الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحث عن الله بين أنقاض الأديان الفضائية

علي الخليفي

2014 / 4 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كل الأديان أرضية ولا وجود لدين سماوي المصدر لأنه ببساطة لا وجود لذلك السقف المرفوع الذي إصطلح القدماء على تسميته بـ سماء ، وإن جاز لنا إعادة تسمية تلك الأديان من حيت أنها هابطة إلينا من مصدر علوي فعلينا تسميتها بالأديان الفضائية لأن ذلك العلو الذي يعلونا ليس سوى فضاءات لامتناهية البعد.

لسنا هنا بصدد البحث في مصدر تلك الأديان التي يصطلح العوام على تسميتها بالسماوية ، ولكن نحن بصدد البحث عن التصدعات التي أحدثها في الفكر الإنساني مما شوه ثم دمر تلك الفكرة الفاضلة التي نسميها الله.

فكرة وجود كائن مثالي علوي المنزلة يختزل كل القيم الفاضلة هي فكرة حضاريه نتجت عن شعور الإنسان المتحضر الساعي للكمال بعجزه عن بلوغ الكمال ، فجسد ذلك الكمال في فكرة الإله وأنتسب إليه ومنحه كل السلطات القاهرة ، وحدد له إستعمال تلك السلطات فقط في زرع الفضائل ورعايتها والقيام على حماية الداعين لها والسائرين على درب بلوغها.

من المضحك المبكي أن تجد قبيلة لاتزال في أطوار التوحش ولم تبلغ حتى الحد الأدنى مما بلغه الإنسان المتحضر في تقديس الفضائل ،من المضحك المبكي أن تجد هذه القبيلة تدعي أن عقول أبنائها أنتجت فكرة وجود الإله ، بل تتمادى في إدعائها بحيث تقصر على نفسها وتحتكر المعرفة بهذا الإله وهو ما أنتج هذه الصورة البشعة والقبيحة لفكرة الإله التي نراها اليوم تتجسد في أكل الأكباد والقلوب وتقطيع الأوصال والإنتحار لأجل دخول فردوس دعارة الحور العين الذي جهزه ذلك الإله المشوه لمتبعي وصاياه المشوهة.

ما يحدث في هذه المنطقة التي تدعي إحتكار معرفة الله أسقط نهائياً ذلك الإله من عقول وقلوب كل من له عقل أو قلب ، فذلك الإله المتوحش المخضب بدماء الأبرياء ،ذلك الإله الذي يدير حديقة للدعارة والخمور يكافئ بها القتلة والإرهابيين ، ذلك الإله الذي يستمتع باهات المهجرين والمعذبين لايوجد إنسان سوي العقل يؤمن بـ ألوهيته ، ولم يتبقى له من المؤمنين سوى المرضى النفسيين وأصحاب العاهات العقلية وطائفة من المتوحشين الذين لم يتأنسنو بعد .

ما جعل السقوط يكون مريعاْ هذه المرة ليس هو بشاعة ما يُرتكب وما يقترف بأسم هذا الإله ومن جراء إتباع أوامره الشريرة ، فهذه الأحداث تكررت على مدى التاريخ وربما بصورة أبشع مما نرى ، ولكن التوثيق هو الذي كان غائباْ ،فكل كل البشاعات جرت بعيداْ عن أعين العالمين ،أما في هذه المرة فهي تجري على رؤس الأشهاد موثقة بالصوت والصورة وليس بإمكان أحد التنصل أو التبرؤ منها حتى أن تلك الطائفة التي تحاول تبرئة ذلك الإله مما يجري وتسعى لنفي كل تلك البشاعات عنه وتنفي عمن يقومون بها صفة الإنتساب لهذا الإله لم يعد لها ما تدفع به للإنتصار لدعواها المزورة تلك ، فسهولة تداول المعرفة طرحت كل الوصايا التي يوصي بها هذا الإله لكل من يرغب الوصول إليها وصار بإمكان كل صاحب عقل أن يقارن تلك الوصايا بما ينفد على الأرض ممن ينتسبون لهذا الإله ليجد أنهم يطبقونها بكل أمانة بل إنهم في أحيان كثيرة يتساهلون في تطبيقها .

ولو طبقوها بحذافيرها لأفنو من حولهم.

سقط هذا الإله وتشظت قطعه المرعبة بين أنقاض الأديان التي حملت وصاياه وتعاليمه ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو : هل سقوط هذا الإله يعني سقوط فكرة الإله التي أنتجها الإنسان المتحضر؟ .
إذا ما رجحنا هذا الرأي فهذا يعني وببساطة سقوط فكرة الفضيلة كقيمة إنسانية سامية وهو ما سيعود بالإنسان إلى عصور التوحش الأولى.

لكن الفضيلة كقيمة إنسانية لا يمكن لها أن تسقط لأنها فطرة متأصلة في طبيعة الإنسان السوي ،ومادامت الأرحام تنجب أسويا فستظل الفضيلة قيمة سامية ، وسيظل الإنسان الساعي للكمال يسعى لبلوغها ، وكلما حالت طبيعته الإنسانيه الناقصة بطبيعتها بينه وبين بلوغ ذلك الكمال فهو سينتج فكرة الإله .

الذي تشظى وتهاوى في خضم الأحداث الاخيرة هو إله التوحش ،إله القبائل التي لم تعرف الحضارة الإنسانية ، هذا هو الإله الذي نرى شظاياه متناثرة في كل الساحات التي إجتاحها ما عرف بالربيع العربي .
أما فكرة الإله ذات المنشأ الحضاري والتي تفتق عنها عقل الإنسان المتحضر فستظل قائمة ما قامت الحضارات ، والحضارات ولاشك ستظل قائمة ما ظل الإنسان متمسكا ًبإنسانيته.

ربما آن الأوان الآن لنبحث بهدؤ وفي رؤية عن إلهنا الضائع ونعيد ترميم صورته الجميلة بأنامل إنسان متحضر صقلته الحضارة والتمدن .

آن الأوان لنُزيل كل التشوهات التي ألحقتها القبائل المُتوحشة بهذه الفكرة الجميلة .

آن الأوان لنجمع أنقاض إلهنا المُتحضر المسكين الذي جعلته طبيعته المُتحضرة يكون فريسة سهلة لـإله التوحش والعنف .
ففضل أن يكون القتيل على أن يكون القاتل.

آن الأوان لنفعل ذلك لأن حياة الإنسان بدون وجود إله لايمكن لها أبداً أن تستقيم ، لأن الله هو الفضائل المُثلى والحياة لايمكن لها أن تكون متمدنة ومُتحضرة بدون أن تكون الفضائل المُثلى هي النبراس العلوي المُقدس الذي تكون رسالة الإنسان الوحيدة في هذه الحياة هي بلوغه أو مقاربته في أقل الأحوال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ا
بلبلي أحمد ( 2014 / 4 / 27 - 13:12 )
أخي علي مقالتك رائعة وفي الصميم.ففكرة الإله فكرة إنسانية ونبيلة وتنسجم مع الطبيعة الإنسانية الخيرة.ولكن حين يتم التقاط هذه الفكرة من طرف التجار وأصحاب المصالح تتحول إلى ما نراه .أما عندما تقع بين يدي البدو الرعاع الأجلاف تكون الكارثة أعظم ، والتاريخ الدموي لدولة الإسلام أكبر شاهد على ذلك.
من جهتي ،كانت لدي دائما قناعة راسخة وهي : حتى وإن سلمنا بوجود إلاه خالق فإنه لا يمكن أن يكون هو ذلك الدي ينسب إليه القرآن.


2 - شكراً على الإضافة القيمة
علي الخليفي ( 2014 / 4 / 27 - 20:31 )
أظن ان ما ورد فيما يسمى بالكتب المقدسة من تحريض للإنسان على اخيه الإنسان لايقبل حتى الشيطان ان ينسب إليه ، ربما ما نحتاجه هو إعادة صياغة مفاهيم ومدلولات المفردات التي نستعملها والتي طالها التشويه بسبب سيطرة الفكر الهمجي البدوي على هذه المنطقة لقرون متلاحقة .شكرا سيدة بلبلي على المرور والإضافة القيمة .تحياتي


3 - تعليق1
عبد الله خلف ( 2014 / 4 / 27 - 21:42 )
الكاتب و مغالطاته!... :
1- معنى السَّماءُ : كلُّ ما علاكَ فأَظَلَّك .
2- الحجة الكونية على وجود الخالق Fine-tuning & Cosmological constant :
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?52146-%C7%E1%CD%CC%C9-%C7%E1%DF%E6%E4%ED%C9-%DA%E1%EC-%E6%CC%E6%CF-%C7%E1%CE%C7%E1%DE-Fine-tuning-amp-Cosmological-constant

يتبع


4 - تعليق2
عبد الله خلف ( 2014 / 4 / 27 - 21:43 )
3- الأدله على صحة تواصل الخالق (الله) مع الأنبياء :
- دليل الحكمة : اذا بني انسان منزلا لغير هدف او غاية عدد ناه ابلها غبيا، فهل يعقل ان يخلق الاله الانسان العاقل لغير سبب او غاية.
- دليل الفطرة : اثبت علم النفس ان في النفس الانسانية شوق لمعرفة مصدرها والغاية من وجودها، كما ترفض فطريا الفناء بالموت، كذلك زود الله الانسان بالعقل القادر على طرح هذه التساؤلات. أليس من المستنكر ان يدع الاله مخلوقه الانسان دون عون او هداية؟.
- الدليل الأخلاقي : طرحه الفيلسوف الالماني الكبير (ايمانويل كانت) فقال : (ان ظمأ الطفل للماء هو اقوي دليل علي وجود الماء، وبالمثل فان شوقنا لوجود العدل هو دليلنا علي وجود العادل). ويعني الفيلسوف الكبير بذلك ان النفس الانسانية لا تقبل ان ينجو الظالم بظلمه ، لذلك تقبل ببداهة شديدة فكرة وجود البعث والحساب. الا يحتم ذلك وجود الديانات آلتي تخبرنا كيف نسلك لنضمن النجاة؟!.
- دليل الكتب السماوية: فإذا ثبت لك بالدراسة العميقة الأمينة صدق ما ورد في احد الكتب السماوية، فذلك دليل مباشر علي تواصل الاله مع الانسان.


5 - الله جميل ويحب الجمال
شام ( 2014 / 4 / 27 - 23:16 )
اتفق مع الكاتب فيما يطرحه فالفطرة الإنسانية تقوم بطبيعتها على الخير ولكن الافكار الخبيثة هي نتاج عقل إنسان غير سوي حاقد على الحياة وهو ينسب هذه الافكار إلى الله لينال الحصانة من العقوبة على أفعاله الشريرة التي تأمره بها فطرته المشوهة


6 - عاشت ايدك
nasha ( 2014 / 5 / 6 - 07:20 )
آن الأوان لنُزيل كل التشوهات التي ألحقتها القبائل المُتوحشة بهذه الفكرة الجميلة .

آن الأوان لنجمع أنقاض إلهنا المُتحضر المسكين الذي جعلته طبيعته المُتحضرة يكون فريسة سهلة لـإله التوحش والعنف .
ففضل أن يكون القتيل على أن يكون القاتل.
يا سلام على الابداع

اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب