الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نحن حقاً لا نحتاج إلى الأنبياء فى زماننا؟

تامر عمر

2014 / 4 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل نحن حقاً لا نحتاج إلى الأنبياء فى زماننا؟

قبل أن تمتدحنى أو تذمنى .. قبل أن تشتمنى أو تحتفى بى، أرجوك .. أرجوك .. تجرد قليلاً من مشاعرك وحكِّم عقلك فقط. لا أريد منك سوى التفكير بالعقل والمنطق.
تعال على نفسك وفكر ...
* * *
س: لماذا يرسل الله الأنبياء؟ ج: يرسلهم لتحقيق غرضين. الأول هو التوحيد، ودعوة الناس إلى عبادته، وذلك ما نسميه (العقيدة)، والثانى هو تنظيم حياة الناس على أسس سليمة، وذلك ما نسميه (الشريعة). تعال نفحص الغرضين لنرى مدى تحققهما.
بالنسبة للغرض الأول، ففى وقتنا الحاضر، وبعد أربعة عشر قرناً من إنتهاء رسالة خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد صلى الله عليه وسلم، تعال على نفسك وفكر: هل أهل الكوكب كله موحدون يعبدون الله؟ الإجابة: كلا، لا يعبد كافة أهل الأرض الله، بل أن بعضهم - الهندوس مثلاً - لا يفهمون أصلاً معنى الإله الـمُـشـَّخـَّـص الذى نفهمه نحن التابعون للديانات الإبراهيمية. والمفاجأة الكبرى أن أتباع الديانات الوضعية (بخلاف الأديان الإبراهيمية، اليهودية والمسيحية والإسلام)، يقارب عددهم عدد أتباع الديانات الإبراهيمية الموحدين، فما معنى ذلك؟ إن ذلك معناه ببساطة، أنه، بعد كل هؤلاء الأنبياء، وبعد أن بُعِث آخر الأنبياء وإنقطع الوحى، لا تزال الأرض تحمل على ظهرها أناساً لم يعرفوا الله الحق حتى هذه اللحظة ولم يعبدوه، فهل تحقق الغرض الأول من إرسال الأنبياء؟
قد يقول قائل: أن تلك مهمتنا نحن المؤمنون بالله. فبعد انقطاع الوحى تصبح مهمتنا أن ندعو تلك الشعوب الغافلة إلى الله، الإله الحق، وذلك هو معنى وغرض الدعوة فى الإسلام والتبشير فى المسيحية. هذا القول مردود عليه بأنه إذا كان للمؤمنين دور فى نشر الرسالة، فكان من الأولى أن يكتفى الله بالنبى إبراهيم - وقد كان يحمل الدين الصحيح، الإسلام فى صورته النقية الحنيفية الأولى - ثم يكلف المؤمنون التابعون لهذا النبى بالدعوة إلى نفس الدين، وتنتهى قصة الأنبياء عند هذا الحد. لكن العجيب أن الله لم يكتف ببعث النبى إبراهيم، وإنما جعله أبا الأنبياء، وسَلْسَل من ذريته العشرات منهم، كانت مهمتهم نشر الرسالة والدين، ولم يتحدث أحد عن دور المؤمنين فى نشر الرسالة برغم كل هذا الطوفان من الأنبياء. تعال على نفسك وفكر: لِـمَ لم يعول الله على جهود المؤمنين فى نشر الدعوة، وإنما عمد سبحانه إلى إرسال رسل كثيرين متتابعين، بل وفى منطقة واحدة تقريباً (هى الشرق الأوسط)؟ بل، ولدهشتك: لماذا أرسل أحياناً رسولين فى وقت واحد، مثل: يوحنا ويسوع (يحيى وعيسى)، وموسى وشعيب. تعال على نفسك وفكر: ما الذى تغير حتى يقرر الله أن يوقف سلسال الأنبياء؟ هل آمن أهل الأرض جميعاً وآبوا إلى التوحيد؟
تعال على نفسك وفكر ..
نأتى الآن إلى الغرض الآخر من إرسال الأنبياء، وهو تنظيم حياة الناس على أسس سليمة، أو التشريع. وبداية، دعنا نسأل سؤالاً واحداً: ما الهدف من التشريع الإلهى؟ الإجابة: الهدف هو وضع أسس عادلة وسليمة وأخلاقية يتعامل بمقتضاها الناس مع بعضهم البعض، وتنظم العلاقات بين الفرد والمجتمع، وبين الحاكم والمحكوم .. إلخ.
طيب. هل حسمت الشرائع (ولنقل آخر شريعة وهى شريعة الإسلام)، كافة المعضلات والإشكاليات بحيث لم يعد هناك محل للخلاف على أمر مما تعالجه الشريعة؟ الإجابة: بالطبع لا، فالخلاف الفقهى بين الفقهاء والشيوخ على أشده، قد يصل أحياناً عند الغلاة منهم إلى التكفير بسبب الخلاف فى الرأى الفقهى. تعال على نفسك وفكر: ما معنى أن يظل الخلاف الفقهى قائماً حتى بعد ابتعاث خاتم الرسل وانقطاع الوحى؟
قد يقول قائل أن هذا الخلاف مبعثه الإجتهاد، وأن اجتهاد كل فقيه يأخذه إلى حيث بــَيـَّـن له عقله. وبما أن الإنسان مأمور بالتفكر والإجتهاد، فلا يعيب الشريعة أن تتسع لاجتهاد المجتهدين من القادرين عليها من أهل العلم، بل إن هذا الإختلاف رحمة. وأنا أوافق على ذلك، لولا أن هذا الخلاف أحياناً ما يثير من الأحقاد والصراع ما قد يؤدى إلى الإقتتال وتفجير المجتمعات، مما لا يمكن وصفه أبداً بالرحمة. فعلى سبيل المثال، كم من الأرواح أزهقت فى الصراع العبثى بين الحالمين بدولة الخلافة والرافعين السلاح لتحقيقها من جهة، وبين أفراد المجتمع ممن يرون أن الخلافة ممارسة تاريخية ليست من أصول الدين فى شىء، من جهة أخرى؟ كم من الدماء سالت فى الصراع العبثى حول تطبيق الحدود أو عدم تطبيقها، أو حرمة التماثيل أو حــِـلــِـها، أو نقاب المرأة أو حجابها، أو حرمة فوائد البنوك أو حلها، أو حرمة نقل الأعضاء أو حلها، أو كون البرلمانات وتصويت المرأة وولاية الذمى، والتعامل بمقتضى النظام الإقتصادى المصرفى الدولى حلال أم حرام؟
هل كانت كل هذه القضايا الخلافية موجودة أيام كان الله عز وجل يبعث برسله للناس؟ تعال على نفسك وفكر: ما هى القضايا التشريعية التى تصدت الشرائع لحلها، وهل كانت أصعب مما نواجهه أم أسهل؟ لقد بعث الله رسولاً مخصوصاً لقوم لا يعيبهم سوى غش الموازين. بعث الله النبى شعيباً لينهى الناس، فقط، عن الغش فى الموازين والمكاييل. تصور؟ مجتمع لا مشكلة لديه سوى الغش فى الميزان يبعث الله إليه رسولاً ليصحح الوضع. وبرغم تصورى أن مشكلة غش الميزان لا يمكن أبداً أن تفضى إلى إراقة الدم كمثل ما يحدث فى مجتمعاتنا من اقتتال شديد ودماء بسبب اختلاف الرؤى الفقهية حول القضايا الخطيرة التى تتعرض لها مجتمعاتنا، وبرغم اعوجاج فهم كثير من الغلاة للدين، مما أدى إلى ما نسمع عنه عن الحاجة إلى (تجديد الخطاب الدينى)، فإنك تصطدم بالحقيقة الراسخة: إنتهى عصر الرسل والأنبياء.
تتصاعد أزمات الإنسانية يوماً بعد آخر، ولكنك تصطدم بالحقيقة الراسخة: إنتهى عصر الرسل والأنبياء. تتفاقم الصراعات وتلتهب المجتمعات، ولكنك تصطدم بالحقيقة الراسخة: إنتهى عصر الرسل والأنبياء. تتعقد الحياة ويظهر من المخترعات والإكتشافات ما يجبرنا على التوفيق بين الشرائع وبين العلم، ولكنك برغم ذلك تصطدم بالحقيقة الراسخة: إنتهى عصر الرسل والأنبياء. تتباعد المسافات والمنطق بين روح العصر وتشريعاته الدولية ومقتضياته العقلية من جهة وبين الشرائع من جهة أخرى، ولكنك برغم ذلك تصطدم بالحقيقة الراسخة: إنتهى عصر الرسل والأنبياء. تتصاعد الدعوات إلى تجديد الخطاب الدينى، وتنقيح التراث من الخرافات والأساطير والأباطيل، ولكنك برغم ذلك تصطدم بالحقيقة الراسخة: إنتهى عصر الرسل والأنبياء.
بعد كل ذلك، هل نحن لا نحتاج حقاً إلى الأنبياء فى زماننا؟ تعال على نفسك وفكر ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعال على نفسك وفكر
منتصر عبدالله ( 2022 / 12 / 14 - 12:38 )
كما تعلم في في العصور الغابرة البعيدة كان الناس يعيشون في مجتمعات مغلقة والاتصال بين مجتمع وآخر كان صعبا جدا ليس مثل ايامنا هذه حيث باستطاعة الناس السفر الى اي مكان يريدون بسرعة وسهولة تامة. لذلك كات رسائل الانبياء والرسل محصورة في بيئة ومجتمع معين لا يتعداه وينتهي عنده للسبب الذي ذكرته. وطبقا لذلك كان مهمة النبي او الرسول في تلك الفترة محصورة وفقا لذلك المجتمع ولهذا كانت المهمة تختلف من نبي الى نبي لكن الجوهر كان واحدا وهو توحيد الله. أما في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقد تطورت الحالة الحضارية واصبح الانسان قادرا على السفر بسهولة اكثر وكان هناك نوع من تداخل الحضارات كالفارسية والرومية وغيرها حيث كانت المعلومات
اكثر تنقلا بين الشعوب فكان هناك اشخاص لديهم معلومات عن كافة الاديان بعكس العصور الاخرى طبقا للتطور الذي حدث للعالم فقد كانت لقريش رحلة الشتاء الى الحبشة ورحلة الصيف الى الشام. حتى عندما جاء الرسول كانت اخباره قد تناقلت وسمع بها الفرس والروم. لذلك كانت البشرية على استعداد لأن يختم الرسالة بالنبي محمد حيث أتم الله دينه وعلمه كل شيء يحتاجه او ستحتاج اليه البشرية من بعده

اخر الافلام

.. شاهد: المسيحيون الأرثوذوكس يحتفلون بـ-سبت النور- في روسيا


.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4




.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا


.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة




.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه