الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حياة الرومان:الزواج و الإنجاب(1)

شوكت جميل

2014 / 4 / 14
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لم يحظَ شباب الرومان سوى بضئيلٍ من الحرية في اختيار شركاء حياتهم؛إذْ كان الآباء هم من يختارون لأبنائهم و بناتهم ما يناسبهم من أزواجٍ و زوجات؛و لطالما رُتِّبتْ هذه الزيجات لمرامٍ و أهدافٍ سياسيةٍ حيناً واقتصاديةٍ حيناً و اجتماعيةٍ حيناً آخر،و لم يكن من النادر آنذاك، أن تُزُوّج الفتاة ولم تتخطَ بعد، أثنا عشر ربيعاً،أما المعهود فكان زواجهن بعد سن الرابعة عشر،و كانت هناك ضروبٌ شتى من عقود الزواج،ففي غضون العهد الجمهوري كان من الذائع أن تؤول أموال و ممتلكات الزوجة إلى حميها أبي زوجها،و الذي يمثل رأس النظام البطريركي في الأسرة الرومانية،و لاحقاً في العهد الإمبراطوري بات من حق الزوجة أن تتسلط على ممتلكاتها،و أن تحظى بمزيدٍ من الحرية.

أما يوم الزفاف فقد كان ينتقى بعنايةٍ و رويةٍ و حذرٍ شديد؛و علة ذلك أن أيام كثر في التقويم الروماني سيئة الطالع في اعتقادهم،و لذا درج إقامة حفلات الزفاف في الشطر الثاني من شهر يناير؛و قد كانوا يؤمنون بأنه أكثر أيام العام سعوداً.

و من عاداتهم أن يقام محفلٌ إحتفاءً بالخطبة،و فيه يكتب عقد الزواج،و من ثم تُمنح العروس خاتماً لتضعه في بنصر كفها اليسرى،و مما يحسن بنا ذكره،أن في الليلة السابقة للزفاف،وجب على العروس الصغيرة أن تتخلى عن دمى و ألعاب الطفولة،فتقوم بتقديمها على المذبح أو المحراب الخاص بالعائلة،و التي طالما احتفظت المنازل الرومانية بواحدٍ منها.

و بحلول يوم الزفاف،تُعَلق الزهور و الورود في منزل العروس،أما هي فترتدي حلة ناصعة البياض،و إكليلاً من الزهور على رأسها،و برقعً و حذاءً حمراوين اللون،و يعقص شعرها إلى ضفائر يغطيها حجابها الإرجواني.

فإذا جاء العريس و الضيوف،بادر الكاهن فسأل الأرباب عسى أن يكون اليوم يوم سعد،فإن جاءت إجابة السماء كما يشتهون،همّوا بإتمام مراسيم و طقوس الزفاف.

و حينها يمهر العقد،و تقود العروسَ أبرزُ إشبيناتها و تشبك يدها بيد عريسها،و من ثم يشرع الزوج و زوجه بالابتهال إلى الآلهة لمباركة الزواج،و تختتم العروس هذه الصلاة بعهودها على إتباع زوجها و مرافقتها إياه أينما ذهب.
فإذا فرغوا من هذه الطقوس،طفق المحتفلون ببيت أبي العروس في الابتهاج و الصخب،و ينتهي الاحتفال بأن يتقدم الزوجان مسيرةً يتبعهما فيها الضيوف و العازفون على المزامير و حملة المصابيح، إلى أن تشرف المسيرة على بيت العريس،فيحمل العريس عروسه عبر عتبة المنزل.

أما الإنجاب فكان شيئاً ذا خطر على عهد الرومان،إذ لم تبرح العلوم الطبية وقتئذٍ أن تكون بدائيةً،و قد أنبأتنا شواهد القبور الرومانية بأنه لطالما قضت النساء و هن يضعن مواليدهن،و لطالما قضى المواليد و هم في غاية الصغر.و الحق لقد كانت الفتيات يزوجن مبكراً،لاعتقاد الرومان في أن وضع الأطفال سيغدو أكثر أمناً على الفتيات الفتِيّات اليانعات،أما الشيء اللافت للنظر في هذا الشأن، أن كثيراً من النساء الرومانيات ذوات الثراء،و بعد أن يضعن مولوداً واحداً يرث اللقب و غيره،يعزفن عن إنجاب المزيد،و يتجنبن المخاطر التي تحف الوضع،فكن يستخدمن نوع من الأسفنج أو الليف كمانعاتٍ للحمل.
أما المولود الجديد،فكان ينضح و ينظف جيداً بالماء،و من ثم يوضع تحت قدم أبيه،فيرق عليه أبوه،و يرفعه إليه، معلناً رسمياً قبوله له كفردٍ في عائلته.و كان إذا حل اليوم التاسع لمولده،يقام مرسماً يعطى فيه المولود اسماً و تميمةً تدرأ عنه الأرواح الشريرة.

فإذا بلغ الصبي الرابعة عشر،و قد أنهى تعليمه الأساسي،صنعوا له حفلةً معلنةً عن بلوغه،فيقصد مع العائلة و الأصدقاء المنتدى العام،حيث ينبذ عنه ملابس طفولته،و يخلع عنه تميمة الطفولة،و يمنح الزي الرماني الشهير"التوجا"Toga،و حينها سيحظى بأول حلاقة لشعره!أما التوجا فهو الطيلسان الذي يضعه المواطن الروماني فوق قميصه،و هو قطعة من القماش نصف دائرية،يصل طولها إلى خمس أمتار،و تلف بطريقة خاصة حول جسمه،و ما أن أتموا ذلك، حتى يصنف الفتى مواطناً رومانياً،و من ثم يحتفل معه الأهل و الأصدقاء.
....................
المقالات تعتمد في أكثرها على
The romans by Anthony marks and Graham Tingay
و على قراءات متفرقات عن التاريخ و الأدب الرماني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وقعت جرائم تطهير عرقي في السودان؟ | المسائية


.. اكلات صحية ولذيذة باللحمة مع الشيف عمر ????




.. عواصف وفيضانات في العالم العربي.. ظواهر عرضية؟


.. السنغال: 11 مصابا في حادث خروج طائرة من طراز بوينغ عن المدرج




.. الجامعات الإسبانية تعرب عن استعدادها لتعليق تعاونها مع إسرائ