الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فدرالية اليسار الديمقراطي وقضايا -أمكنة- المجتمع المغربي

محمد بوجنال

2014 / 4 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




المجتمع،أي مجتمع، عبارة عن مكونات تتميز بالتنوع والاختلاف، مكونات يحدد دلالتها ما نسميه ب"العلاقة"؛ وبمعنى آخر نقول أن المجتمع المغربي، على المستويين الأنطولوجي والمنطقي، هو "العلاقة" المتخلصة من الأشكال القبلية والطبقية؛ ومعلوم أن القول ب"العلاقة" معناه القول في نفس الآن بالوجود المجتمعي مع الغير حيث يستحيل في "العلاقة" تلك إثبات السابق على اللاحق ولا دونية هذه الجماعة عن الأخرى؛ فالتكافؤ والاحترام على مختلف المستويات هو العامل المنظم لأنشطة مكونات المجتمع؛ إنها المساواة التي يتطلع لها المجتمع المغربي والذي سرقتها منه القوى الماكرة معتمدة أساليب شتى منها القوة أحيانا، والاستقطاب المغري أحيانا ثانية ،والأيديولوجيا أحيانا ثالثة. بهكذا أساليب تم تحريف تاريخ الإنسانية الذي منه تاريخ المغرب، فتم تحريف الدلالة السليمة "للعلاقة" لصالح الدلالة الطبقية أو القبلية أو العائلية التي هي إجمالا "علاقات" الاستبداد والعنصرية إن بأشكال ممارسة القوة أو بشكل ممارسة العنف المؤذب؛ أساليب أسس لها ودعمها شكل الدولة السلبية أو العائلية المغربية بموسوعتها المتمثلة في القيم والعادات والبرامج والتأويلات الدينية والمناهج الدراسية والجامعية وشرعنة التسلط والاستغلال وعد ذلك ممارسات أخلاقية. إنه الوضع الذي أفرز- كما فعل غيره سابقا – اقتصادا هشا ومسيطرا عليه، وسياسة محتكرة من طرف النخبة، وتقسيما اجتماعيا طبقيا وفئويا وعنصريا، وثقافة خرافية وميتافيزيقية. بهذا الشكل من "العلاقات" تم ويتم الحصار المؤدب لمكونات المجتمع المغربي. واللازمة المنطقية لشكل الوجود ذاك هي الخضوع والاستسلام والإيمان بالقدر والغيبيات واعتبار الفقر نعمة تتوج بربح الجنة. إنه الوضع المجتمعي المغربي الذي مكن شكل الدولة السلبية أو العائلية المغربية وكذا النخب المحيطة بها من هيمنة الأولى وسيطرة الثانية والاستحواذ، وفق ميزان القوى، على الثروات المغربية الطبيعية والبشرية. لذا، فمجتمع مراقب ومسجون بهذه الطريقة لن يفهم ويدرك دلالة وجوده إلا بالشكل المسموح له به فهمه وإدراكه.. وفي كل ذلك يكون شكل الدولة السلبية أو العائلية ونخبها قد أمنت وضمنت هيمنتها وسيطرتها واستحواذها على الثروات وبالتالي ضمان الاستمرارية وكذا فعالية"موسوعتها". وبالمجمل ، نحن أمام مجتمع مغربي مجمل مكوناته تعاني الفقر والأمية والإيمان حتى النخاع بالميتافيزيقا والخرافة وبالتالي مكونات تتميز بالجمود والتخلف.
هذا الملف، الذي هو ملف ثقيل وذو عمق تاريخي من حيث الجمود والفقر والتخلف، هو الملف الموضوع فوق الطاولة في انتظار مقاربته وطرحه وفق فلسفة ذات "علاقات" تتناقض والعلاقات السائدة السلبية سابقة الذكر أو قل في انتظار برمجة هذا التحالف الجديد لهذه القضايا والمشكلات التي يعانيها المجتمع المغربي وفق نهج الآليات الناجعة لحصول نموه وتنميته. لا شك أن مكونات التحالف الثلاثة: الحزب الاشتراكي الموحد، وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي،وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي هي أحزاب تتقاطع حول نوعية "العلاقة" وتتوحد حول مبدإ الاشتراكية كمنهج والاحتفاظ بالمسافة عن شكل الدولة السلبية أو العائلية ونخبها، وهي "العلاقة" التي مكنت التحالف الجديد ذاك، بعد مراحل سابقة من الحوار والنقاشات، منة بلورة والتأسيس الفعلي لهذه الفدرالية التي يعتبرونها بدورها مرحلة انتقالية. سبق أن قلنا أن "المكان" السياسي "كعلاقة" يهيمن عليه شكل الدولة السلبية أو العائلية وتسيطر عليه النخبة المحيطة بها؛ وكما يقال : الخواتم بمقدماتها؛ لذا، لم يكن بإمكانه سوى إنتاج التخلف والاستبداد الذي أسس لحصوله "علاقة" مهيمنة شكلت حكومة ضعيفة – كما باقي الحكومات السابقة – ومعارضة برلمانية تحت الطلب: الاتحاد الاشتراكي، وحزب الاستقلال، وحزب الأصالة والمعاصرة، وحزب الاتحاد الدستوري وكذا أذرعهم من المركزيات النقابية. لذا، فالملف المطروح أمام "فدرالية اليسار الديمقراطي" يتمثل في ضرورة الصراع من أجل تحرير "أمكنة" المجتمع المغربي "كعلاقة": على مستوى "المكان" الاقتصادي، هناك نهب الموارد الطبيعية: فالفوسفاط يحمه قانون الغاب، وأعالي البحار تستثمره ثلة من النخبة، والأراضي الزراعية بما في ذلك الضيعات الفلاحية تملكها(بتشديد اللام المفتوحة) المزارعون الكبار، والمصانع على قلتها وضعفها محتكرة من طرف الشركات، والأبناك تمت خوصصتها لصالح الرأسمال الأجنبي والخليجي وهو الوضع الذي أفرز لنا سوقا اقتصادية داخلية ضعيفة وطنيا لكنها "علاقة" منفصلة عن عمليتي النمو والتنمية بالمغرب ؛ وهناك "المكان" السياسي وهو الذي يلعب الدور بصدد تحديد "علاقات" مختلف "الأمكنة" لضمان استمرار شكل الدولة السلبية أو العائلية ونخبها المحيطة بها باعتباره "المكان" الذي يحدد ويقوم بتجذير وتشكيل ومراقبة مختلف المؤسسات في تدبيرها الشأن العام الذي هو أساسا المحافظة والعمل على توسيع وتجذير "العلاقة" خاصة في مجال الاقتصاد السياسي. هذا الوضع ، باعتباره "المكان" السياسي "كعلاقة" يقتضي، وفق الفلسفة السياسية "لفدرالية اليسار الديمقراطي" يقتضي طرح بديله بجدولة "علاقة" تستند إلى مقدمة ومرجعية نوعية، تعمل بشكل فعال ووفق آليات ذكية وإبداعية، على التحرير التدريجي "للمكان" السياسي "كعلاقة" ؛ وهناك "المكان" الاجتماعي "كعلاقة" حيث يتم تشكيل شخصية المغربي بالشكل الذي به يكون مقتنعا بمكانه الأسفل اجتماعيا. ولحصول ذلك تأخذ "العلاقة" صبغة أن هناك قوانين إلهية هي ما يحدد الفئات العليا والسفلى وكل مخالف لذلك تدينه قوانين"العلاقة" تلك؛ فهناك في أعلى الهرم الاجتماعي الفئات التي وهبتها الذات الإلهية ذلك وبالتالي هي المؤهلة لحماية غيرها من الفئات من الدرجة الأدنى؛ إنها "العلاقة" العادلة ما دامت "علاقة" ربانية في نظرهم؛ إنه المعنى الذي رفضته المجتمعات العربية بحراكها وما زالت والتي منها المجتمع المغربي. بهذا فمواجهة "فدرالية اليسار الديمقراطي" "للمكان" الاقتصادي و"المكان" السياسي كعلاقات استبدادية يعني ،وباللزوم، مواجهة "المكان" الاجتماعي بالعمل على إعادة تشكيله بالشكل الذي يمكن المواطن من رفض دونيته الاجتماعية لتصبح "العلاقة" تلك "علاقة" مواطنة حيث يتمتع المواطن بالحقوق والواجبات على مستوى الصحة والتعليم والسكن والنقل وباقي الخدمات؛ وعليه، ستصبح "العلاقة" السائدة أو التي يتم العمل على التأسيس لها وخلق شروط تحقيقها،"علاقة" تؤسس للمساواة والعدالة الاجتماعية؛ وهنك "المكان" الثقافي "كعلاقة" : فالأسر والمؤسسات التعليمية والجامعية والمعاهد والإعلام والأغاني ومختلف المؤسسات التربوية من دور شباب وقاعات مسرح وملاعب رياضية...الخ عملت وتعمل على نشر "العلاقة" باعتبارها "موسوعة" شكل الدولة السلبية أو العائلية ومحيطها النخبوي؛ "فالمكان" الثقافي المغربي هو بالكاد "مكان" ترسيخ الاستيلاب وأشكال الخضوع. إنه "المكان" الذي يلزم، وفق مشروع المولود الجديد، العمل على تغييره وتحويله من مجال قتل الذات وتجميدها إلى مجال الإبداع والإنتاج أو قل الحرية والمسؤولية؛ إنه الرهان الذي على "فدرالية اليسار الديمقراطي" العمل على تحقيقه ليحصل، وبالتدريج وعي الإنسان المغربي بدلالة وجوده الحقيقية التي ليست في عمقها سوى كونها "العلاقة" كمساواة وعدالة اجتماعية.
وبالمجمل يمكننا القول بأن الفلسفة السياسية "لفدرالية اليسار الديمقراطي" يجب أن تنصب في اتجاه تحرير "المكان" المغربي الذي هو في انطولوجيته وأنتربولوجيته ومنطقه "علاقة" جوهرها المساواة والعدالة الاجتماعية؛ أما غير ذلك، وهو السائد اليوم، فهو تحريف لدلالة التاريخ والمجتمع بقيادة شكل الدولة السلبية أو العائلية والنخب المحيطة بها التي منها نخب أحزاب الأغلبية وكذا نخب أحزاب المعارضة البرلمانية وأذرعهم الجمعوية والنقابية . لذا، فحدث ولادة "فدرالية اليسار الديمقراطي" هو إفراز لجدلية الإرادة الذاتية والظروف الموضوعية، ولادة يتحدد مشروعها في تنظيف وتحرير "المكان" المغربي من ممارسات النهب لصالح نقيضه "المكان" حيث علاقات المساواة والعدالة الاجتماعية والإبداع والمسؤولية وتجاوز لغة الشعارات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال