الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشريعة والشعور بالذنب !

أحمد القبانجي

2014 / 4 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قالوا وقلنا:..........

يقول القرآن: ( ياعبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا..)- الزمر 53.

اقول : بالرغم من ان المعنى الذي تتضمنه هذه الآية القرآنية نافع جدا على المستوى النفساني للانسان ويحول دون تراكم الشعور بالذنب وبالتالي لا يتحول الى عقدة الذنب التي تدمر حياة الانسان وسعادته وتساهم في ابتعاد الانسان اكثر عن الله والفضيلة, فيجد في هذه الآية دعوة للتوجه الى الله في موارد المعصية والذنب لتطهير نفسه مما علق بها من اوساخ الذنوب وشوائب المعصية.. الا ان علماء الاسلام وتبعا للنصوص الواردة في القرآن والسنة يستثنون منها الذنوب المتعلقة بحق الناس, اي الذنوب الاخلاقية كالغيبة والغش والسرقة والظلم وامثال ذلك, فيجب على هذا الشخص الاستغفار وطلب العفو من الناس في مثل هذه الذنوب, وتبقى الذنوب الشرعية الاعتبارية من حق الله كترك الصلاة والصيام وشرب الخمر وامثالها, وهذا يعني اجهاض هذه الآية من مضمونها العميق وحصر الذنوب التي يغفرها الله بالذنوب الشرعية التي هو السبب فيها. فلولا تشريع هذه الواجبات والمحرمات الاعتبارية لا يبقى معنى للمعصية وبالتالي لا يشعر الانسان بالذنب .
ولتوضيح المسألة لابد من التمييز بين الذنب الحقيقي من الوهمي, فالواجبات والمحرمات على نوعين: واجبات ومحرمات اخلاقية حقيقية واخرى واجبات ومحرمات وهمية واعتبارية, ويترتب على ذلك ان الذنوب كلها على نوعين: ذنوب حقيقية, وذنوب وهمية او اعتبارية.. فالذنوب الحقيقية هي الذنوب الاخلاقية التي تخدش انسانية الانسان وكرامته ويشعر الانسان بأنه لا ينبغي له كانسان ان يرتكب هذا العمل كالكذب والغش والسرقة والعدوان على حقوق الاخرين وامثال ذلك, وهذا الشعور بالذنب فطري في كل انسان, ولذلك فهو حقيقي وان كان قد يتغير ويقل ويزداد بفعل التربية والثقافة الاجتماعية او بسبب الاكثار من ارتكاب هذه الاعمال حتى يموت هذا الوازع الاخلاقي في نفسه ويعتاد على المخالفة والجريمة, وبذلك يتبين ان الشعور بالذنب الذي يعقب هذه الذنوب الحقيقية هو شعور صادق اذا لم يكن لغرض آخر سوى الخجل من نفسه.. اما الذنوب الاعتبارية فتنشأ من مخالفة العرف او الشرع من قبيل ترك الصلاة والصوم او ترك المرأة للحجاب وامثال ذلك, لان هذه الذنوب وهمية والشعور بالذنب منها هو شعور كاذب ايضا, كل ذلك بسبب الشريعة التي اضافت كما هائلا من الواجبات والمحرمات الاعتبارية الى الواجبات والمحرمات الحقيقية الاخلاقية حتى اختلط الحابل بالنابل واخذ المتدينون يهتمون بالواجبات والمحرمات الاعتبارية اكثر من اهتمامهم بالاخلاقية منها, فتراه يكذب ويغش ويعيش الحسد والحقد ولكنه لا يأكل لحم الخنزير مثلا لانه حرام شرعا..
والشاهد على ان احكام الشريعة وهمية ماأنزل الله بها من سلطان ان النبي محمد نفسه قبل النبوة وبعدها في مكة وكذلك جميع الانبياء والمصلحين الذين وصلوا الى مراتب عالية في الكمال المعنوي والانساني لم يكونوا ملتزمين بهذه الاحكام الشرعية بل لم يكونوا يعلمون بها وانما جاء بها النبي بعد الهجرة الى المدينة وشرع هذه التشريعات لمصلحة يراها لمجتمعه لا انها من الله, فهو قد وصل الى مرتبة النبوة بدون هذه الصلاة والصوم والحج وغيرها من احكام الفقه, بل لمراعاته الواجبات والمحرمات الاخلاقية فقط وكان يأمر المسلمين في مكة بهذه الواجبات والمحرمات الاخلاقية..
وللاختصار نقول: ان الشريعة تعتبر اكبر جريمة بحق الانسان والانسانية والاخلاق, ومانراه من ارهاب وقتل الابرياء وظلم واستبداد الحكام المسلمين هي ثمرة من ثمرات الشريعة , هنا نستعرض هذه الحقيقة المأساوية ضمن نقاط :

1)ان الشعور بالذنب بسبب الشريعة من شأنه ان يغطي على الشعور بالذنب الاخلاقي فلا يهتم المرء لاصلاح الخلل في اخلاقه فتبقى في نفسه جذور الخطيئة من الحسد والحقد والبخل وغيرها تجره الى ارتكاب الرذائل الاخلاقية كما نراه بشكل ملموس في حياة المتدينين.

2)ان الشعور بالذنوب الاعتبارية من شأنه ان يبعد الانسان عن الله اكثر بحجة انه تارك للصلاة مثلا او أن البنت تاركة للحجاب, فيتوغل هذا الشخص في ذنوب اخلاقية لانه يشعر ان الله غير راض عنه بتركه للصلاة وقد قيل له ان الصلاة عمود الدين ان قبلت قبل ماسواها وان ردت رد ماسواها, وهو تارك للصلاة لانها ثقيلة, فلا داعي لان يعمل الخير لانه لا يقبل منه, واذا كانت الصلاة اهم شئ عند الله وقد تركها فيسهل عنده ترك سائر الفضائل وارتكاب الرذائل, وهكذا حال البنت التي تركت الحجاب لضروف قاهرة او لعدم قناعتها به فيسهل عندها الانجرار نحو الرذيلة لانها تشعر بأن الله غير راض عنها سواء التزمت بالعفة ام لم تلتزم.. وكما يقول المثل: المبلل لا يهمه المطر.

3)ان الكثير من احكام الشريعة تتعارض مع احكام الاخلاق مما يؤدي الى خلق تعارض في نفس المتدين, فيرجح احكام الشريعة الاعتبارية على احكام الاخلاق الحقيقية, مثلا صلة الرحم وبر الوالدين من الاحكام الاخلاقية, ولكن في مقابلها نجد حرمة المودة والمحبة معهم فيما لو كانوا غير متدينين كما تقول الاية (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم واخوانهم وعشيرتهم و...), وهذا ما يجده كل مثقف علماني من اقربائه المتدينين.. اضف الى ذلك الارهاب وقتل الابرياء وبث الفرقة والكراهية بين الناس بأمر الشريعة والتي تتقاطع مع الاخلاق مما لا حاجة لبيانه.

4)ان كثرة الاحكام الشرعية من واجبات ومحرمات كالوضوء والصلاة خمس مرات في اليوم والصيام والحج والخمس واحكام النجاسة والطهارة والحجاب وأغسال المستحاضة مضافا الى المستحبات والمكروهات والمحرمات وتدخل الشريعة في جميع شؤون حياة الانسان مما جعلها ثقيلة على المكلف, فلو اراد الالتزام بها فانها تمتص جميع طاقاته وامكاناته المادية والمعنوية ولا تبقي له شيئا ليهتم بالواجبات الاخلاقية الحقيقية.

5)ان الشعور بالذنب الناشئ من مخالفة الشريعة لا يؤدي الى اصلاح الانسان من الناحية الاخلاقية لأنه ناشئ من الخوف من النار في الآخرة ولا ينبع من شعور انساني في حالات التقصير الاخلاقي تجاه الناس,مثلا عندما يدفع الخمس والزكاة للفقير فهو لا يدفعها حبا له بل لانقاذ نفسه من العقاب الالهي,وهكذا الحال في الصلاة والصيام وغيرها, وعندما يترك هذا التكاليف الشرعية ويشعر بالذنب, فمثل هذا الشعور لا ينفعه لاصلاح نفسه وتهذيبها من الرذائل الاخلاقية لانه اساسا شعور اناني فقط.

وهكذا يتبين مدى الدمار الذي خلفته هذه الشريعة بروح الانسان المسلم وعقله واخلاقه مما هو مشهود للقاصي والداني .. فمتى نتخلص من أسر هذه الشريعة الشيطانية ونعيش الحياة الاخلاقية النقية بعيدا عن اوهام الشرع وتخريفات وكلاء الله على الارض ونواب الامام الغائب ؟؟ .............. والامر اليكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اخينا العزيز الشيخ القبانجي المحترم
صباح ابراهيم ( 2014 / 4 / 7 - 13:00 )
اخينا العزيز الشيخ القبانجي المحترم
نحن نعتز باراءك التقدمية الرائعة .
انت تقول : ( فمتى نتخلص من أسر هذه الشريعة الشيطانية ونعيش الحياة الاخلاقية النقية بعيدا عن اوهام الشرع )

ما هو موقفك شخصيا من الشريعة الاسلامية وانك شيخ مسلم ؟
هل تؤيدها وتتبعها ام تنكرها لأنها شيطانية ؟
تحياتي لك


2 - من أذنب ولم يشعر بذنبه فهو مكابر
عبد الله اغونان ( 2014 / 4 / 7 - 19:16 )

الفقيه الفقيه
من لم يبسط للناس المعاصي
ولم يوئسهم من رحمة الله
من هنا شروط التوبة في الاسلام
الثواب والعقاب هما المقياس الصحيح للطبيعة الانسانية
عكس مايدعيه المتمسحون في غفران كل الخطايا
فكما في واقعنا الطبيعي نكافئ المحسن ونعاقب المسيئ


3 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 4 / 8 - 02:44 )
1- الله يغفر جميع الذنوب , قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) .
2- الشريعه مدنيه , و لم تكن قد نزلت في مكه .
3- ما دخل الشريعه بالشعور بالذنب؟... الشريعه قانون إجتماعي من الله , و لا علاقة لها بالنفسيات البشريه .
4- نعم الصلاه عمود الدين , و هي صله بين العبد و ربه , لا أعلم , هل تريد أن تقطع الصله بين العبد و ربه؟ .
5- المواده في العقيده , و ليس في العشره , قال تعالى : (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) .
6- من قال أن الشريعه تمتص طاقة و إمكانيات الإنسان؟... ثم أن الشريعه قانون يسيّر حياة العباد , هل تريد أن تكون حياة العباد بلا قوانين؟! .
7- الذنب ينفع لإصلاح النفس , و الأدله كثيره .


4 - صدقت ايها الشجاع
ألأمل ألمشرق ( 2014 / 4 / 8 - 08:07 )
صدقت ايها المفكر الكبير وتبت السنة تلااااااااااح وعبد الواوي ال سعود، يريدون إطفاء نور الحق بما يخرج من استائهم، ثمرة تتلمذ الأول على يد عالم الفسويلوجي سعيد الكملي
http://m.youtube.com/watch?v=xo02HtMMt7Q
والثاني خريج معاهد بول الإبل الذي لا يعرف الفرق بين حرف الألف وكور الذرة
نتفق معك مائة بالمائة، فالطبيب الماهر هو الذي يشخص المرض الصحيح أما الافاقون وهم كثر في هذا الموقع فقد اتخذوا من الدجل عملا دائماً، تشخيصك الصائب الذي يقول:
مانراه من ارهاب وقتل الابرياء وظلم واستبداد الحكام المسلمين هي ثمرة من ثمرات الشريعة.. انتهى
هو الاعتراف الذي يجب ان يصل اليه كل مسلم. حالة الإنكار ورمي تهمة الارهاب على الآخرين التي يمثلها مدمنو الهراء ويعتقدون ان الانكار هو طوق النجاة، سيلتف حول رقابهم كحبل الإعدام لان إرهابهم لن يستمر كما يزين لهم ورم الايمان السرطاني، قريبا سوف تدور الدوائر وستنقلب الأمور ضد مهلكة الشر المطلق وسيدفعون بحارا مقابل كل قطرة دم بريء سفكها الارهاب الاسلامي في سوريا ومصر والعراق
شريعة رسول الذبح والتفخيذ وجنة النكاح الحيواني ستجد مكانها في مزابل التاريخ قريبا

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال