الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفاهيم (23 ) ... العراق المختطف وقانون الغاب

حكيم العبادي

2014 / 4 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


غابة كبيرة هو العراق !!! .
كل شارعٍ فيه مختطف ... وكل نهرٍ فيه مختطف ...وكل وزارةٍ فيه مختطفة ... وكل دينٍ فيه مختطف .... وكل جامع ٍفيه مختطف ... وكل مدرسةٍ فيه مختطفة ... وكلُّ ظل شجرة ٍ فيه مختطف !!! .
البعض تختطفه طائفة ٌ ما ... والبعض تختطفه عشيرة ٌ ما .
ميليشيا ما .... أو رجل دين .
حزب ما ... أو عصابة ما ... أو حتى أفرادٌ يدعون الثقافة !!! .

تأبط شرا ً :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الجامع يختطفه الإمام وزمرته والمليشيا التي تقف خلفه !!! ... ويستخدم لخطبته ولصلاته لغة ً تأنف منها النفوس الكريمة !!! .
الوزارة يختطفها الوزير وأبناء عمومته وأشقاء زوجته ، وبعض ملحقاتها لأصهاره !!!.
الرصيف يختطفه الباعة الصغار والجوالون والقبضايات !!! .
الساحات والشوارع تختطفها ربات البيوت وتلقي أزبالها ونفاياتها فيها !!! .
الطائرات يختطفها المسؤولون ويغيرون مسارها حسب أهوائهم !!! .
الإعلام بقنواته الفضائية وصحفه ، مختطف ٌ من قبل هذه الزمرة او تلك !!!.
بيوت المسيحيين من أصلاء العراقيين المهاجرين ، مختطفة من قبل بعض المتدينين و عصاباتهم !!! .
رؤوس الناس يختطفها حملة الكواتم ، والمفخخون ، وأصحاب السيوف ، و يقطفونها حسب الشريعة ، غير السمحاء !!! .
السلكوك الإجتماعي السليم ، تختطفه الحثالة من أبناء الشوارع والتافهون والمنحرفون !!!.
حتى شارع المتنبي !!!... رمز الثقافة العراقية ... لا يستطيع الدخول إليه ، إلا من يرضى عنه بعض متسكعي الشارع وفتوات الأيديولوجيات السارحة فيه !!! .
في العراق ... لا يدخل المسؤول إلا ّ للمنطقة المختطفة من قبل أتباعه !!! .
ولا تعلق صورة أو دعاية لمرشح إلاّ حيث تقطن عشيرته !!! .
إذا كان شارع المتنبي ليس محايدا ً كفاية ً لإستيعاب الخصوم ... و لا نستطيع ان نسمع فيه كلمة ً نظيفة ً لا سوقية ... فأين نلتقي لنتحاور ؟؟؟؟ ... و أين يمكن ان نسمع كلمة نظيفة ، لا عيب فيها ؟؟؟ .
هل من المعقول أننا وصلنا لهذا الحد ؟؟؟؟ .
و لا طريقة نمتلكها غير هذه للتفاهم ؟؟؟ .
هو الغاب إذن ... والويل لمن لا يستطيع ان يكون حيوانا ً !!! .
أو هي الصحراء ... والويل لمن لا يريد أن يكون تأبط شرا ً !!! .

من لا يعرف الصقر يشويه :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حين فتح المسلمون العراق ، قبل 1400 سنة ، نهبوا كل شيء أمامهم ... حتى إذا دخلوا إيوان كسرى وكان حينها في المدائن جنوب بغداد ... وجدوا سجادة ً فارسية غريبة المساحة ، كانت من السعة بحيث غطت أرضية الإيوان بكاملها ... ولما كان إقتسامها صعبا ًعلى العقلية البدوية ... فقد تناوشتها الخناجر ... لكل غاز ٍ قطعة ً بحجم الكف ، من السجاد الفارسي الثمين !!! ... ومن لا يعرف الصقر يشويه كما يقول مثلهم .
من يومها ، لا يوحدهم إلا سوط ٌ بقسوة سوط الحجاج ، وأمن بشراسة وظلم أمن صدام ... بغيابهما تتجرد الخناجر ، ويصبح الوطن سجادة ً من النوع الكاشاني الفاخر !!! .
هل من المعقول أن لا تتمكن سيدة من تعليق صورتها في شارع من شوارع العراق ؟؟؟
هل من المعقول أن لا يعرف العرب وسيلة ً للمنافسة إلا تمزيق الصور ؟؟؟ .
هل تبخرت جميع الوسائل الإنتخابية الطبيعية وصار التسقيط والشتائم والدجل والتوكؤعلى صور النساء والولائم وتوزيع البطانيات هو طريق المرشحين للفوز ؟؟؟ .
لقد تجاوزوا إختطاف المكان ... خطفوا الزمان أيضا ً ... فلا عيد لغيرهم يتزامن مع مواسم الحزن التي لا تنتهي في تقويمهم ... لا كريسماس في محرم ... ولا رأس سنة في صفر ... ولا زواج لمسيحي او صابئي في هذه الأشهر ... ولا أعياد لغيرالمسلمين في رمضان .
كل شيء مختطف ... فلماذا تريدون حكومةً غير مختطفة وبرلماناً غير مختطف .
عليكم أن تستعيدو وعيكم أولا ً ... وتستعيدوا أخلاقكم ... و تستعيدوا حياتكم الجميلة ... لتستعيدوا أوطانكم ... ولتفكروا بإستعادة الحكومة والبرلمان والكرامة والرغيف .

نكاح الصور :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في مراحل مختلفة من تاريخ العراق الحديث بعد ستينات القرن الماضي شاهدت الكثير من مظاهر الفوتوشوب السياسي الطبيعي !!! .
شاهدت صورا ً لرأس عفلق على جسم كلب ، واخرى لجمال عبدالناصر على جسد حمار ... ثم شاهدت أخرى للينين وماركس بنفس الشكل ... وثالثة لغيرهم ... أما اليوم فقد صار الفوتوشوب هو خطاب المرحلة ولغتها !!! ... وصار الشتم والبذاءة والقرف والكذب والتشهير هو اللغة التي لايحسن المثقفون غيرها .
لا يمر يوم دون أن أشاهد زعيما ً أو رجل دين أو سيدة ، أو شخصا ً ما بقرون ٍ وبأنياب ٍ بارزة ... أو أنهم قاموا بتعريته من ملابسه ، أو وضعوا رأسه أو رأسها ، على جسد داعر ٍ أو داعرة .
لا يمر يوم دون ان يشتمك احدهم ، أو تشتمك إحداهن دونما سبب !!! .
هذه اللغة المثقفة بإمتياز ، قد حصنت ، بغبائها المفرط ، أهل السوء ... وجعلت الفضيحة شيئا ً مقبولا ً ، وربما ، طريفا ً في حالة حصولها ... وجعلت الفاسدين لا يخشون منها ، بل وعلمتهم وسيلة ً مجانية للإستهزاء بها ... لأنهم سيدعون حينها أنها إفتراءٌ كالعادة ، وفوتوشوب ... وهكذا تتحول إلفضائح إلى أسلحة ً لمهاجمة الخصوم !!! .
ولكم حاولت ان أنبه البعض من أدعياء الثقافة ، رجالا ً ونساءا ً بضرورة تجاوزها إلى لغة محترمة تليق بالإنسان ... فضلا ً عن أنهم يقدمون بها خدمة كبيرة لخصومهم دون جدوى .
ما يحصل في شوارع العراق من تهريج ، خصوصا ً في تعامل البعض مع صور السيدات لا يشرف احدا ً ... ولا يسيء للشخص المستهدفة صورته ... إنما يسيء للتافه الذي يقوم بهذه الافعال ... ويفضح تربيته ومفاهيمه وقيمه ومنحدره وبيئته... فضلا ً عما يثيره من ألم وخيبة في نفوس الأسوياء... وتقديمه قدوة سيئة مجانية للأطفال ... ولا أدري أين ذهب آباء وأقارب وأصدقاء و عوائل هؤلاء التافهين ؟؟؟؟ ... و كيف يستطيع شرطي عراقي بثيابه الرسمية أن يضع صورته على الفيس بوك هو يقبل صورة لمرشحة سيدة دونما إهتمام لمشاعر الناس ؟؟؟ .. وماذا ستقول عنه أمه أو اخته أو جارته ؟؟؟ ... وكيف سيثق فيه الناس ؟؟؟ .
وكيف يستطيع رجل يحمل شاربين ضخمين تحت انفه ، وفي سوق من أسواق البصرة ، المدينة التي ينبغي ان تتميز بإنفتاحها وثقافتها ، أن يقف محتضنا ً صورة لمرشحة متحركا ً بحركات تهريجية مقرفة ، كمن يمارس معها الجنس في الشارع ، وأمام عيون الملأ والأطفال ؟؟؟؟ .
هذا هو نكاح الصور إذن ، بعد أن شاهدنا نكاح الجهاد !!! .
أين عشيرة هذا المسخ ؟؟؟ .. وأين شهامة وكرامة أهل السوق وهم يشاهدونه ؟؟؟؟ ... وأين بناته وزوجته ؟؟؟؟ .. وكيف سيثق به الناس ويدخلونه بيوتهم ؟؟؟؟ .

أنا لست نبيا ً إلا حين يتعلق الامر بالعرب :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد ثلاثة أسابيع ، ستنتخب القطعان ذئابها ... وستشكل الذئاب المنتخبة توافقا ً ذئبيا ً يسمونه برلمانا ً ... وسيتقاسمون رغيفنا و كرامتنا و أمننا وأشلاء أطفالنا .
أنا لست نبيا ً إلا حين يتعلق الأمر بالعرب ، حينها أستطيع التنبؤ بمستقبلهم لألف سنة قادمة !!! .
يقول الشاعر الإنجليزي روديارد كيبلنغ في قصيدته الرائعة ( قانون الذئاب ) :
For the strength of the pack is the wolf, and the strength of the wolf is the pack.
وترجمتها ( ببعض التصرف الذي يقتضيه الفرق بين اللغتين ) :
قوة الذئب تكمن في القطيع ، وقوة القطيع تكمن في الذئب !!! .
أقولها للمرة الالف ... على أصحاب الوعي ان يعملوا على تشكيل قطيعهم !!! .
قطيعٌ قويٌ كبير ، يتحرك بوعيه لا بغرائزه ، ليردع باقي القطعان ويمنعها من نهش المجتمع .
قطيع يستقطب كل المسالمين الفرادى ... والشرفاء المتفرقين ... والأنقياء الضعفاء ... والمهمشين الذين لا أنياب لهم ... والمثقفين الحقيقيين الذي لا يعرفون البذاءة والشتائم ولغة الشوارع ... وكل من يمتلك طفلا ً يخشى على مستقبله ... وكل من يحب الحياة ... وكل من يرغب بزراعة زهرة أمام منزله ... وكل من يريد لزوجته وبناته ان يسرن في الشارع دون خوف على كرامتهن من الإنتهاك ... وكل من يؤمن بالخير والجمال ... وكل من يمتلك رأسا ً يريد له ان يرتفع نحو الشمس .
وإلا ّ .... فالويل لنا جميعا ً .

ملاحظة :
ــــــــــــــــــــــــــ
المقال يحمل عنوان العراق ، لكنه يعني كل هذه الأمة من أقصى محيطها حتى ادنى خليجها .
الدكتور حكيم العبادي
https://www.facebook.com/hakim.alabadi








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا


.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال




.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن


.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال




.. القوى السياسية الشيعية تماطل في تحديد جلسة اختيار رئيس للبرل