الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-المثقفون هم أكبر الناس قدرة على الخيانة..لأنهم أكثر الناس قدرة على تبريرها-

احمد اوبلوش

2014 / 4 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


للأسف نحن شعب ذاكرته السياسية ضعيفة ونخبه صدئة متهالكة، داعرة. بالأمس كانت الكارثة عندما حل الوفا يزبد ويرعد وأشعل النار في ما تبقى من قشة المنظومة..لا أحد تكلم، لاالنقابات ولاالأحزاب، ولامنظمات المجتمع المدني. أهدر المال العام وخرج كزافيي من النافدة التي خرج منها كريتس، دون حسيب ولا رقيب. لا أحد تحدث عن اللصوص وعن مصير ملايير دافعي الضرائب. للأسف "فالمثقفون هم أكثر الناس قدرة على الخيانة لانهم أكثر الناس قدرة على تبريرها"، هذه القولة تنطبق على العديد من مثقفينا وقيادينا في الأحزاب وفي النقابات.لا حديث اليوم عن مصير الإصلاح وعن مصير تقارير الافتحاصات التي قام بها المفتشون والمفتشية العامة؟ ماهي حجم الإختلالات؟ من المتورطون المباشرون والغير المباشرون في نهب المال العام، وتخريب المنظومة؟ لا شيء من هذا ولا من ذاك. الكل بلع لسانه، وكيف لا فالكل كان شريكا في الجريمة؟ فبعد المخطط الاستعجالي الذي أوقفه السيد الوفا، دون أن يقدم لنا بديلا ولا فاتورة حساب، سيتم ترقيته رغما على أنوفنا ليشغل منصب وزير الحكامة لينشغل بفواتير الخبز والغاز والخطب. ما الذي تغير فحال المنظومة بقي على حاله وكل شيء بخير. اليوم يطل علينا السيد بالمختار الوزير المنهك والشبيه بالرئيس بوتفليقة اثناء حديثه...والذي جيئ به ضدا على المنهجية الديمقراطية وضدا في حكومة بنكيران، وبرنامجها الانتخابي وضدا على مقتضيات دستور المنوني. مما يطرح لديه إشكالية حشد الدعم الشعبي والسياسي لمشاريعه الإصلاحية، فهل بإمكان منتديات الاصلاح القديمة الجديدة، أن تفي بالغرض؟
كيف تريدوننا أن نسكت عن جريمة جديدة تدبر في الخفاء؟ كيف تريدوننا أن نوقع شيكا على بياض لوزير يوجد فوق المحاسبة السياسية؟ أين غابت مؤسسة المجلس الاعلى للتعليم طيلة عشرية الإصلاح؟ لماذا لم ينبه المجلس بالاختلالات ؟ من له المصلحة في تهميش أدواره؟ اين هي الوكالة الوطنية للتقويم المنوط بها التقويم الداخلي والخارجي للإصلاح؟ أين هي تقارير المفتشية العامة وافتحاصات للمنظومة؟ من له المصلحة في عرقلة الاستقلالية الوظيفية لهيئة التفتيش كجهاز رقابي للمنظومة على جميع مستوياتها؟
لنتجاوز قناعاتنا السياسية والتربوية ونصطف مع جوقة الإجماع التربوي ومتزلفي الخطب الملكية. هل بإمكان أحدكم مهما بلغت حنكته وتجربته أن يعطينيا مقترحا وحلا موضوعيا لبعض معضلاتنا التربوية؟ ولنأخد على سبيل المثال لا الحصر ثلاث قضايا خلافية:
1- القضية الاولى: مسارات التكوين والكفايات المهنية للولوج الى مهن التدريس، هل بإمكان أحدكم أن يقنعنا بأن هندسة التكوين وظروفه الحالية ستؤهل المنظومة التربوية، فأغلب مراكز التكوين مشلولة من حيث التدبير والتأطير والموارد المادية والبشرية، أغلب المدرسين هم دكاترة لا علاقة لهم بالواقع التعليمي بالمدرسة المغربية. فهل يمكن حسم هذا الاشكال في جلسات للتشاور والتزلف؟ الدولة لا تحترم حتى القوانين الشغلية التي تشرعها، فعوض ان توظف الاساتذة تلجأ الى العمل بالعقدة وبالمناولة وبأثمنة وظروف لا تحترم كرامة العاملين بالمدرسة، ضاربة عرض الحائط كل التشريعات المنظمة للعمل وخارقة القانون، فأي دولة هاته وأي مسارات للتوظيف ستقترحها ورشات الحوار.
2- القضية الثانية: تدريس اللغات ولغة التدريس، فالجميع يتذكر الحمى والسعار الذي خلفته مذكرة عيوش حول تدريس اللغة الأم (الامازيغية والدارجة) في السنوات الاولى بالمدرسة، حينها خرجت النخب من جحورها تقرأ اللطيف منبهة بالخطر المحدق بالأمة وتوابثها ومقدساتها اللغوية؟ وصل حد التكفير وصهينة وفرنسة عيوش وجماعته واتهامهم بتصريف أجندات الفرنكفونية والغرب الصليبي بالمغرب. ألم تكن مذكرة عيوش تدخل في إطار التشاور؟ لماذا الزعيق إذا؟ أم التشاور هو مشروط بأجندة سياسية وإيديولوجية للفئة الناجية فقط؟ كيف يمكن الحسم في السياسة اللغوية للمدرسة المغربية؟ هل من خلال جلسات التشاور هاته؟ أم الأمر يستدعي نقاشا مجتمعيا يشمل السياسي والفكري والأكاديمي والعلمي البرغماتي لإخراج المدرسة من التخلف.
3- القضية الثالثة: المناهج التعليمية، الكل يعلم بأن دفتر التحملات في إنتاج الكتب والمناهج قد يغلب عليه منطق التوافق والتسوق بين فئات المجتمع الواحد، وهذا ما يرسم السياسات التربوية والغايات والمرامي لكل الانظمة التعليمية. رغم أن التوافقات التي أنتجت الميثاق باعتباره دستورا تربويا للدولة المغربية، كانت هشة وغلب عليها التوافق الإيدوسياسي على حساب المصلحة البيداغوجية والتربوية لأبناء وبنات المغاربة. فكيف يمكن حسم هذا الصراع القيمي والفكري والمذهبي داخل المناهج التربوية؟ هل سيتم الإنتصار للمدرسة وقيم حقوق الانسان والعلم والمعرفة والحداثة والتنوير، أم سيرتهن صناع القرار السياسي التربوي إلى الحفاظ على التوابث وعلى الثرات والهوية المضببة وقيم الإبتدال والتي أنتجت هذا العقم الفكري والعلمي بين مدخلات ومخرجات المدرسة. تصورو معي في جلسة للتشاور ستجمع أفراد أو هيئات في إحدى ردهات النيابات، عندما سيطرح أحدهم مطلب "اننا نريد مناهج تعليمية علمية وعلمانية"، فهل سيتم إحترام هذه القناعة وأصحابها أم سيتم عرض التوصية للتصويت، أم سيتم رفضها بدعوى أنها تتعارض مع قيم وتوجهات ودستور المملكة؟ وهنا نطرح غموض الأسس والمنطلقات التي تؤطر هذه الجلسات التشاورية؟ بين ماهو مسموح به وسقف انتظارات الفاعلين؟ وفي الغالب، إن من سيعهد لهم كتابة التقارير التركيبية سيجتهدون في ملاءمة تقاريرهم مع الورقة التوجيهية للمجلس الأعلى للتعليم، وهذا ما يوجد بين سطور وثنايا بلاغ وزارة التربية الوطنية.
في اعتقادنا إن المدخل الحقيقي لإصلاح المنظومة التعليمية، هو مدخل سياسي، فغياب الديمقراطية، ودولة الحق والقانون والمواطنة الكاملة، من معيقات التنمية في جميع المجالات ببلادنا. فلا يمكن إصلاح التعليم دون إصلاح الأوضاع الإجتماعية والاقتصادية والثقاقية للمواطنين والمواطنات وللعاملين بالقطاع. إن مدخل إقرار العدالة الاجتماعية وربط المسوؤلية بالمحاسبة وعدم الافلات من العقاب في الجرائم المالية والإقتصادية والتربوية والثقافية هي الضمانة الوحيدة لعدم تكرار المأساة التربوية وتفادي المزيد من هدر الكيان وهدر الإمكان وهدر الفكر والإنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي