الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حجاب المرأة لرأسها أم لعقلها

محمد منير

2014 / 4 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ترددت كثيراً قبل أن أكتب هذه السطور ، فالموضوع الذى يلح على عقلى موضوع يراه الغالبية موضوعاً فقهياً ، وأنا لست من أصحاب التصاريح بالفتوى .. ، ولكن الموضوع طوال الوقت ظل يفرض نفسه على تفكيرى بالمنطق والحجة العقلية ، وأنا من المؤمنين بأن العقل والتفكير من أهم المحددات التى ميز الله بهما البشر ، وعدم إعمال العقل إنما هو إلحاد بنعمة من نعم الله .
قال لى أحد المتشددين الشعبويين أن الحجاب مهم للمرأة للمسلمة لتميزها عن المرأة المسيحية؟؟ !! وكان حوار المتشدد فى هذا الأمر عنيفاً يحمل كل أنواع الترهيب حتى ظننت انه يستهدف تحجيبى أنا شخصياً .. ما علينا ..
فكرة تميز المسلمات عن المسيحيات هى فكرة تستحق التوقف عندها ، وخاصة وأن الرأس غير المحجب للأنثى أصبح علامة عند البعض لتحديد صاحبته ضمن فئة يجوز استباحتها واستباحة حياتها ، أو على الأقل وضعها فى مرتبة ثانية عن سائر النساء المحجبات .
المعنى السابق يعنى أن هناك فئة مجتمعية معرضة للأذى من بعض الجماعات التى تتبنى هذه الأفكار ، وهو مارفضه ديننا الاسلامى وطالب بتجنبه ، فإذا علمنا أنه جاء فى تفسير القرطبى للاية.. " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن جلاليبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين" (الأحزاب) ، أن سبب نزول الآية أن الأعرابيات كن يقضين حاجاتهن فى العراء. وكان بعض الفجار يتعرضون للمؤمنات على مظنة أنهن من الجواري، أو من غير العفيفات، فشكون للرسول(ص) ومن ثم نزلت آية لتضع فارقا وتمييزا بين الحرائر من المؤمنات، وبين الإماء وغير العفيفات. وهو إدناء المؤمنات لجلاليبهن حتى يعرفن فلا يؤذين بالقول من فاجر ، و كان عمر بن الخطاب إذا رأى أمة قد أدنت جلبابها عليها, ضربها بالدرة محافظة على زي الحرائر ..
إذاً الموضوع كان لا يخص الأمر الالهى المباشر لجميع النساء المسلمات بقدر ماكان تمييز بين الإماء والحرائر ، وإلا أصبح الأمر واجباً أيضاً على الأمة المسلمة .
التمييز الذى أمرت به الآية كان بهدف درء الفتنة عن المجتمع وحماية النساء ، فإذا كان التمييز الآن بغرض أثارة الفتن وتمييز نساء المسحيين عن نساء المسلمين تمهيداً لإستهدافهن ، فإن الأجدى والأقرب للمنطق هو القضاء على هذا التميز لا ترسيخه ، وخاصة وأن كل الأوامر والتفسيرات الخاصة بالحجاب والنقاب والجلباب ، هى أمور تحتاج مراجعة واستعين فى ذلك بما أوردة المستشار محمد سعيد عشماوى فى هذا الشأن
المستشار العشماوى يرى كلمة الحجاب فى اللغة تعني الساتر. والآية القرآنية الكريمة التى وردت عن حجاب النساء تتعلق بزوجات النبي وحدهن وتعني وضع ساتر بينهن وبين المؤمنين. "يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه, ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فإنتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلك كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق وإذا سألتموهن(أي نساء النبي) متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ... "إلى آخر الآية. (الأحزاب)
ويرى أن هذه الآية تتضمن ثلاثة أحكام:
1- تصرف المؤمنين عندما يدعون إلى طعام عند النبي.
2- وضع ساتر بين زوجات النبي والمؤمنين.
3- عدم زواج المؤمنين بزوجات النبي بعد وفاته.
أما فيما يخص الخمار والذى ورد فى سورة النور .."وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمورهن على جيوبهن" ، فإن تفسير القرطبى أوضح أن النساء كن يغطين رؤوسهن بالأخمرة، ويسدلنها من وراء الظهر، فيبقى أعلى الصدر مكشوفا. فأمرت الآية بإسدال الخمار لتغطية الصدر العاري، لوكان الشعر هو المقصود بالستر لذكر مع الصدروخاصة وأن القرآن الكريم لا يترك الأمور المهمة للحدس والتخمين، لكنه دقيق فى التعبير، الدليل على ذلك الآيات التى تخص المواريث.
أما فيما يخص ادناء الجلباب وقد ذكرت فى مقدمة المقال سبب الأمر به وفى هذه الدعوة يقول المستشار العشماوى " إن وجدت العلة وجد الحكم، وإذا انتفت العلة انتفى الحكم. وحيث أنه لا توجد إماء اليوم، فلا يكون الحكم واجب التطبيق شرعا".
أما بالنسبة للجزء الخاص ب "...يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها"، فقد اختلف الفقهاء فى بيان ما ظهر من الزينة. وهو اختلاف بين فقهاء. أى آراء بشر قالوا بها فى ظروف عصورهم وليس حكما واضحا قاطعا، من ذلك أن بعض الفقهاء قالوا أن ما يظهر من الزينة هو كحل العين وخضاب اليدين والخواتم والأقراط والحلي. فهل يعقل السماح بإظهار العيون المكحلة والخواتم والوجه وهي أكثر فتنة وإغراء. ولا يسمح بإظهار الشعر الذى يعتبره المتشددون إثما وعورة.
هل الفتنة فى الشعر وحده. وماذا عن الوجه والعيون والحواجب والأسنان والصوت ونتوءات الصدر والأرداف والقوام والشباب ولون البشرة إلى آخره.
الحقيقة أن بعض الأحكام القرأنية انتفت علتها التاريخية ، ويجب النظر اليها فى إطار الدعوة الى النوايا الحسنة فمثلاً جاء فى سورة الأنفال " واعْلَمُوا أنَّما غَنِمتُمْ مِنْ شَيءٍ فَأَنّ للَّهِ خُمْسَهُ ولِلرَّسُول ولِذي القُرْبَى واليَتامَى والمَساكِيْنِ وابَّنِ السَّبِيْلِ) . وحيث أن الفئات المراد تقسيم العنائم عليها قد انتفى وجودها ، فإن أحكام هذه الاية غير قابلة للتطبيق اللهم إذا كان الأمر يتعلق بالدعوة للمعنى العام للعدل والمحبة .
أما الحجة الساذجة التى توردها جماعات التستر بالدين والتى تعبر عنها العبارة التى تكتبها عناصر هذه الجماعات على الجدران " الحجاب يا أختاه فى زمن الذئاب " . وهو نوع من الترهيب لغير المحجبة بأن يمكن أن تغتصب أو يعتدى عليها !! ، اسئلة مهمة تفرض نفسها هنا .. هل رغبات الذئاب تنكسر أمام الحجاب؟ ، ومن هم الذئاب ؟، ولماذا هم موجودون ؟ ، ولماذا لم يعرفهم المجتمع فى الخمسينيات والستينيات حتى السبعينيات ، ولم يكن الحجاب منتشراً ؟ .. الأجابة على هذه الأسئلة تؤكد أن المقصود هو بث حالة من الرعب والأرهاب بين النساء وأسرهم بهدف دفع النساء للبس الحجاب الذى اصبح مظهر من مظاهر التفوق السياسى لجماعات التستر بالدين .
التعامل مع الظواهر السلبية فى المجتمع بهذا النوع من التجنب ، يعنى أن نواجه انتشار سرقة السيارات بإلغاء السيارات والعودة للدواب " فالحمار يسهل ربطه داخل البيت "
وقد يتسأل البعض .. هل هناك خطورة من الحجاب ؟
اعقد أن الحجاب إذا استخدم لتمييز المرأءة المسلمة عن المسيحية ( كما قال لى المتشدد الشعبوى ) .. وإذا استخدم بمنطق تحريم ظهور المرأة بالشكل الذى خلقها عليه الله بإعتبارها حرمة ودرجة أقل من الرجل الذى يحق له الظهور بكامل هيئته فإن هذا يعنى الحد من حريتها فى المشاركة المجتمعية بالتساو مع الرجل ، بإعتبارها حرمة محرمة صوتاً وشكلاً ، أما الحجة الساذجة الذى تقول أن ظهور المرأة بغير حجاب فتنة للرجل ، فأيضاً ربما ظهور الرجل سافر ظاهر العضلات والوجه سبب فى فتنة النساء ، وبهذا المنطق يجب تحجيب مفاتن الرجل .
عندما دعا قاسم امين ( 1863-1908م ) المرأة لخلع الحجاب كان يرى أن الحجاب هو تغطية على عقل المرأة وقدرتها على الانطلاق بصفتها انسان خلقه الله كامل الأهلية تعمل بجانب الرجل لا أن تعزل عنه ..
وأخيراً من عاش مثلى فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضى يرى الفرق الكبير فى المجتمع بين فترة لم يفرض فيها الحجاب وعملت فيه المرأة بجانب الرجل فى المجالات العلمية والأدبية والثقافية وانتجت اجيال من المثقفين والمثقفات والعلماء ، وبين فترة فُرض فيه الحجاب على الرأس والعقل فكان المنتج عبيد مقيدين بأغلال التخلف والجهل .. وشتان بين الزمنين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 4 / 7 - 01:10 )
دكتوره مسلمه محجبه , سألها الصحافيون مستغربين (أن لباسها لا يعكس مدى علمها) ظناً منهم أن الحجاب رمز تخلف و رجعيه! .
فأجابتهم بكل بساطه و ذكاء قائله :
إن الإنسان في العصور الأولى كان شبه عاري , و مع تطور فكره عبر الزمن بدأ يرتدي الثياب , و ما أنا عليه اليوم و ما أرتديه هو قمة الفكر و الرقي الذي وصل إليه الإنسان عبر العصور , و ليس تخلفاً .
أما العري , فهو علامة التخلف و الرجوع بفكر الإنسان إلى العصور الأولى , و لو كان العري دليل التقدم ؛ لكانت البهائم أكثر تقدماً! .

اخر الافلام

.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان


.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر




.. حديث السوشال | فتوى تثير الجدل في الكويت حول استخدام إصبع أو


.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا




.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس