الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حمارُ الحاخام حكيمٌ أمّا حماري أنا فحمار

سيلوس العراقي

2014 / 4 / 22
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


إنه العدد (5 ) من سلسلة مقالات بعنوان : " برّ وتوكلات حكماء صهيون" .
نعرض فيها بعضاّ من مقتطفات الروايات والقصص التراثية ، حول حكمة وبرّ وصلاح وتقوى حكماء بني صهيون من الشعب اليهودي عبر التاريخ . نحن بحاجة لأن نتعلم دائماً الحكمة ومن كل مصادرها، خاصة في عصرنا وأيامنا التي يتوفر فيها كل شيء ما عدا الحكمة التي شحّت كثيراً ونحن بأمس الحاجة اليها لنعيد بناء الانسان بشكل متكامل، لتكون حياته وعلاقاته متوازنة ومتكاملة في كافة مستوياتها. والتراث الانساني غزير بالدروس وبالحكمة .

يعتبر الحاخام حنينا بن دوسا ( ח-;-נ-;-י-;-נ-;-א-;- ב-;-ן-;- ד-;-ו-;-ס-;-א-;- ) واحداً من بين أكبر حكماء بني صهيون في القرن الأول الميلادي ، وكان تلميذا لمعلم وحكيم صهيون الكبير والشهير (يوحنان بن زكاي).
حين وفاته دُفن حنينا في بلدة عرابة ע-;-ַ-;-ר-;-ָ-;-ב-;-ָ-;-ּ-;-ה-;- في الجليل، التي تسمى أيضاً بعربة البطوف.
من أقوال هذا الحاخام القديس :
مَن (مخافته لله) وخوفه من الخطيئة تتجاوز حكمته ، فحكمته ستدوم. لكن من تتجاوز حكمته هذه المخافة سوف لن تدوم حكمته.
الرجل الذي تكون أعماله أكبر من معرفته ، فمعرفته ستدوم ، لكن من تكون معرفته أكبر من أعماله سوف لن تثبت معرفته.
الرجل الذي مَلكَ ارادة صالحة للبشرية فهو حبيب الله ، لكن من لا يحبّ البشر فليس بمحبوب من الله.

يُروى أن الحاخام حنينا كان يملك حماراً نشأ وكبر في بيته ، وكان الحمار معتاداً على حمل الرجل الصالح الحاخام حنينا على ظهره ، في تنقلاته.
في أحد الأيام وبينما كان الحمار يتجول في حقل الحاخام لوحده يلتهم من العشب والحشائش الخضراء في الحقل، مرّ مجموعة من اللصوص ورأوا الحمار وهو بحالة جيدة وقوياً،
فقال أحدهم للآخر: لنسرق هذا الحمار القويّ فانه سيخدمنا كثيراً في حمل المواد التي سرقناها، وسيتمكن من خدمتنا في مهماتنا الكثيرة".
فتقدموا نحوه وربطوا عنقه بحبل وسحبوه معهم الى أن وصلوا مكانهم السري في حقول إحدى البلدات. ولاحظوا بعد بعض الوقت أن يبدو على الحمار التعب والارهاق، فعللوا ذلك لسبب العطش والجوع ، فأعطوه ليشرب ماءاً مع بعض الشعير ليأكل . لكنهم لاحظوا أنه لم يأكل شيئاً ولا يبدو على مايرام.
احتار معه سارقوه، وظلّ على هذه الحال رافضاً أن يأكل شيئاً أو أن يشرب الماء لمدة ثلاثة أيام ، كما أنه توقف عن الحركة فظلّ جامداً في ذات المكان من الحقل .
يبدو أن الحمار قد شعر بأنه مسروق وليس في بيته وما يقدّم له للأكل يبدو كذلك مسروقاً هو الآخر فلم يأكله ؟
احتار اللصوص مع حمار الحاخام حنينا بن دوسا ، وفكروا بأنه سوف لن يخدمهم وهو على هذا الحال من الضعف ، ففكروا أن يحلّوه من الحبل المربوط به ليلاً ويتركونه حراً. وأخيرا فعلوا ما فكروا به وتركوه. فخرج السيد الحمار المنهك من الجوع ويظهر عليه الحزن والضعف. لكنه شعر أكثر بالحرية ، وبدأ بالسير طيلة تلك الليلة ، وعند الفجر تمكن من الوصول الى بلدته واتجه الى دار الحاخام ، لكن بوابة الدار كانت لا تزال مقفلة في تلك الساعة المبكرة والحاخام واسرته لا زالوا نياماً. فبدأ الحمار بالنهيق خارجاً بصوت عالٍ وكأنه يطلب من أصحابه فتح البوابة.
صحى ابن الحاخام وبدى له أنه يسمع نهيق حمارهم المفقود ، وتأكد من نهيقه فأيقظ أبيه الذي سمع هو الآخر نهيق حماره ، طالباً من ابنه أن يذهب بسرعة ويرى الحمار ويفتح له البوابة. فذهب وفعل. فاندهش حين رؤيته حمارهم العائد متعباً منهكا هزيلا وليس على ما يرام ، فأسرع لحمل ما يسعفه به، فبدأ الحمار بالأكل من جديدٍ بنهمٍ ومنتشيا من جديد. وعاد الى العمل في خدمة الحاخام الصالح حنينا .

المحادثة بيني وبين الحكيم الحاخام حنينا :
قلت للحاخام : هنيئاً لك، وما أسعدك يا حاخام بحمارك الذي تعلم الوفاء والحكمة منك .
وما أسخمني وأسخم حظي بحماري أنا !
ردّ الحاخام مستغرباً : ولماذا ؟ وماذا فعل بك حمارك ؟ !
أجبته أنا : حمارك أنت عصى على اللصوص إجباره للخضوع لهم وطاعتهم ، فاعتصم وصام عن الأكل والشرب لديهم ، ورفض أن يخدمهم رفضاً قاطعاً .
أما حماري أنا ، فيا لحظي العاثر ويا لتعاستي مع حماري .
حماري أنا اتفق مع اللصوص الذين سرقوه مني ،
ولم يشتغل حماري ويساعد اللصوص في النهب والسرقة وحمل كل ما يسرقون فقط،
بل وصلت به حماقته ووقاحته الى حدّ
أنْ جاء بهم الى بيتي
فاحتلوه وسرقوا كل ما فيه من ثروتي
وثروة أبنائي الطيبين المساكين .
وحمّل اللصوصُ على ظهر حماري كلّ كنوز العمر،
وقام حماري بنقله لهم الى بيوتهم ،
وساعدهم في قتل من خدموه
وأطعموه وأحبوه طول عمره
فاعتدوا على أبنائي وقتلوا بعضهم ،
وسرقوا كل شيء
ولم يُبقوا لي إلاً الآهات والفتات
وذكريات عمر فات .
سألني الحاخام : وما اسمك يا بنيّ ؟
أجبته : العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأنسان جبلّ على اتباع دين أبويه
samir mahmoud ( 2014 / 4 / 22 - 21:25 )
عزيزي سايلوس ،

الأنسان جبلّ على اتباع دين أبويه وعشيرته أو مجتمعه ويتاثر فكراً وسلوكاُ بمحيطه ويؤثر به، الا قلّه تجاوزوا هذا الأمر ، بمعنى أو بكلام آخر لوكنت أنت مسلماَ وتربيت ببيئه مسلمه لكنت متعاطفاً مع هذا الفكر ولوجدت ان معظم شِعَبم يدافعون وبتحيز واضح عن قناعاتهم وكذلك النصارى واليهود نفس الشئ ولا أفرق منهم أحد رغم خلافاتهم هي شبيهه بتوارث عائلي بيئي ولدّ قناعات بغض النظر عن صحتها من عدمه وأختلف ابناء الله فتفرقوا وتقاتلوا

يبقى لي شخصياُ اعجاب لليهود من تجارب كثيره .. عشتها.. قرأتها.. سمعتها


2 - الحكمة جوهر وأسلوب حياة وليست نظرية لاهوتية
سيلوس العراقي ( 2014 / 4 / 23 - 07:54 )
تحية
اولا اسمي هو سيلوس
ثانيا: من يدرس الاسلام والمسيحية واليهودية برويّة وحيادية سيكتشف أن الحكماء تركزوا في اسرائيل بشكل خاص، ولا أعتقد أن هناك خلاف في هذا بين الدارسين والباحثين في الحكمة في الاديان
ثالثا : الحكمة لدى حكماء بني صهيون ليست مسألة نظرية ثيولوجية كالتي في الاديان الأخرى بل هي اسلوب وطريقة حياة يومية لحكماء صهيون
وهذا الفارق أساسي يميز حكمة اسرائيل
أما حكماء المسلمين فعامة هم المتصوفون والزهاد المرفوضون من قبل لاهوتيي وفقهاء الاسلام بل من قبل الاسلام عامة حيث كانوا منبوذين وتم تكفيرهم وقتلهم (والحلاج ليس الضحية الوحيدة) من قبل السلطات الاسلامية ، لأن الاسلام دين دنيا وسلطة وليس دين حكمة للانسان في الحياة اليومية العادية
من الصعب أن نجد نموذجا لحكيم في الاسلام يربط المفاهيم التي وردت في شذرة من أقوال الحاخام حنينا التي وردت في مقدمة المقال هذا مثلا
سأكون شاكرا لو جاء لي أحد بمثال لحكمة ليست بأقوال نظرية أو فقهية وهي كثيرة في الاسلام
بل لنموذج حيّ للحكمة تجسدت في حياة أشخاص واسلوب حياتهم ولم يتم تكفيرهم
مع تحياتي وتقديري لكافة الاديان وأتباعها
وشكري لك و لمرورك


3 - روحوا انصفوا شعب فلسطين وبعدين تعال احجي ويايه
samir mahhmoud ( 2014 / 4 / 23 - 10:39 )

عزيزي الانسان سيلوس

صدقني لم أقصد اي مرمى في عدم كتابة أسمك في الشكل الصحيح

روحوا انصفوا شعب فلسطين وبعدين تعال احجي ويايه


4 - اتركوهم لحالهم
سيلوس العراقي ( 2014 / 4 / 23 - 11:19 )
الى الاخ سمير
مع أن الموضوع ما كان يحتاج الى تشنجات

عنوان ردي اتركوا الفلسطينيين لحالهم

لأنه من الحكمة أن يعرفوا مصلحتهم لوحدهم
ويقررونها مع اخوتهم الاسرائيليين
من دون تدخلات لا غربية ولا شرقية ولا عربية
لأن كثرة الملاحين ستغرق سفينة الشعب الفلسطيني
الى ذلك الحين نتمنى أن يظهر حكيم بينهم
ينصف شعبه وجيرانه
ليعيشوا بأمان وأمن وسلام
في بلدين واحد للعرب والآخر لليهود
وكان الله يحب العقلاء
والموضوع لا يحتاج الى عواطف جياشة
بل الى قليل من الحكمة والتعقل
تحياتي لك وللاخوة الفلسطينيين


5 - حول توضيحك
4 سيلوس العراقي samir mahmoud ( 2014 / 5 / 3 - 18:09 )
الأخ العزيز سيلوس

حول توضيحك في التعليق الأخير، أوافقك الرأي وأويد كل ما جاء فيه


مع التقدير

اخر الافلام

.. مجلس صيانة الدستور في إيران يوافق على 6 مرشحين للرئاسة


.. عقب استقالة بني غانتس.. بن غفير يطالب نتنياهو بالانضمام إلى




.. غسان أبو ستة: لو أردت أن تمحو شعبا امحي تعليمه


.. يديعوت أحرونوت: عملية النصيرات ستقللُ بشكل كبير من فرصة إنقا




.. مجهول يعتدي على السفارة الأميركية في سيدني والشرطة تحقق