين.
الفلسفة عند الجزائري القائمة على النسق و الدليل هي عملة نادرة، و الأغرب هي منبوذة، و إن أتى بها أحد المخلصين يصنّف إما في خانة الجنون أو التكبر.
أيضا الفلسفة هي مصدر رزق الكثيرين، هي تعبّر عن البؤس بكافة أشكاله، الفكرة لا قيمة لها بينما الجزاء لا يكون بالأفكار بل بمدى نجاح المتملق أو المنافق، أو مدى ثبات المصلحة أو القرابة أو لاتقاء شر أحدهم، فيبدوا الشخص هو صانع الفلسفة الجزائرية، في حين أن الفلسفة اليونانية هي التي صنعت أشخاصا.
الفلسفة هي قديمة، الفلسفة هي جنون، الفلسفة هي بلا جدوى، الفلسفة هي ثرثرة، الفلسفة هي مدعاة للسخرية، الفلسفة هي كفر، الفلسفة هي الفزاعة، الفلسفة هي التي ثقبت طبقة الأوزون.... الخ...
نعوت و أحكام جاهزة، هي موجودة في الجزائر عند العامة كما هي موجودة لدى الخاصة، لكن المأساة في كل هذه الصفات التي تُلصق بالفلسفة لصقا، هي تكمن في أنّ مردديها هم: المشتغلين بها، أو المنتمين إلى حقلها، و إن لم يكونوا كلهم، فبإمكاني القول أنّ أغلبهم متورط في هذا، و ذلك في صيغتيْن: الأولى جعلت من الخطاب الفلسفي الجزائري بلا مضمون، لأن الجدية في العمل هذا غير موجودة، و الصيغة الثانية هي عدم حضور القناعة بما تحمله الرسالة الفلسفية من معاني.
صعب للغاية أن يكون المحسوب على الفلسفة متسولا عند باب القلعة الفلسفية، و الأصعب أن يكون "الفيلسوف" الجزائري منافقا يحفظ العناوين من أجل التعقيد في الخطاب الذي لا معنى له، و لا هدف له، فيكون ظالما لذاته التي تتوهم التفلسف، و يكون جلاّدا لغيره عندما يدوخهم و يجعل من الفلسفة متحفا للقطع الخشبية المغبرّة، لكن في قالبها الذهبي الساخن الذي يحرق لامسه.

"... و هو بذاته قيصر كلّ روسيا، تدرّب على يد نجار سفن، و على يد حداد في هولندا، لكي يعطي لبلاده أول أسطول وطني له .... "
(مالكـ بن نبي، من أجل لتغيير، دار الوعي – الجزائر 2013، ص:119)

جميل جدا عندما يتدرب البشري على إتقان عمل ما، لكن ما يشوه هذا الجمال عندما يتقن البشري عمله من دون إيمانه بما يصنع، و على هذا الأساس فإنّ ذريعة المبتدئ من أجل تأجيل العمل الفلسفي، أو ذريعة الفاهم المتمكن من التفلسف من اجل تجاوز الأساسيات و الركائز في المنظومة الفلسفية، هي من نوع المشاكل التي تطغى على النبوة الجزائرية، حيث يبقى "الفيلسوف" في الجزائر إما منافقا و مراوغا من أجل لقمة عيشه، أو متجاهلا و غير مبال من أجل إخفاء ضعفه التفكيري، و كلا النوعيْن هما لا يخدمان الأمة، الدولة، الجامعة، المدرسة، المجتمع و الحياة الجزائرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر ما فعلته الشرطة الأمريكية لفض اعتصام مؤيد للفلسط


.. النازحون يعبرون عن آمالهم بنجاح جهود وقف إطلاق النار كي يتسن




.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: نتنياهو ولأسبابه السياسية الخاص


.. ما آخر التطورات وتداعيات القصف الإسرائيلي على المنطقة الوسطى




.. ثالث أكبر جالية أجنبية في ألمانيا.. السوريون هم الأسرع في ال