الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في الشر - 5 - سفر أيوب نموذجا ً ثانيا ً.

نضال الربضي

2014 / 4 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قراءة في الشر – 5 - سفر أيوب نموذجا ً ثانيا ً.

------------------------------------------
"و أما الآن فقد ضحك علي أصاغري أياما ً
الذين كنت أستنكف ُ من أن أجعل آباءهم مع كلاب غنمي"
------------------------------------------
(أيوب ف 30 آ 1) من روايته لأحداث مأساته.


يبرز ُ سفر أيوب كأحد أهم أسفار الحكمة التوراتية، فهو يعالج بشكل ٍ حصري قضية الشر بأسلوب ٍ أدبي ٍ شعري، غني بالأفكار و الصور الحسية التي تعمل خلال أجواء نفسية تختبر المواقف و تعبر عنها في محاولة للحصول على إجابة السؤال: لماذا يوجد في العالم شر، و بالأخص لم يصيب الشرُّ المؤمنين و قويمي السيرة و السلوك؟

يبدأ السفر بالحديث عن أيوب ناسبا ً له أربع صفات و هي: الكمال، الاستقامة، مُتقي لإلهه و حائد عن الشر، و تأتي الشهادة له من فم الإله نفسه، الذي يُفاخر الشيطان به، فيقوم الأخير بتهيج الإله عليه ليبتليه بدون سبب جناه، ليسمح ً له الإله أن يضربه بالويلات واحدة ً تلي سابقتَها ليخسر أملاكه الواسعه و مواشيه و بنيه و بناته ثم صحَّة َ جسده، فيجلس َ مُفلسا ً على الأرض مليئا ً بالقروح.

يسمع أصحاب ُأيوب الثلاث "أليفاز، بلدد، و صوفر" بما حدث لصاحبهم فيحضرون َ لمواساته و بعد جلوسهم معه لسبعة ِ أيام ٍ كئيبة يتركونه فيها لنفسه يخرج أيوب عن صبره ليسب يوم مولده مُتمنيا ً لو أنه لم يكن، مما يُثير حُنق أصحابه الذين يرون أن مصيبته لا شك مُستحقَّـة بفعل ِ ظلم ٍ قام َ به، أو تقصير ٍ في حق الإله. بينما يتمسَّك ُ أيوب ُ ببره أمامهم معلنا ً كماله، استقامته و مسيره بحسب البر و حياده عن الشر، و يرى أيوب في أجوبته لهم أن الإله يختصمُه قاصدا ً متعمدا ً دون سبب ٍ لذلك.

يُبرز موقف ُ أصحاب أيوب النظرة "الاجتماعية َ" للمصيبة و الابتلاء على أنها عقاب ٌ إلهي ٌّ يصيب الخاطئ ِ عدلا ً و قصاصا ً و أن الإنسان لا بد و أن يُدرك أن ما يحدث معه في الحياة هو إجابة إلهية و مؤشر على "منسوب قداسته"، فالجميع خُطاة و الإله يُعاقبهم على خطاياهم مهما بدت صغيرة ً، لذلك و على الرغم من ضعف أيوب و مرضه لا يجد ُ تعاطفا ً مع أصحابهِ في السجال الكلامي الدائر، لانهم يعملون كمحامين عن الألوهة يهدفون إلى تنزيهها عن الظلم و تحميل كافة مسؤولية المصائب و الشرور للإنسان المُبتلى.

يشاء ُ كاتب السفر أن يتعمَّق أكثر في مشكلة الشر في العالم، ليعالجها من زوايا مُختلفة، فبينما يتمسك ُ أصحاب ُ أيوب بموقفهم على أنه السبب المباشر للمصائب التي حلت به بسبب خطاياه، و هو موقف ٌ خاطئ ٌ تماما ً من جانبهم، لأن كاتب السفر كشف لنا في بدايته قناعة الإله المباشرة بتقوى أيوب و كماله، و أظهر لنا سبب ابتلائه كنوع من التفاعل الإلهي في دائرة الخير و الشر و التي برز وجهها عن طريق توظيف شخصية "الشيطان" بكل برودها الإجرامي الذي لا يحتاج ُ سببا ً لإيقاع الشر، أقول بينما كان ذاك موقفهم و في ذات الوقت ِ الذي يرى أيوب أنه بار و يتخذ من برِّه حُجَّة ً على عدم عدالة الإله، نتلقى جوابا ً مُغايرا ً تماما ً للجوابين السابقين على مسألة الشر من شخصية ٍ تظهر ُ فجأة ً في الفصل الثاني و الثلاثين، باسم إليهو.

يرى إليهو أن أصحاب أيوب مُخطِئون إذا ينسبون سبب مصائبه لخطاياه، كما يرى أن أيوب مُخطئ إذ يُبرر نفسه أمام الإله و يختصمه، فإليهو يرى أن أيوب و أصحابه يُبالغون في إبراز المسؤولية البشرية عن الشرور و المصائب، لأن الإنسان في الحقيقة لا وزن له أمام الإله، الذي على كل عظمته و ثقله و انعدام قيمة الإنسان أمامه يظل ُّ أمينا ً و رحيما ً و مُكتمل الحكمة. فبلايا أيوب ليست ناتجة ً عن أي خطيئة، لأن الخير و الشر الذين يفعلهما الإنسان يؤثران عليه و على البشر لكنهما لا يؤثران على الإله و لعل الآيات التالية تعبر تماما ً عن رؤيا إليهو:

"إن أخطأت َ ماذا فعلت َ بهِ؟
و إن كثرت معاصيك َ فماذا عملت له؟
إن كنت َ بارا ً فماذا أعطيتَهُ؟
أو ماذا يأخذ ُ من يدك؟
لرجل ٍ مثلِك َ شرُّك َ
و لابن آدم َ برُّك َ"
(أيوب ف 35 آ 6 حتى 8)

هذا الاتجاه المختلف لإليهو هو جواب ٌ أكثر َ حكمة ً من جواب أصحاب ِ أيوب الذين لا يخرجون َ عن فهم ٍ تقليدي ٍ سطحي و بسيط لمفهوم العدالة، فإليهو هنا يدخُل ُ إلى دائرة ِ الفعل الإلهي لينظر َ إلى الأمور نظرة ً شاملة ً أعمق من مجرد النظرة الفردية لأصحاب أيوب و التي تجعل منه مركز الكون ِ الذي تتحرك ُ الأحداث ُ بسببه و من أجله، فهو يرى أن أيوب مجرد بشري يعيش تحت المشيئة ِ الإلهية التي لا يصح ُّ بأي حال ٍ اختصامُها أو سؤالها أو محاولة ُ إدارك ِ حكمتها أو سبر أغوار ِ جذور و بواعث مشيئتها النافذة.

و لعلنا نُدرك ُ سر َّ هذه النظرة َ العميقة لإليهو حينما نعود ُ إلى معنى اسمه، و الذي يعني "هو َ الإله"، فإليهو هنا و إن كان شخصا ً بشريا ً إلا ّ أنه قد قُصد له أن يكون الإله المتواضع الذي يتحدث ُ مع البشر بلسانهم و يحاورهم حسب عقولهم و قدراتهم الحسية، مُتنازلا ً عن مظاهر ِ عظمته ِ دون أن يتنازل َ عن عظمته نفسها، و في سبيل أن يُمهّـِد َ الأجواء للإجابة الإلهية التامة و الشاملة عن موضوع الشر، بكل زخمها و قوتها. و دليلنا على ذلك هو تطابق ُ موقف إليهو الذي لا ينسب سبب الشرور التي أصابت أيوب لخطاياه، و يرفع ُ الإله مُنزها ً إياه عن المسآلة، مع موقف الإله نفسه في بداية السفر و الذي كما أوضحت ُ سابقا ً يشهد لأيوب بالكمال و الاستقامة.

بعد عرض شخصيات أصحاب أيوب، و أيوب، و إليهو لرؤآهم لسبب الشر الذي ضرب أيوب، يكلم الإله نفسه أيوب من العاصفة، تكليما ً مُكتمـِل َ مظاهر العظمة و الهيبة، تكليما ً يُخبر فيه الإله أيوب بكل ما صنعه منذ البدء حين كوَّن َ الدُنيا و رسم للكائنات مصائرها، و جعل للنجوم و الكواكب أفلاكها و مداراتها، مُستعرضا ً أمامه الكائنات و صفاتها و طريقة معيشتها، ليجعل أيوب يُدرك كم هو صغير بالقياس إلى كل هذا، و يحطم كبرياءه القائم على بره الذاتي و اعتبارهِ لنفسه كمركز تدور حوله الأحداث.

يتواضع ُ أيوب أمام إلهه الذي قد سحقه سحقا ً تاما ً و هو يسرد ُ أمامه و يستعرض قوته في الخلق و حكمته الخفية، و كما كان الشر ُّ الذي لحق به بدون سبب سوى المشيئة ِ الإلهية التي رأت صوابه، كذلك يعود الإله مرة أخرى ليرد على أيوب، لا ما كان عنده قبل المصائب، لكن ذاك و مثلَهُ، فيشفيه، و يضاعف له الأملاك و يرفع َ من قدره، و يعطِيه ُ أن يعيش مئة َ و اربعين عاما ً فوق السبعين عاما ً التي عاشها قبل الابتلاء، أي أنه قد ضاعف له من عمرِه ِ أيضا ً.

كمثل ِ سفر أخنوخ الذي تناولته في المقال السابق، لا يُعطي سفر أيوب سببا ً واضحا ً لوجود الشر في العالم، فهو يعترف ُ به، و يعترف ُ بالمشيئة ِ الإلهية في حدوثه، و يطلب من الإنسان أن يستسلم َ لهذه المشيئة، و يقدِّم الثقة َ الكاملة َ في الإله، و مثلها تماما ً في عدالته التي لا بُد َّ أن تأتي لتعوِّض َ هذا الشقاء. لكنها و بعكس ِ سفر أخنوخ الذي سيأتي بها في الكشف ِ الأبوكاليبتي النهائي عند انقلاب الموازين، ستأتي في سفر أيوب هنا على الأرض لكن في الوقت ِ المُناسب.

نلاحِظُ في سفر أيوب نزعة ً يهودية ً واضحة نحو خلود الروح في عالم ٍ آخر أفضل َ قادم و هو دعم ٌ آخر لفكرة العدالة الإلهية التي تُعوِّض ُ في الآخرة عن تعب الدنيا، و هو المحور الأبوكاليبتي مُهذَّبا ً و مُشذَّباً في إطار ٍ إنساني شخصي لا كسفر أخنوخ الذي يراه طاغيا ً في حضور ٍ ملكي ٍّ إلهي ٍّ ساحق للشر مُقيم ٍ لمملكة الخير، حيث أن نزعة َ الخلود هنا تبرز ُ في توظيف ٍ ذكيٍّ للمجاميع و الأرقام، فبينما أعاد الإله لأيوب كل شئ ٍ مُضاعفاً في الأملاك، و حتى في سني العمر، أعاد له عدد أولاده و بناته غير مضاعف، كما هو، فحين مات أولاده السبع و بناته الثلاثة في أول السفر، نجد أنه قد حصل في نهايته على سبعة أولاد و ثلاث ِ بنات ٍ جُدد، لماذا لم يضاعفهم الإله؟ لأن أيوب في الحقيقة لم يخسرهم فهم أحياء عند الإله، و ها قد حصل على مثلهم، فيكون في الحقيقة قد حصل على العدد مُضاعفا ً. و هذا لاهوت ٌ يهودي ٌّ متطور مقابل اللاهوت القديم الذي كان يرى أن الصالح و الطالح ينحدرون إلى مكان ٍ يُشبه دار "هاديس" اليونانية بيت الأشباح الذي يعيش فيه الأموات بدون تميز ٍ بينهم شبه-حياة، لاهوت ٌ أكثر "عدالة ً" و أكثر "منطقية ً" للمؤمنين.

يعتمد ُ الفكر الديني على استدعاء ِ مشاعر ِ الحب ِّ و الولاء لِـ و الثقة و الرجاء في الألوهة، و التأكيد على عدلها، و حتمية تصحيحها لكل الأخطاء الموجودة، لكنه لا يقدِّم ُ جوابا ً على سبب وجود الشر في العالم. و مع أني أعترف ُ أنني أجد ُ احتراما ً كبيرا ً لهذا الحب و هذه الثقة، إلا أنني أجد ُ أنني لا بدَّ و أن أردد مجددا ً أن هذا الفكر يُخطئ التشخيص حين ينسب كل هذا الشرور للمشيئة ِ الإلهية، بينما يتوجب ُ عليه أن ينظر إلى الحقائق على الأرض، و يتدبر الأسباب المادية، و النتائج َ المُترتبة َ عليها، وفق العلاقات و القوانين المادية التي تحكم تفاعلات الحياة.

كما يجب علي أن أُظهر خطورة َ هذا الفكر الذي يرمي الفعل على الألوهة و يحملها مسؤولية الحاضر و بالتالي يرى ضمنا ً عدم جدوى الفعل الإنساني المضاد للشر طالما أن الأسباب إلهية و بالتالي مستعصية على الفهم و عصيٌّ فعلها على الاختراق و الإنهاء، و بذلك تبقى ردود َ الأفعال الشريرة من فساد ٍ و طمع ٍ و ظلم ٍ و جشع ٍ و استغلال ٍ و تجهيل ٍ تستتبع ُ بعضها طالما أن الأفعال التي أنتجتها محمية بغفوة ٍ عقلية ٍ في رحاب ِ الحضرة ِ الإلهية، و التي لا يريد فيها العقلُ الغافي أن يستيقظ َ لينضم َّ إلى جمهور الأرضين الذي يحددون حاجات مجتمعاتهم في ضوء هوية ِ القرن الحادي و العشرين و استحقاقات ِ الحضارة و أدوات ِ التفاعل ِ الجديدة.

هناك حاجة شديدة لدى المُتدين أن يدافع عن إلهِه ِ و عدله، و في سبيل ِ ذلك يتجاوز ُ العقل و المنطق و يُسئ ُ التشخيص و يتوارثُ الأمنيات العقائدية قصصا ً أبوكالبتية ً في صور ٍ عديدة، مُتناقضا ً مع ذات إيمانِه الذي يرى إلهَهُ غنيا ً عن كل شئ. فلم الدفاع ُ إذا ً؟ ربما هي حرب ُ الذات ضد شكوكِها التي لا تسكت، أقول ُ ربما.

معا ً نحو الحب، معا ً نحو الإنسان!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الله قدوس ويكره الخطيئة والشر
مروان سعيد ( 2014 / 4 / 27 - 09:52 )
تحية استاذ نضال الربضي وتحيتي للجميع
وضمن هذه الملحمة الشعرية نجد بان المؤلف وصف الله هو مصدر الخير وقد اعطى ايوب ببداية حياته الاولاد الصالحين والغنى وعلى ذلك كان ايوب حكيما كريما شاكرا الا ان لهجته بالكلام تدل على انه تكبر عندما قال
-و أما الآن فقد ضحك علي أصاغري أياما ً
الذين كنت أستنكف ُ من أن أجعل آباءهم مع كلاب غنمي
والد اعداء الله هم المتكبرين لاانه ومع كل عظمته التي اوردها السفر متواضع وينزل للبشر يكلمهم ويفهمهم طرقه
ولذكائك الرائع قد وضعت هذه المقولة باول الموضوع لكي توضح نفس يعقوب
وبنفس السفر تجد الشيطان هو مصدر الشرور التي اصابت ايوب بسبب تحريض الله عليه ويقول للرب
9 فاجاب الشيطان الرب وقال هل مجانا يتقي ايوب الله. 10 اليس انك سيجت حوله وحول بيته وحول كل ما له من كل ناحية.باركت اعمال يديه فانتشرت مواشيه في الارض. 11 ولكن ابسط يدك الان ومس كل ما له فانه في وجهك يجدف عليك.
واجمل ما بالسفر هو كلام الرب مع ايوب
يتبع رجاء


2 - من سفر ايوب كلام الرب
مروان سعيد ( 2014 / 4 / 27 - 10:03 )
انه في سفر ايوب 39
26 امن فهمك يستقل العقاب وينشر جناحيه نحو الجنوب. 27 او بامرك يحلق النسر ويعلي وكره. 28 يسكن الصخر ويبيت على سن الصخر والمعقل. 29 من هناك يتحسس قوته.تبصره عيناه من بعيد. 30 فراخه تحسو الدم وحيثما تكن القتلى فهناك هو
في سفر ايوب 40
15 هوذا بهيموث الذي صنعته معك.ياكل العشب مثل البقر. 16 ها هي قوته في متنيه وشدته في عضل بطنه. 17 يخفض ذنبه كارزة.عروق فخذيه مضفورة. 18 عظامه انابيب نحاس.جرمها حديد ممطول. 19 هو اول اعمال الله.الذي صنعه اعطاه سيفه. 20 لان الجبال تخرج له مرعى وجميع وحوش البر تلعب هناك. 21 تحت السدرات يضطجع في ستر القصب والغمقة. 22 تظلله السدرات بظلها.يحيط به صفصاف السواقي. 23 هوذا النهر يفيض فلا يفر هو.يطمئن ولو اندفق الاردن في فمه. 24 هل يؤخذ من امامه.هل يثقب انفه بخزامة
اعتقد هنا يتكلم عن الديناصور
وللجميع مودتي


3 - إلى الأستاذ مروان سعيد - 1
نضال الربضي ( 2014 / 4 / 27 - 10:45 )
تحية طيبة أخي مروان و يسعدني حضورك،

سفر أيوب سفر جميل، ملئ بالحكمة و يعالج موضوعا ً غامضا ً هو موضوع الشر لكن بطريقة غير تقليدية، فهو مثلا ً يُظهر أيوب كشخص تقي، مع أنه و كما لاحظت َ أخي بذكاء ٍ كبير يُجاهر بفخره بنفسه و تقواه و احتقاره لبعض أصاغر الناس، دون أن ينتقص َ هذا من قدره عند الإله نفسه، هذه معادلة صعبة لا يمكن فهمها إلا في حالة واحدة فقط،،،،

،،،،، هذه الحالة هي عندما نتدبر كلام إليهو أولا ً و ظهور الإله متكلما ً من العاصفة ثانياً، و كما أسلفت ُ فإليهو هو نفسه الإله هنا، لكن في لباسه الإنساني و وجهه التفاعلي البشري، و كلاهما: إليهو و الإله، يقول لأيوب نفس الشئ، لكن إليهو يُبدي رحمة الإله للبشر، بينما الإله في العاصفة يُبدي قوته المُنزهة عن المُساءلة،،،،

،،،، و هذه الحالة تقول لنا شيئا ً واحداً: الشر موجود، لا نستطيع أن نفهم لماذا، علينا أن نقبله كما هو و نثق بالإله، و هو نفس مكنون سفر أخنوخ، و بذلك نظل أخي الكريم بدون جواب.

لا شك أن سفر أيوب سفر ٌ متطور لاهوتيا ً على صعيد التفكير اليهودي و هو اقرب إلى الفكر المسيحي الذي يُؤنسن الإله و يُؤله الإنسان

يتبع في التعليق الثاني


4 - إلى الاستذا مروان سعيد - 2
نضال الربضي ( 2014 / 4 / 27 - 10:55 )
تابع من التعليق الأول

يفسر سفر أيوب و اسفار أخرى كأخنوخ جذور الفكر المسيحي في العقيدة اليهودية و هو تطور مُلفت للنظر على جماعات بدوية بدأت تحرر من ضيق الأفق،خصوصا ً مع أنبياء كأشعيا الذين بدأوا يبشرون بأممية الإله لكن طبعا ً ضمن الولاء الأوراشليمي، و لكن ذلك موضوع ٌ لحديث ٍ آخر.

أما الحيوانان الذان يذكرهما السفر باسم لوياثان و بيهاموث، فأغلب الظن أن لوياثان هو الحوت، فهو يذكر البخار الذي يثيره و الذي يجعل الماء كالمرجل، با الاضافة إلى أن سفر أخنوخ يذكره في ف 60 آ 7 على أنه يعيش في أعماق البحار فوق منابع المياه.

بينما بيهاموث يُعتقد أنه جد الفيل أو الماموث، و وصفه قريب من الثور الإلهي في ملحمة جلجامش بكل شراسته و عنفه.

لا تنسى أخي مروان أن الذاكرة الجمعية للشعوب تحمل ُ صورا ً من ماض ٍ مُنقرض انطبع في اللاوعي الجمعي و الذاكرة الجمعية.

كل هذا يؤكد أن الإنسان قد صنع أديانه بنفسه، لكننا نفتح الباب على المجهول لنقول لا نعلم أسرار الكون، و نتواضع جدا ً أمام عظمته، فالكبرياء أخي الكريم تقتل و لا شئ أخطر منها.

لهذا نحب العلم، و ندعو له، مع الحب، مع التواضع، مع الإنسانية.

مودتي الخالصة.


5 - الأستاذ/نضال الربضي
شوكت جميل ( 2014 / 4 / 27 - 19:13 )
رائع يا أبا جورج(لمحتها في إحدي مقالاتك)و
لكنك تعلم بالطبع أن المفسرين الدينيين لم يعدموا وسيلة لتفسير الشر في قصة أيوب،فهو إن لم يكن نتيجه لخطية مباشرة،فهم يرونه كوسيلة من الله للتهذيب،أي الإرتقاء من مستوى روحي إلى مستوى روحي أعلى،و يرون أنها نقل لأيوب من مستوى البر الذاتي أو بر الناموس أو الأعمال الصالحة،و الذي لا يكفي في نظرهم لعملية الخلاص،إلى مستوى بر النعمة الموهوب للإنسان ليس لإستحقاقه بل لبر الله،و يرون أن هذا البر لن يحوزه الإنسان سوي بإنسحاق الروح و الإحساس بعجزه كما حدث لأيوب في النهاية،أو صلب الإنسان العتيق ببره،و هو لباب عقيدة الفداء المسيحية.
و على كل حال هذه هو الوجه الآخر للمسألة من وجهة نظرهم،و لزم عرضه.
شغوف بمقالاتك الرائعة،و في إنتظار المزيد
تحياتي


6 - إلى الأستاذ شوكت جميل
نضال الربضي ( 2014 / 4 / 28 - 07:55 )
تحية طيبة أخي شوكت،

يسعدني حضورك و تعليقك، و عودتك لقراءة مقالاتي السابقة، فهي تساعد على فهم طريقتي في التفكير مما يتيح لك أن تبلغ إلى مقاصدي أكثر.

في الحقيقة أن اعتبار العقاب الإلهي كتأديب تكفيري عن الذنوب أو تهذيب للبار للارتقاء للمستوى الروحي الأعلى هو من الإجابات التقليدية التي تجدها عند السؤال عن سبب الشر، و هي أجوبة تتناقض مع المنطق و الرحمة و تندرج تحت بند السادية، فالأب لا يؤدب أو يهذب ابنه بأن يكويه بالنار أو يجوعه حتى الموت.

ترى المسيحية أن الفداء هو فعل مجاني من الإله و هي بذلك تلغي الألم البشري من أجل الخلاص لأن الإله نفسه قد تألم، و تقدم مسحة عدالة تغلف بها الألم البشري الشامل، من باب أنه إذا كان الإله قد تألم فلا عذر للإنسان ألا يتألم، و هنا أرى تناقضا ً فالأصل أنه إذا تألم الإله من أجل الإنسان أن يتوقف ألم الإنسان، و سوف أحل لك التناقض حينما أخرج إلى النظرة اللادينية لأقول أن الألم هو باختصار: ناتج تفاعلات الحياة بكل مكوناتها.

تعترف كل الأديان ضمنيا ً بالسابق في معاني إجاباتها و بين السطور، لكنها تنفيه في موقفها الرسمي من الشر حتى تحمي الإله من الاتهام.

دمت بود

اخر الافلام

.. -هجمات منسقة- على كنيس لليهود وكنيسة في داغستان


.. هجمات دامية على كنائس ودور عبادة يهودية في داغستان




.. روسيا: مقتل 15 شرطيا وكاهن إثر هجمات على كنائس أرثوذكسية وكن


.. القوات الروسية تستعد لاقتحام الكنيسة حيث جرى الهجوم الإرهابي




.. قتلى وجرحى بهجمات على كنيستين وكنيس يهودي ونقطة شرطة في داغس