الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور التلفزيون في ظهور السلوك الإنحرافي عند الأحداث المتمدرسين

مصطفى بحر محمد

2014 / 4 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ملخص:
يتناول موضوع البحث أثر التلفزيون كوسيلة إعلامية هامة في حياة الفرد عموما و الحدث خصوصا ، على هذا الأخير ، و الذي يمر بدوره بفترة تعد من أصعب الفترات والحديث هنا يقودنا إلى فترة المراهقة التي تترك عبر أحداثها و مواقفها و خبراتها بصمات تساهم في بناء شخصية الفرد و ميوله ، فإما تجعل منه كائنا إجتماعيا سويا من خلال شخصية متكيفة مع المحيط ، و إما أن تغرس فيه الخصال السيئة و الإنحراف ، ومن جهة أخرى يمكن إعتبار وسائل الإعلام المتنوعة من الوسائل التي لها تأثيرا إجتماعيا كبيرا ، بما فيها التلفزيون الذي يعد نتاجا من نتائج العولمة ، و الذي يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على الفرد .
الكلمات الدلالية : التلفزيون ، الإنحراف ، الحدث ، التنشئة الاجتماعية ، جنوح الأحداث .
مقدمة :
يعتبر الإنحراف من المشكلات الإجتماعية التي تتزايد خطورتها في مختلف المجتمعات ولقد بدأت حدة هذه المشكلة تتفاقم لأسباب متعددة ، شغلت اهتمام الدارسين في مختلف التخصصات، كما نجد و أن وسائل الإعلام و هي مؤسسة من مؤسسات التنشئة الإجتماعية ، فهي تحاول إكساب الفرد قيما تعجز الأسرة و المدرسة عن توفيرها ، و تكوين شخصية سوية خالية من الإنفعالات التي تبلغ أوجها في هذه المرحلة ، و من جهة أخرى فإن بعض الدراسات العلمية تشير في هذا الصدد ، إلى أن أجهزة الإعلام ومن ضمنها التلفاز تلقي بظلالها على المراهق ، حتى أنه يصعب عليه الإفلات من آثارها ، و تحاصره من مختلف الجهات محاولة رسم طريق جديد لحياته ، و أسلوبا معاصرا لنشاطه و علاقاته.
فالتلفزيون لا يزال سيد الموقف في قدرته على الإقناع بين وسائط نقل المادة الإعلامية، وذلك لكونه يعتمد على الربط بين أكثر من حاسة عند المشاهد، فهو يربط السمع والبصر، إضافة إلى الحركة المتمثلة بالصورة الحية المصاحبة للمادة الإعلامية، و يمكن القول أن تلك العبارة التي أطلقها أحد علماء النفس الأمريكيين قبل ما يقارب من ثلاثة عقود و التي تنص على انه إذا كان السجن هو كلية لدراسة الإجرام، فان التلفزيون هو المدرسة الإعدادية للانحراف، هذه العبارة لازالت تحمل الصدق مع تقدم الوسائط الإعلامية.
و يؤكد علماء النفس أن التلفزيون يأتي في علم التربية الحديث بعد الأم والأب مباشرة وبات من المؤكد أن تأثير التلفزيون على سلوكيات المراهق طبقا لجميع الأبحاث العلمية في هذا المجال وإن هذا التأثير يعتمد على نوعية المادة التي يشاهدها ومدى التفاعل معها حيث أن الانبهار البصري يتحول مع الوقت إلى إنبهار معرفي و ثقافي .
1- إشكالية البحث :
ان التحديات التي يواجهها العالم اليوم و التغير الذي اطرا على جميع نواحي الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية جعل الاتصال عموما و الاتصال الجماهيري خصوصا موضوعا مهما في حياتنا الاجتماعية
و إن واحدة أبرز سمات عصرنا تكمن في أهمية وسائل الاتصال الجماهيري بما فيها التلفاز الى أدوات ثقافية بحيث صارت وسيلة مهمة للحصول على الثقافة فهي لم تعد تقتصر على توصيل مفردات الثقافة و نشرها بل صارت تؤثر في عملية انتقاء محتواها الذي يستطيع التلفاز نقله عبر لغته التعبيرية المؤثرة اذ انه يجسد برامجه فنيا بطرق معالجة متقدمة يخاطب مخيلتنا و عواطفنا بطريقة تكون الاقرب لمخاطبة شخص اخر .
و في هذا السباق فقد اعطى خبراء و علماء النفس و الاجتماع المتخصصون في مجال الاعلام و وسائل الاتصال الجماهيرية اهتماما خاصا لتاثير التلفزيون خصوصا على الطفل اذ اجمع الباحثون ان الاطفال هم اكثر الفئات تاثرا ببرامج التلفزيون .
و قد أوضحت عدة دراسات حديثة في علم النفس أن عدد المناظر و مشاهد العنف قد تضاعفت في ظل مشاهدة مشاهدي التلفاز لصور و مشاهد وفاة أو قتل .
ولحل المشكلة طرح الباحث التساؤلات التالية :
1- هل لغياب الرقابة الأبوية داخل الأسرة لبرامج التلفزيون المتبعة تأثير على انحراف الأحداث المتمدرسين؟
2- هل هناك تأثير لنوعية برامج القنوات الفضائية بما تحمله من نقل للنماذج الغربية (قيم, عادات, طريقة حياة ...) في ظهور السلوك الانحرافي لدى الأحداث المتمدرسين؟
-نوع التنشئة الاجتماعية التي يتلقاها الحدث المتمدرس في ظل غياب مؤسساتها الأخرى عدا التلفزيون .
-محاولة وصف و تحليل ظاهرة تأثير التلفزيون من خلال العلاقة بين هذه الوسيلة الإعلامية والحدث المتمدرس و الكشف عن الأسباب التي تؤدي إلى ظهور السلوك الانحرافي.

4-المفاهيم الأساسية للبحث :
التلفزيون: يتكون مصطلح التلفزيون télévision من مقطعين : أولهما télé وتعني عن بعد وثانيها vision و تعني الرؤية ، مما يعبر أن التلفزيون جهاز ناقل للصورة و الأصوات بواسطة موجات كهربائية . و التلفزيون من الناحية التقنية نظام يبث الإشارات و استقبالها ، فهي وسيلة بث شبه فورية تتابع فيه 25 صورة في الثانية وفي حركة منتظمة و يتحقق البث التلفزيوني بفضل وجود كاميرا و نظام بث الصورة على الشاشة (نظام المسح).
الانحراف: هو ذلك السلوك الذي يخرج بصورة بارزة عن خط المتوسط أو المعدل . و يفضل علماء الاجتماع استخدام هذا المصطلح بدلا من استخدام مصطلح "السلوك الشاذ" نظرا لارتباط الأخير بالمرض النفسي ، أكثر من ارتباطه بعدم التوافق أو الصراع.
جنوح الأحداث: يمكن تعريف جنوح الأحداث اجتماعيا بأنه: أي سلوك غير مرغوب فيه يرتكبه الأطفال أو الشباب في مجتمع ما.
ويغطي هذا المصطلح مساحة واسعة من المعايير الاجتماعية و القانونية و في الواقع يحدد علم الإجرام جنوح الأحداث و يشير إلى المستوى العالمي لمؤشر اقتراف الجريمة من قبل الصبية .
الحدث: هو صغير السن حتى يتم له النضج الاجتماعي و تتكامل له عناصر الرشد.
- الإطار النظري و البحوث المشابهة :
أولا: الاطار النظري
و تختلف المقاربة النظرية من دراسة إلى أخرى ، حسب طبيعة الموضوع ومن خلال قراءتنا حول موضوع الدراسة ، يمكن أن ندرج الإطار النظري الذي ترد فيه دراستنا من خلال نظرية " التفاعلية الرمزية " باعتبارها أكثر النظريات المناسبة و الملائمة للدراسة. وتعد هذه النظرية تفسيرية في علم الاجتماع ، إذ هي قائمة على التفاعل و الاتصال بين الأفراد.
ومن هذا المنظور يطلق على هذه المدرسة بالتفاعلية الرمزية ، نظرا لتأكيدها على أهمية المعاني الرمزية للاتصال بما يشمل من لغة و إيماءات و إشارات ، و يصف" ميد " مرحلتين عامتين في نمو الذات ، مرحلة اللعب الفردي، ومرحلة اللعب الجماعي ، وتكون وتكون علاقة الطفل قبل هذا علاقة تقليد دون إدراك واعي بمعاني الأفعال.
وفي المرحلة الأولى كل ما يحاوله الطفل تجريب أدوار معينة مألوفة من جهة ، و القيام بأدوار آخرين مهمين شاهدهم عن قرب أو بعد (وسائل الإعلام ومنها التلفزيون).(10)
و المجتمع في نظر هذه النظرية ديناميكي تطوري مستمر في تقديم أنماط جديدة للأفراد إذ من أهم مراحل التفاعل الأساسية نجد مرحلة المحاكاة و التقليد ، و هذا ما يتجلى في سلوك الطفل حيث يقلد سلوك الآخرين و المحيطين به من آباء و اخوة...
و كذا اتخاذ أدوار الآخرين كالوالدين و المدرس و ما يراه في وسائل الإعلام و دورها في تكوين الذات ، و في ضوء ذلك يؤكد أصحاب النظرية أن الأشخاص قد يغيرون أنماطهم السلوكية في تفاعلاتهم الجديدة مع ما يتعاملون معه (11)

أدوات البحث: إستخدم الباحث استمارة استبيان و هي عبارة عن قائمة تتضمن مجموعة من الأسئلة معدة بدقة ترسل الى عدد من أفراد المجتمع الذين يكونون العينة الخاصة بالبحث.
7- الإستنتاج العام و مناقشة فرضيات الدراسة.
لقد قامت هذه الدراسة من خلال محاولة ربط علاقة بين التلفزيون وما يبث من خلاله ، وجنوح الأحداث المتمدرسين ، وإن كان التلفزيون يمثل أحد وسائل الإستراحة اليومية للفرد ، بما يوفره من خدمات الترفيه المتمركزة في الغالب حول التسلية و المتعة و التشويق .
وعلى هذا الأساس حاولت الدراسة ربط تأثير هذه الوسيلة الإعلامية بواحدة من أهم و أخطر الظواهر الإجتماعية ، و التي بدأت تنمو بشكل متنامي في المجتمع الجزائري ألا وهي جنوح الأحداث، و هي معززة بالعديد من الإحصاءات و التحليلات ، وعلى رغم من تشعب الظاهرة ومحاولة ربطها بعدة عوامل، فإننا لا نبالغ إذا قلنا أن المهتمين بحقل علم الاجتماع هم الأولى بدراستها.
وقبل التوجه إلى الاستنتاجات الخاصة بالفرضيات ، لابد لنا الإشارة إلى بعض الإستنتاجات حول بعض البيانات الأساسية ، و نحن هنا نتحدث عن إمتلاك التلفاز من حيث العدد داخل الأسرة الجزائرية، و الذي يترواح حسب ما توصلنا من 2 إلى 3 ، و هذا ما ينبه إلى مساهمة التلفاز في هدم قيم التماسك و الاجتماع التي كانت تسود الأسرة من قبل ، في ظل الانفرادية التي يفرضها ، و التي أصبحت لا تطيب مشاهدة برامجه إلا بصفة منفردة .
هذا إضافة الى إستعمال بعض الأسر الجزائرية للتكنولوجيا الحديثة فيما يخص تلفزيون البلازما، والذي يساعد على المشاهدة بدقة عالية .
أما ما تعلق بإستنتاجات الفرضية الأولى ، فقد توصلنا إلى إنتشار الخصوصية في إمتلاك الغرفة مع التلفاز للحدث داخل الأسرة ، مما يبعث على إتساع فجوة المشاهدة دون رقابة أبوية ومنها إلى الانحراف ،و كما توصلنا إلى الوقت المخصص لمشاهدة التلفاز ، و الذي بلغ ساعات لا يستهان بها ، يقضيها الحدث أمام شاشته ، خصوصا و أن المتعة قد جاءت في مقدمة أسباب المشاهدة ، ما يقود الى تشرب الحدث لسلوكيات و اتجاهات مكتسبة بفعل المشاهدة المطولة ، هذا بالإضافة إلى متابعة القنوات الأجنبية و العربية التي تحمل معها اتجاهات و قيم تؤثر بشكل أو بآخر على الحدث، على حساب مشاهدة القنوات الجزائرية، كما توصلنا إلى تفضيل الحدث مشاهدة التلفاز لوحده جائت في قائمة النتائج وهذا ما يولد شخصية انفرادية مستقبلا، هذا إلى جانب حدوث الخلافات بين الحدث و باقي أفراد اسرته حول مشاهدة التلفاز ، ما ينبئ حول مساهمة هذا الأخير في حب الانعزال و كسر جسور التماسك الأسري من خلال بؤر التوثر و زحزحة الثقة المتبادلة بين أفراد الأسرة ، أما ما تعلق بنوعية البرامج التي يفضل الحدث مشاهدتها ، فكانت معظمها أفلاما ومسلسلات ، ما يقود إلى تتبع صور حية للعنف و الجنس من خلالها، وكذا تقليد البطل في فيلم ما و تأثرهم به خصوصا ما تعلق باللباس و طريقة الكلام مما يتجه بالمراهق إلى تقليد قيم و سلوكيات هؤلاء الأفراد في ظل غياب الرقابة الأبوية ، كما لمسنا نسبة معتبرة ممن يشاهدون مشاهد جنسية وردت في إحدى برامج التلفاز ،ومن هنا تصبح المشاهدة سلاحا هداما للتنشئة الأسرية ، و كل هذا يفيد بغياب الرقابة الأبوية داخل الأسرة حول ما تعلق بالمشاهدة ، وما يدعم هذا ما توصلنا إليه فيما يخص وجود أحداث لهم اصدقاء يشاهدون مشاهد جنسية ، ما يقود إلى الإضطرابات التي تطرأ على مرحلة المرحلة ، مع إلحاح الحاجات الجنسية و الغريزية ، خصوصا مع توفير المشاهدة المفصلة من طرف التلفاز للعملية الجنسية في ظل غياب الرقابة الأبوية للحدث، و على إعتبار كلا الجنسين في متابعة هذه المشاهد ، الذي لا يقتصر على الذكور دون الاناث ، بل يشمل الجنسين، هذا إلى جانب وجود فئة من الأحداث يقلدون مشاهد وردت في التلفاز داخل المدرسة ، تمثلت في الغالب في اللباس و الشعر و طريقة الكلام ، الأمر الذي يرجع دائما إلى غياب الرقابة الأبوية ، خصوصا مسارهم الدراسي في مقابل الساعات الطويلة التي يقضونها أمام التلفاز. كما توصلنا إلى أن هناك نسبة كبيرة يفضل الحدث مشاهدتها تحمل قيم تروج للعنف من خلال أفلام الأكشن و المصارعة ، و أخرى تهدم أحاسيسه من خلال الأفلام الرومانسية ، و توصلنا كذلك إلى أن هناك عددا معتبرا من الأحداث يشاهدون التلفاز لساعات متأخرة من الليل ، و ما يصاحبها من إرهاق من جانب و إدمان من جانب آخر ، قد يصل إلى حد التعلق الشديد بالتلفاز، و منها إلى مشاهدة جميع البرامج الجادة و الهدامة للقيم على حد سواء، وهذا ما يدعم استنتاجاتنا السابقة حول غياب دور الرقابة الأبوية و ما تعلق بالمشاهدة و تأثيرتها ، حيث أن الأمر لا يتوقف عند هذا الأمر ليتعداه إلى وجود عدد من الأحداث المتمدرسين يقدمون مشاهدة التلفاز على الواجبات المدرسية ، مما يفسر عدم التنازل عن متابعة التلفاز في أوقات كثيرة ، في مقابل آخرين يحبذون تقديم واجباتهم المدرسية للانتهاء مبكر و التفرغ للمشاهدة التي تخصص لها وقت مطول كما توصلنا إلى وجود بعض الأحداث يروون لبعضهم البعض عن أفلام شاهدوها ما يدل على تأثرهم بطبيعة هذه الأفلام التي تتنوع في الغالب بين عنف وعاطفة ، مما يقود إلى إفساد شخصية المراهق و العبث بمشاعره، لنجد كذلك أن هناك أحداث لا يتلقون تأنيب من طرف أسرهم في حال مشاهدة التلفاز لفترة طويلة ، مما يفسر غياب الرقابة والمتابعة للمراهق داخل الأسرة ، لما قد ينجر عن هذه المدة الطويلة للمشاهدة من مساوئ. كما توصلنا كذلك إلى وجود عدد كبير من الأحداث يرون أن التلفاز ضروة يومية لا يجب الاستغناء عنها ، و هذا ما يقودنا الى المكانة المتيزة التي مازال يحتلها التلفزيون ، بإعتباره الملاذ الوحيد للكثيرين في أوقات الفراغ، و ما ينجر عنه من تأثير على الأحداث ، يخاطب حواسهم ومشاعرهم و نجد كذلك أن هناك عدد معتبر من الأحداث يستعملون ألقابا وردت في أفلام و مسلسلات قد شاهدوها على التلفاز ، مما يبرر تأثرهم الشديد بمضمون هذه البرامج وما تحتويه من قيم تتصادم و القيم المحلية لمجتمعنا، ونعلم سلوكيات مدمرة للتنشئة الاجتماعية السوية، كما لمسنا أيضا أن هناك فئة من الأحداث بنسبة كبيرة ممن يحبون التعرف على وقائع الجريمة من خلال فيلم ما ، ما يبرهن التأثير الذي يلحق على شخصية المراهق التي قد تتعود و تندمج مع كل ما هو سيء لا يخدم مبادئها الأصلية ، كما يفتج المجال للتعرف على حيثيات الجريمة و تعلم تقنيات كانت مجهولة في ارتكاب الجريمة ، و احتمال إستعمالها في واقع الحياة للحدث ، كما أيد عدد كبير من الأحداث إعجابهم بطريقة الهروب من الشرطة في فيلم ما ، ما ينبؤ بتعلق هؤلاء بالمشاهد المثيرة التي يرسمها التلفاز من خلال هذه الأفلام، مع إكتساب قيم مناهضة للخير ، و تعلم حيل الهروب من القانون مستقبلا، إلى جانب نمو روح التحايل و الخداع مما يفتح المجال إلى إنخراط الحدث في العصابات الإجرامية ، إضافة إلى هذا فإننا توصلنا إلى أن هناك مجموعة كبيرة من الأحداث صرحوا بعدم وجود رقابة على ما يشاهدون من برامج على التلفاز ، و هذا ما يؤيد إستنتاجاتنا السابقة حول غياب الرقابة الأبوية ، إلى جانب هذا فقد توصلنا إلى أن هناك نسبة كبيرة من الأحداث يعتبرون أن التلفاز وسيلة ترفيه و تسلية من الدرجة الأولى و هذا راجع إلى نوعية البرامج التي يشاهدونها و التي غالبا ما تضم أفلاما و مسلسلات كانت المتعة فيها هي الغرض الأول للمشاهدة .
ومن مجمل هذه الاستنتاجات المتعلقة بالفرضية الأولى القائلة أن : هناك تأثير لغياب الرقابة الأبوية داخل الأسرة على برامج التلفزيون المتبعة في انحراف الأحداث المتمدرسين ،نجد هذه الفرضية قد تحققت ، طبقا لما سبق من استنتاجات ، و أنها فرضية موجبة .
في حين توصلنا إلى إستنتاجات الفرضية الثانية ، بداية بوجود عدد معتبر من الأحداث يرون أن تعدد القنوات الفضائية شيء إيجابي ، إلى جانب إرجاعهم لذلك إلى الإعجاب والتثقيف و التعرف على ثقافات المجتمعات الأخرى ، و هذا ما يقودنا إلى تأثر الأحداث و إعجابهم الشديد بهذه المجتمعات بكل ما تحمله من عادات و قيم و طريقة حياة ، ما يفتح الباب أمام تقمص سلوكيات هؤلاء الأفراد المتنافية مع قيمنا الأصيلة ، و التي تقود الحدث إلى إرتكاب السلوك الانحرافي ،وما يدعم هذا توصلنا إلى أن هناك عددا كبيرا من الأحداث صرحوا بأن التلفاز يتيح لهم الفرصة لفهم حياة المجتمعات المتقدمة ، ما قد يؤدي بالحدث إلى التأثر و الفهم الخاطئ للحياة الفاضلة التي يبثها التلفزيون من خلال أسلوب يتبعه الإغواء ، لنجد بعدها أن هناك نسبة معتبرة من الأحداث تعجبهم طريقة حياة المجتمعات الغربية من خلال التلفزيون ، لما يتمتعون به من إستقلالية ومطالب أخرى يبحث عنها الحدث في مثل سنه ، لنتوصل في الأخير إلى وجود عدد كبير من الأحداث يرغبون في الهجرة إذا ما توفرت لهم الفرصة ، وهذا يعتبر جوابا على تأثر الحدث بقيم وطريقة حياة هذه المجتمعات من خلال التلفاز ، ما ينبئ بإحتمال سلوك طريق يكتسب فيه الحدث قيم تعتبر إنحرافا في منظومتنا الأخلاقية
و عليه نجد أن الفرضية الثانية و القائلة : هناك تأثير لنوعية برامج القنوات الفضائية بما تحمله من نقل للنماذج الغربية (قيم, عادات, طريقة حياة ...) في ظهور السلوك الانحرافي لدى الأحداث المتمدرسين ، قد تحققت و هي فرضية موجبة.

الهوامش :
1- عذراء اسماعيل و يوسف حسن، البث الفضائي و التحديات التي تواجه المجتمع العراقي ، مجلة كلية التربية، جامعة واسط ، العدد السادس، 2006، ص 210.
2 -محمد الحماحمي و أحمد سعيد، الإعلام التربوي، الطبعة الأولى، القاهرة، مركز الكتاب للنشر، 2006، ص223.
3 -طارق سيد أحمد الخليفي، معجم مصطلحات الإعلام ، الطبعة الأولى ، الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية ، 2008، ص 295.
4 -عدنان أبو مصلح، معجم علم الاجتماع، الطبعة الأولى ، عمان ، دار أسامة للنشر و التوزيع، دار المشرق الثقافي ، 2006، ص 292.
5 -عاطف محمد غيث، قاموس علم الاجتماع، دط ، الإسكندرية ، دار المعرفة الجامعية ، 2006، ص 109.
6 -أحمد العموش و حمود العليمات، المشكلات الاجتماعية، دط ، القاهرة ، الشركة العربية المتحدة للتسويق، 2008،ص 277.
7 -معن خليل العمر، معجم علم الاجتماع المعاصر ، الطبعة الأولى ، الأردن ، دار الشروق للنشر و التوزيع ، 2006،ص185 .
8 -عبد الله ناصر السدحان،المراهقون و المخدرات، دط ، الرياض ، مكتبة العبيكان ، 1999، ص 15.
9 -محي الدين مختار،التنشئة الاجتماعية المفهوم و الأهداف ، مجلة جامعة قسنطينة للعلوم الإنسانية، العدد 09 ، 1998، ص 26.
10- مصطفى خلف عبد الجواد ، قراءات معاصرة في نظرية علم الاجتماع ، د ط ، مطبوعات مركز البحوث والدراسات الاجتماعية ، 2002، ص 58.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يرحب بالتزام الصين -بالامتناع عن بيع أسلحة- لروسيا •


.. متجاهلا تحذيرات من -حمام دم-.. نتنياهو يخطو نحو اجتياح رفح ب




.. حماس توافق على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار | #عاج


.. بعد رفح -وين نروح؟- كيف بدنا نعيش.. النازحون يتساءلون




.. فرحة عارمة في غزة بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة | #عاجل