الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن .. المكتوب علينا ألا نشهد المعجزات

تامر عمر

2014 / 4 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قبل أن تمتدحنى أو تذمنى .. قبل أن تشتمنى أو تحتفى بى، أرجوك .. أرجوك .. تجرد قليلاً من مشاعرك وحكِّم عقلك فقط. لا أريد منك سوى التفكير بالعقل والمنطق.
تعال على نفسك وفكر ...
* * *
سمعتَ بالطبع عن معجزات الأنبياء، تلك الحوادث الخارقة العجائبية التى أيد الله بها أنبياءه ليفحموا الخصوم وليبرهنوا على صدقهم وصدق رسالاتهم. هل تمنيت أن تشهدها كما شهدها الأقدمون؟ هل تمنيت أن تشهد الطوفان العظيم ثم تكون من أهل النجاة مع النبى نوح فى سفينته؟ هل تمنيت أن تشاهد النبى إبراهيم وهو يلقى فى النار ثم يخرج منها سليماً؟ هل تمنيت أن تشهد النبى موسى وهو يفحم السحرة بعصاته، ثم وهو يشق البحر بها لينجو هو ومن معه من المؤمنين، ثم تشهد نهاية فرعون الطاغية غرقاً فى الماء؟ هل تمنيت أن تشهد النبى عيسى وهو يحيى الموتى ويشفى المرضى؟ هل تمنيت أن تشهد النبى محمد وهو خارج من بيته فى ظلام الليل على جناح البراق، يشق به أجواز الفضاء صاعداً به إلى السماء السابعة؟
هل راودك شعور بالغيرة ممن شهدوا كل تلك المعجزات من أصحاب الحظ السعيد؟ إذا كنت تشعر بالغيرة حقاً، فسوف تتضاعف غيرتك لتستحيل غيظاً. فأصحاب الحظ السعيد ممن كتب لهم أن يروا المعجزات، ليسوا هم الأقدمين فقط من أجدادنا الذين عاصروا الأنبياء فى الماضى، إذ يدخر القدر لأحفادنا حظاً مماثلاً من السعادة. فأنت تعلم بالطبع أن نهاية الزمان تزخر بالمعجزات هى الأخرى، فمن خروج الدابة، إلى عودة عيسى بن مريم، إلى إحياء الدجال للموتى، إلى خروج يأجوج ومأجوج وفتكهم بالناس، إلى طلوع الشمس من المغرب ... إلخ.
تأمل .. إن السابقين قد شهدوا المعجزات، واللاحقين سوف يشهدون أيضاً المعجزات. أما نحن، فقد كتب علينا أن نسجن فى إسار القوانين الطبيعية الصارمة والنواميس التى لا تحيد عن طبائعها قيد أنملة.
تعال على نفسك وفكر ..
ما معنى أن تنهمر المعجزات مدراراً كالمطر على أقوام، يُمنحون فيها فرصاً غزيرة لمعاينة قدرة الله العظيمة، بينما نحرم نحن من تلك الفرص؟ أرجوك، لا تقل لى أن من آمن بدون شهود معجزة أجره عند الله أعظم، فرب آخر غيره قد لا يؤمن أصلاً إلا بشهود تلك المعجزات، ويكون مصيره جهنم بسبب عدم إيمانه، فى حين أن الحل بسيط: معجزة لكل جيل تُخضع أعناق غلاظ الرقاب والأكباد من المعاندين المكابرين، وتثبت المؤمنين. هل هذا كثير؟
أكاد أسمع واحداً يقول: هناك المعجزة الباقية، معجزة القرآن الكريم، تلك المعجزة البلاغية التى ظلت ولا تزال وستظل تتحدى الكل حتى يوم القيامة. وأنا أقول لك عن أى (كل) تتحدث؟ فمعجزة القرآن البلاغية لا يحيط بها ولا يثمنها ويقدرها إلا العرب وحدهم، المالكين لناصية اللغة العربية، العارفين بدروبها وشعابها. هؤلاء فقط هم من تستطيع أن تتحداهم ببلاغة القرآن. أما من عداهم من الشعوب، وهم كُثُر للأسف، فلم، ولا، ولن تهز فيهم بلاغة القرآن شعرة، إلا بما نؤكده لهم، نحن العرب، على هذا الأمر، ولكنهم أبداً لن يخبُروا أو يعاينوا ذلك الإعجاز بأنفسهم ماداموا لا يتقنون العربية كأبنائها. تعال على نفسك وفكر: الإسلام دعوة عالمية وليست دعوة محلية للعرب فقط. فإذا كانت دعوته محلية، لجاز لك أن تدفع بإعجاز القرآن، لكنه أما وهو دعوة عالمية، فينبغى عليك ألا تدفع بهذه المعجزة، إذ لن يقدرها - ولا أقول يفهمها - غير العرب. وبدون المعجزة البلاغية الباقية، لا يبقى من الإسلام إلا منظومته الأخلاقية الراقية الداعية إلى الحق والخير والعدل والمساواة، وهى لا تختلف كثيراً عن منظومات أخلاقية أخرى راقية دعت إليها أديان وضعية أخرى كالبوذية مثلاً.
إن ميزة المعجزات الكونية الفيزيائيةكالطوفان وشق البحر وإحياء الموتى والعروج إلى السماء، أنها معجزات عالمية غير محلية، تهدم القوانين نفسها التى يعرفها العرب والعجم وكافة بنى الإنسان فى كافة أصقاع المعمورة. وتلك، بالضبط، هى المعجزات التى سوف تتكرر مرات كثيرة فى نهاية الزمان ليسعد بشهودها معاصروها، ويثبت بها الله قلوب المؤمنين من عباده السعداء.
تعال على نفسك وفكر، واسأل نفسك: بذمتك .. ألا يداعب الماضى خيالك بأكثر مما يطالعك كواقع منطقى؟ ألا يتراءى لك بأخبار المعجزات فيه كزمن أثيرى عجيب يزخر بشخصيات وأحداث عجائبية لا تخضع لمنطق، بنفس الكيفية التى يداعبك بها خيالك عن نهاية الزمان وما سوف يقع فيها من أحداث عجائبية وخوارقية؟ يحدث ذلك بينما عندما يعالج عقلك عالمك الحاضر، فإنه يرتد فوراً إلى العقلانية، ويشهر سيف المنطق فى وجه أحداثه، ويحاكم وقائعه بصرامة شديدة وحزم عقلانى لا يبتلع الخوارق والأعاجيب.
ما معنى ذلك؟ لماذا حرمنا نحن من التثبت من إيماننا بشهود المعجزات، مثلما نعم بها أجدادنا وسوف ينعم بها أحفادنا؟
تعال على نفسك وفكر: إشمعنى إحنا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 4 / 17 - 00:23 )
في عام 1927 وضع (هايزنبرج) مبدأ (عدم اليقين) أو مبدأ (الريبة) , وهو مبدأ فيزيائي من المباديء التي تحكم الكون , ينُص هذا المبدأ على (أننا ممنوعون من معرفة الحقيقة الكلية , وليس لنا أن نختار إلا نصف الحقيقة أما الحقيقة الكاملة فنحن ممنوعون عنها) .
يعتبر مبدأ (عدم اليقين) لـ(هايزنبرج) قانون صارم من قوانين الطبيعة ولا يرتبط بأي شكل ببعض القصور الموجود في أجهزتنا , وهو مبدأ يُعلمنا أنه ليس في وسع الانسان إلا المعرفة الجزئية أما المعرفة الكُلية فهذه حكمة لم يُسمح لنا بالاطلاع عليها .
ويعتبر هذا المبدأ من أعظم المبادئ أثراً في تاريخ العلم الحديث حيث أنه يضع حداً لقدرة الإنسان على قياس الأشياء.


2 - رد لعبد الله خلف
تامر عمر ( 2014 / 4 / 17 - 10:07 )
يا عزيزى عبد الله، يظل من شهد المعجزة أسعد حظاً، فهو رأى ما ثبت (أو سيثبت) إيمانه، فى حين حرمت أنا وأنت من هذا الحظ العظيم. تعال على نفسك وفكر: ما معنى هذه التقسيمة الإلهية غير العادلة؟ إشمعنى إحنا؟


3 - الى الاخ عبد الله خلف!!!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2014 / 4 / 18 - 03:34 )
من هو هذا الـ(هايزنبرج) وما علاقة التعليق بالمعجزات؟؟.فاذا كنا نحن ممنوعون من معرفة الحقيقة الكلية وليس لنا الا ان نختار نصف الحقيقة اذا ما جآءت به اليهودية والمسيحية هي الحقيقة لان انبيائها اتوا بالمعجزات كما صرح به القرآن. هل تعني نصف الحقيقة ان كل ما صرح به القرآن من خلق الناس والسماوات والارضين وغير ذالك هو نصف الحقيقة وهل يتفق معك المسلمون ام ان الـ copy and paste بدون ادنى معرفة مما تعني به العلوم يوقعك في مصيدة تنسف معتقدك!!. هل نصف الشهادة مقبولة لدى القاضي لاثبات حق؟؟؟.فاذا كانت المعجزات هي السبيل الى الايمان فما ذنبنا اذا لم نؤمن ونحن مكتوب علينا ان لا نرى معحزات؟؟.هل ما قاله اسعد عن امجد عن احمد هو نصف حقيقة ام لا حقيقة؟؟.واخيرا ما هو تعريفك للحقيقة؟؟.ولماذا تستشهد بـ علماء الغرب فيما تظن انه يؤيد معتقدك وتترك ما غير ذالك.يجب عليك تاييد ما تكتب بما قاله السلف لا بما قاله الكفار ليكون حجة على المعاندين.
طابت ايامك.

اخر الافلام

.. أمطار ورعد وبرق عقب صلاة العصر بالمسجد الحرام بمكة المكرمة و


.. 61-An-Nisa




.. 62-An-Nisa


.. 63-An-Nisa




.. 64-An-Nisa