الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تهنئة المسيحيين بين الوجوب والاستحباب

عبدالحليم محمد عبدالحليم

2014 / 4 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن الأزمات والنكبات السياسية والاقتصادية والتعليمية والصحية تهون أمام أزمة واحدة يحلو للبعض أن يسميها باسم " الأزمة الطائفية " ، هذه الأزمة التى لا يؤججها إلا التصريحات الاستفزازية من قبل بعض المنتسبين والمنسوبين للدين فى الجانبين ، والتى انتشرت بصورة لافتة فى مصر مؤخرا .
ونحن على مقربة من الاحتفال بعيد القيامة المجيد 2014،وقبل أن يتكاثر الكلام الطائفى من نوع لا تهنئوهم ، لا تشاركوهم أعيادهم ، لا تسلموا عليهم ، رأيت ضرورة الكتابة فى هذا الموضوع من خلال الاستدلال بالكتاب والسنة ( وهما يمثلان صحيح الإسلام وصريحه ) ، حتى نضع هؤلاء بتشددهم وجها لوجه أمام الشريعة الإسلامية برحابتها .

أبدأ أولا بسرد الأدلة على مشروعية تهنئة المسيحيين بأعيادهم وهى كثيرة منها :-

( 1 ) قوله تعالى :( وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ إِنَّ ٱ-;-للَّهَ كَانَ عَلَىٰ-;- كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً ) النساء 86
وجه الدلالة : إذا كان الأخوة المسيحيون يهنئوننا فى أعيادنا فحقهم علينا بنص القرآن أن نهنئهم بأحسن من تهنئتهم لنا ، بمعنى أنهم إذا هاتفونا فقط ذهبنا نحن إليهم ، وإذا جاءوا إلينا بدون هدية ذهبنا نحن لهم بهدية ، أو على الأقل رد التحية كما جاءت منهم ، والآية عامة تشمل المسلم وغير المسلم ، كما أن الأمر فيها صريح ، وهو يفيد الوجوب كما قرر الأصوليون .

( 2 ) قوله تعالى :(وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ) البقرة 83
وجه الدلالة : كلمة الناس عامة تشمل المسلم وغير المسلم ، والقول الحسن له صور كثيرة أبرزها التهنئة ، ومن ثم فالآية عامة وصريحة فى مشروعية تهنئة المسيحيين بأعيادهم .

( 3 ) قوله تعالى :( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة 8
وجه الدلالة : هؤلاء لم يقاتلوننا فى الدين ولم يخرجونا من ديارنا بل هم شركاء لنا فى الوطن ، وحقهم بنص القرآن أن نبرهم ونقسط إليهم ، والسؤال : أليس من البر الذى هو جماع الخير تهنئتهم بأعيادهم وأفراحهم ومواساتهم فى آلامهم وأحزانهم !!!!

( 4 ) قوله تعالى : (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ ) المائدة 5
وجه الدلالة : الإسلام يدعو إلى التعايش بين المسلمين وغيرهم من أهل الكتاب المسالمين الملتزمين بقواعد الدولة وقوانبنها ، ولهذا أباح الله طعام أهل الكتاب لنا وطعامنا لهم ، فإذا كان مباحا لنا تبادل الإطعام والبر بكل صوره وأشكاله فهل يعقل أن يبيح لنا الدين كل هذا ويحرم مجرد التهنئة !!!!

( 5 ) قوله تعالى : ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ )المائدة 5
وجه الدلالة : الإسلام أباح للمسلم أن يتزوج الكتابية ، وأمره بحسن المعاشرة فقال (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء 19 ، والسؤال : هل يعقل أن يبيح الدين كلا من الزواج والطعام والقيام والنوم والإنجاب منها ويحرم مجرد التهنئة !!!!
- كذلك أقاربها الذين هم أصهار الإنسان ، يشاركهم العمل مثلا ويتناوب على زيارتهم وبرهم فإذا جاء عيدهم هجرهم !!!!

( 6 ) الإسلام أباح للمسلم أن يوصى بثلث ماله لغير المسلم ، والسؤال : هل يبيح للإنسان أن يعطيه من ماله ولا يبيح له أن يهنئه بعيده !!!!!

ثانيا : حجة المنكرين المخالفين

تكمن فى قولهم أن مجرد التهنئة إقرار بشرعية أعياده التى تخالف صريح دينك .

يجاب على ذلك بأمور ثلاثة :-
(1)التهنئة ليست إقرار بأمر يخالف عقيدتى فنحن نؤمن بقول الله تعالى : " وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ " ، ونؤمن أيضا بقوله تعالى : " وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ " فالتهنئة ليست إقرار بما يخالف العقيدة ، بل هى من باب الترابط الإجتماعى ، والإخاء الإنسانى .

(2)إذا كنتم تقولون أن مجرد التهنئة إقرار بأمر يفضى إلى الكفر ، فما قولكم بما حدث بين النبى ووفد نصارى نجران حين جاء وقت صلاتهم فصلوا فى المسجد النبوى تجاه المشرق بإقرار من النبى الكريم صلى الله عليه وسلم الذى قال : " دعوهم " .
- هل صلاتهم فى مسجد النبى وبإقرار النبى وعلى مرأى ومسمع من النبى إقرار بشرعية ما يقولون فى صلاتهم !!!!!!!

(3)ما قولكم فى هذا الحديث الشريف :عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قُلْتُ:إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ، وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُ أُمِّي؟
قَالَ : " نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ " .
هل قول النبى لأسماء صلى أمك مع كفرها إقرار بصحة كفرها !!!!

إذا لا علاقة البتة بين التهنئة والإقرار بشئ يخالف العقيدة ، وبناءا على ما سبق فأرى أن التهنئة تدور بين أمرين هما الوجوب والاستحباب .
هذا قليل ، وتعلمنا أن المنصف يكتفى بالقليل ، والمتنطع لا ينفعه الكثير .
اللهم فقهنا فى ديننا وارزقنا علما نافعا يارب العالمين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حلاوة المولد
سامح عبدالله ( 2014 / 4 / 8 - 16:55 )
احنا بنهني اخوتنا المسلمين في مصر بكل اعيادهم، حتي المولد النبوي، مش كده وبس، وبناكل معاهم حلاوة المولد، وبرضه ما بنعترفش بنبوته..!


2 - نسلم من يسلم علينا ونرد التحية بأحسن منها
صباح ابراهيم ( 2014 / 4 / 8 - 21:51 )
التهنئة هي مجاملات اجتماعية وتواصل ومحبة بين ابناء الشعب الواحد ، وكل شخص يحتفض بعقيدته ومبادئ دينه ، انا شخصيا اهنئ كل اصدقائي المسلمين في اعيادهم و الاتررك احدا منهم اما بالتلفون ان كان بعيدا او بالزيارة الشخصية ان كان قريبا ، ونتشارك في الافراح والاحزان فيما بيننا ، والاخوة المسلمين يهنئوني بكل عيد ومناسبة دينية ونتزاور في البيوت ومع العوائل وكأننا في بيت واحد وعائلة واحدة .
نحن المسيحييين نسلم من يسلم علينا ونرد التحية بأحسن منها ولا نحقد على احد .
اما من كان دماغه مغلقا واعماه التعصب فهذا لا يستحق منا سلاما ولا تهنئة لأننا نعرف مقدار الحقد التي يختزنها في عقله وقلبه كما هو المعلق رقم 1


3 - اله غبي
سرجون البابلي ( 2014 / 4 / 10 - 17:44 )
الله واكبر اله حاقد وغبي ومستواه مستوى اولاد الشوارع

اخر الافلام

.. الآلاف يشيعون جـــــ ثمــــ ان عروس الجنة بمطوبس ضـــــ حية


.. الأقباط يفطرون على الخل اليوم ..صلوات الجمعة العظيمة من الكا




.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله