الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أشكال التطرف الغربي والعربي

رشيد العالم

2014 / 4 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من أشكال التطرف الغربي والعربي.
بقلم رشيد العالم.

"التطرف هو قاتل الحرية" كما يقال،
التطرف الفكري، هو من أشد التطرفات التي ليس من الهين اجتثاث أورامها، واقتلاع جذورها، فهي تلازم المجتمعات ملازمة الزمكان، وإن بنسب متفاوتة، فحتى الدول التي تتباهى بقيم الحداثة والديمقراطية وتصدير العولمة، نجد التطرف الفكري، حاضرا فيها بقوة، ويستثمر كعملة لا يستغنى عنها.
قد يحار المشاهد والمعاين للأحداث، في أنواع التطرفات والعصبيات والعنصريات التي يعج بها العالم ككل، فما من زمان إلا وله تطرفه الخاص، ولا مكان إلا وله تطرفه الذي يناسب بيئته، ويتعايش مع مناخه، وعنصره البشري، فتاريخ الحضارات والأمم، يعج بتاريخانيات تأكد أقنومية حضور التطرف ووجوده بفعل عوامل عدة،منها ما يستند إلى حركية التاريخ والعمران والحضارة، ومنها ما تحدده الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
فمن بين الأشكال المتعددة للتطرف نذكر على سبيل المثال:
-;- التطرف المرتبط بالأفراد.
-;- التطرف المرتبط بالجماعات.
-;- والتطرف المرتبط بالدولة.
هذا بالإضافة إلى التطرف العقدي المتمثل:
في مجموعة من العقائد التي تصنف حسب النقاد بالمتطرفة مثل: النازية، الفاشية، الميليشيات، الإرهاب الصليبي/ المسيحي، التنظيمات المسلحة، الحركات الجهادية، حملات التكفير الإسلامية، الحملات الصليبية...وغيرها
و التطرف الإيديولوجي الذي نكتفي هنا باتحضار نموذج العلمانية المتطرفة la laicité extrémiste ، الذي يحارب الأديان، ويرفض كافة أشكال التدين، بل من المتطرفين العلمانيين من يرى في التدين جريمة سياسية، يجب وضع حد لها.... علاوة على تطرفات أخرى مرتبطة بالسياسة والثقافة والفن واللغة والعرق...
فكل هذه الأشكال والأصناف تندرج ضمن دائرة التطرف، ولعل التطرف الديني كما يأكد التاريخ من أشد أنواع التطرف على الإطلاق، فمتى حضر الدين، أو انخرط الدين في الحروب والصراعات أو شنت الحروب باسم الله أو باسم الشريعة والسنة كانت النتيجة أهول وأفظع ( هلاك الحرث والنسل وخراب العمران .......)
فالعربي المسلم بدا في أعين الغرب في الحقبة الصليبية، وما سبقها إنسانا مسكونا بالعنف والتدين الخادع والزائف، وظهر في الطور الاستعماري مخلوقا مبتورا يجافي المنطق والعلم والعقلانية، وفي العصر الحديث ظهر بصفتين اثنتين، " المتطرف و الإرهابي "
فقبل أحداث 11 من سبتمبر 2001 كان العربي ينعت بالمتطرف والمتخلف، ومباشرة بعد تلك الأحداث صار ينعت بالإرهابي، ( في انتظار صفة أخرى تطلق عليه في المستقبل)
ما يزال التطرف ينسب إلى العرب والمسلمين، على الرغم من أن الدول المتقدمة لم تسلم منه، فهو لا يزال حاضرا بقوة في ذاكرتهم التاريخية ومخيالهم الجمعي، ولعل أهم تمظهرات التطرف الغربي الرافض لكل عربي ومسلم، تتجلى في: الإقصاء الممنهج تجاه المهاجرين الوافدين من بلدان عربية وإسلامية، مصادرة رأيهم، وحرمانهم من التمتع بكامل حريتهم، العنصرية والتمييز، حرمان الحاملين للإسم العربي من الحصول على وظائف بالمساواة مع غيرهم، الحرب الإعلامية الشرسة المشوهة لصورة المسلمين، الاستهزاء بالرموز والشخصيات الدينية، " ديودوني" نموذجا، الانتاجات الفنية المشحونة بالعداء والمحاربة للمسلمين والتي تصفهم بالجهل والغباء وعشق العودة إلى عصور الانحطاط والظلام الدامس المدلهم، تطرف تنتهجه بعض الأحزاب السياسية الأوروبية منها أحزاب تحسب على اليسار وأخرى تحسب على اليمين،الجبهة الوطنية بفرنسا، حزب اليمين المتطرف بهولندا، بزعامة "خيرت فيلدرز" القرارات التي اتخذتها سويسرا بتقليص تواجد العرب والمسلمين على أراضيها....إلخ
هذه بعض نماذج التطرف الغربي، أما فيما يتعلق بالتطرف العربي أو تطرف بعض المحسوبين على التيار الإسلامي أو المنتمين إلى الدين الإسلامي الذي يجرم التطرف بشتى أشكاله، ويدعو في المقابل إلى السماحة والتسامح والسلام والتعايش، نجد فئة منهم تنظر إلى الأخر المختلف من الناحية الدينية، نظرة احتقار ورفض وازدراء، ونجد فئة عريضة من هذه المجتمعات لم تبلغ بعد النضج الفكري والرشد الثقافي، ما يجعلها تبدو للبلدان المتحضرة مشوهة الفكر ومتزمتة العقيدة وذات عقلية منغلقة تكفر الإنفتاح، وتجرم الحوار مع الأخر.
كما نجد فئة أخرى تستند إلى مرجعيات غير منسجمة مع سياق التغيرات الحالي، وتعتمد على الأصوليات القديمة، القتالة من طرف بعض الجماعات التي تحذو حذو القاعدة في أنظمتها ونهجها وسياستها.... إلخ
وهذا مرده إلى مجموعة من الأسباب أدت بشكل أو بآخر إلى بروز مثل هذه الجماعات التي تقدس التطرف، وتعتبره وسيلة مشروعة وضرورية تجاه الأخر، نذكر على سبيل المثال، ضعف النخب الثقافية على إنشاء أنظمة جديدة، عجز المؤسسات التربوية على ترسيخ ثقافة حقوقية قوامها احترام الغير والتعايش والتسامح، غياب ثقافة التعايش الديني، عجز القوى المدنية، والأحزاب السياسية والمنظمات والهيئات وفعاليات المجتمع المدني عن إطلاق قدرات تنظيمية وثقافية لإنشاء أنظمة جديدة، تغول الأصوليات على الدين والدولة، علاوة على أسباب إقليمية ودولية، تجعل من التطرف ردة فعل لضمان المصالح الاقتصادية والإستراتيجية والجيوسياسية.
لا يزال العالم الغربي والعربي يعاني من ويلات التطرف والعنف والعصبية سواء كان محسوبا على العلمانيين أو الإسلاميين، والمخيف أن كلا الطرفين، ليست له أية إرادة لنبذ التطرف، ما يجعل التعايش مستحيلا بين الفريقين، حتى وإن ادعى بعض الأطراف ذلك،
الاختلاف لم يكن سببا أبدا في اختلاف الأهداف ولم يكن ذريعة لمنع الآخرين من تحقيق نفس الأهداف المشتركة...
ما أحوج العالم اليوم إلى التعايش ونبذ الإقصاء و الحوار حول سبل التشارك والتعاون، لبناء دولة قوية تتعايش فيها مختلف المكونات، ومجتمع واعي،و مثقف ومنفتح ينظر إلى كلا الفريقين نظرة واحدة لا نظرة تمييز ولا نظرة تطرف.
Email/ [email protected]
FACEBOOK/ rachid elaalem








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟