الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقدة الإنتماء : أو انعكاس صدمة الدولة على الأفراد

حمودة إسماعيلي

2014 / 4 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حسب التاريخ الحديث، ما إن يولد الإنسان حتى ينتمي لأسرة، والأسرة تنتمي لحي، والحي ينتمي لمدينة، والمدينة تنتمي لدولة. الإشكال يحدث إذا لم تكن الدولة تنتمي للكوكب أو العالم كانتماء للإنسانية، بل تنتمي لديانة كتوجه انتمائي قطبي ! . وحتى لو وُلد الإنسان كلقيط أو متخلى عنه، فإنه سينتمي لمؤسسة خيرية أو مؤسسة خاصة برعاية الأطفال، والمؤسسة كذلك تنتمي لمدينة، إلى آخره كانتماء وطني أو حتى دولي ! .

وحسب مراحل نمو الإنسان، فإن انتماءه ينمو كذلك ويتوسع على غرار مراحله العمرية، فهو رضيع ينتمي لبيته وأسرته، وبعد سنين ينتمي لحيّه : كطفل يلعب مع أقرانه الذين ستربطهم به علاقة الانتماء للحي، ثم بعد سنين سيتوسع انتماءه حسب نشاطات متنوعة تربطه مع أبناء مدينته سواء في مراحل الدراسة الإعدادية أو الثانوية؛ إلى أن يتوسع انتماءه لدولته عبر علاقات تربطه بزملاء عمل أو أصدقاء أو حتى بالدراسة الجامعية، هذه الأخيرة التي قد تذهب به حد الانتماء الكوكبي إثر متابعة الدراسة خارج الوطن.

وكما أشرنا سابقا إلى أن انتماء الدولة قد يأخد توجهاً دينيا إقليميا قطبيا، فإن انتماء الإنسان قد يأخد كذلك انتماءً دينيا مذهبيا بدل أن يأخد انتماء كوكبيا أو انسانيا. ونظرا لتطور التكنولوجيا وتوافر وسائل الاتصال والربط الكوكبي كالمواقع الاجتماعية، فإن الانتماء أخد توجّها عالميا عند غالبية البشر، غير أنه وكما ألمحنا فإن البعض يغيّر الوجهة عبر الانتماء لقطب ديني : دون انفتاح على ما يقع خارج دائرة الدين، كرؤية شمولية تحدد عالما خاصا بها.

لذلك فغالبا ما يكون انتماء الفرد نموذج لانتماء الدولة، فالدولة التي لا تنتمي للإنسانية، لا ينتمي أفرادها للإنسانية؛ وإذا كان كما هو معلوم على أن بعض الدول تتشكّل سياسياً أو تتعرض لتغيرات جذرية تُبدِّل في نظامها السلطوي وتحدد جغرافيتها : نتيجة تعرّضها لتهديد خارجي أو صراع داخلي، ما يعني أن الدولة كنظام عبارة عن رد فعل سياسي أكثر منه مبادرة موضوعية. فإن اختيارها للأيديولوجيا الإقليمية كانتماء يحدد الهوية بدل الانفتاح العالمي، يعتبر عَرَضاً عن تعرضها لصدمة؛ والانتماء الضيق إنما هو سعي لاحتواء صدمة التّبدل الاجتماعي والسياسي للدولة، أو بالأحرى التّبديل المُحدَث بالقوة حسب الأسباب المذكورة، مثلما تُبدِّل الأسرة الحي، فيهرع الطفل للعودة للعب مع أطفال الحي القديم، كاحتواء لصدمة المواجهة مع الحي الجديد.

فإذا كان انتماء الدولة الغير انساني عبارة عن عرض صدموي، فإن انتماء الفرد الشبيه : ليس اختيارا أو ممارسة عقدية حرة بقدر ما هو تقمّص لصدمة الدولة ! .

أنت إنسان قبل الإسم والجنسية والدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية