الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مفهوم الصليب من وجهة نظر فلسفية
موريس رمسيس
2014 / 4 / 18العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يحاول العلماء و الفلاسفة على مدى التاريخ البشرى ايجاد مفاهيم و اسباب علمية منطقية لفهم اسباب و كيفية الخلق و الموت و الفناء و استقر بهم الأمر إلى مفهوم الخلق السببى كما يحدث مع تكوين البكتيريا و الفطريات و الديدان و هكذا عمليات الاستنساخ لخلية الأصلية بمعنى وجود المسبق لخشب الذى يُصنع منه المقعد و اتت نظرية نشوء و تطور الأجناس و تم تبسيط فكرة نشوء الكون ذاته من خلال نظرية الانفجار العظيم و عشوائية تكوين الخلية (الجلبة) الأولى و اصبحت المقولة الفلسفية "من لا شيء لا يأتى شيء " متداولة فى الغرب بشكل معتبر فى الثقافة عند العامة و قد تم استغلال تلك المقولة كوسيلة ايجابية لتحفيز على العمل و الإنتاج و الابتكار و اكتشاف الطبيعة و قوانينها اكثر و بمعنى آخر حتمية الاعتماد على النفس و الذات فقط و اصبح مفهوم امكانية " الخلق من لا شيء أو من العدم " منحصر فقط لدى المؤمنين من أصحاب بعض الديانات
انطلاقا مما سبق يعتقد العلماء و الفلاسفة بتوصلهم الى سر الخلق و الحياة الذى كان يؤرقهم كثيرا لكنهم لا يزالون فى حيرة من أمرهم بسبب عدم فهمهم لأسباب الموت الحقيقة و ما سيحدث بعده و حتى لو اعتبروا حالة الفناء تصاحب الموت فسوف يتبقى هناك سر الموت فى حد ذاته عائق يؤرق المضاجع لدى الفلاسفة و العلماء
لم تستطع جميع النظريات العلمية الجديدة التحكم فى تحديد معدل عمر الإنسان من خلال الارتقاء بصحته البدنية و النفسية و طريقة تغذيته و خلافة .. حتى لو استطاع الإنسان الحياة لألف عام إلا انه لن يجب على السؤال المحير الدائم عن سبب الموت و عدم الخلود الإنسانى و عن سبب توقف الخلية عن العمل
يَطلق اللاهوتيين على الموتِ " فسادً " فعندما لا يرى الجسد فسادً فلا يَعنى بهذا خُلود ابديا تلقائيا لكون الطبيعة البشرية لا تتمثل فقط فى الجسد لكن فى الجسد و الروح و العقل معا و بالتالى يكون الخلود لتلك العناصر مجتمعة فى واحد أى فى صاحبها و حين ينفصل الجسد عن باقية العناصر الأخرى بفساده و موته ينتقل العنصران الآخران (الروح العاقلة) إلى مرحلة انتظار ام لتحول إلى حالة الخلود أو إلى لحالة الانتهاء
طبقا لفلسفة (اللاهوتية) المسيحية فقد خلق الآله الإنسان له طبيعة بشرية (جسد و روح و عقل) فى حاله خالدة لا تتأثر بالزمن أو بالمادة أو بالفساد و بطرده خرج من حاله الخلود و سقط إلى حالة اللا خلود و الفساد و الموت و تحولت الطبيعة البشرية من الحالة الخالدة الأبدية إلى حالة الفساد و الموت .. اثناء موت الجسد البشرى يقبض الشيطان (الروح الشرير) على الروح العاقلة المنفصلة لكونها فاسدة ايضا غير خالدة و بالتالى تقع تلك الأرواح العاقلة تحت عبودية إبليس فى قبضته
عندما اراد الآله الظهور لنا فى الطبيعة البشرية فقد أتخذ جوهره أو "لاهوت" المسيح طبيعة بشرية خالدة (روح و عقل و جسد) غير قابلة لفساد و الموت أو "ناسوت" المسيح أى مثل طبيعة آدم الأولى قبل السقوط أو آدم الثانى
المعجزة على الصليب تجلت فى سماح الآله أى الذات الالهية (اللاهوت) ان يُصلب و يَمت "الجسد" الذى فى الطبيعة البشرية لسيد المسيح (الناسوت) على الرغم من خلودها و عدم قابلية تلك الطبيعة لموت و الفساد .. فعندما اراد " ابليس " القبض على الروح العاقلة لـ "ناسوت" السيد المسيح لم يستطع لكونها روحا لطبيعة بشرية خالدة غير قابلة لموت و الفساد فتم تقييده و تحرير و عتق أرواح معاينين كثيرين من قبضته و سلطانه فحدث الانتصار العظيم على عود الصليب الذى اصبح رمز و علامة للنصرة يجابه بها المؤمنون قوى الشرير الشيطان و اصبحت علامة الصليب تثير الحقد و البغض و النفور و الهياج عند الكثيرين
مما سبق يُفهم أن موت "الجسد" فى الطبيعة البشرية (الناسوت) لـ السيد المسيح على عود الصليب ليس من منطلق ضعف لكنه من منطلق قوة و مجد لـ (اللاهوت) المصاحب و المتحد بيه و الذى لا يفارقه و بالتالى يصبح "موت" الجسد ذى الطبيعة الخالدة معجزة و أعجاز سابق على معجزة "قيامة" الجسد الخالد بقوة "لاهوت" الآله الذى تجلى فيه
ملحوظات:ــــــــــــــــــــــــــــ
1- قد تعمدت عدم استخدام شواهد كتابية قاصد عدم الارتباط أو الالتزام في المقالة بأي تفاسير لكتاب المقدس أو بأي تأملات مسيحية أخرى قد تتواجد في التقليد أو فى التراث الكنسي لكون الموضوع فلسفي فقط لا غير
2- قد تعمدت عدم استخدام أي مصطلحات أو كلامات لاهوتية متعارف عليها لكي أتمكن من تبسيط الفكرة فلسفيا و منطقيا بعيدا الحدود اللاهوتية لكوني غير دارس أو متخصص فيه
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - منطقي
nasha
(
2014 / 4 / 19 - 02:49
)
تفسيرك منطقي معقول وتستطيع ان تعبر عنه ايضاً كما يلي.
كل شيئ في الكون غير نقي تماماً اذا كان مادة او قيم او اخلاق ، مثلا لايوجد ذهب او حديد او اي مادة بدون شوائب ولو بنسبة ضئلية ربما تقارب الصفر ولكنها ليست صفراً وكذلك القيم و الاخلاق والانسان .
وهكذا لا يوجد مطلق ، ولو وجد كما في المعتقد المسيحي فانه سيشذ عن القاعدة العامة . المسيح كامل خالي من الشوائب والاخطاء ولذلك لو صلب ومات فحتما سيقوم لان قانون الفساد والموت لا ينطبق عليه.
شكرا وكل عام الكاتب والجميع بخير
2 - الصليب
ابو العبد
(
2014 / 6 / 30 - 12:00
)
الرب على الصليب لعنة على الحياة
نيتشه
.. على وقع الحرب في غزة.. حج يهودي محدود في تونس
.. 17-Ali-Imran
.. 18-Ali-Imran
.. 19-Ali-Imran
.. 20-Ali-Imran