الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


باسم يوسف و فلسفة الضحك

مزوار محمد سعيد

2014 / 4 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



يسير الضحك مع البهجة جنبا إلى جنب، يحاول الفرد الإنساني من خلال ابتسامته أو قهقهته التعبير عن مقتضاه، و يعبرُ الفرد المسير مشكلا لغة تحتوي الكثير من الرموز، فتكون الأصوات سببا مباشرا لتناسي الواقع الحزين، و تضجّ الوجدان بروح رطبة مسترسلة، بينما الحكيم هو من يتحمل المسافة بين البسمة و السخرية الناقدة، في الوقت الذي يلعلع فيه العقل رافضا للعبث، و كأن الماهية هي الصرامة، هي التي تكاد تكون أكبر و اخطر من الخطر، يجعل من الخطر ذاته مزحة بكل المقاييس، لأنّها التجاهل في عمق المعركة، أو أنها استراحة محارب للعودة إلى موقعه الحربي لا أكثر و لا أقل..... نراكم بعد الفاصل.
من أرض الكنانة ذكرنا أحد جراحي القلوب بأنّ العواطف و الأحاسيس تحتاج لعمليات جراحة تجميل أيضا، فحين غرقت المنطقة في العنف و العنف المضاد، خرج إلى العلن رجل مصريّ في ثوب أميركي ساخر، ساخر من السياسة و نفاقها، ساخر من العلوم و تبعاتها، ساخر حتى من الإعلام و تقلباته، و كأنّه من بين كل ما يحيط بالفرد الإنساني من حطام، هو يقول: اضحك معنا ساعة زمن.
باسم يوسف، مقدم برنامج البرنامج المستوحى من فكرة برنامج أميركي هو شخصية مدهشة فعلا، هو يضع إستراتيجية السخرية من الأفعال، الأقوال كما التصرفات في ظل السلوك، و كأنه يقول للعالم: الفرد الإنساني هو مالك مصيره، هو القادر على التحكم بنصف حظه، فلما يرضى بالمأمور من التعاسة؟
عندما نظرت فلسفة الفرنجة إلى الضحك أقرت بأنه جزء من الحياة، و ما اعتناق "الأخوة" في شعار الفرنجة إلا دليل على الاعتراف بقيمة الابتسامة، لأنّ الفم بمثابة الوردة، فإن ما هو انفتح كان أحلى من انكماش الورود.

الحياة تمضي
السعادة هدف لا يدركه البشر
التعاسة لا تأكل الحتمية
الوجود البشري قاعدة الإنسانية

الإنسانية عند باسم يوسف التي تثير فقرات برنامجه، هذا الأخير الذي يشاهده الملايين عبر العالم، طبعا فرارا من الأيام التي تحيط بهم كالخناجر، كما أنه ساهم في الدوران ضمن فلك سياسي كسر به أحد الطابوهات المخيفة، دون أن يلتفت إلى العروق المذهبية، مع أنني أعيب عليه تلك اللهجة المصرية التي لا افهم بعض الكلمات منها.
لقد حقق الدكتور باسم يوسف نجاحا باهرا إعلاميا، وصل إلى درجة العالمية، و هذا يحسب إلى هذا الشاب المصري، مع انه أخفق في الكتابة الصحفية مع الأسف لأنني كنت متابعا جيدا لمقالاته كل أسبوع.
هذا الإخفاق يندرج في خانة كبوة الفرس لا أكثر، و مع هذا يكون باسم يوسف الساخر غير ساخر عبر المطبوعات الصحفية.
حركة الحاجيْن المتهكمة على الطريقة السقراطية، و الاستفزاز المُمنهج للعواطف يشير إلى عملية دفاع عن العقول التي لا طالما همشت، لقد ألقى باسم يوسف الضوء على الجانب المأساوي لإعدام سقراط، لكن عبر الكوميديا الأميركية، لقد أجاب عن تساؤلات ظلت لوقت ليس بالقصير حكرا على السوفسطائيين.
عندما يضحك الفرد الإنساني، و إن كانت نشوة ليست بدائمة، إلا أنها تصنع من الفرد البشري كائنا لبقا، قادرا على محو الصعاب، هي ظاهرة ثقافية مميزة لدا الحياة المدنية، تلك التي عبّرت عن مسارحها بالسيرك و الكوميديا، و حتى سخرية باسم يوسف تندرج في هذه الدائرة.
لقد أيقظ باسم يوسف حسا كان مغيبا منذ زمن، لقد أحيى تراث عادل إمام، و جعل الفكاهة تنطلق من عقالها، لكن وفق آليات مختلفة، و لخدمة أهداف مختلفة أيضا.
أنا لستُ من أنصار باسم يوسف، كما أنني لا أتدخل ما بين المصريين، و لا أيّ من الأطراف على حساب أخرى، و كلماتي هذه لا تعني المديح أو غيره.
لكنني قد لمستُ الكثير من الإيجابيات المقبولة في شخصية باسم يوسف الإعلامي الساخر، و قد تمنيتُ أن يكون لنا في الجزائر باسم يوسف الجزائري أيضا، على شاكلة باسم يوسف المصري، كما أتمنى أن أرى نسخا أخرى، في الدول العربية جميعا. كأن أرى باسم يوسف المغربي، باسم يوسف العراقي، باسم يوسف السوداني، باسم يوسف السعودي..الخ... لانّ باسم يوسف الأميركي ليس أولى بهذه الموهبة الناجحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهدنة في غزة: ماذا بعد تعقّد المفاوضات؟ • فرانس 24


.. هل تكمل قطر دور الوساطة بين حماس وإسرائيل؟ • فرانس 24




.. 4 قتلى وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة -ميس الجبل-


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. والضبابية تحيط بمصير محادثا