الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حياة الرومان:نظام التعليم(3)

شوكت جميل

2014 / 4 / 24
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كان الصبية من الرومان يحظون بنصيبٍ من التعليم على قدر ثراء ذويهم؛لذا لم يُقَدّر لكثيرٍ من الأطفال الفقراء تعلم القراءة و الكتابة؛لعوز أهلهم إليهم في العمل.أما من كانوا على قدرٍ من الثراء،فيرسل بهم إلى المدرسة في سن السادسة،كما هو الحال اليوم.

و مما وصلنا من التمارين التعليمية لهؤلاء التلاميذ على الصحف الخشبية المغطاة بالشمع و القطع الفخارية التي عُثر عليها، و مما وصلنا من وصف الكتّاب الرومان ذاتهم و تسجيلهم لنظم تعليمهم،بات في مقدرونا معرفة الحال التي كانت عليه المدارس آنذاك،و كيف كان يقضون نهارهم المدرسي.

لم تزد أكثر المدارس أن تكون حجرةً واحدةً،في الطابق الأرضي للمنازل،إذْ لم يكن الرومان عادةً يستخدمونه لغرض السكنى،إنما كحوانيت تجارية أو مكانٍ للدرس و التعليم،فكانت المدرسة في أكثر الأحوال عبارة عن فصلٍ واحدٍ،قوامه نحو أثنى عشر تلميذاً،و كانت العائلات الثرية تسخر واحداً من الرقيق لمصاحبة التلميذ ،يسمونه"paedagogus"،ليعنى بأطفالهم و يراقبهم بينما هم بالفصل.

أما المعلمون فكانوا في العادة من الرقيق الذي جلبه الجيش الروماني من اليونان،و الحق لقد كانوا الرومان ينظرون للإغريق نظرة الإكبار و التبجيل لما هم عليه من معرفةٍ و خلق.

أما الزي المدرسي فكان عبارة عن الرداء الروماني البسيط الذي يرتديه من لم يبلغ سن المواطنة فيلبس التوجا،و كان هذا الرداء"tunic" عبارة عن قطعتين مستطيلتين من القماش تحاكان معاً عند الأكتاف و الجانبين،و تنسدلان إلى حوالي الركبة،و يُحتَزَم فوق هذا الرداء بحزامٍ من القماش أو الجلد،و حقيقة الأمر أنه لم يكن ثمة رداءٌ آخر يلبسه الرومان أسفل التوجا غير ما قدمنا،و يحكى أن أوغسطس ارتدى أربعةً من هذا الرداء واحداً فوق الأخر حينما أبرد عليه الطقس!

أما النهار الدراسي فكان التلاميذ الصغار يستظهرون فيه حروف الهجاء،و يتدربون على القراءة و الكتابة،أما الأصغر منهم فكانوا يكتبون على ألواحاً من الخشب المغطى بالشمع بقلمٍ معدني مسنونٍ،فإذا ذهب الشمع غطي بطبقةٍ جديدة،و كان البعض يكتبون بالخدش على قطع الفخار،فإذا شب التلميذ قليلاً،سُمِحَ له باستعمال أقلامٍ من الغاب أو المعدن، فيغمسون أقلامهم في محابر ملأى بحبرٍ من مزيج الصمغ و الرماد،و منها يخطون على صحفٍ من ورق البردي المجلوب من مصر،و في نهاية هذه المرحلة،يعكف التلاميذ على حفظ و استظهار ما أنتجته قريحة الكتاب المشهورين العظام.

و حوالي سن الحادية عشر،يقصد البعض من الطلاب المدرسة الثانوية"Grammaticus"،حيث يدرسون ألواناً من التاريخ و الفلسفة و الهندسة و الموسيقى و الفلك،و ليس من قبيل الصدفة أن ينزلوا دراسة اللغة اليونانية المنزلة القصوى،إذ أن الحضارة اليونانية كان لها تأثير أي تأثير في أسلوب الحياة الروماني..فكانت الأعمال الأدبية اليونانية و من بعدها الرومانية تدرس بتدقيقٍ شديد،و كان يفترض بالتلميذ المقدرة على تقليد الأساليب المختلفة للكتَاب ذائعي الصيت،و حقيقة الأمر،أن اليونانية كانت ضرورية للرومان،لأن كافة الكتب الممتازة إلا قليلاً،إنما ألفها اليونانيون بلغتهم.

لم يكن التعليم الروماني ينتهي عند المرحلة السابقة،إنما هي تمهيد و إعداد الطالب لتلقي المزيد على يد معلم للخطابة العامة"rhetor"،و الذي كان يعلمهم السبيل لكتابة الخطب،و كيفية إلقائها على الجمهور،فكان كل من يصبو لأن يصبح سياسياً أو محامياً،طلب هذا المعلم فيتمرس على الحديث و الخطابة في العامة،و كان هذا التدريب يبدأ في سن الثالثة أو الرابعة عشر،و قد يستنفذ سنواتٍ طوال،فشيشرون"Cicero"مثلاً،اتصلت به الدراسة إلى أن بلغ قرابة الثلاثين ربيعاً،فإذا كان الوالدان على قدرٍ كبيرٍ من الثراء؛أرسلوا أبناءهم إلى أثينا أو رودس ليحذقوا هذه المهارات من أربابها المعلمين الإغريق،لذا فكان من أندر الندرة،أن تجد بين الفقراء الرومان محامياً أو سياسياً.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة أكسفورد البريطانية يواصلون الضغط على جامعتهم لمقا


.. خفر السواحل الجيبوتي يكثف دورياته بمضيق باب المندب




.. وصفته بـ-التطور الشائن-.. وكالة -أونروا- تغلق مجمّع مكاتبها


.. بين مؤيد ومعارض.. مشرعون أمريكيون يعلقون على قرار بايدن بتجم




.. السويد.. مسيرة حاشدة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي في