الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهندام الديني

سيومي خليل

2014 / 4 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الكاتب : سيومي خليل
الهندام الديني
----------------------------------------

هذا القميص بأكمامه الطويلة ، وبلونه الزاهي ،يليق بك أيها المتدين ،والجلباب ،والبرنس،والقلنسوة ،والطاقية ،وقليل من العطر ... إنها أبوابك للجنة،جسر مرورك للنعيم ، إنها الطريق لتشكل صورة الملاك الزاهي في نظر الآخرين ، ولا تنس أن تضيف مرهما باريسيا للوجه كي يبيض أكثر،ويتدور أكثر ، فبياض الوجه دليل بياض القلب ونقائه .

كيف تم ربط الدين بالهندام ؟؟؟ .إنه سؤال الإلحاح والغرابة والسذاجة .

سؤال الإلحاح فرضه التصور الديني المعطوب للهندام ، صارت قطع القماش قطع بناء منظومة الدين .

سؤال الغرابة لأن العقل الحديث يقف مندهشا أمام هذا الإنحدار في الفكر والسلوك، فأي عقل يمكنه أن يستسيغ هذه العلاقة .

سؤال السذاجة لأني أحس، وأنا أسأله أني ساذج فعلا ، فلقد فصلت دائما بين الأشكال والمعتقدات منذ زمن بعيد،وأنا الآن مضطر لنظر في هذا الربط بين متناقضين.

كل الأسئلة السابقة تقف أمام صخرة التأكيد على الهندام الديني ؛ يا لهول هذا الغباء حين يعقلن الملابس، و يؤكد دينيتها،ويربطها بالقداسة ،وبالوحي ... .

استوعب جيدا أن يكون هناك حذاء رياضي للركض ،وقميص خفيف يساعد على المشي ،وبذلة سموكنغ تفرضها حفلة متعفنة للمتضخمين،وربطة عنق قصيرة تماشي موجات الموضة المتغيرة ... افترض أشياء كثيرة لا تتتصف بالقداسة ،ولا ترتبط عنوة أو خفية بمعتقد ديني .

أيام الجامعة كانت تصيبني حالات قيء فكري لا تنتهي ، فجموع الطلبة كانت تتمايز فيما بينها بالهندام ، فهذا المتأسلم أرخى لحية طويلة ،واستعار هنداما أفغانيا ،واصطنع الجدية الشديدة،وتقمص كآبة دينية ، ونقيضه الآخر قولب نفسه في سياق مخالف له ،وبدل أن يكون حوار الأفكار صار عندنا صراع الملابس .

صراع الملابس هذا هو عنوان الإختلافات الفكرية أام الجامعة ،وللأسف ما زال هذا الصراع يجد من يمده طاقة للصمود والبقاء أكثر

لأنك بلحية ومسكنة فأنت بالضرورة متدين؛ هذه العبارة ما زالت تجد من يمنحها أذنه،وينصت لها كأن على رأسه الطير . بالمقابل الملابس الآخرى والتي لم تدمج في الدين تعطي انطباعا عنك بأنك غير متدين،وتميل إلى الفسق والفجور أكثر ؛ هكذا يحتل الشكل صدارة الحكم .

كيف يمكن أن اسمع لمفتي بدون لحية ... هذا العبارة ليست مبتكرة،ولا من وحي خيالي ،إنما قيلت في محضرنا نحن مجموعة من المثقفين ، أو الذين ندعي ذلك ، علنا نمنح أنفسنا قيمة مضافة ليست لنا ،وقائلها تضخم حتى لم تعد له ملامح ، فهو كي ينتقد وينقض الدين انتقد ونقض ليبراليته المزعومة ، فلم أعد على يقين بأني أكلم شخصا عاقلا ، إنه شيء صادفته في حياتي القصيرة لا غير .

الطقوس ،والممارسات الدينية ، وممارسات السحرة في البداية ،أخضعت ممارسيها لسطوة إتخاد هيئة وشكل مناسب ،وهذا الأمر ليس بالجديد ، فإن كانت مقابلة شخصية مهمة ،رئيس أو ملك أو نصف إلاه على الأرض، تفرض الإنسياق والدخول في هيئة معينة ، فنحن لا نرى عيبا فيما تقوم به الهيئة الدينية ، لكن الإشكال يتعاضم حين يتم التأسيس لهندام ديني ثابت يدل على الورع ؛ هنا سقط العقل في شراك الجهل .

إذا تم إعتبار الشكل والهندام الديني شبيها بهندام فريق لكرة القدم ،وتفرضه ضرورة مؤقتة مثل المباراة، فهذا يعني أنه مجرد هندام درج المتدين على إرتدائه للمارسة طقس ديني معين ، لكن الأمر ليس على هذا الشكل إطلاقا ، فلقد إنتقل الهندام من إختيار فردي إلى إكراه تمارسه المؤسسات الدينية .

أتساءل هل من الممكن أن يقدم خطيب مسجد يوم الجمعة خطبته للناس وهو يرتدي سر وال جينز ،وقميص نصف كم ؟؟؟ يبدو الجواب واضحا ؛ فهذا الخطيب الذي سيجرؤ على هذا الأمر سيجد حصارين إثنين ؛ حصار المؤسسة الدينية ،والتي تفرض على الخطباء زيا معينا كّأنهم جنود مشاة ، وحصار الناس الذين ما زالوا لم يشكلوا وعيا ناضجا حول فصل التدين عن المظهر .

نساء كثيرات لا مشكلة عندهن في إسدال شعرهن الجميل على أكتافهن في حياتهن اليومية ، لكن حين يشرعن في الصلاة ، يضعن قماش على هذا الشعر النجس ؛كيف يتحول الشعر في وضعيتين من شعر جميل إلى مدعاة للخجل ؟؟؟ هل الله يخجل من مصنوعاته،وهل سيعتبر كما اعتبر رجال الكهنوت، الشعر دعوة للفجور ؟؟؟ أكيد لا ...الهندام أقحم بالإكراه في الممارسة الدينية وهو ليس من صلبها على الإطلاق .

هذه ليست دعوة –وهذا ما سيعتقده الأغلبية –للعمل على التخلي عن الحشمة في التهجد، لكنها دعوة صريحة لإسقاط الربط اللاعقلاني بين الثوب والتدين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الهندام الحداثي
عبد الله اغونان ( 2014 / 4 / 24 - 01:36 )
وهل للحداثة هندام خاص؟

كأن نرى رجلا ببذلة ومنديل على الجيب اليساري وكرافته وياقة وحذاء لماع و وشعر مدهون براق؟؟؟؟

أو سيدة وانسة بلباس قصير يكشف عن صدرها وساقيها أو ترتدي سروال دجينز ضيق ضيق يبرز ضخامة مؤخرتها وأرسلت شعرهاأو نجدها صبت قارورة عطر فواح يغري السفهاء بالتحرش؟؟؟؟

قد يكون هذا وتلك بلداء وفقراء عاطلون أميون

لاأحد حتى في نصوص الدين يجعل اللباس فقط هو مظهر التقوى والايمان
لكن لاأحد في نفس الوقت يسقط لباس الحشمة والعفة من أركان الايمان فالتبرج والخيلاء
والاستعراض باللباس مذموم في الدين والعقل

كثير من المتفلسفين يهملون مظهرهم الى حد القرف ويهملون عقولهم الطبيعية ويتعالون
على الخلق بادعاء أفكار مجردة مغرقة في الخيال

اخر الافلام

.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس


.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي




.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س


.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية




.. 131-An-Nisa