الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 12(ج):

بشاراه أحمد

2014 / 4 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تتمة لما جاء في في موضوعنا السابق « سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 12("أ" و "ب")» رداً على الإفتراءات السخيفة بخصوص التقديم والتأخير في القرآن الكريم.

قال صاحبنا في إفتراءاته وتلفيقاته،، ((-- انَّ النوع الثالث من التقديم والتأخير يتعلق بترتيب الفئات داخل الآية. فيحاول المفسرون كشف خفايا هذا التقديم والتأخير لمعرفة القصد من ورائه. وهذا الموضوع يشغل حيزاً كبيراً من كتب التفسير،،، الخ --)).

لقد رددنا على كل الإشكالات لديه بمنتهى الدقة والموضوعية، ليس من أفكارنا أو مقترحاتنا أو مقترحات وآراء الآخرين سلفاً أو خلفاً،، ولكننا قصدنا أن يرد القرآن الكريم عن نفسه كل الإفتراءات، فهو ليس نصوصاً تاريخية أو تراثية مأرشفة،، ما بها جامد وإنما هو كلام "حي" لرب "حي"، رد على كل تساؤلات وإستفسارات البشر والخلق كله من الأزل وحتى من قبل أن يخلقهم. فليس هناك عاقل يجروء على الرد عن الله تعالى من تلقاء نفسه أو بإجتهاده. الذي يسمع هذا الكلام للوهلة ولأول مرة يظنه مبالغاً فيه،، ولكن المتابع للردود التي عرضناها على تساؤلات عشوائية مأخوذة من هنا وهناك، بل ومنتقاة إنتقاء إعجاز وبحث عن الهفوات والتكذيب، ولكن الله تعالى قد أزهلهم ومحق ما لديهم من علم ومكر وإفتراء فجعلهم كعصف مأكول.

على الرغم من أن الذي عرضناه والردود التحليلية التي جاد الله تعالى بها علينا كافية للغاية التي
من أجلها تصدينا لهذه الإفتراءات من أناس ليس لهم هم في هذه الدنيا سوى خلق المشاكل والحزازيات والعداءات، أناس قد أعماهم سلف الأمم الهالكة فإستكبروا إستكباراً، وزادوا عليها غباءاً وسفها وغروراً. لذا سنتتبع إفتراءاتهم على كتاب الله تعالى بكتاب الله تعالى. ودائماً نقول،، إذا إحتاج هذا الكتاب إلى مساعد أو معين من خارجه، يكون الحكم عليه بأنه ليس من عند الله تعالى.

هؤلاء المفترين، يعلمون جيداً أنهم لن يستطيعوا أن ينفذوا إلى القرآن الكريم مباشرة،، فوجدوا ضالتهم في كتب السيرة والتفاسير العديدة التي لا تتخطى كونها خواطر أصحابها،، الذين هم أناس عاديون أخذوا قسطاً من علم قل أم كثر يظل جزءاً يسيراً من العلم القليل الذي آتاه الله للبشر. لذلك من السفه والجهل أن توضع هذه التفاسير معايير يصحح بها القرآن الكريم كما يفعل الكثيرون من المدسوسين على العلماء والعارفين. فكتب التفسير ليست كتباً فارغة أو مستهجنة، فهي تراث لأناس سجلوا تجاربهم ومفهومهم لآيات الله البينات، على قدر ما سمح لهم به علمهم والمساحة من التجارب والإكتشافات التي سمحت بها بيئاتهم التي عاشوا فيها وظروف ومقتضيات حياتهم وحياة الأمم الأخرى معهم وبينهم.

ففي إطار ما عرضه صاحبنا في موضوعه رقم (12)، والذي رددنا عليه بموضوعنا (سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 12)، الذي جزأناه إلى ثلاثة أجزاء، عرضنا منها جزءين (أ) و (ب) والآن نعرض على القراء الكرام الجزء الأخير، (ج) فيما يلي:

الضربة القاضية:
صاحبنا المفتري على الله كذباً،، أيضاً قابلته نفس إشكالية الإغلاق الفكري السابقة ، والتبلد الذهني، وملكة الختم المتأصلة،، فوقف إدراكه عند قوله تعالى في سورة البقرة: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ 115).

وقد قرأ هذه السورة الكبيرة حتى بلغ منها هذا المبلغ البعيد في البيان والإبيان،، فلم يتحرك وجدانه لما قرأ،، مقارنة بعمر بن الخطاب الذي قد أسلم وآمن بآية واحدة فقط من سورة "طه"، علماً بأن الفاروق كان في حالة غضب عارمة من نقمته على أخته وزوجها الذان أسلما سراً، وقد كان آنذاك من ألد أعداء الإسلام وأقساهم تسلطاً عليه ومناهضة له، وكان مترصداً للنبي صلى الله عليه وسلم بكل ما أوتي من قوة، فما أن قرأ الآية حتى رق قلبه وأسلم قياده لله تعالى من فوره، لأنه "مع الكفر الذي كان عليه"، كان سليم الوجدان والطوية، موفور الفكر، كامل الرجولة، راجح العقل. يسمع ويعي ويفهم ثم يقرر بثقة في النفس ونضوج في الإرادة، فقبل أن يسلم كان من "الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه" فمنَّ الله عليه بالرفعة والمقام السامي وبشره بالجنة.

ولكن هذا العبقري المتفرد في إستهذائه وسخريته من مئات الملايين من البشر يهود ونصارى ومسلمين، وهو يخوض في أقدس مقدساتهم بإسم حرية الرأي، لإختلاط المعايير لديه، فأصبح لا يستطيع التفريق ما بين "السب" و "الحب". وقد بلغ به السفه والتجرؤ والإعتداء السافر أن سعى ليصحح كلام الله تعالى ووحيه، فذكرنا قصة الغبي الذي حاج إبراهيم في ربه، وقد ذكره الله ، تعالى في سورة البقرة، قال: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ « رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ » - قَالَ « أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ » ...), فعرف خليل الرحمن إبراهيم أن هذا الملك من أمثال صاحبنا، فأراد أن يخرسه ويحسم أمره، بالآيات المادية الكونية فجاءه بأبين وأوضح آية لا يختلف فيها إثنان لعلمه بأنه ليس من الذين يفقهون حديثاً،، لذا رد عليه مباشرة: (... قَالَ إِبْرَاهِيمُ «« فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ »» - وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).

وقد جسَّدَ الله تعالى في صاحبنا هذا وزمرته آيتا (الطمس و الختم) معاً فصدق فيهم قوله تعالى في مثل هذه القلوب: (... فَمَثَلُهُ « كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ » - فَأَصَابَهُ وَابِلٌ «« فَتَرَكَهُ صَلْدًا »» ...)، فكان أن أضحك الناس منه وجعله حيث يستحق. المهم في الأمر إدعى بأن هذه الآية التي قال الله تعالى فيها: («سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا» - قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ-;- صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ 142), بقوله إنها مكملة للآية رقم (115) آنفة الذكر، وهو – على حد قوله – لا يدري سبب التفريق بينهما بحوالي (27 آية)، ولا، ولم يجد مبرراً لهذا التفريق "على حد زعمه" وفي حدود فكره وفهمه.
ثم جاءته بعد ذلك الآيات (144 إلى 150)، متتابعة،، فإدعى أنها مكملة للآية (142)، أيضاً.

وكان علينا أن نلخص فكرته هذه للقاريء الكريم،، فهو يدعي بأن الآيات ( الآية « 115 » و الآيات « 142 إلى 145» والآيات « 148إلى150 »)، مدلولها بأنها متتابعة (حسب فهمه هو)، ولكن "كما يدعي" يرى أن ورود الآيات في السورة لم يتوفر فيه هذا التتابع، بل تضمنته آيات عملت كفواصل بينها، ويرى ذلك (بمفهومه الذي إعتدنا عليه)، أنها معيبة ومقطعة الأوصال .... فسنرى من هو المقطع الأوصال والأواصر والأوداج.

ومن متابعتنا لملاحظاته، إتَّضَحَ لنا جلياً أنه يعاني من مشكلة التقطيع في أوصال فكره ومداركه، فهو حقيقةً يمثل ظاهرة "شاذة" لم يحدث أن علمنا عن مثلها من قبل. وقد أقمنا الدليل المادي أمام القراء حتى لا يكون الحكم عليه صادر منا لشيء من شنآن، مما قد نتهم بالحياد أو المبالغة،، بل قمنا بمنتهى الهدوء بالإستماع إلى الآيات التي إتهمها ليستمع الناس كلهم إلى شهادتها أمامهم ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة.

وعلى الرغم من النماذج العديدة التي عالجناها بنفس الآلية والمنهجية وكانت كافية لإصدار الحكم إلَّا أننا قصدنا أن لا نترك شبهةً دون إعطاءها حقها لتكون مرجعاً لكل من اراد أن يناقش معنا أو مع غيرنا أي نقطة يراها لم تغطى بما يكفي. فالآن إلى الآيات التي إفترى عليها، فنقول وبالله التوفيق وعليه السداد:

كان لا بد لنا أن نأخذ في إعتبارنا ما قاله في خاتمة موضوعه للقراء وهو ما يلي: ((-- ادعو أولا القارئ إلى ملاحظة تفكك اوصال هذه الآيات من خلال ارقامها 115، 142، 143، 144، 145، 148، 149 و 150، والتكرار المعيب في الآيتين الأخيرتين. ويلاحظ ان الآيتين 143 و 150 غير مخصصتين بالكامل لموضوع القبلة. هناك اذن عيب انشائي في نص القرآن. --)) .... فنقول له "سمعاً وطاعةً"، سنأخذ في الإعتبار كل ما أشرت إليه وأمرت به،، فنحن من جانبنا قد آلينا على أنفسنا أن نولي كل ما أشرت إليه وأشكل عليك وعلى زمرتك التابعة فهمه و أن نضعه في إعتبار إعتبارنا فلا تقلق من هذه الناحية،، فإن قَصَّرنا في ذلك فلك علينا الإعتذار.

(أ‌) القسم الأول: الرد على الفريته عن الآية رقم 115،، وسنأخذ معها الآيتين التين قبلها لتوصيل المعنى أكثر، فنقول:
أولاً: المتدبر للقرآن الكريم، لن يجد صعوبةً في معرفة مقاصده، لأنه مفصل تفصيلاً دقيقاً والأحداث فيه مرتبة ترتيباً منطقياُ وموضوعياً مذهلاً، أما الذي يلحد في آياته، يكتب الله عليه التيه والضلال والختم، وكلما حاولوا أن يخادعو الله والذين آمنوا إنما يخدعون أنفسهم لأن في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب عظيم، فلا يرى الجبل أمامه ولا يحس الريح تلفح وجهه.

فهذه الآية والآيتان قبلها والآية التي بعدها لم تتحدث عن المسلمين بأي حال من الأحوال، إنما تحدثت عن الشقاق والعداوات المريعة التي بين النصارى واليهود من جهة وبين النصارى والنصارى من جهة أخرى،، قال تعالى في سورة المائدة: (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ-;- أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ - « فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ-;- يَوْمِ الْقِيَامَةِ » - وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ 14)،، لذا ... مبينا هذا الشقاق بين هؤلاء وأولئك قال: (وَ « قَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ-;- عَلَىٰ-;- شَيْ » وَ « قَالَتِ النَّصَارَىٰ-;- لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ-;- شَيْءٍ » - وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ..... « كَذَٰ-;-لِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ » - فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ 113). ..... إذاً،، واضح أن اليهود لا يعترفون بالنصارى والنصارى لا يعترفون باليهود، فقال كل منهم ما قاله الذين لا يعلمون.

ثانياً: وقد بلغت العداوات بينهم حد منع الناس من العبادة في المساجد، بل والسعي في خرابها، وقد بين الله تعالى عظم جرم الظالم الذي يمنع المصلين من إعمار مساجد الله تعالى بذكر إسمه فيها،، قال تعالى في سورة الحج: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ « وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ » - لَّهُدِّمَتْ « صَوَامِعُ » وَ « بِيَعٌ » وَ « صَلَوَاتٌ » وَ « مَسَاجِدُ » - يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا - وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ «« إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ »» 40)،، كما كان يفعل النصارى في بيت المقدس، وكما يفعل الصهاينة الآن،، فقال في ذلك: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ...),

ليس ذلك فحسب، بل وسعى في خرابها، كما فعل المجوسي بُخْتَنَصَّر وجنده ومن تواطأ معهم من النصارى في خراب وتدمير مسجد بيت المقدس. وكما يفعل الصهاينة الآن وغداً إلى أن يأذن الله بحسم أمرهم كما توعدهم،، وكرر نفس العمل الشنيع، قال: (... وَسَعَىٰ-;- فِي خَرَابِهَا - « أُولَٰ-;-ئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ » ..... « لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ » وَ « لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ » 114).

وهذا ليس ببعيد عما فعله المشركون في مكة، بل هو نفس العمل الشيطاني الخبيث الذي قام به أهل الكتاب، فإستحقوا ما إستحقه أولئك، فقد تشابهت قلوبهم المريضة. هذا بالإضافة إلى وجود أصنام المشركين حول البيت الحرام، وبالتالي كانت القبلة الأولى للمسلمين هي بيت المقدس لمدة سبعة عشر شهراً، قبل أن تتحول القبلة إلى مكانها الطبيعي وهي البيت الحرام بمكة المكرمة بصفة دائمة إلى أن تقوم الساعة.

ثالثاً: كان الرسول الكريم تواقاً لأن تكون قبلته إلى البيت الحرام (أول بيت وضع للناس)، وقبلة أبيه إبراهيم الخليل، ولكنه لا يُدْخِلُ هواه في طاعة ربه والإمتثال لأوامره، فقال له تعالى: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ...), فلا تبتئس، ولا تحزن، فأي وجهة يوجهك لها ربك فهي قبلته التي إختارها بغض النظر عن مكانها أو إتجاهها،، فقال في ذلك: (... فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا « فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ » - إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ 115). لا يحده زمان ولا مكان ولا جهة هو الذي يقدس الأماكن والجهات لأنه القدوس.

فإنتهى الموضوع إلى هذا الحد وليس هناك أي علاقة بين هذه الآيات وبين الآية الكريمة رقم (144)، بدليل أن الله تعالى قد إستأنف "مواصلاً" الحديث عن أهل الكتاب (النصارى تحديداً)، وأن ظلمهم لم يقف عند حد منع ذكر الله في مساجد الله في بيت المقدس، فقال: (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ..... «« سُبْحَانَهُ »» ..... « بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ » 116).

لا يمكن أن يتصور الإنسان العاقل سذاجة أكبر من هذه الفرية المضحكة ... لك أن تتصور أن (الله تعالى، يترك عرشه وكل ملكه وسلطانه، فينزل إلى الأرض ليدخل في فرج إمرأة "عذراء بتول" ليكون جنيناً لمدة تسع شهور، ثم يولد ويعيش الطفولة والمراهقة والشباب، ثم يضطهده السفهاء من بني إسرائيل، فلا يستطيع أن يحمي نفسه منهم،، فيهان ويعذب ويلاحق، ومع كل ذلك لم يستطع حتى حماية ثلاميذه المخلصين ولا نفسه، وحتى إن قرر التضحية بنفسه من أجل لا شيء فما ذنب تلاميزه الذين نصروه وتحملوا العنت من أجله ومعه؟ ، ثم أخيراً يقدر عليه السفهاء فيقتلوه "صلباً"، بعد تعذيبه أمرَّ العذاب، ثم يدفن مع الأموات، ثم يقوم "شبحاً" بعد موت إستمر ثلاث أيام بلياليها تحت الأرض، ثم يعود "بعد هذه المغامرة الصبيانية" إلى عرشه مرة أخرى،، والحكمة أنه كان يدير شئون الكون من داخل بطن أمه، ثم واصل هذه الإدارة وتصريف أمورها وهو مصلوباً، فميتاً، فمقبوراً، فشبحاً، ... أما المبرر العجيب هو أنه فعل كل ذلك بنفسه فقط "لكي يغفر ذنب لم يرتكبه هو ولا المتوقعة المغفرة لهم"،،، علماً بأنه قادر على المغفرة دون هذه المغامرة التي لا تليق به سبحانه)،، (تعالى الله عن كل هذا الإفتراء علواً كبيراً،،، وغفر لنا أن إضطررنا لصياغه هذه المأساة بهذه الطريقة – له العتبى حتى يرضى ولا حول ولا قوة إلَّا به سبحانه).

فكيف يتخذ الله ولداً؟؟؟ وهو: («« بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ »» وَ «« إِذَا قَضَىٰ-;- أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ »» 117). ولكن! أهو ولد بالتبني أم كانت لا صاحبة؟؟؟ ولماذا ولد واحد فقط وله من عبيده من له مئات الأبناء؟؟؟ وما الحاجة له أساساً،، وهو حي قيوم دائم،، (أول بلا إبتداء وآخر بلا إنتهاء) وهو (الظاهر ليس فوقه شيء، وهو الباطن ليس دونه شيء). لا يهرم ولا يشيخ ولا يمرض ولا ينوم ولا ينعس ولا يجوع ولا يعطش، ولا يموت ولا يغيب... الخ

رابعاً: الآن جاء دور خيبة أخرى لخائبين جهلاء، لا يعلمون ومع ذلك يتطاولون ويجادلون أمثال الذين نعايشهم الآن،، من الذين لا يجيدون سوى العواء وصنوف الإلتواء ولا يطيقون الإعتدال والإستواء،، قال عنهم: (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ - « لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ » أَوْ « تَأْتِينَا آيَةٌ » - كَذَٰ-;-لِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ «« تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ »» - قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ 118).

خاساً: خاطب الله تعالى نبيه ورسوله الخاتم مطمئناً، قال: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ « بَشِيرًا » وَ « نَذِيرًا » ..... وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ 119). وهذا هو المنهج الذي جاء به الرسول الكريم. عليه فقط أن يعرض وحي الله إليه على الناس "لمصلحتهم"، تماما كما أمر به لا زيادة ولا نقصان، فهو يعرضه على كل الناس، لا يريد منهم جزاءاً ولا شكوراً، ويقدم لهم الأدلة والبراهين الكافية لتصديقه بأنه مرسل من عند الله، بحيث تكون "كافية" لإقامة الحجة على أي شخص يسمعها فيدعي أنها غير مقنعة.

فالإستجابة والإعراض يكونان "خِيَارَاً حُرَّاً خَالِصَا"، لا أحد في الكون كله يملك أي سلطان على أي شخص آخر غيره بأن يجبره على ترك دينه وقبول دين آخر هو لا يريده وغير مقتنع به قناعة تامة، لا يقبل فيها قهر ولا غرر ولا مساومة. يستوي في ذلك كل الأنبياء والمرسلين والملائكة وغيرهم. فهو إذاً عرض مُقَامٌ عليه الدَّليل، فيه بشارة للذي يؤمن به ويطبقه ونذارة لمن أعرض عنه وقلاه. والحكم ليس في الدنيا بأي حال من الأحوال، ولكنه مؤجل إلى يوم القيامة حيث الميزان والصراط فإما جنة وإما نار. فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. فمن إدعى بأن له سلطان على عقائد الناس عليه أن يأتي بدليله إن كان من الصادقين،، فإن اصر على موقفه ذلك ولم يتراجع عنه "عناداً" وجب إقامة حد الحرابة عليه وتطبيق شرع الله تعالى فيه.

سادساً: كل الذي نراه ونسمعه من عدوان وحقد وكراهية "سافرة"، لم نفاجأ بها، ولن يأتي زمن يكون خالياً منها،، فهي واقع يفرزه واقع، يستلزم فهمه ومعرفة أبعاده ليسهل التعايش معه والحيطة من تداعياته السالبة، تماماً كالأمراض والأوبئة التي تفتك بالإنسان، وقد أوجد لها الأدوية والعقاقير،، ولكنه لم ولن يستطيع إلغاءها من الوجود،، لذا قال تعالى لنبيه الكريم: (وَلَن تَرْضَىٰ-;- عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ-;- «« حَتَّىٰ-;- تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ »» - قُلْ « إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ-;- » - وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ «« مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ »» 120).

هذا الكتاب (القرآن الكريم) مفروض على أهل الكتاب، بل يجب عليهم أن يتلوه حق تلاوته، لأنهم سيجدونه مصدقاً لما معهم ومهيمناً عليه، ولن يقبل الله تعالى منهم غيره، وبالتالي عليهم أن يتلوه حق تلاوته ويستوعبونه جيداً لأنه سيكون حجة عليهم أو لهم يوم القيامة،، ثم بعد ذلك يقرر كل واحد منهم ما يراه لنفسه عن علم وقناعة كافية، فإما إيمان به أو إعراض عنه، ويتحمل بعد ذلك تبعة إختياره،، وقد أكد الله تعالى أن من تلاه حق تلاوته فإنه قطعاً سيؤمن به، إلَّا من غلبت عليه شقوته، فكفر فهذا أمره محسوم،، لذا قال: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ « يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ » أُولَٰ-;-ئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ «« وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَٰ-;-ئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ »» 121).

إذاً إلى الآن الحديث عن أهل الكتاب "تحديداً" النصارى،،، فلم نجد أوصالاً مقطعة ولا تنطيط كما يدعي صاحبنا. فالآيات معروضة أمام القاريء منسابة كنسمة الفجر الباردة لم يعتريها قطع ولا بتر ولا تنطيط.

سابعاً: بعد أن فرغ من أهل الكتاب "النصارى"، جاء دور "اليهود" منهم،، مخاطباً لهم مباشرة ومذكرهم بنعمه عليهم قال: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ « اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ » وَ « أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ » 122). فما قيل عن النصارى أيضاً أنتم معنيون به، فهذا الكتاب مفروض أيضاً عليكم، بل يجب أن تتلوه حق تلاوته، لأنكم سيجدونه مصدقاً لما معهم ومهيمناً عليه، ولن يقبل الله تعالى منهم غيره، وبالتالي عليهم أن تتلوه حق تلاوته وتستوعبوه جيداً لأنه سيكون حجة لكم أو عليكم يوم القيامة،، ثم بعد ذلك يقرر كل واحد منكم ما يراه لنفسه عن علم وقناعة كافية، فإما إيمان به أو إعراض عنه، ويتحمل بعد ذلك تبعة إختياره،، لذا قال لهم: (وَاتَّقُوا يَوْمًا « لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا » وَ « لَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ » وَ « لَا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ » وَ « لَا هُمْ يُنصَرُونَ » 123).

إذاً،، مرة أخرى، ليس هناك أوصال مقطعة منذ أن بدأ الحديث عن أهل الكتاب بشقيهم النصارى واليهود. ولكن السؤال هنا,,, لماذا ذكر الله تعالى أهل الكتاب وحملهم مسئولية إختيارهم وبين لهم مراد الله منهم؟؟؟ ..... سنعرف الجواب على هذا السؤال مفصلا فيما يلي،، ولكن فقط نلفت النظر إلى ما سيحدث من أهل الكتاب من أقوال وأفعال لم تضع فإ الإعتبار نذارة الله لهم وذلك عند القيام بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام.

ثامناً: معلوم أن مؤسس البيت الحرام أو مجدده ورافع القواعد منه هو خليل الرحمن إبراهيم وإبنه الذبيح المفدى إسماعيل جد محمد الخاتم إبن الذبيح المفدى، فكان البيت الحرام هو أول بيت مبارك وضع للناس ببكة، فقال تعالى مذكراً بهذه القصة: (وَإِذِ ابْتَلَىٰ-;- إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ «« فَأَتَمَّهُنَّ »» - قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا « قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي » - قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ 124).

فبعد أن بين الله مقام من سيرفع القواعد من البيت الحرام، وهو إبراهيم, وبين فضله وحلمه، إنتقل إلى الحديث عن البيت نفسه، قال: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ « مَثَابَةً لِّلنَّاسِ » وَ « أَمْنًا » ..... وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ..... وَعَهِدْنَا إِلَىٰ-;- « إِبْرَاهِيمَ » وَ « إِسْمَاعِيلَ » - أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ « لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ » 125). فكانت أول مهمة لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام قبل رفع القواعد أن عهد الله تعالى إليهما البيت لتطهيره والعناية به ليستقبل الطائفين والعاكفين والركع السجود. فماذا كانت أمنية إبراهيم من ربه؟؟؟

كانت أمنيته هي الأمن لهذا البيت والبلد الذي يضمه، والرزق الوفير من ثمرات الأرض، لكل المؤمنين بالله تعالى خاصة، فصور الله هذا الوجدان الطاهر، قال: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ « رَبِّ اجْعَلْ هَٰ-;-ذَا بَلَدًا آمِنًا » وَ « ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» - قَالَ « وَمَن كَفَرَ » - فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا « ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ-;- عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ » 126).

تاسعاً: الآن،، وقد جاء التكليف من الله تعالى لكل من إبراهيم وإسماعيل برفع القواعد من البيت، وتجديد بنائه ورفعه لأعلى،، فبين الله هذه الإستجابة المتميزة قال: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ « رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ » 127). مع الإخلاص المنقطع النظير في الإستجابة، إلَّا أنهما كانا قلقين من أن يكون محسوباً عليهم تقصير ما هم ليسوا على علم به، ويخشون أن يكون ذلك سبباً في عدم قبول الله منهم ذلك العمل، فكان قولهما: (رَبَّنَا وَ « اجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ » وَ « مِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ » وَ « أَرِنَا مَنَاسِكَنَا » وَ « تُبْ عَلَيْنَا » - إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ 128).

لم تقتصر دعوتهم فقط لأنفسهم، بل كانت دعوةً طموحة شملت الخير كله للبشر من الأجيال التي تليهم إلى يوم القيامة، فقالا: (رَبَّنَا وَ « ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ » - يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ - وَ « يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ » وَ « يُزَكِّيهِمْ » - إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 129). هذه هي ملة إبراهيم الخليل، فمن ذلك العاقل الذي يرغب عن ملته، إلَّا من كان بَيِّنّ السفه لنفسِهِ؟

لم يكن إبراهيم شخصاً عادياً، بل كان نبياً متميز لذلك إصطفاه الله تعالى (من الإصطفاءت الأربعة على العالمين)، فكان آخر ذريته "محمد الرسول النبي الخاتم"، هذا مقامه في الدنيا، أما في الآخرة فهو من الصالحين، وما أدراك ما الصالحين؟؟؟ ، قال تعالى: («« وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ؟؟؟ »» - إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ – وَ « لَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا » وَ « إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ » 130).

فإذا تساءل أحد، لماذا كل هذه الفضل عن إبراهيم؟ جاءه الرد الحاسم من الله تعالى بقوله: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ ..... «« أَسْلِمْ »» ..... «« قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ »» 131)، ولم يقف عند هذا الحد من الإخلاص في نفسه،، بل كان مهموماً بالإيمان الصادق للأجيال القادمة،، لذا قال تعالى عنه: (وَوَصَّىٰ-;- بِهَا « إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ » - وَ « يَعْقُوبُ » ..... يَا بَنِيَّ « إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ-;- لَكُمُ الدِّينَ » - فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ 132).

عاشراً: إدعى أهل الكتاب من يهود ونصارى بأن نبي الله إبراهيم كان يهوديا أو نصرانياً،، وقد كذبهم الله تعالى في هذا الإدعاء في سورة آل عمران، بقوله لهم: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ « وَمَا أُنزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنجِيلُ إِلَّا مِن بَعْدِهِ » أَفَلَا تَعْقِلُونَ 65)؟؟؟ (هَا أَنتُمْ هَٰ-;-ؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ - « فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ ؟» - وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ 66)، ثم أكد لهم ذلك صراحة قال: («مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا » - وَلَٰ-;-كِن « كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا » وَ « مَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ » 67).

فلما توالت في هذه السورة الآيات التي تتكلم عن إبراهيم وإسماعيل بتفصيل أكبر حسب مقتضيات الموقف هنا، كان لا بد من تنزيهه وأبناءه من هذه الفرية. خاطبهم الله تعالى مرة أخرى موضحاً لهم أن العلم كله هنا في القرآن، وليس لديهم أي مصدر آخر غيره "إلَّا إذا كانوا حضوراً عندما إحتضر يعقوب ووصى أبناءه قبل موته،، قال: (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ؟ - « إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي ؟؟؟» - قَالُوا «« نَعْبُدُ إِلَٰ-;-هَكَ وَإِلَٰ-;-هَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ »» - إِلَٰ-;-هًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ 133). فكانت ديانة كل آلائهم هي الحنفية السمحة لا يهودية ولا نصرانية كما يدعون.

على أية حال،،، قال تعالى للمؤمنين بعد كل هذه التفاصيل: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ « لَهَا مَا كَسَبَتْ » وَ « لَكُم مَّا كَسَبْتُمْ » - وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ 134). فأهل الكتاب بظنهم وإفترائهم قالوا إن الهداية لمن كان يهودياً أو نصرانياً،، بزعمهم، ولكن الحقيقة ليست كذلك، بل الهداية في ملة إبراهيم، لأنه كان حنيفاً مسلماً وما كان من الشركين،، وبين الله هذه الحقيقة في قوله تعالى: (وَقَالُوا « كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ-;- تَهْتَدُوا » - قُلْ «« بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ »» 135). فإن أردتم الهداية الحقيقية عليكم بقول عناصرها التي لا تكون بدونها: (قُولُوا ...):
1. (... آمَنَّا بِاللَّهِ ...), وحده لا شريك له ولا ند ولا والد ولا ولد،
2. (... وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا ...), من القرآن الموحى على رسول الله محمد الخاتم الأمين،
3. (... وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ-;- إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ ...), من الحنفية،
4. (... وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ-;- وَعِيسَىٰ-;- ...), من توراة وإنجيل،
5. (... وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ ...), ما تعلمون منه وما لا تعلمون،
(... لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ 136)، هذا هو نموذج الإيمان الذي يرتضيه الله من عباده.
(فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ - « فَقَدِ اهْتَدَوا » - وَّإِن تَوَلَّوْا « فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ » فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ 137).

هذا ليس إدعاء أو إختلاق، وإنما هي: (صِبْغَةَ اللَّهِ - «« وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ؟؟؟»» - وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ 138)، فإن حاجوكم كعادتهم دائماً: (قُلْ - « أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ ؟؟؟» - وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ – وَ « لَنَا أَعْمَالُنَا » وَ « لَكُمْ أَعْمَالُكُمْ » - وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ 139).

ورداً على تمحك أهل الكتاب في إبراهيم وإسماعيل وإسحق، وقولهم بأنهم يهود أو نصارى،، قال لهم إن هذا وهم وإفتراء ليس لديكم دليل عليه، فالتورات نفسها قد نزلت بعد إبراهيم، فكيف يعقل هذا الإدعاء منكم؟؟؟ لذا أكد الله ذلك بقوله: (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ-;- – قُلْ «« أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ »» - وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ – وَ « مَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ » 140).

ثم في نهاية المطاف يخاطب الله تعالى نبيه والمؤمنين معه فيقول لهم: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ - « لَهَا مَا كَسَبَتْ» وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ 141).

أين هذه الأوصال المقطعة، وأين هذا الكشكول ايها الحاخام المسطول ؟؟؟

**************************************************

(ب): اقسم الثاني ... الرد على فريته عن الآيات (142-145)،

أولاً: بعد أن عرَّفنا الله تعالى بالبيت الحرام، ومن هو رافع قواعده، بعد أن عهد إليه بصيانته، ثم تنزيه أنبيائه " إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ" من الشرك واليهودية والنصرانية، ووصف إبراهيم بالحنفية، وبين أن البيت الحرام هو قبلة جميع الأنبياء والرسل، فأراد أن يبين لنا مدى شوق نبينا الخاتم محمد بن عبد الله إلى القبلة الأساسية أن تكون قبلته، التي حُوِّلَ عنها مؤقتاً لظروف موضوعية ولغاية وحكمة بالغة من الله ذاته إقتضت هذا التحول وبأمره تعالى، فأطاع الرسول وقلبه معلق بالكعبة.

ثانياً: نبه الله تعالى نبيه الكريم، بأنه ستحول القبلة إلى الكعبة التي يحبها ويريدها، ولكن نبهه إلى أنهم لن يسلموا من أعدائهم المتربصين بهم من سفهاء الناس الذين لا يستطيعون العيش بدون شر وعدوان وإرهاب وإستعلاء على الآخرين، لذا قال له بأنهم عندما يتحولون عن بيت المقدس، لن يسكت هؤلاء السفهاء المتربصون، لذا قال: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ « مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ؟؟؟» - قُل «« لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ »» - يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ-;- صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ 142).

ثالثاً: بيَّنَ الله تعالى دور المؤمنين "أمة محمد صلى الله عليه وسلم"، أنَّهُم أمة وسط، لذا سيكونون شهداء على كل من كان قبلهم من الأمم السابقة، وفي نفس الوقت سيكونون شهداء على كل الناس الذين سيأتون بعد الإسلام إلى أن تقوم الساعة، لأنهم يحملون الكتاب الشامل المتضمن كل تجارب البشر مع الكتب السماوية السابقة والصحف التي نزلت من السماء "من الصحف الأولى وحتى الفرقان"، وحيث أن النبي الكريم قد بلغهم كل وحي السماء وشهد الله له بذلك في قوله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم..."، فبذلك سيكون الرسول عليكم شهيداً بأن لديكم الوحي كاملاً وقد رضيه الله لهم ديناً،، فلن تكون لأحد من الناس بعد ذلك من حجة.

قال تعالى في ذلك: (وَكَذَٰ-;-لِكَ جَعَلْنَاكُمْ «« أُمَّةً وَسَطًا »» - « لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ » وَ « يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا » ..... وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا ..... «« إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ-;- عَقِبَيْهِ »» - وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً « إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ » - وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ «« إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ »» 143).

إذاً،،، تحويل القبلة إلى بيت المقدس كان أمراً مقصوداً بذاته، وليس لضرورة أو لهوى،، وإنما كان إبتلاءاً وإمتحاناً لصقل الإيمان في القلوب،، فالإسلام لا ينفع معه الغثاء،، فهو دين عمل وكفاح مستمر ضد الظلم والقهر والفقر والكبر والتسلط. فيحتاج إلى عدول لا عجول. فالذي إيمانه راسخ لن يتشكك في أي سلوك يسلكه النبي الكريم، بل يقبله ويدعمه ويذب عنه بمهجته وكل كيانه. وفي نفس الوقت،، لم يكن الأمر سهلاً على الخليل حفيد الخليل أن تغيب الكعبة والبيت الحرام عن وجهته وقبلته،، فكان يبث وجده لخالقه فيقلب وجهه في السماء رجاءاً وأملاً.

رابعاً: بعد أن هَيَّأهُ الله تماماً للمرحلة المقبلة، مرحلة تحويل القبلة والتداعيات المتوقعة عند ذلك التحويل وبعده من تربص الأعداء وتخازل المنافقين، قال له: (قَدْ نَرَىٰ-;- تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ « فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا » - فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ – وَ « حَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ » ..... وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ « لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ » - وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ 144).

إن إتباع أهل الكتاب لقبلتك من عاشر المستحيلات،، فليست المشكلة في صدق الآيات ووضوحها وبيانها، ولكن المشكلة لديهم وجدانية عنصرية متحكمة في كيانهم وإرادتهم، فلا تحاول معهم ذلك: (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ « بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ » وَ « مَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ » وَ « مَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ » - وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ «« إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ »» 145).

*******************************************************

(ج): الجزء الثالث: ردنا على فريته عن الآيات (148-150):

قال تعالى، مؤكداً أن موقف أهل الكتاب هو إنكار ومراوغة لأنهم حقيقة يعرفون أنه الحق من ربهم، لذا قال: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ « يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ » - وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ 146)، نعم إنه: (الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ «« فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ »» 147).

أولاً: حسم الله أمر القبلة، وأنهى المغالطات وقفل بابها،، بقوله: («« وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا »» ..... فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ..... أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا « إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ-;- كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » 148). فكل منكم ومن أهل الكتاب يعرف قبلته، فالمغالطات لن تجدي عند الله نفعاً فالجميع راجع إلى ربه وسيحاسبه بما عمل يوم القيامة.

أما بالنسب لك أنت يا رسول الله،، فإن قبلتك هي المسجد الحرام،،، قال تعالى له: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ «« فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ »» - وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ - وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ 149).

فأكد الله تعالى له هذا الأمر، وقد قال له من قبل "فلا تكن من الممترين"، فكرر ذلك الأمر مبيناً له أنه ليس وحده المعني به، وإنما لجميع أمته،، لذا قرر ذلك قال: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ ...),
1. (... « فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ » ...),
2. (... وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ « فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ » ...),
ولكن,, لماذا هذا التكرار التأكيدي؟؟؟ قال: (... لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ « إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ » ..... « فَلَا تَخْشَوْهُمْ » وَ « اخْشَوْنِي » ..... وَ « لِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ » وَ « لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ » 150).

إدعى أبو جهل الألفية الثانية،،، مخاطباً القراء الكرام قال: ((-- ادعو أولا القارئ إلى ملاحظة تفكك اوصال هذه الآيات من خلال ارقامها 115، 142، 143، 144، 145، 148، 149 و 150، والتكرار المعيب في الآيتين الأخيرتين. ويلاحظ ان الآيتين 143 و 150 غير مخصصتين بالكامل لموضوع القبلة. هناك اذن عيب انشائي في نص القرآن.)

نرد ليه فنقول وبالله التوفيق وعليه السداد:

أولاً: لقد تدبرنا الآيات التي أشرت إليها وحتى الآيات التي لم يشر إليها بالتسلسل من الآية رقم (113) وحتى الآية الكريمة رقم (150). فلم نر أي أوصال ولا تقطيع،، بل نسق رائع جميل وإحكام منقطع النظير ثم فُصِّلَ هذا الإحكام تفصيلاً يخلب الألباب ... وعلى أية حال، لن نفرض رأينا وإحساسنا على القراء،، فالآيات معروضة على الملأ،، ولكل عقله ووجدانه وفكره ويستطيع أن يحكم بما يراه فهذا حصاده وليس لأحد الحق في أن يتدخل فيه.

ثانياً: إدعائك بأن هناك تكرار في الآيتين الأخيرتين وهما (143) و (150)، ثم إدعائك بأن التكرار معيب في الآيتين، بقولك "تحديداً ((-- ويلاحظ ان الآيتين غير مخصصتين بالكامل لموضوع القبلة. هناك اذن عيب انشائي في نص القرآن. --)).

إذاً،، للدقة علينا أولاً أن نعرض الآيتين التين أشرت إليهن جنباً إلى جنب، ثم بعد ذلك ننظر إلى إدعاءاتك وملاحظاتك المفترة،،، فيما بعد:

(أ‌) قال تعالى في ذلك: (وَكَذَٰ-;-لِكَ جَعَلْنَاكُمْ «« أُمَّةً وَسَطًا »» - « لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ » وَ « يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا » ..... وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا ..... «« إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ-;- عَقِبَيْهِ »» - وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً « إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ » - وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ «« إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ »» 143).

واضح جلياً أن علية تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام كانت وقعها عنيف جداً على النبي من جهة ثم على المسلمين والمؤمنين من جهة أخرى،، وقد كشفت المنافقين، وكانت له غاية وهدف إستراتيجي هام جداً وهو فلترة الإيمان وتمييز الصفوف. وقد بين الله تعالى في هذه الآية أن الله تعالى ليس غايته إضاعة إيمان الناس كما قد يعتقد الأخبياء والمتربصون (...وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ...)، لأن الله بالناس لرءوف رحيم.

(ب‌) قال تعالى، مؤكداً أن موقف أهل الكتاب هو إنكار ومراوغة لأنهم حقيقة يعرفون أنه الحق من ربهم، لذا قال: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ « يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ » - وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ 146)، نعم إنه: (الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ «« فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ »» 147). لأن أهل الكتاب يعرفون تماماً أن النبي محمد هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وأنه النبي المنتظر الذي كانوا يستفتحون به على الذي كفروا. وأيضاً يعرفون أن إنتقال القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام هو عين الحق من الله تعالى.

إذن فأنت تكذب وتدلس وتفتري على الله الكذب وعلى القراء الكرام تحاول تضليلهم، لأن نفي هذه الصفات عنك لا يترك أمامنا سوى الجهل المركب وفساد الطوية من جهة، والخبل والجنون من جهة أخرى. لأن الإحتمال الثالث هو "العدم".


تحية طيبة للقراء الكرام

بشاراه أحمد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاسلام
بسيونى بسيونى ( 2014 / 4 / 13 - 08:58 )
الله عليك طبعا لن تجد اى واحد يعلق هنا على هذا الكلام المفحم كلام علمى دقيق بالادله لن تجدهم لانهم لا يجيدون غير الكذب والتضليل والبذاءه والاسلوب الهمجى من سب وقذب وكذب وارهاب لكنهم يبهتون من الحق وتخرس السنتهم امام الحجه والحقيقه احيك واشد على يدك ولو انى كنت اود ان تجعل فى العنوان لمحه تعريفيه لما يحويه كلامك الصادق من ردود جزاك الله خيرا ولك تحياتى


2 - لاتكذب.
أحمد حسن البغدادي. ( 2014 / 4 / 13 - 16:12 )
أولا ً ؛لا يتم مناقشة فكرة بالتهجم على صاحب الفكرة، بل بالنقاش المستند إلى قواعد .

نحن لانسلم بصحة أية فكرة مالم نناقشها، وإذا كانت الفكرة غير صالحة للنقاش، فالفكرة أساسا ً خطأ يجب تركها، والقرآن ملئ بالأخطاء، لذلك يجب تركه، لأنه لايصمد أمام النقاش.


ثانيا ً؛ إحترموا عقول الشعوب، فما يقوله السيد سامي الذيب هو الصحيح لغويا ً، والقرآن هو الخطأ.

ثالثا ً ؛ لايتم التأكيد من مصداقية أية فكر مالم يعرض للنقاش، من كافة الجوانب، العلمية والصياغة اللغوية، والقرآن يعرض علينا فكر ولغة، علينا مناقشته للتأكد من صحته، والإشارة إلى كل ماهو نشاز وغير معقول، وعلى صاحب الفكر الجواب فقط، وليس إرهاب الناس للقبول بفكره كما هو، لمجرد إدعاء إنه مقدس، فلا مقدس غير المنطق السليم والعقل السليم .

رابعا ً؛ يجب مقارنة النص القرآني بغيره من النصوص، وهذا هو الميزان، فإذا كان شاذا ً، على كاتب القرآن أن يصحح هذا الشذوذ، ليتزن بالمقاييس اللغوية في زمانه، وإذا شذ عن ذلك فهو خطأ والميزان هو الصحيح.

أما الكذب واللف والدوران والتهجم، فهذا يؤكد صحة مايقوله السيد سامي الذيب.


3 - بغدادي
بشاراه أحمد ( 2014 / 4 / 13 - 20:58 )
أنا أؤيدك تماماً في .. (أولا ً) التي قلتها،، صحيح (لا يتم مناقشة فكرة بالتهجم على صاحب الفكرة، بل بالنقاش المستند إلى قواعد ). في الحقيقة مقولة صحيحة،، ولكنني عندما نظرت إلى عنوانك الذي إخترته لتعليقك وجدته كريماً للعاية ويتماشى مع أولاً تماماً،،، هل ترى أنت أن إتهام الناس (بالكذب) هو نقاش مستند إلى قواعد؟؟؟ ليتكم ترونا القواعد التي نتناقش بها معكم.

نحن لم نفعل أكثر من إثبات أن كل ما قاله الذيب محض إفتراء،، فإن كنت نرى غير ذلك لك الحق في إثبات رأيك بالمعايير التي إقترحتها ولكنك لم تلتزمها على ما يبدوا. ومع ذلك أنا أقبلها منك
.
أأنت ترى أن سامي الذيب كان يحترم عقول الشعوب عندما يقول ما يقوله على معتقدات الآخرين (كشكول وأوصال مقطعة وحاخام مسطول) وخربطة ويقارنه بكليلة ودمنه؟؟؟
نحن نحترم عقول كل الناس العدو منهم قبل الصديق،، لذلك لم نقدم لهم رأينا ونفرضه عليهم، بل نناقش معهم وأمامهم وبهم نصوص ليست غريبة عليهم،، ولكن هناك من يحاول الدس والتدنيس والسخرية والإستهتار فهذا نتصدى له بالعلم والأدلة والبراهين والنقاش،، ولكنه إن تطاول لن نقف مكتوفي الأيدي بل سنقيم تصرفه ثم نرد عليه بما يستحقه.


4 - بغدادي
بشاراه أحمد ( 2014 / 4 / 13 - 21:07 )

.... يتبع ....

نحن لسنا طلاب مشاكل أو عتداءات وأنت تعرف ذلك جيداً،، ولكننا لا نسكت عن الحق ونتصدى له بالعقل والحوار الهاديء،،، فإن كنت تريد أن تحاور فمرحباً بك ،،

أنت تقول بأن القرآن مليء بالأخطاء، إذاً فعليك إثبات ما عجز عنه الذيب، وسنرد عليك بالمعايير التي ترتضيها لأن غايتنا هي الحق والصدق والعدل
.
فنحن لا نرهب الناس ولا نعرف الإرهاب اساساً، ولكننا لن نكون نعاماً،، بل نتعرض لأعلى درجات الإرهاب من الطرف الثاني بالحجة والبرهان،، حتى أن بعضهم دخل في مرحلة التهديد والوعيد
.
فلا تنه عن خلق وتأت بمثله. إن أردتم الحوار حاورناكم، فإن أردتم الغساءة والسباب هجرناكم وعكفنا على توصيل الحقائق للسادة والسيدات القراء

عفواً،،، القرآن هو الميزان وليس غير. فلم يعد هذا محل جدال يا عزيزي


5 - بسيوني بسيوني المكرم
بشاراه أحمد ( 2014 / 4 / 13 - 21:21 )

نحن نحس بكم معنا من نسبة القراء العالية المتصاعدة والتصويت المشرف،، سنواصل العمل بنفس المعايير ولن ندخل الهوى والأغراض الشخسية الضيقة ونقبل كل نقد بناء صادق

هناك مفاجآت ستغير موازين كثير بإذن الله تعالى، فنحن لا زلنا في مرحلة تصحيح المفاهيم المغلوطة، ولم نطرق مرحلة الإعجاز العلمي للقرآن بعد.

لكم التحية والإحترام

اخر الافلام

.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم


.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو




.. 70-Ali-Imran


.. 71-Ali-Imran




.. 72-Ali-Imran