الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تتوالد الأجيال الجديدة وتتكاثر

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2014 / 4 / 7
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


مشكلات الملايين من البؤساء والبائسات تضيع فى الصخب الإعلامى والسياسى حول مقاعد الحكم ومنابع الثروة، وكم تراق الدماء ويذوق الهوان أطفال وأمهات، كم بحت الأصوات تطلب العدل للأبرياء والآذان صماء والعدالة عمياء، تضخمت المشكلة وأصبح فى مصر أربعة ملايين إنسان، يولدون ويتناسلون ويموتون فى الشوارع. تبدأ المشكلة برجل يغتصب طفلة فقيرة فى الشارع أو خادمة ريفية فى البيت. ٩٤٪ من خادمات البيوت يتعرضن للتحرش، وحين تحمل البنت بالجنين تطردها سيدة البيت حماية لسمعة العائلة الكريمة. تكمن جذور المشكلة فى القانون الطبقى الأبوى الذى يبرئ الجانى «الأب» صاحب الشرف والسلطة المطلقة، فإن أنكر الأب جريمته يصبح الطفل غير شرعى وأمه ساقطة.

مشكلة أطفال الشوارع قديمة، منذ نشوء النظام العبودى فى التاريخ، لكنها تفاقمت فى هذا القرن الواحد والعشرين، مع تفاقم الفقر، ما جعل الحكومة المصرية تصدر قانون الطفل الجديد رقم ١٢٦ لسنة ٢٠٠٨. تنص (المادة ١٥) على حق كل طفل فى أن يكون له اسم يسجل عند الميلاد، ومن حق الطفل (بدون أب) أن يحمل اسم أمه وتستخرج له شهادة ميلاد، وكان الطفل يُحرم (قبل ذلك) من شهادة الميلاد، وبالتالى يحرم من التعليم والحقوق الأخرى، لكن القانون الجديد لا يطبّق، وكأنما لم يكن، وتعجز الأمهات الصغيرات من بنات الشوارع عن تسجيل أطفالهن، فالأمر يحتاج إلى محامٍ يذهب معها ومعه إخطار الولادة، وهل يمكن لطفلة الشارع المعدمة أن تستأجر محامياً؟

قانون الطفل الجديد ينص على أن للأم الحق فى الإبلاغ عن وليدها وقيده فى سجل المواليد واستخراج شهادة ميلاد مدون بها اسمها، لكن أمهات الشوارع يلدن فى الشارع، فكيف يحصلن على إخطار للولادة، والأم نفسها لا تملك أى ورقة تثبت وجودها فى الحياة؟

وكان القانون القديم يبيح للطفل (بدون أب) أن يسجَّل باسم أمه لكنه يعتبر «لقيطاً»، واللقطاء يُحرمون من أهم حقوق الإنسان أولها الشرف والكرامة.

ولا تزال الأجهزة الحكومية تقاوم تنفيذ القانون الجديد رغم مرور ستة أعوام على صدوره، وزارة الصحة مثلاً تعمل حتى اليوم بالقانون القديم الذى لا يسمح بقيد الطفل إلا بواسطة الأب أو رجل من أقاربه، ولا يسمح للأم بالإبلاغ عن الولادة إلا إذا كانت معها وثيقة الزواج، وإذا لم تكن معها الوثيقة فيجب أن تبحث عن الأب (الهارب) وتقنعه بعمل إخطار الولادة ويتم نسب الطفل إليه.. الأم المصرية (وحدها) لا قيمة لها فى القانون والواقع، إلا فى الأغانى والاحتفالات.

تتفاقم مشكلة أطفال الشوارع مع انتشار التحرش بالبنات وتزايد اغتصاب الأطفال وإباحة الاقتران بالقاصرات، وانتعاش سوق الزواج المؤقت فى الصيف والإجازات، هذه الآفات الاجتماعية الاقتصادية الناتجة عن الآفات الثقافية الأخلاقية. تعجز الحكومات المصرية المتعاقبة عن حل المشكلة المتفاقمة، بسبب النفاق السياسى للتيارات الدينية السلفية المتصاعدة منذ سبعينيات القرن الماضى.


تتعرض الخادمة الصغيرة فى البيت، والطفلة الفقيرة فى الشارع للاغتصاب عدة مرات من عدد من الرجال، لا تكاد تعرف الأب، وبالتالى لا يمكنها استخراج شهادة ميلاد لطفلها. قد تساعدها جمعية أهلية فى قيد الطفل باسمها ليصبح لقيطاً، وإن عرفت الأم الصغيرة اسم الأب وساعدتها الجمعية لرفع دعوى لنسب المولود لأبيه، فإن القضية تنتهى بعد دوخان السنين فى المحاكم، دون نتيجة، فالقانون المصرى لا يلزم الأب بإجراء تحليل الحامض النووى.. يتعاون القانون الأبوى مع الأب لطمس الجريمة.


فقط الأقلية من أمهات الشوارع يحصلن على جهود الجمعيات، غير المجدية أيضاً، أما الأغلبية فيودعن السجون فى عنابر التسول والدعارة، ويودع أطفالهن تحت اسم لقطاء فى الملاجئ (الأسوأ من السجون) أما المحظوطات فلا أمل لهن إلا فى الشوارع حيث تتوالد الأجيال الجديدة وتتكاثر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النظام العبودى الذكورى
على سالم ( 2014 / 4 / 7 - 05:50 )
الدكتوره نوال انا اتفق معك ان النظام العبودى الذكورى هو سبب هذه المأسى فى بلاد اولاد عربان واسلام ,لكن الا تتفقى معى ان السبب الحقيقى لهذه الكوارث الانسانيه هو تعاليم الاسلام الغير انسانيه الهمجيه البدويه وعدم احترامه للمراه واحتقارها واذلالها واعتبارها مثل الكلب او الحمار او الغائط


2 - المجتمع العامل العادل هو الحل
عماد عبد الملك بولس ( 2014 / 4 / 7 - 09:36 )
شكرا يا سيدتي لتسليط الضوء علي هذه البقعة الأشد سوادا في واقعنا المظلم، فالمهمشون و المظلومون في مجتمعنا كالقبح العام الذي اعتدناه بدلا من الجمال، و صار لا يستفز ضمائرنا و لا يستصرخ الرحمة و لا الانسانية في قلوبنا

من وجهة نظري المتواضعة، لا أري إلا العمل و الكفاح سبيلا لاحترام الإنسان أيا كان أصله و سبب وجوده، فإيماني الشخصي أن كل إنسان لا يوجد في الدنيا إلا بإرادة الله تعالي، بغض النظر عن الأسباب البشرية، فلا يوجد نبت شيطاني في هذه المزرعة الإنسانية إلا فيما ندر

و في الأعوام القليلة الماضية رأينا نبت الشارع هذا يتم استغلاله أسوأ استغلال و استئجاره للشيء و ضده برغيف خبز أو قطعة ملابس، و هؤلاء في أقصي يسار المجتمع، و نكاد ننساهم و هم نتاج إهمال كل قادر و ذي انتباه لهم

شكرا مرة أخري، و احتراما و تحية


3 - مشكلة المرأة العربية واحدة في جميع البلدان العربية
فؤاده العراقيه ( 2014 / 4 / 7 - 14:32 )
تحية طيبة وشكرا لأطروحاتكِ التي تسلط الضوء دائما على الواقع المخزي لبلداننا

لا أرى حلا في أصدار قانون بأعطاء حق للأم في ان تعطي اسمها لوليدها بغض النظر عن الأب وموافقته, فهذا سوف لن يحل مشكلة بعد ان يكون العار مصيره دوما وأسم اللقيط مرافقا له
فالمشكلة في اجتثاث النظرة الدونية للمرأة وتعديل الفكرة الدونية الملاصقة لها ولا سبيل سوى بتنوير العقول كما انتِ فاعلة دوما
كذلك لي ملاحظة صغيرة على قولكِ المرأة المصرية (وحدها) لا قيمة لها في القانون والواقع إلا في الأغاني والأعياد , والأصح المرأة العربية ومعاناتها هي واحدة والمرأة المصرية حالها حال المرأة العراقية , وكذلك هي معاناة بقية النساء , وما ادريه عنكِ أنكِ ابنة الوطن العربي والعالم بوسعه ,ولا فرق لديكِ بعد أن صار دمكِ مخلّط وتعشقين الأنسانية , فالمرأة العربية واحدة في معاناتها بما إن المستعمر المتمثل باسرائيل واوربا وعلى رأسها اكيد أمريكا هو واحد والذي كان له دور كبير في بث التخلف مستغلا الأرض الخصبة لذلك
مع اجمل الورود لكِ


4 - تتوالد
ناس حدهوم أحمد ( 2014 / 4 / 7 - 20:33 )
لما خرج الإستعمار من بلادنا لم يكن هناك أطفال شوارع لم يكن هناك متسولون فقد كان الوضع أهون علينا من الآن
أنا أتذكر حينما كنت طفلا وتزامنت طفولتي مع فجر الإستقلال كانت مدينتي خالية من هذه الأمراض الإجتماعية الفتاكة فلم يكن عندنا إلا متسول واحد وكان معوقا يحمل عكازتين لكن مع مرور الوقت بدأت تتزايد حشود المتسولين إلى أن أصبح عندنا جيش عرمرم من المتسولين وهو لا زال يتضخم لحد الساعة كما أصبح لدينا جيوشا من العاطلين أما الأطفال المتشردين فحدث ولا حرج وعم الفساد في كل القطاعات الإجتماعية
لماذا يحدث هذا التضخم لأمراضنا الإجتماعية
أعتقد أن السبب أو الأسباب متنوعة ومعروفة لدى كل عقل حصيف إضافة إلى ابتلاء هذه الشعوب العربية بحكام لا يفكرون إلا
في مصالحهم فقد كان الإستعمار أرحم لنا من بني جلدتنا فاستفحلت
مصائبنا بسبب أفكار وعقلية العرب وثقافتهم المستبدة


5 - الدين البدوي هي المشكلة
حميد كركوكي {صيادي} ( 2014 / 4 / 8 - 20:34 )
إننا سنبقى في العالم الثالث والرابع مادامت الدين {الرسمي} هي الإسلام ! سحقا لهذه الشريعة المشعوذة لثلث الكرة الأرضية، وشكرا لنوال قائدة النضآل النسوي،

اخر الافلام

.. قلوب عامرة - د. نادية عمارة توضح حكم-ادخار المرأة من مال زوج


.. تا?ثير نقص الغذاء والظروف البيي?ية على النساء في الحروب




.. صاحبة مشروع الحبوب والأعشاب الجافة أسماء عبد السلام


.. ليبيا معرض زراعي اقتصادي يوفر فرص عمل للمرأة الجنوبية




.. صاحبة مشروع صناعة السعفيات فوقه صالح